الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

مبدعون: يجب إلحاق الاتحاد بمؤسسة متخصصة ثقافياً

15 ابريل 2007 01:28
تحقيق ــ إبراهيم الملا وسلمان كاصد: عند الحديث عن (اتحاد كتاب وأدباء الإمارات) تقفز إلى الذهن مباشرة قضية الدور الغامض والضبابي لهذا الكيان الثقافي المترنح بين الطموح العالي والإمكانات القاصرة، وبين الحماس المتقد والانطفاءات العديدة التي يفرضها واقع الحال، هذا الترنح الظاهر والملحوظ في جسد المؤسسة الثقافية الأقدم في الدولة ساهم وبشكل قوي في زج هذا الكيان داخل إطار الحضور الافتراضي (إذا صح التعبير)، ذلك أن صفة ''الافتراضي'' توحي مباشرة بالوجود القائم على اغتراب الصورة عن مضامينها، وعن هجرة المعنى عن أرضها الأصيلة، وعن أساساتها الأولى، ومن هذا المنطلق يذهب الظن بالمثقف المتواجد في المكان إلى تصنيف هذا الاتحاد اعتماداً على منطق اللاتعيين وانتفاء الثبات وغياب الدور والأهداف والرؤى· والآن، وبعد مرور أكثر من عقدين من الزمان على ولادة اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، (تأسس الاتحاد في شهر مايو من العام 1984 ) يجدر بالمتابع للمشهد الثقافي في الدولة أن يستكشف ويرصد التراكمات النوعية والمعرفية المفترض إنجازها طوال هذه السنوات، تراكمات كان من الأجدر بها أن تتخلص من آفة الأنشطة الثقافية المكررة والتقليدية، والتي لا يمكن لها على أية حال أن تخلق الحالة الثقافية المحلوم بها والمواكبة للتطلعات والمشاريع التي من أجلها أقيم هذا الاتحاد والذي وزع مبانيه وفروعه على طيف واسع من الخارطة الثقافية والجغرافية في الدولة (أبوظبي، الشارقة، ورأس الخيمة) من دون خلق أجيال إبداعية متتابعة ومتواصلة في مناخ هذا التنويع والتشاكل والتمايز· هذه المراجعات تفرض أيضا البحث في موضوع الوصف القانوني للاتحاد كونه منضوياً تحت مسمى (الجمعيات ذات النفع العام)، وهو المسمى الذي حول الأدباء والمبدعين في أروقة الاتحاد إلى كائنات إدارية مهمومة بالمسائل التنظيمية والمالية ومنشغلة كليا بالبرمجيات الموسمية والروتينية، في الوقت الذي يجب أن يتفرغ فيه هؤلاء الأدباء للمشاريع والاستراتيجيات الإبداعية والمبشّرة التي روّجت لها بنود الإشهار التأسيسية للاتحاد· التحقيق التالي لـ ''الاتحاد'' يحاول إلقاء الضوء على رغبات وتطلعات المثقفين والمتابعين للدور المنتظر من اتحاد الكتاب، وهو تحقيق جابه الكثير من التمنع والاعتذارات الشخصية التي ترجمت مدى الحساسية والخلاف وضبابية العلاقة بين الاتحاد وبين جل المثقفين والمبدعين في الدولة· يقول الشاعر سالم بوجمهور لا يزال اتحاد الكتاب والأدباء مفردة فريدة جميلة في العقد العصري الذي تتزين به دولة الإمارات، وهو برغم تقصيري أنا شخصياً في حقه وتقصير بعض الأعضاء وبرغم تحفظي على بعض الأدوار سيظل مربعاً مشرفاً ومناراً ساطعاً للأجيال القادمة، الأجيال التي رأيت بعض صورها الجميلة في شوارع الدولة أخيراً وغسلت بعض