الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

انفجارات لبنان... صدى الحرب في سوريا

انفجارات لبنان... صدى الحرب في سوريا
20 نوفمبر 2013 23:32
الشظايا تتطاير، والشارع القريب من السفارة الإيرانية في بيروت تلطخ بالدماء، وبدا كأنه شهادة صامتة على حلول يوم أسود آخر من أيام لبنان، إنه يوم الثلاثاء الماضي. فلقد قتل 23 من السكان والمارة في تفجير انتحاري مزدوج، هو الأحدث من سلسلة انفجارات دموية تستهدف تدمير السلم الأهلي. وكان الانتحاري الأول يستقلّ دراجة نارية، وهو الذي فجر نفسه عند نقطة التفتيش على بعد أمتار قليلة من مدخل السفارة الإيرانية في منطقة «بير حسن» البيروتية وفقاً لروايات رسمية صادرة عن رجال الأمن والجيش. وأدى هذا الانفجار إلى إصابة الناس بالذعر والهروب إلى الشارع أو إلى شرفات منازلهم ليتعرضوا بذلك لخطر أكبر عندما دوّى الانفجار الثاني الأكثر قوة لسيارة ملغّمة وصلت بعد دقائق. ومع نهاية ذلك اليوم، بلغ عدد ضحايا التفجيرين 23 بالإضافة لـ147 جريحاً وفقاً لبيان صادر عن وزارة الصحة اللبنانية. وأكدت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية «إيرنا» على أن الملحق الثقافي الإيراني إبراهيم أنصاري كان من بين القتلى. وكان للحرب الدائرة في سوريا منذ مدة طويلة أن تؤدي إلى الاحتقان المذهبي في المنطقة بعد أن انتفضت الطائفة السنية لعزل الأسد الذي يتلقى الدعم من مقاتلي الميليشيات الشيعية من إيران وحليفها في لبنان «حزب الله». وفي لبنان، حيث تعكس الانقسامات السياسية ما يحدث وراء الحدود، أدت الانفجارات والانفجارات المضادة إلى مصرع عدد كبير من الشيعة والسنّة على حد سواء هذا العام بالرغم من أن البلد كان يحاول جاهداً تبني سياسة النأي بالنفس عن أحداث العنف التي تدور في سوريا. وأعلن فصيل عبد الله عزام الذي يمثل جماعة مسلحة سُنّية ترتبط بتنظيم «القاعدة»، مسؤوليته عن تفجيري يوم الثلاثاء وبما يؤكد أن الحرب السورية هي التي تقف وراء استيقاظ هذه الجماعة، التي طالبت «حزب الله»، بسحب مقاتليه من سوريا. وقال الشيخ سراج الدين زريقات الذي يدعم عزام في رسالة على موقع تويتر: «لقد كان الهجوم على السفارة الإيرانية في بيروت عملية انتقامية مزدوجة نفذها بطلان من السنّة اللبنانيين». وكان ماجد بن محمد الماجد قائد فصيل عزّام قد دعى في شهر أغسطس الماضي أهل السُنة في لبنان وسوريا إلى الوحدة في مواجهة «حزب الله»، الذي وصفه بأنه «حزب إيراني». وكان الفصيل ذاته قد اعترف بمسؤوليته عن إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل سابقاً. وانتشرت في منطقة وقوع الانفجارين مجموعة من مقاتلي حركة أمل الحليفة لـ«حزب الله» وراحت تجوب المناطق ذات الأغلبية الشيعية المجاورة للسفارة الإيرانية. وكان ناطق باسم حركة أمل قد صرح بأن هذا الهجوم «عمل حقود» استهدف مدنيين أبرياء. وقدّرت مصادر أمنية وزن الشحنة المتفجرة الأولى بنحو 5 كيلوجرامات فيما كانت الثانية أقوى وقدر وزنها بنحو 50 كيلوجراماً، وكانت موضوعة ضمن سيارة رباعية الدفع من طراز «جيب»، وانفجرت بعد دقائق من الأولى. وروى شهود عيان أنهم شاهدوا العديد من الجثث المتفحمة من قوة الانفجار. وقالت