الأحد 5 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التواصل الاجتماعي.. في ظل التأثيرات التكنولوجية

التواصل الاجتماعي.. في ظل التأثيرات التكنولوجية
24 نوفمبر 2011 14:10
كنا نقول إن العالم أصبح قرية صغيرة، أما الآن وبعد استعمالنا لأجهزة الهواتف والكمبيوتر فقد اصبح العالم بيتاً واحداً، فسهولة التواصل في الفترة الأخيرة والفرصة المتاحة للتعارف على الجميع والانفتاح على أناس من بقاع الدنيا أوجد لدى كل فرد منا إحساسا بالراحة لهذا التواصل. فإن نوع الهاتف وشكله الذي نحمله مهم، ولكن الآن الأكثر أهمية ما يحمله هذا الهاتف من مواصفات أخرى كإمكانية دخول شبكة الانترنت، وذاكرته التي يجب أن تتسع للكثير من الملفات والصور. وغيرها من الأمور الكثيرة، التي تسهل تعاملنا مع العالم الإلكتروني الذي نتوق إليه خلال تلك الهواتف أو الكمبيوترات الصغيرة. نرى الكثير من مواقع غرف المحادثات والتواصل مثل: "الفيس بوك، تويتر، الماسنجر هوتيل، وسكايبي. والبي بي ماسنجر"، وغيرها من برامج التواصل التي تربطنا بالاخرين، و قربت الأهل ببعضهم، وعززت العلاقات بين الأصحاب، كما أنعشت علاقات قديمة من جديد. ولكن هل يتفق الجميع حول هذه النتائج التي أحدثتها النقلة التكنولوجية؟ وهل ن كان بالفعل تغيّر في التفاعل الاجتماعي؟ وهل يراه الجميع، أم أن البعض لم يلحظه حتي؟! حاولنا أن نجيب على هذه الأسئلة باستخدام الأدوات التكنولوجية نفسها التي نتحدث عنها، وذلك في طريقة مختلفة للتعايش الكامل مع العملية التي نقصدها. ومن بعيد، وفي مدينة "بدع زايد" بالمنطقة الغربية، كان لي حوار مع ربة البيت، وديمة محمد المزروعي عبر "البلاك بيري ماسنجر-، التي قالت في بداية حوارها، إنها ترى من كل شيء له جانبان، إيجابي وسلبي؛ ولكن وديمة (25 عاما) وهي أم لطفلتين، تعقب على ما له علاقة بالتأثير التكنولوجي على التفاعل الاجتماعي وتقول: "مثلا، امتلاكي لخدمة "البلاك بيري" ماسنجر، جعل كثير من الأمور تتغير، حتى لو كان بطريقة غير متعمدة، وبحكم أن الجميع يملكه صار لدي الاهتمام الكبير بالأخبار وإبداء الرأي والتحليل، ولكن طريقة التعامل مع اقرب الناس إلي تغيرت! حتى إن الجميع أصبح يكتفي بإرسال رسالة على البلاك بيري مع استخدام وجوه الماسنجر تعبيرا عن المحبه، و ينتهي الأمر بينما كنا نلتقي ويزور بعضنا بعضاً”. أما "سكينة حسن محمد" -19 عاما- وهي طالبة جامعية، فهي سعيدة بتأثير هذه التقنية على التفاعل الاجتماعي، وتقول: "نعم بالفعل، في رأيي حدث تغير في التفاعل الاجتماعي، من منطلق سهولة الوصول للجميع وخاصة بأن الهاتف المحمول في متناول الكل طوال الوقت، لسهولة حمله والتنقل به، وهذا مكن دخولي ومحادثتي لمن يهمني أمرهم طوال الوقت بطرق افضل بكثير و أقوى من ذي قبل". وتضيف "سكينة": لكن يزعجني شيء ما، فلدى البعض طريقة كتابة متشابهة، خاصة إذا انتشرت كلمة سائدة في غرف المحادثة: (حش تايم) بما تعني الكلام بالظهر عن الغير، و(ولادة تايم).. وأمور أخرى لا يجب أن نتهاون فيها ولكنها تُكتب، وهذه خصوصيات أتعجب كيف من السهل على بعض الناس عرضها، ولكن تختلف الحياة في غرفة المحادثة والتقليد بدون أي تفكير بما يكتب، ليس هنالك ما يفهم من كلمة "تايم" إلا لشيء سعيد يحصل، ولكن أصبحت تقال في ما لا يتناسب قوله”. "هنالك تشتت في التفاعل الاجتماعي التقليدي على أرض الواقع، الذي يرى سببه غرف المحادثات؛ هذا رأي رجل الأعمال خالد بن عمير 36 عاما، والتي