أوساخ عقلي التي كانت من مخلفات وآثار وجوه دعايات الصابون والشامبو· إذا حق لي القول: إن الحلم الديمقراطي قد بدأ يداعب مخيلة الشارع الشعبي فإنني أتوقع لهذا الاتحاد خاصة دوراً جديداً وفعالاً يتخذ من الديمقراطية منهجاً واضحاً وهدفاً سامياً بعيداً عن المذاهب الثقافية والدينية والسياسية، هدفاً شعاره الإنسان والأوطان، هدفاً يعتنق المستقبل ويطرح الماضي للرأي والعصرنة· أي تقييم للدور الثقافي لهذا الاتحاد من الواجب أن يكون قياساً ومقارنة مع أدوار الآخرين من جمعيات ومؤسسات ووزارات ودوائر محلية واتحادية وما يقدم لها من الدعم المادي والمعنوي، إننا بالنظر إلى ما يقدم للجمعيات الأجنبية فقط نستطيع أن نرى الفوارق والتباينات التي ربما تجعل المثقفين يحسون بأنهم كالأيتام على موائد (اللئام)· لابد إذاً من دور جديد لهذا الاتحاد يضاف إلى منجزاته السابقة، وهذا الدور في اعتقادي يجب أن يركز تركيزاً مستنيراً على ثقافة وأدبيات الديمقراطية وفعالياتها إضافة إلى فعالياته وأنشطته المتنوعة الأخرى· ويضيف بوجمهور قائلا: لابد أن يواجه هذا الاتحاد العوائق ويواجه لافتة (الموقع محظور) التي نجدها في أماكن كثيرة في شبكة الانترنت وشبكات المجتمع الرسمية والشعبية· ليس من جغرافية الوطن أن أرى المباني المشيدة لجمعيات أجنبية ولا أرى مقراً خاصاً للاتحاد! ليس من الحكمة أن تقوم الجمعيات والنوادي والبرامج الإعلامية للكبار وتهمش ثقافة الطفل! ليس من السياحة ولا الثقافة أن تستورد عاصمة الدولة متاحف أجنبية معلبة ليس في قلبها أي متحف وطني! بحث الحاجة إلى اتحاد الكتاب الشاعر والمسرحي ''مرعي الحليان'' يقول: اعتقد أن الحديث عن أوضاع اتحاد كتاب وأدباء الإمارات الحالية، والبحث في مستوى الأداء الفعلي ونوعيته الذي يقوم به في الساحة بحاجة إلى طاولة مستديرة يتم دعوة شريحة كبيرة من مثقفي ومبدعي البلد بما فيهم أعضاء مجالس الإدارات السابقة والحالية، وذلك ليس لتقييم الأداء وتوجيه اللوم على وضع البيات الشتوي الذي تعيشه أوضاع الاتحاد ولكن للبحث عن إجابة عن سؤال: هل نحن بحاجة إلى اتحاد كتاب وأدباء في المرحلة الحالية ؟ وما هي ملامح هذه الحاجة·· واعتقد أن الإجابة ستكون كفيلة بإعطاء مؤشرات لنوعية الأداء المطلوب·· بلا شك أن المراقب والمتابع لحياة الاتحاد وتفاعله في المجتمع وفي الحياة الثقافية في البلد منذ انطلاقة هذا الاتحاد والى اليوم، يفند المسيرة إلى مراحل، فسنوات البداية شهدت حراكاً وتجاذباً حول توجهات الاتحاد والى أية جهة تريده الغالبية والأقلية حسب التوجهات في تلك الفترة·· ثم جاءت مرحلة العطاء، حينما كلف الاتحاد وبدعم من الراحل سلطان العويس بإدارة جائزة العويس وتسيير أعمال مجلة شؤون أدبية وإقامة برنامج سنوي للأنشطة، حينها كانت الأوضاع مختلفة· الاتحاد اليوم قائم وحي لكنه حي بفضل جهود مجموعة من إخواننا العرب الذين يبدون أكثر حرصاً منا على تحريكه وتفعيله·· فاتحاد الكتاب لديه ناد للقصة يسيره ويسهر على برمجة فعالياته مجموعة من أهل القصة والرواية العرب·· أما القصاصون والروائيون المحليون وأهل الدار فهم بعيدون عن هذا النادي، وكذلك هو حال نادي الشعر· أما أعضاء إدارة الاتحاد فإنهم أشبه ''بالإكسسوارات'' غالية الثمن التي يتم إحضارها في المناسبات الرسمية أو المناسبات التي تواكبها هالة إعلامية كبيرة !! فمن الأولى بالاتحاد في هذا الوضع ؟ من الواقع الحقيقي فإن الذين يسهرون يومياً ويعيشون أنشطته هم الأولى بالرعاية ولهذا فإنني أطالب بتكريم جميع الاخوة العرب الذين لا زالوا يمارسون عملية الإسعافات الأولية لقلب الاتحاد كي يبقى نابضاً ؟ شخصياً سألت كثيراً من الأسماء الأدبية اللامعة والمخضرمة في تاريخ الحركة الثقافية في الإمارات وتاريخ تأسيس الاتحاد عن سبب عزوفهم وعدم حاجتهم للاتحاد أو التواصل مع الاتحاد، وجاءتني أغلب الردود متشابهة·· وأغلبها يدل على أن مبدعينا ومثقفينا ليسوا بحاجة إلى خدمات الاتحاد ؟ استنتجت هذا من ردودهم السريعة والمقتضبة لأنهم في الأصل يرفضون الاستفاضة في الحديث عن الاتحاد وأحواله، وإمكانات بعث الحياة فيه وجره إلى منطقة التفاعل الحيوي مع الهموم والقضايا الوطنية والتي هي صلب موضوعات الثقافة· القاص والمخرج المسرحي صالح كرامة يتحدث عن تجربته الشخصية مع الاتحاد ويقول: ما أقسى أن نقذف الأماكن التي اعتدنا ارتيادها، ونتهمها بأنها غير صالحة للمشي، بالرغم من أن هذه الأماكن مازالت تستوعب غيرنا، فكيف أصبحت الآن بعد طوال هذه السنين لا تدر شيئاً من المواهب ؟! أولاً علينا أن نسأل ما هي طبيعة هذا الاستيعاب الذي ننشده ؟ يخرج الكاتب أولاً من طوره ويتمرد على نمطية التقليد ويسدد فاتورة الحداثة (وهذا من حقه في بحثه الدؤوب) ثم ينطلق ويحلق ويشاهد بعد ذلك الكثير من الدروب التي اجتازها في أنها قد أصبحت خلفه، قد قطعها وانه أصبح جزءاً من الكل·· هذا الذي حدث لحاضنة اسمها اتحاد أدباء وكتاب الإمارات التي احتضنت الكثير ولا تزال هذه الحاضنة تحاول في صناعة منظومة متطورة إلا إنها سقطت في فخ المساهمة النمطية عبر أنشطة أسبوعية عادية تفتقر إلى المشاركة الفعلية· وهنا اعتقادي أن على الاتحاد في هذه الوضعية أن يتحلى بحسن المراوغة ويسعى إلى إنقاذ نفسه وأهله من خلال فتح برمجة منظمة في تشكيل الإبداع منذ الصغر بحيث يذهب باتجاه الأحياء السكنية والمدارس الطلابية يرصد المواهب من هناك إذاً عليه ترتيب بيته من الخارج والاهتمام بالأدب الفصيح، حيث يقيناً سيجد أناساً يحبونه، وسيلتفون حوله في إنشاء مراكز وفروع صغيرة في الأحياء السكنية، ومن خلال هذه التجربة سوف يدخله الهواة وأنصاف الهواة مثل ما جئناه نحن له نحبو· الذي قصدته أن اتحاد أدباء وكتاب الإمارات عليه ألا يتحول إلى مؤسسة فارغة، وأن يتنازل عن هذا الشموخ الوهمي ويضع أقدامه حتى في الوحل من أجل البحث عن المواهب، ويتخلص من وظيفة المتفرج لكي لا تخنقه عليه أن يتمدد قليلاً باتجاه القاع· إقصاء الفعل الثقافي ويرى الشاعر أحمد منصور أن الطعن في جسد الاتحاد لن يوقظ شيئاً في واقعه الراكد، ويشرح ذلك من خلال التساؤلات التالية: '' لماذا توجه كل هذه الانتقادات اللاذعة لاتحاد الكتاب ؟ ولما ينأى العديد من الكتاب الإماراتيين بأنفسهم عنه وهو اتحادهم كما يصرح بذلك مسماه ؟ وهل يتحمل اتحاد الكتاب كل المسؤولية عن ذلك، أو حتى جزءاً منها ؟ ثم ما هو المطلوب من هذه الجمعية ذات النفع العام ومن أعضائها أو القائمين عليها ؟ وهل يمكن محاكمتها في سياق وضع متردٍ للثقافة أصلاً ؟ وهل ستكون محاكمة من هذا القبيل عادلة ؟ هذه بعض الأسئلة التي تتبادر إلى ذهني على الدوام عند الحديث حول وضع اتحاد الكتاب في الإمارات، وسأحاول هنا التطرق إلى بعض هذه الأسئلة التي أراها ضرورية لوضع الأمور في نصابها الصحيح· في نظري، لا يمكن قراءة المشهد الثقافي في الإمارات، والذي يفترض أن يمثل اتحاد الكتاب أحد صوره، بمعزل عن قراءة المشهد العام الذي ينطوي على السياسي والاقتصادي والاجتماعي والترفيهي والسياحي ···الخ، حيث من الواضح للعيان أن الثقافي يعاني من انحسار قاس وشديد لصالح السياسي والاقتصادي والترفيهي المفرغ من أي بعد ثقافي حقيقي، وهذا ليس بسبب عدم قدرة الثقافي على إثبات ذاته، بل هو بسبب تلك المطحنة الضخمة التي يقودها (الاقتصادي- السياسي) والتي تلتهم كل ما هو في طريقها دون الالتفات أو التوقف· فهل يكون الحديث عن وضع اتحاد الكتاب في سياق ما سبق مجد من الأساس ؟ وهل يمكن للعطار إصلاح ما أفسده الدهر ؟ لكن اتحاد الكتاب قائم ككيان، وما دام هو كذلك، فعليه على أقل تقدير ألا يهدأ في طرح وتعرية الواقع الثقافي المسحوق بدلاً من الانشغال بخلافات داخلية تنظيمية أو إدارية أو ما شابه ذلك، هذا طبعاً إذا ما أريد له أن يستمر على حيز الوجود· شخصياً لا أرى أن وجوده في الوضع الراهن أفضل بكثير من عدم وجوده، فمازال العديد من الكتاب الإماراتيين يطبعون كتبهم إما في الخارج أو في الداخل على نفقاتهم الخاصة، وما يزال عدم وجود الموقف من القضايا المحلية والعربية والعالمية هو المتسيّد، ومازال الكاتب يترك وحيداً في مهب الريح عند النوائب، ومازالت الأسماء الجديدة أندر من بركة في صحراء، ومازال التوصل مقطوعاً مع المهتمين بالشأن· ولكي لا أكون متحاملاً على الإخوة في اتحاد الكتاب، والذين يقومون بعمل تطوعي، يجب توضيح التالي، أن وضع اتحاد الكتاب كجمعية ذات نفع عام يسهم بشكل كبير في نظري بما سبق، فكيف يمكن النهوض، ولو بعض الشيء، بأية عملية ثقافية (أو غيرها) في وضع صعب للغاية، كهذا الذي نشهده، بإسناد تلك المهمة لمتطوعين لا يتقاضون أي أجر جراء قيامهم بذلك ؟! فأي أولوية ستعطى للعمل الثقافي تحت وطأة الطاحونة المعيشية اليومية وانشغالات الإنسان للبحث عن سبل لمجرد العيش، خاصة، الكتاب منهم والذين ينتجون إبداعاتهم الخاصة في فتات الوقت الذي تتركه لهم الحياة ؟! بالتأكيد، لن يسهم ذلك بأي ارتقاء· ومازلت أرى أن الحل الأمثل لوضع