الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الحكومة المصرية تتجه إلى إقرار إجراءات تقشفية قاسية

الحكومة المصرية تتجه إلى إقرار إجراءات تقشفية قاسية
12 نوفمبر 2012
محمود عبدالعظيم (القاهرة) ـ اعتمد برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تقدمت به الحكومة المصرية إلى البعثة الفنية لصندوق النقد الدولي، التي زارت القاهرة يومي 30 و31 أكتوبر الماضي، لبحث ملف إقراض مصر نحو 4,8 مليار دولار، على إجراءات قاسية وسياسات مالية تتسم بالتقشف. ويتضمن البرنامج، الذي أعدته وزارتا المالية والتخطيط والتعاون الدولي، بالتعاون مع البنك المركزي المصري، ثمانية محاور رئيسية تعمل بشكل متواز على التخفيف من العجز وإنجاز الإصلاح الهيكلي سواء عبر سياسات ضريبية جديدة أو خفض معدلات الإنفاق العام أو معالجة جذرية لتشوهات هيكل الدعم السلعي داخل الموازنة العامة. ويتمثل المحور الأول في تبني مجموعة من الإجراءات المحددة والمتكاملة، بهدف السيطرة على العجز الكلي بالموازنة العامة وخفض معدلات إجمالي الدين نسبة لا تزيد على 60% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول العام المالي 2016 - 2017 مقابل 90? في الوقت الراهن - وذلك من خلال سياسات إصلاح هيكلية تتسم بالاستدامة. وفيما يتعلق بإيرادات الموازنة العامة يتضمن البرنامج تغيير هيكل الإيرادات وجعلها أكثر ارتباطا واتساقا مع النشاط الاقتصادي من خلال التركيز على السياسات الضريبية، حيث يتضمن البرنامج فرض مزيد من الأعباء على الممولين، بهدف زيادة موارد الدولة ومعالجة عجز الموازنة. ويهتم البرنامج بالتركيز على إدخال بعض التعديلات على قانون الضريبة على الدخل بما يحقق توسيع القاعدة الضريبية وتدعيم العدالة الضريبية ومعالجة الثغرات التي أظهرها التطبيق الفعلي للقانون وإصلاح منظومة الضريبة على المبيعات من خلال تبسيط الإطار التشريعي مثل توحيد سعر الضريبة وتخفيض الغرامات الموجودة بالقانون وقصرها على السلع والخدمات ذات البعد الاجتماعي وتبسيط إجراءات خصم الضريبة للسلع الرأسمالية وتعديل آليات تحصيل الضريبة على التصرفات العقارية وتعميمها على أنحاء البلاد مع الحفاظ على سعر الضريبة عند 2,5%. كما تشمل الإجراءات الضريبية الجديدة تعديل نظم خصم الضريبة المستحقة على عوائد الأذون والسندات والتعجيل بمواعيد تحصيلها والتدرج في زيادة القيمة الإيجارية للأطيان الزراعية التي لم تتغير منذ عام 1989 وتحقيق مزيد من الرقابة على حجم المعاملات في الأسواق من خلال تطبيق منظومة “الباركود” وتعديل أسلوب محاسبة شركات إنتاج المشروبات والتدرج في زيادة الضرائب على السجائر للوصول إلى المعدلات العالمية. وبالنسبة للجمارك يتضمن البرنامج إدخال بعض التعديلات على التعريفة الجمركية لضبط هيكلتها وتعديل الأحكام المنظمة للإعفاءات الجمركية والسماح المؤقت “الدروباك” وتشديد عقوبة التهريب وتدعيم مصلحة الجمارك في كشف جرائم التهريب والفواتير المزورة. كما يشمل البرنامج حفز النمو وجذب الموارد من النقد الأجنبي عن طريق طرح 50 ألف قطعة أرض على المصريين العاملين بالخارج تتراوح قيمتها بين 14 و15 مليار دولار، على عدة مراحل، على أن يتم سداد حصيلة عملية بيع الأراضي بالكامل خلال 4 سنوات، وطرح شهادات إيداع وصكوك على المصريين بالخارج، لتوفير موارد للتمويل وطرح رخص الجيل الرابع للمحمول والإنترنت الفائق السرعة واسع النطاق. وفيما يتعلق بالنفقات في الموازنة العامة يتناول البرنامج ترشيد الإنفاق العام، بما في ذلك ترشيد الدعم الذي لا يخدم الفقراء والفئات الأولى بالرعاية، وذلك من خلال عدة إجراءات أهمها ترشيد دعم الطاقة خاصة على الصناعات الكثيفة الاستخدام للطاقة التي تبيع منتجاتها بالأسعار العالمية قبل نهاية العام 2012 وإعداد منظومة لتوزيع المواد البترولية ومنها البوتاجاز لضمان الوصول إلى مستحقيه. أما المحور الثاني من البرنامج فيتمثل في اتباع سياسات نقدية ومصرفية تدعم خفض معدلات التضخم وتعزز من أطر الحوكمة والاستقرار في القطاع المصرفي. ويشمل المحور الثالث إعطاء دفعة للبدء في مشروعات التنمية في شرق بورسعيد وشمال غرب خليج السويس وسيناء وتوشكي وشرق العوينات وغيرها. بينما