الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإسلام مع الإبداع ويتصدى للابتذال والأعمال غير الهادفة

الإسلام مع الإبداع ويتصدى للابتذال والأعمال غير الهادفة
21 نوفمبر 2013 21:11
زادت في الفترة الأخيرة الأعمال الفنية التى تحتوي على مشاهد خارجة وتتنافى مع تعاليم وقيم الإسلام وعندما يحاول البعض انتقاد تلك المشاهد أو تقويم تلك الأعمال الفنية يرتفع صوت الكثير من مؤيدي الحركة الفنية، متهمين الإسلام بأنه دين يمنع الإبداع ويصادر حريات المبدعين والفنانين وهنا يبرز السؤال الأهم، وهو هل الإسلام يمنع الإبداع ومتى يكون العمل الفني إبداعاً ومتى يكون ابتذالاً؟ يقول الدكتور محمد كمال إمام، أستاذ الشريعة بالأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية: حرص الإسلام على الحفاظ علي أمن المجتمع أخلاقياً واجتماعياً ولهذا وضع التشريعات التى تؤكد حرية الإبداع دون إسفاف أو ابتذال، ومن هنا فلا يجوز أن تتسلل إلينا مشاهد ما أنزل الله بها من سلطان تحت ستار حرية الإبداع، ولابد أن نعي أن الإسلام أتاح للإنسان حرية في اختيار دينه مكفولة بنص القرآن الكريم. احترام الأديان ويضيف: ومن المهم ونحن نتحدث عن حرية الإبداع أن ننبه إلى وجوب احترام الأديان الإلهية الثلاثة وشعائرها لما في ذلك من خطورة على النسيج الوطني والأمن القومي. فليس من حق أحد أن يثير الفتن الطائفية أو النعرات المذهبية باسم الإبداع، وإن كان حق الاجتهاد بالرأي العلمي المقترن بالدليل، وفي الأوساط المتخصصة، والبعيد عن الإثارة مكفولاً، بالإضافة إلى أهمية أن يكون الإبداع دون إسفاف ولا ابتزال، بل إن الإسلام أباح الترفيه عن النفس ولهذا فلا حجر على فن كوميدي كان أو درامي، ولكن بما لا يخالف قيم وتعاليم الإسلام فلا يصح مثلا أن تظهر الممثلة وهي ترتدي ملابس شبه عارية تثير الغرائز ومعها ممثل رجل لا يمت لها بصلة وهو شبه عار أيضاً في مشاهد مثيرة بحجة أن هذا نوع من أنواع الإبداع فهذا ليس بإبداع ولا علاقة له بالإبداع، وعلى المبدعين ومنهم الفنانون أن يراعوا القيم الدينية والأخلاقية في ممارساتهم حتى تكون أعمالهم نبراساً لتنوير المجتمع وليس لتهديد بنيانه الاجتماعي ونشر الرذيلة والفسوق. دين الحضارة ويقول الدكتور محمد الدسوقي، أستاذ الشريعة بجامعة القاهرة: إن الإسلام دين العلم والمدنية والروح، دين الحضارة، الذي لا يقف حائلاً أمام الفنون الراقية، لأن الإسلام يحض المسلم على أن يظهر مواهبه، بشرط عدم مخالفة الدين، والسينما والتليفزيون والمسرح بما أنها أصبحت من الوسائل التي يقبل عليها الناس من الممكن أن تلعب دوراً مهماً في نهضة أمتنا ومجتمعنا بشرط أن يحسن القائمون على الحركة الفنية عملهم ويتقوا الله في كل ما يقدمونه. ويشير فضيلة الشيخ محمود عاشور، وكيل الأزهر الأسبق، إلى أن لإسلام لا يعارض الأدب والشعر والقصة والرواية وغيرها من الفنون التي تخاطب العقل وتعلي قيمة الفكر وتؤدي للعلو واحترام القيم الإنسانية النبيلة، أما الفن الهابط الذي يخاطب الغرائز ويعتمد علي الإسفاف والسطحية وما يسمى في لغة السينما “الجمهور عايز كده” أو مغازلة شباك التذاكر في بلد يعاني شبابه عدم القدرة علي العمل وتوفير مسكن أو الزواج، يعتبر نوعا من تضييع شباب الأمة. صالح الأمة ويشير الدكتور