طالبة تدعى «هبة» تبلغ 23 عاماً وتسكن على بعد 90 متراً من الموقع إنها كانت في المطبخ عندما سمعت الانفجار الأول في حدود الساعة 10 صباحاً. وهرعت نحو الشرفة لرؤية ما يحدث إلا أن خادمتها نصحتها بالابتعاد فأنقذت بذلك حياتها لأن الانفجار الثاني دمّر الشرفة والنوافذ المطلة على الشارع، وملأت الشظايا الزجاجية المتكسرة بيتها. وقال عم هبة الذي يدعى إبراهيم الحاج: «إن الوضع السياسي في لبنان يتجه نحو نفق مظلم». وما زال لبنان من دون حكومة منذ استقالة حكومة ميقاتي في شهر مارس الماضي، وتم تعليق موعد الانتخابات النيابية المستحقة منذ مدة بسبب خلافات حول القوانين المتعلقة بتقسيم الدوائر الانتخابية. وقال «جاد قبيسي» البالغ من العمر 36 عاماً، والذي يسكن على بعد مبنى واحد من السفارة الإيرانية: «لا توجد دولة في لبنان». ولم يشكك إلا القليل من اللبنانيين في أن الانفجار يرتبط بالصراع الدائر في سوريا. وقال قبيسي: «لقد كنت دائماً أتخوف من أن يحدث يوماً ما مثل هذا الذي حدث اليوم. فلقد كانت السفارة الإيرانية هدفاً واضحاً». وسارعت شخصيات سياسية لبنانية يؤيدها وزير الخارجية الإيراني لإدانة إسرائيل وتحميلها مسؤولية الانفجارين بالرغم من إعلان فصيل عزام مسؤوليته عنهما. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية في تصريح لوكالة الأنباء الإيرانية:«إن التفجير الإرهابي الذي وقع أمام السفارة الإيرانية في بيروت عمل وحشي وجبان تم ترتيبه من طرف إسرائيل وعملائها الإرهابيين». ولم يتأخر «حزب الله» بدوره عن توجيه أصابع الاتهام إلى «العدو القديم». وقال محمد رعد رئيس كتلة الحزب في البرلمان اللبناني إن الهجوم يعكس «الوجه العنصري للعدو الصهيوني». إلا أن مستشاراً مقرباً من نتنياهو ربط هذا التفجير بتدخل «حزب الله» في سوريا. وقال «تزاتشي هانيغبي»، الذي كان يشغل منصب وزير الاستخبارات في إسرائيل: «لا يمكن لإسرائيل أن تستفيد شيئاً من حمام الدم. وأعتقد أنه جاء نتيجة للتوتر في لبنان الذي أعقب قرار حزب الله- أو إيران التي تأمر حزب الله- بالاشتراك في جهود الأسد للبقاء في الحكم». وهذا الانفجار المزدوج ليس الأول من نوعه الذي تشهده المنطقة الشيعية في بيروت. وخلال شهر أغسطس الماضي، هزّ انفجار قوي الضاحية الجنوبية من بيروت التي تعد معقلاً لـ«حزب الله» بعد فترة هدوء طويلة، ما أدى إلى مصرع 21 شخصاً. وتبعه بعد ثمانية أيام تفجيران استهدفا مساجد للطائفة السُنّية في مدينة طرابلس الشمالية، ما أدى إلى موت أكثر من 20 شخصاً. وتوقع «حزب الله» المزيد من الهجمات على الشيعة وأمر بتشديد الحراسة أثناء احتفال الشيعة بعاشوراء الأسبوع الماضي، وحيث ظهر حسن نصر الله بشكل مفاجئ ليعلن عن مواصلة تأييده للأسد. وسارع السياسيون اللبنانيون بمختلف اتجاهاتهم إلى إدانة التفجيرين. وقال عضو تكتل التغيير والإصلاح «آلن عون» لقناة «إم. تي. في» اللبنانية:«هذا الانقسام والتوتر اللذان يشهدهما لبنان لا يساعدان في التخفيف من تداعيات الحرب السورية علينا، بل إنهما يخلقان لنا المشاكل الاجتماعية والسياسية». لافداي موريس وأحمد رمضان بيروت ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©