يركز المحور الرابع على ضرورة استكمال الخطة الاستثمارية العامة بقيمة 102 مليار جنيه. ويشمل المحور الخامس مساندة مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مجالات تدوير المخلفات الصلبة ومياه الشرب والمستشفيات والطرق بقيمة 2,3 مليار دولار. ويتضمن المحور السادس تطبيق استراتيجية متكاملة لدعم وتحفيز الأنشطة المتوسطة والصغيرة، بينما يتناول المحور السابع المضي في إتمام التفاوض حول فرص زيادة الصادرات المصرية في الأسواق العالمية والاستثمار في مصر بما في ذلك الولايات المتحدة والأسواق الكبرى. ويركز المحور الثامن على مراعاة البعد الاجتماعي في التنفيذ، حيث يتضمن حزمة من السياسات والإجراءات الخاصة بالحماية الاجتماعية أبرزها زيادة أعداد المستفيدين من معاش الضمان الاجتماعي إلى مليوني مستفيد خلال فترة تطبيق خطة الإصلاح، واستكمال تنفيذ برنامج الحد الأدنى للأجور ليصل إلى 1200 جنيه شهريا بحلول العام 2015 - 2016. إضافة إلى إعادة صياغة سياسات التوظيف بالحكومة من خلال آليات تتسم بالشفافية وتربط عدد الداخلين الجدد إلى الخدمة، وتثبيت نحو 400 ألف موظف بالجهاز الداري على درجات دائمة وزيادة اعتمادات الإسكان المنخفض التكاليف، والتعجيل بتسليم 76 ألف وحدة سكنية قبل نهاية العام الجاري واستمرار برامج دعم المزارعين والتوسع في برامج الإرشاد الزراعي لزيادة إنتاجية الفدان ودخل المزارع. كذلك إعادة إحياء خطط تنمية الصعيد وزيادة مخصصاته تدريجيا وتوجيه 25? من حصيلة الضريبة العقارية لخدمة العشوائيات و25? للإدارة المحلية وزيادة الاعتمادات المطلوبة لتحسين الأسواق والمناطق اللوجستيه لخفض الفاقد من المحاصيل الزراعية وبالتالي الحد من الضغوط التضخمية وزيادة اعتمادات التدريب التحويلي في ضوء إعادة صياغة برامج دعم الصادرات وربطها بالقيمة المضافة التي تحققها. ورغم كل هذه الإجراءات التقشفية، فإن البعثة الفنية للصندوق أبدت بعض الملاحظات على هذا البرنامج وطالبت بمزيد من الإجراءات الهادفة إلى خفض عجز الموازنة باعتبار أن ذلك الخفض هو المؤشر الوحيد الملموس على التحسن الاقتصادي بالبلاد. وحسب مصادر وثيقة الصلة بالمفاوضات الدائرة بين مصر وصندوق النقد فإن ملاحظات أعضاء البعثة الفنية على برنامج الإصلاح سوف تخضع لجولة مفاوضات أخرى قريبة حتى لا تتعطل إجراءات الموافقة على منح مصر القرض بعد أن وصلت الأوضاع الاقتصادية العامة إلي مرحلة حرجة. وتشير المصادر إلى أنه رغم أن إجراءات التقشف سوف تمثل تحديا كبيرا للاقتصاد في المرحلة القادمة، فإن التوصل إلى اتفاق مع الصندوق من شأنه أن يمنح قدرا من ثقة المؤسسات الدولية في أداء الاقتصاد المصري ويخفف الضغوط التي قد يتعرض لها بسبب هذا البرنامج. ويرى خبراء اقتصاديون أن برنامج الإصلاح بوضعه الراهن وكذلك بالتعديلات التي يمكن إدخالها عليه بناء على جولة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي سوف يمثل تحديا صعبا أمام الاقتصاد المصري خاصة وانه ينطوي على إجراءات تقشفية قد تدعم حالة الركود وتقلل من قدرة الاقتصاد على توليد فرص عمل إضافية لمواجهة مشكلة البطالة المتفاقمة. ويؤكد الخبراء أن أبرز عيوب البرنامج تتمثل في فرض مزيد من الضرائب والأعباء المالية على المواطنين في الوقت الذي تتراجع فيه الدخول الحقيقية نتيجة ارتفاع أسعار السلع الرئيسية وتراجع سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية خاصة الدولار. وتؤكد الدكتورة أمنية حلمي أستاذ الاقتصاد في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة أن الجدل بشأن قرض صندوق النقد الدولي سوف يستمر طويل،ا لاسيما أن الإجراءات التي سوف تترتب على القرض سوف تلقي بآثار سلبية عميقة على الأداء الاقتصادي العام على الأقل في المدى القصير، إلا أنه من المنتظر أن تبدأ الأحوال في التحسن بعد ذلك. وقالت إن هناك إجراءات ضرورية تضمنها البرنامج وهي في صالح الاقتصاد على المدى البعيد وفي مقدمة ذلك حل مشكلة دعم الطاقة وخفض عجز الموازنة لأنه من دون حل هاتين المشكلتين لن تتحسن أحوال الاقتصاد المصري نظرا لأنهما تضغطان بشدة على الكثير من الأنشطة الاقتصادية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©