السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

انتخابات تشيلي... والدعوة لتغيير الدستور

20 نوفمبر 2013 23:33
في بلد عادة ما تنتهي فيه المظاهرات برمي اليافعين المقنعين للحجارة على شرطة مكافحة الشغب، وإقدام هذه الأخيرة على رش أحياء بكاملها بالغازات المسيلة للدموع، كان لافتاً الهدوء النسبي الذي ميز المظاهرات الأخيرة التي خرجت خلال الآونة الأخيرة في تشيلي تزامناً مع الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية. والأكثر غرابة في المشهد السياسي للبلد قيام 8 في المئة من الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم في الدورة الأولى بكتابة الأحرف الأولى للجمعية التأسيسية التي يطالبون بتشكيلها على أوراق الاقتراع بدل التصويت على أحد المرشحين، وهما الرئيسة السابقة، «ميشيل باشيليه»، ووزير العمل السابق، «إيفلين ماثيتي»، الأمر الذي اضطر المرشحين معاً للمرور إلى الجولة الثانية المقرر إجراؤها في 15 ديسمبر المقبل. وجاءت مطالب الناخبين الذين رسموا الأحرف الأولى للجمعية التأسيسية على أوراق الاقتراع لتضاف إلى مطالب أخرى متنامية في أوساط المجتمع تنادي بإعادة، كتابة الدستور من خلال جمعية تأسيسية، تتجاوز المؤسسات السياسية القائمة الموروثة عن عصر الديكتاتورية. وكان النقاش قد احتدم خلال الحملة الانتخابية حول الطريقة الأمثل لتعديل الدستور بين مدافع عن فكرة تغييره بالكامل من خلال جمعية تأسيسية تنكب على كتابه، وهو أمر لا يجد له سنداً قانونياً في الدستور التشيلي، والذين مع ذلك يصرون على أن حملتهم حققت نجاحاً حتى بعد إخفاقها في إجهاض عملية التصويت، وبين فئة أخرى تطالب بتعديل الدستور من خلال المؤسسات القائمة والآليات الموجودة التي يتيحها الدستور. وفي هذا السياق، تقول «ماريتزا كانبورا»، إحدى المدافعات عن فكرة الجمعية التأسيسية: «لقد نجحنا على الأقل في طرح الموضوع على طاولة النقاش، بل الأكثر من ذلك أننا حصلنا على دعم سبعة أحزاب خلال الحملة الانتخابية، وهي المرة الأولى التي تطالب فيها فئات من المجتمع بتغيير الدستور على نحو مباشر». ومع أن المظاهرات التي خرجت إلى شوارع تشيلي منادية بتأسيس جمعية منتخبة لصياغة الدستور، ستضع ضغوطاً مهمة على الرئيس القادم للبلاد، وستدفعه لإشراك الرأي العام في أي إصلاحات سياسية مقبلة، إلا أنه في المقابل هناك فئة أخرى سواء من أحزاب اليمين، أو اليسار لا تخفي تحفظها على خيار تشكيل جمعية تأسيسية، محذرة من استعجال التغيير وصعود الشعبوية، فالمطالب التي تزامنت مع الحملة الانتخابية كانت من المفاجآت القليلة في مسار سياسي محدد سلفاً. فقد حققت المرشحة والرئيسة المنتهية ولايتها، «باشيليه»، فوزاً مهماً يوم الإثنين الماضي بنسبة 47 في المئة من الأصوات، لكنها مع ذلك لم تنل الأغلبية التي تحتاجها لتفادي الجولة الثانية، وهي حالياً مؤهلة، حسب استطلاعات الرأي والمراقبين، للفوز بسهولة في الجولة الثانية على منافسها الذي حصل على 25 في المئة من أصوات الناخبين. وخلال الحملة الانتخابية، تعهدت باشيليه بكتابة «دستور جديد»، إلا أنها أكدت أيضاً بأنها ستتوسل في ذلك المؤسسات القائمة، وخلافاً للدستور الأميركي الذي يحدد بوضوح آلية تعديل الدستور لا ينص القانون الأسمى في التشيلي على آليات مماثلة. ويرجع آخر تعديل جوهري للدستور التشيلي إلى حقبة «أجوستو بينوشيه» في استفتاء عام جرى تحت هيمنة الديكتاتورية العسكرية، ورغم أن الدستور خضع للتعديل عدة مرات في الفترة التي أعقبت انتهاء الحكم السلطوي، ظل التشيليون غير راضين تماماً عن الدستور والهياكل الحكومية. هذا ويوجد بين الذين ساندوا تغيير الدستور شرائح لم تنضم إلى حملة المطالبة بالجمعية التأسيسية مثل «خورخي كارفانتيس»، الذي قال إن البلاد في حاجة فعلاً إلى نظام تشريعي جديد وحقوق أكثر للمواطنين بدل الإكثار من الشركات، إلا أنه في الوقت نفسه غير مقتنع بأن الجمعية التأسيسية هي الطريق لتحقيق كل ذلك، قائلاً إن سلوك هذا الطريق «سيقود إلى نظام شعبوي شبيه بما يوجد في فنزويلا»، وهو رأي يشاطره «روبرت فانك»، أستاذ العلوم السياسية بجامعة تشيلي، مؤكداً أن التغيير من خلال الجمعية التأسيسية «ينطوي على أمرين لا أحبذهما: الشعبوية والثورة، فحسب ما يراه الفريق الآخر لا تفي مؤسسات الدولة الحالية بالغرض، ولا هي قادرة على تغيير الدستور، وهذا فكر ثوري لا أقبله»، محذراً من أن تفكيك مؤسسات الدولة بحجة بنائها من خلال دستور جديد قد يشجع على بروز شخصيات سياسية نافذة تتجاهل الدستور لفرض سياستها، مضيفاً أن برنامج «باشيليه» يطرح بديلاً أفضل ويخط طريقاً أسلم نحو الإصلاح، حتى لو تميز بالبطء، فهي تريد تغيير النظام الانتخابي الذي يعطي امتيازات للمحافظين، وانتخاب مجلس تشريعي، وبعد سنوات على ذلك إدخال التعديلات الجوهرية بموجب الدستور الذي وُضع في العام 1980، لكن «فانك» يعترف أيضاً أن «هذا المسار سيكون بطيئاً». والحال أن المتظاهرين الذين لا يثقون كثيراً في نوايا «باشيليه» قد لا ينتظرون كل تلك المدة، منبهاً إلى أنه «إذا لم يشعر الرأي العام بنتائج ملموسة خلال الأشهر الستة من عمر الحكومة، فإن الطلبة قد ينزلون بكثافة إلى الشارع»، وهو ما بدأ بالفعل حيث اقتحم يوم الاقتراع 20 طالباً مقر الحملة الانتخابية لباشيليه لفترة وجيزة، مطالبين بتغييرات دستورية قبل أن يفرقهم رجال الشرطة. ستيفين بودزين تشيلي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©