شرحها بالقول: "أين ما ألتفت - وبخاصة عندما أكون في القهوة الشعبية- أجد فئة كبيرة بأعمار مختلفة منطوية ولكن ليس على زاوية، بل جالسين مع بعضنا، ولكن كل منشغل بهاتفه أو كمبيوتره المحمول، طريقة تفاعلنا اختلفت بشدة؛ ومن الطريف أن هنالك شخص أعرفه كثير الكلام و الممازحة، تغير كثيراً منذ اشتراكه بإحدى غرف المحادثة، أصبحت ردوده على أرض الواقع قليلة ومختصرة جدا، وكذلك معظم أصدقائي اصبحوا يتعاملون وبنفس الطريقة وكأنهم يطبقون المثل القائل (خير الكلام ما قل ودل)". "سعيد برمان السدراني" طالب في الثانوية العامة، يتحدث مستغربا من تغيرات حدثت صادفها هذه الفترة، يقول: "أواجه صعوبة في التعامل مع أصدقائي خاصة إذا كنت أكلم واحدا منهم في موضوع ما، أو شاورني بشيء، فعند ردي عليه لا يستوعب ما أقول له، فيجد صعوبة في التواصل وإكمال الحديث، ومن الممكن أن يؤدي لخلاف بيننا لسوء الفهم، وخلاف ذلك أصبحنا ندخل كلمات كثيرة في أسلوب حديثنا مثلا كلمة "بخصوص"، وأفقدت من كثرتها تمييز كل فرد في التعبير عن نفسه، والجميع أصبح يتحدث على نفس النمط، يعني حوار بيني وبين أصدقائي تتردد هذه الكلمة أكثر عن عشر مرات، حتى أصبحت والدتي تنزعج مني لتكراري الدائم لها". الدكتور ناصر سالم العامري، من كلية التربية، في جامعة الإمارات، يعلق على هذا الأمر قائلا: "إن الغرف الخاصة بتنوع مسمياتها، وطريقة نظامها، يتشابه الناس بمشاركتهم فيها، بما يجدونه متوفر عند الأغلبية منهم، وقد أدت إلى تباعد وتقارب بين الأفراد، فقربت بينهم، حيث ساعد توفر شبكة الانترنت المفتوحة، وسرعة الولوج إليها، إلى التواصل الدائم، و من الغريب في خدمات الماسنجر ومواقع المحادثات، باعدت بين الناس رغم قربهم من بعض البعض، حيث ان التحدث المستمر مع البعيدين، جعلهم في تركيز مستمر معهم والتحدث إليهم بشكل غير منقطع، فأصبح هنالك تقصير في القريبين منهم". وتابع "العامري" كل جيل وله تطوره واختلافاته وما يميزه من صرعة، لا تتناسب مع الذين ليسوا من الجيل الإلكتروني، ولكن نرى جهد الجميع حتى من أجيال مختلفة في محاولة مواكبتهم لما يسود من حولهم، وأيضا هذا التطور الرقمي ساعد فئة معينة من الأشخاص على الإندماج، الذين لا يملكون حياة اجتماعية واقعية لأنهم بطبيعتهم انطوائيين، فأصبحوا يلجؤون لهذا العالم من الغرف الإلكترونية ويشاركون الجميع وبأعداد كبيرة أحيانا، وتفاعل قوي بدون الرهبة، والخجل والانطواء الذي يعانون منه في الواقع؛ هؤلاء الأشخاص موجودين في حياتنا نتعامل معهم فقط خلال الغرف الخاصة للمحادثة، وعند التفاعل الواقعي الحقيقي معهم نجد أنهم يختلفون تماما وليست لديهم مقدرة على مسايرة الشخص الذي أمامهم والتحدث معه. ويضيف "العامري": جميع الناس تحتاج إلي التواصل مع الآخرين، ولكن هذه الفئة الانطوائية، يناسبها الغرق في الحياة الإلكترونية، فهو مخرجهم الوحيد، كما أنه ملجأنا الوحيد للتعامل معهم. ويشير الدكتور ناصر العامري إلى فئة أخرى، تفضل كما أننا نفضل أن نتعامل معها عبر هذه الوسائل التكنولوجية، وهم الأشخاص الذين نتفاجأ عند مقابلتهم في الواقع، بشخصية مغايرة لا تمد بصلة لتلك التي تعرفت عليها في الماسنجر أو أي من مواقع غرف المحادثة، فيلجأ أشخاص لعدم مخالطتهم اجتماعيا وجه لوجه، ويكتفون بوجودهم في غرف المحادثات، والبعض يتضايق، ويبتعد كليا، ولا يقطع التواصل حتى عن طريق هذه الغرف.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©