اتحاد الكتاب المرتبك هو إخراجه من وضعيته الراهنة كجمعية ذات نفع عام وإلحاقه بهيئة أو مؤسسة فاعلة ومتخصصة بالعمل الثقافي شريطة أن تكون له وضعية اعتبارية واستقلالية تامة في وضع الاستراتيجية الثقافية والقرارات المتعلقة بها واتخاذ المواقف، وأن تكون له هيئة استشارية ثقافية منتخبة من قبل الأعضاء وتصرف لهم مكافآت مجزية، ويناط بكافة الأمور الإدارية والتنظيمية إلى الهيئة أو المؤسسة التي ينتسب إليها الاتحاد· فالمنتسبون إلى الاتحاد هم من المبدعين والكتاب (أو هكذا يفترض بهم على الأقل)، ومهمتهم الأساسية هي الإبداع والقيام بروح العمل الثقافي، وليس مراجعة محاضر الاجتماعات وتدقيق الحسابات والعقود وما إلى هنالك من أمور يفرضها قانون جمعيات النفع العام· عدا ذلك، لا أرى ما الذي يمكن فعله لانتشال وتصحيح وضع اتحاد الكتاب على الأقل· محاضرات تشل الحياة! الشاعرة الهنوف محمد تقول: تهربت كثيراً من الحديث عن اتحاد الكتّاب، لأنني بالفعل لا أعلم ما هي الأسباب الحقيقية وراء عدم جاذبية هذا الاتحاد وهو مؤسسة ثقافية مهمة· هل الجاذبية أن تتناغم الأرواح مع المكان وتحس بحميمية تجاهه أم عدم تجاذب الأرواح مع الأرواح الموجودة بالمكان، وبما إنني عضوة في اتحاد الكتّاب، أحاول أن أكون عادلة في الحديث عن الاتحاد· المكان أو الاتحاد جاذب جداً للمثقفين (وأنا هنا أتحدث عن فرع الشارقة لأنه الأقرب لي) ومجلس الإدارة يحاول جذب الكتّاب، لكن المشكلة في طريقة الجذب، وأتحسر على الفترة الزمنية القصيرة التي ترأس فيها الكاتب والشاعر ابراهيم الهاشمي اتحاد الكتاب، حيث دعا فيها الكتّاب الى رحلة بحرية على ضفاف خور دبي ولأول مرة أشعر أن بإمكان الاتحاد أن يكون جاذباً· وأعتقد أن الأزمة هي أزمة المبدعين الجالسين على كراسي الاتحاد، إنهم منظرون لا يعرفون كيف يربطون أو يجمعون بين المبدع والاتحاد والحياة· مللنا من المحاضرات والندوات التي تفطر الكبد وتشل الحياة، اخرجوا الاتحاد من الملل وإذا استطاع المكان الكلام والنطق لتمردّ عليكم، اربطوا الاتحاد بالأماكن السعيدة الأخرى، لا تحركوا الأنشطة بالمبنى· غياب تام أما الكاتب والشاعر البحريني محمد الحلواجي فيبحث في المقارنات في الشكل والجوهر بين اتحاد الكتاب في البحرين واتحاد كتاب الإمارات قائلاً: '' كلما تأملت حال وواقع اتحاد كتاب الإمارات، أجد أن أول ما يلفت انتباهي هو ابتعاد أغلب الأدباء الإماراتيين عن حضور الفعاليات الأدبية التي يقيمها الاتحاد، إلى جانب عدم شعورهم بالانتماء له أو الاهتمام به كمؤسسة ثقافية، لأسباب لا أفهمها حقيقة، وبالقدر ذاته يلفت انتباهي أيضاً غياب الأصوات الأدبية الإماراتية الشابة التي حققت مكانة بارزة على الساحة الأدبية الخليجية والعربية، تاركة المجال لمن يمكن أن نسميهم بأنصاف المواهب إذا جاز التعبير· أما فيما يتصل بالواقع الحالي لفعاليات الاتحاد، بعضها جيد أحياناً ولكن تطغى عليه سمة تكرار وجوه بعينها، كما أن بعض الأمسيات