الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السخرية من السينما الهابطة والوقوع في فخها

السخرية من السينما الهابطة والوقوع في فخها
23 نوفمبر 2011 21:21
احتل الفيلم السينمائي الجديد “أنا بضيع يا وديع” المركز الرابع في إيرادات موسم عيد الفطر في مصر برصيد تخطى ثلاثة ملايين جنيه والفيلم قصة وسيناريو وحوار محمد فضل وإخراج شريف عابدين في تجربته الروائية الطويلة الثانية بعد فيلم “شعبان الفارس” عام 2008 وأول بطولة مطلقة لأيمن قنديل وامجد عابد بطلي حملة إعلانات قناة ميلودي أفلام ويشاركهما البطولة لاميتا فرنجيه وانتصار وضياء الميرغني ومجموعة من ضيوف الشرف منهم نيللي كريم والمطرب كريم ابوزيد. وتبدو فكرة الفيلم مبشرة بنوعية غير معتادة من الكوميديا المصرية وهي المحاكاة الساخرة حيث يسخر الفيلم من الأفلام الهابطة ومنتجيها ولكنه في المقابل يلجأ لتقديم نفس الأساليب التجارية البحتة التي ينتقدها. ورغم ان الفكرة الأساسية مبتكرة فسرعان ما يشعر المشاهد بالارتباك فالفيلم يدين المنتج التاجر الذي لا يهمه سوى جمع المال ونزواته العاطفية. ولكنه في النهاية يشير الى ان هذه النوعية من المنتجين هي الباقية والقادرة على الاستمرار. وتدور حداث الفيلم حول المنتج “تهامي بك” (ايمن قنديل) ومساعده “وديع” (امجد عابد) وندرك من اللحظة الأولى انهما نموذجان دخلا صناعة السينما من دون ان يكون لهما أي علاقة بالفن. ورغم ان كلا منهما يقدم أول أدواره السينمائية فقد اظهر الفيلم براعتهما وموهبتهما الحقيقية وأثبت ايمن قنديل انه ممثل كوميدي من طراز خاص يذكرنا بأداء الراحل استيفان روستي وجسد شخصية “كنزي” والدة المنتج “تهامي” من دون الوقوع في براثن تقليد العديد من نجوم الكوميديا. وتمضي الأحداث لنرى “تهامي بك” المنتج الثري أمام والدته ضعيفا لا يستطيع ان يناقشها في تعليماتها الصارمة. ويعيش حياته بأسلوب بعيد تماما عن القيم الفنية والأخلاقية وكلما أعجب بامرأة انتج لها فيلما وهكذا يوشك على الإفلاس ويتورط في مشاكل مع الضرائب ولا يستطيع ان يسددها وكالعادة يقترح عليه مساعده “وديع” امجد عابد عدة حلول ويقدم له صديقه المحامي “امام” - محسن منصور - الذي يقترح التصالح مع الضرائب والتفاوض لتخفيضها من 16 مليونا الى ثمانية ملايين ولكن “تهامي” يرفض سداد الضرائب وبعد طرح العديد من الاقتراحات التي تتم فيها السخرية من العديد من الأفلام المصرية يقترح “وديع” على “تهامي” الحل الذي شاهده في الفيلم العربي “المنتجون” وهو انتاج فيلم فاشل لإنقاذ المنتج التاجر من مطاردة الضرائب. ويستعرض الفيلم حياة المنتج “تهامي” لنتعرف على حبيبته “مونيا” لاميتا فرنجيه والتي يستغلها المنتج “مانع الخير” ضياء الميرغني حتى يشاركه في إنتاج فيلم سينمائي ولكن المنتج مانع يستحوذ على “مونيا” ويرفض فكرة الشراكة بكلمات تذكرنا بأشهر أفلام الجاسوسية في السينما المصرية وفي إطار البحث عن سيناريو فيلم فاشل يقدم السيناريست محمد فضل سكتشات ساخرة من الأفلام المصرية بعضها عن حرب اكتوبر ومشهدا من فيلم “عمارة يعقوبيان” وحتى المسلسلات التركية المدبلجة ويلجأ “تهامي” و”وديع” الى “حمادة مشاهد” لإنقاذهما فهو شخص موهوب ومغمور يقوم بإصلاح سيناريوهات الأفلام الفاشلة ويستعرضان معه مجموعة من السيناريوهات لكن “تهامي” يشعر انها جميعا يمكن ان تحقق نجاحا. ولذلك يرفضها. وفجأة يتذكر ذلك السيناريو الذي قدمه له “وديع” قبل سنوات في بداية تعارفهما وتتحول الأحداث من الهزل الى الجدية ونكتشف ان “وديع شرف” كان مخرجا وكاتب سيناريو طموحا لم يتمكن من تحقيق حلمه السينمائي الاول بعد ان جنده “تهامي” لتقديم الأفلام الهابطة ويعيش “وديع” في حيرة بين رغبته في تقديم حلمه السينمائي في صورة جيدة ورغبة المنتج تهامي في انتاج فيلم فاشل ينقذه من الضرائب ويقرر في النهاية تقديم الفيلم كما يريد. الغريب انه يختار لبطولته “حمادة مشاهد”- رامي غيط - وتكون المفاجأة ان الفيلم الذي كان يحمل اسم “السراب القاتل” تحول الى “الشراب القاتل” بناء على رغبة المنتج ويحقق نجاحا مبهرا وإيرادات ضخمة. ورغم ذلك يرفض تهامي سداد الضرائب. يستعيد “وديع” إنسانيته ويشعر بالحب تجاه الصحفية الجميلة التي جاءت تحاوره بعد نجاح الفيلم ويقرر التخلي عن “تهامي بك” الذي يرضخ في النهاية لفكرة ان السينما الجيدة يمكن ان تحقق مكاسب ويسدد الضرائب وعندما يقدم له وديع سيناريو فيلمه الجديد “أحلام” يضع تهامي لمساته كالعادة ليتحول الفيلم الى “أحلام” مسجلة آداب. قدم شريف عابدين نوعية مختلفة من السينما لكنها مشبعة بكل ما هو فج ومباشر من إيحاءات وإيماءات بدعوى السخرية من سينما الهلس وافتقد الفيلم الترابط بين الشخصيات رغم الأداء المتميز للممثلين خاصة انتصار في دور “الهام” شقيقة “وديع” ومحسن منصور في دور المحامي “أمام” وكنزي المرأة العجوز ووالدة “تهامي” ويبدو ان محاولة التخلص من شبح الاقتباس من الفيلم الأميركي “المنتجون” لميل بروكس كان وراء إقحام تفاصيل وشخصيات بهدف التمصير من دون ان يكون لها مبرر في الحبكة الرئيسية للفيلم. ويحسب للسيناريست محمد فضل محاولة تقديم نوعية غير مستهلكلة من السينما وإن كان قد أهدر جهدا في تفاصيل ومسارات لم تتلاق ولم تكن مبررة واحتفظ المونتير عمرو عاصم بالايقاع السريع الملائم للاسكتشات. وأضافت الموسيقى التصويرية لنبيل علي ماهر قدرا من الحيوية للشريط السينمائي وجاءت لمسات مهندس الديكور إيهاب العادلي متناغمة مع الأجواء ونجح عمرو فاروق مدير التصوير في توظيف الإضاءة والظلال لتنسجم الصورة مع التأثير الدرامي للأحداث.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©