محمد رأفت عثمان، أستاذ الشريعة بجامعة الازهر، إلى أن الإسلام طوال تاريخه لم يمنع مبدعا من الإبداع طالما أن ذلك الإبداع يصب في صالح الأمة ونهضتها، ولكن هناك كثير من الذين لا يتعمقون في الأمور يعتقدون أن الإسلام يكره الفنون ويحرمها ويستوي في ذلك فن الرسم والنحت، أو فن الموسيقى والغناء، أو فن التمثيل. ووصل الأمر في سوء الفهم إلى أن الكثير من الجماعات المتطرفة وأنصاف المتعلمين يحاربون الفن باسم الدين وسادت تلك الفكرة الخاطئة عن الإسلام وانتشرت بشكل مبالغ فيه ومرجع ذلك هو النظرة الجاهلة التي لا تميز بين الفن والفساد. وأضاف: الإسلام لم يحارب الفن الدرامي أو السينمائي أي المسرحي، كما يزعم الكثيرون ممن يحاولون اتهام الإسلام بالجمود ولكن الإسلام يرفض ويواجه الفن الهابط الذى لا يحتوي إلا على مشاهد العري والابتذال، كذلك فإن الإسلام يواجه ويرفض الفن إذا اقترن بالمحرمات من خمر وفحش، وقد ورد في كتب السيرة أن النبى، صلى الله عليه وسلم، مدح صوت أبي موسى الأشعري، وقد سمعه يتغنى بالقرآن فقال له: “لقد أوتيت مزماراً من مزامير داود”، ولو كان المزمار آلة رديئة ما قال له ذلك. إبداع جمالي وقال: الإسلام دين يحب الجمال ويدعو إليه في كل شيء. والنبى صلى الله عليه وسلم يقول: “إن الله جميل يحب الجمال”، فالفن إبداع جمالي لا يعاديه الإسلام، وكل ما في الأمر أن الإسلام يجعل الأولوية للمبدأ الأخلاقي على المبدأ الجمالي، وهذا هو الموقف المبدئي للإسلام إزاء جميع أشكال الفنون. وهناك معيار إسلامى للحكم على أي فن من الفنون يتمثل في قاعدة تقول: حَسَنُه حسن وقبيحه قبيح والقرآن الكريم في العديد من آياته يلفت الأنظار إلى ما في الكون من تناسق وإبداع وإتقان، وما يتضمنه ذلك من جمال وبهجة وسرور للناظرين. ومن هنا لا يعقل أن يرفض الإسلام الفن إذا كان جميلاً. أما إذا اشتمل على القبح بما يعنيه ذلك من قبح مادي ومعنوي فإن الإسلام يرفضه وهكذا فإن الفن إذا كان هدفه المتعة الذهنية، وترقيق الشعور، وتهذيب الأحاسيس، فلا اعتراض عليه. ولكن إذا خرج عن ذلك وخاطب الغرائز الدنيا في الإنسان، وخرج عن أن يكون فنّاً هادفاً فإنه حينئذ لا يساعد على بناء الحياة، بل يعمل على هدمها. الدين يبحث عن الحق أوضح فضيلة الشيخ محمود عاشور، وكيل الأزهر الأسبق، أن الدين يبحث عن الحق، والفن والجمال، والله عز وجل هو الحق، وهو جميل يحب الجمال، وليس ثمة خصومة ولا تعارض بين الإسلام والجمال أو الإبداع الفني، وإن هذه النظرة التي ترى تعارضاً بين الإسلام والإبداع تعود إلى الجهل والإعراض عما في كتاب الله المقروء “القرآن العظيم” وكتاب الله المنظور “الكون” من آيات الزينة والبهجة والجمال والروعة والتناسق البديع وإلى ضيق الأفق والقصور عن إدراك ما فطر الله الإنسان عليه من تعدد الجوانب، وعمق الإحساس والشعور، والنزعة الجمالية الكامنة في روح الإنسان، ولكن كل هذا مشروط بأن يتم تقديم الفن في صورة لائقة وغير خادشة للحياء والقرآن الكريم قدم لنا صورة فنية بديعة لما حدث بين سيدنا يوسف عليه السلام وامرأة العزيز دون إثارة أو ابتزال، لهذا فعلى الفنانين والمبدعين مراعاة القيم والأخلاقيات الإسلامية وهم يقدمون لنا فنونهم وإبداعاتهم المتميزة.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©