الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

القطاع المالي الياباني يواجه صعوبة في استعادة الثقة

القطاع المالي الياباني يواجه صعوبة في استعادة الثقة
11 نوفمبر 2012
بعد أن حققت اليابان نمواً قوياً في ستينات القرن الماضي ساعدها على النهوض من الدمار الذي خلفته الحرب العالمية الثانية لتحتل بفضله المركز الثاني كأكبر اقتصاد في العالم، تعاني البلاد حاليا من الشعور بالتراجع وعدم اليقين. وتمكنت طوكيو خلال اجتماعات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي التي عقدت بها مؤخراً، من عكس وجه مشرق بجانب التقدم الكبير الذي أحرزته الحكومة اليابانية في إعادة بناء ما خلفه دمار الزلزال الذي تعرضت له البلاد في السنة الماضية. ومع ذلك، يصعب إنكار ما شهدته العشرين سنة الماضية من تراجع مستمر شمل القطاعين المالي والمصرفي. وتراجع متوسط مؤشر “نيكي” إلى أقل من الربع مقارنة بالمستوى الذي بلغه في ديسمبر 1989، بيد أنه لم يستطع استعادة المستوى الذي كان عليه قبل انهيار “ليمان براذرز”. وأكد كوجي ناجاي، المدير التنفيذي لبنك “نوميورا” أن اليابان فقدت الثقة عموماً، الشيء الذي انعكس على أسواق المالية. ولم يقتصر ضعف نشاط الأسواق على اليابان، لكن طال المزيد من التراجع سوق طوكيو، بينما جعل تراجع عدد السكان من الصعوبة التنبؤ بمستقبل البلاد. وليس من المستغرب تقليص البنوك الاستثمارية الغربية لعملياتها في طوكيو، حيث قرر “جولدمان ساكس” نقل مؤتمره السنوي الخاص بصناديق التحوط، من طوكيو إلى سنغافورة هذا العام. لكن البنوك الأجنبية ليست وحدها التي تجد صعوبة في تحقيق النمو في اليابان، حيث عانى القطاع المالي بأكمله في سبيل الحصول على طرق لتشجيع المدخرين لتحويل بعض أموالهم لاستثمارات أكثر ربحاً. وحتى في ظل نمو أصول الأسر بنحو 500 تريليون ين خلال العشرين سنة الماضية إلى 5181 تريليون ين في 2011، لا يزال ما يقارب نصف هذا المبلغ في شكل سيولة وإيداعات، وفقاً للبيانات الواردة من البنك المركزي الياباني. وسعى كل من “نوميورا” و”دايوا” أكبر بنكين استثماريين في البلاد، إلى التصدي لحالة التراجع من خلال عمليات التوسع في الخارج. لكن وحسبما يشير التراجع الأخير في عمليات “نوميورا” الخارجية، فإن البيئة العالمية في الوقت الحالي أسوأ مما كانت عليه قبل سنوات قليلة. لكن ومع كل ذلك، ليس الوضع بذلك السوء، حيث استطاع المستثمرون في الأسهم اليابانية جني أرباح قوية من خلال العمل في شركات غير مشهورة مثل “أنريتسو” التي تبيع أجهزة الاختبارات والقياس والحلول الصناعية، حيث ارتفعت أسعار أسهمها بنحو 263% في الفترة بين انهيار “ليمان براذرز” في 2008 من 282 ينا للسهم، إلى 1,025 ين في أكتوبر الماضي. كما ارتفعت 23 سهماً مدرجة في مؤشر “توبكس” للأسعار في طوكيو، بأكثر من الضعف خلال هذا العام، بينما تجاوز ارتفاع صندوق استثمارات العقارات الربع مدعوماً بعمليات شراء للبنك المركزي تقدر بنحو 110 مليارات ين، كجزء من برنامجه الخاص بسياسة التيسير النقدي. كما عادت البنوك اليابانية التي تعتمد على الأسواق المحلية، إلى دائرة الأرباح الكبيرة مرة أخرى. وبلغت أرباح مجموعة ميتسوبيشي يو أف جي المالية “أم يو أف جي”، نحو 981,3 مليار ين خلال السنة المنتهية في مارس من العام الحالي. وتتحصل البنوك الكبيرة على معظم أرباحها من العمل في تداول السندات الحكومية، بينما تذهب أقل من 70% من الإيداعات في البنوك اليابانية إلى القروض المقدمة للأعمال التجارية. ونتيجة لذلك، دأبت البنوك اليابانية على شراء السندات للحد الذي تشكل فيه للبعض 25% من أصولها، ما يجعلها في وضع حرج حال ارتفاع أسعار الفائدة، مما قد يؤدي إلى انخفاض قيمة السندات التي عادة ما تتميز بفوائد ثابتة. ولتخفيف الاعتماد على أرباح السندات الحكومية وسط تراجع الطلب على القروض في الداخل، اتجهت البنوك نحو الخارج سعياً وراء فرص النمو. وقال كين تاكمايا، المحلل المصرفي لدى “نوميورا” :”يتسم النمو في اليابان بالركود، إلا أنه من الممكن للبنوك اليابانية أن تحقق نمواً كبيراً في الخارج”. ورغم الإخفاقات التي واجهها كل من “نوميورا” و”دايوا” في الخارج، فأن العديد من المصرفيين يرون أن فرص نموهما تتركز بعيداً عن الحدود اليابانية، على الأقل في المستقبل المنظور. وفي ظل القوة التي يتمتع بها الين، اتجهت العديد من البنوك مثل، “أم يو أف جي” ومجموعة “سوميتومو ميتسوي” المالية و”ميزهو”، نحو الأسواق العالمية في محاولة لشراء أصول من المؤسسات المالية الغربية التي أحجمت عن الأسواق العالمية نظراً للأزمة المالية التي تعيشها بلدانها. وفي غضون ذلك، استحوذ “أم يو أف جي”، على نشاط “رويال بنك أوف اسكتلندا” الخاص بتمويل الأصول، مقابل 6,4 مليار دولار قبل عامين، بينما اشترى “سوميتومو ميتسوي”، فرع نفس البنك لإيجار الطائرات مقابل 7,3 مليار دولار خلال العام الحالي. كما زادت هذه البنوك من وتيرة القروض المقدمة للمشاريع، تلك السوق الواعدة التي تعتمد البنوك فيها على ميزة قوة ميزانياتها وخبرتها الطويلة في مجال الإقراض. ولم تتخلف شركات التأمين أيضاً عن الركب الذي يستهدف الأصول الخارجية. واستحوذت “دايشي لايف” ثاني أكبر شركة للتأمين عن الحياة في اليابان، على بين 15 إلى 20% من مجموعة “كابيتال جانوس”، الأميركية العاملة في إدارة الأموال. وبينما لا تلوح في الأفق نهاية وشيكة لضعف النمو الاقتصادي في اليابان وتراجع عدد السكان وقوة الين، يبدو أن بوادر هجرة المؤسسات المالية اليابانية إلى الخارج ما زالت عند بدايتها. نقلاً عن: فاينانشيال تايمز ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©