والقراءات ضعيفة جداً، فحينا نفاجأ بإفساح المجال لأصوات غير معروفة لم يسمع بها أحد، أو أصوات محلية متواضعة يتم تضخيمها إعلامياً بشكل مبالغ فيه، كما أن الإصدارات الأدبية قليلة والمكافآت المدفوعة للضيوف المدعوين من الخارج ضعيفة ولا ترقى لمستوى المكافآت في الدول المجاورة مثلاً· والحل لتنشيط الاتحاد وانتشاله من وضعيته الحالية يحتاج الى مجهودات كبيرة عبر زيادة الدعم المادي لهذه المؤسسة ومحاولة إذابة الجليد بعقد لقاءات مصارحة شفافة مع الأعضاء والأدباء المبتعدين، من أجل إشراكهم مرة أخرى في الفعل الثقافي المحلي، فعلى الرغم من الإشكالات التي تواجهها أسرة الأدباء والكتاب في البحرين مثلاً، شأنها شأن أية مؤسسة أدبية أخرى، إلا أننا نلاحظ مواظبة وحضور أجيال مختلفة من الأدباء للأسرة، بدءاً من الجيل القديم وجيل السبعينات والستينات وصولاً للجيل الجديد الذي تم إشراكه بفعالية كدم جديد في أوصال أسرة الأدباء والكتاب، على الرغم من وجود الخلافات والتفارقات الفكرية العميقة بين بعض الأعضاء، إلا أن ذلك لم يمنعهم من التنكر للكيان الأدبي الأم فحرصوا على الالتقاء والحضور والمشاركة في جميع فعاليات الأسرة· لذلك ينبغي على اتحاد كتاب الإمارات في هذه المرحلة الدقيقة أن يقوم بتشجيع الشباب والأصوات الجديدة للانخراط والمشاركة في تنظيم الفعاليات، وتكثيف الإصدارات الأدبية المحلية وإيصالها بشكل مدروس لمختلف المكتبات العامة والمؤسسات الأدبية العربية إضافة للجامعات''· ضعف الميزانية أما الشاعر والسيناريست محمد حسن أحمد، فيقول: قبل أن نعيد أسطوانة التوبيخ وبعض الادعاءات اللفظية تجاه أنفسنا، وتجاه دور اتحاد الكتاب وأدباء الإمارات، علينا أن نؤكد في البداية أن الميزانية المخصصة للاتحاد (والشبيهة بالمساعدات الاجتماعية) لا يمكن لها أن تؤسس لصالونات ثقافية رصينة في المكان، وقبل كل هذا علينا أن نسلّم جدلاً بان اتحاد الكتاب لا يملك وصفة سحرية لخلق المبدعين، لأن الإبداع لا يرتبط بالندوات والمحاضرات والأمسيات وحدها، بل أن الموهبة في الأساس تزدهر وتتشكل في ظلال العزلة الشخصية وفي مداراتها النائية والخصبة، وعلينا أن نؤكد أيضاً بأن دور اتحاد الكتاب وأدباء الإمارات ومن خلال كل تلك السنوات كان مجرد دور شفاهي ومكتوب فقط في محاضر الاجتماع المحاصرة بالغبار، ويمكن قياس هذا الدور من خلال عدم معرفة ربما 80% من سكان الإمارات عن مسمى اتحاد الكتاب وأدباء الإمارات، فكيف إذاً يمكن ربطه بالمجتمع ودفع المواهب وتحفيز العقل على التواصل والتحاور معه، وأنا لست دائماً مع منح الصالونات الثقافية والمؤسسات هذا الدور النخبوي الجامد الذي لم يعد مؤثراً في ظل التطور التقني والتكنولوجي، لذا واعتماداً على هذا القصور واللبس يجب أن تنشأ مبادرات خلاقة لمنح اتحاد الكتاب وأدباء الإمارات بعض الدور الثقافي المباشر في المكان، بعيداً عن الأجندات السنوية الهالكة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©