الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تراجع أداء الذاكرة يعود إلى التغيرات الهرمونية في الجسم

تراجع أداء الذاكرة يعود إلى التغيرات الهرمونية في الجسم
25 نوفمبر 2011 00:11
يشتكي العديد من النساء من تراجع أداء بعض وظائفهم الذهنية بشكل ملحوظ بعد انقطاع الطمث، وخصوصاً على مستوى الذاكرة. وقد وجد خبراء متخصصون في علوم الإدراك أن هؤلاء النساء لا يُعانين في الواقع من ضعف أداء وظائفهن الإدراكية في هذه الفترة دون النساء اللاتي ينتقلن إلى هذه المرحلة دون أن تُلازمهن أعراض مثيلة، بل إن أداء الوظائف الإدراكية يتراجع إلى حد ما لدى جميع النساء بسبب التغيرات الهرمونية التي تطرأ لأجسامهن. وهو ما يعني بطريقة أخرى أن كل بنت حواء تتأثر أعصابها ووظائفها بشكل أو بآخر، خصوصاً في السنة الانتقالية الأولى التي تمر منها المرأة من مرحلة النشاط الرحمي والخصوبي إلى مرحلة انقطاع الطمث وما يُصاحبها من أعراض بسبب التقلبات الهرمونية. أفادت دراسة جديدة أن معاناة بعض النساء من مشكلات في الذاكرة بعد انقطاع الدورة الشهرية لا يعني أن وظائفهن الذهنية تعطلت أو أصابها خلل ما، بل إن سبب ذلك الجزر في أداء الوظائف الإدراكية الذي تشهده أدمغتهن يرجع إلى كونها تنشَط بشكل مُضاعَف في هذه الفترة لتعويض النقص الذي يتسبب به نقص إفراز هرمون الاستروجين. وقد عُرضت نتائج هذه الدراسة خلال الاجتماع السنوي لجمعية علم الأعصاب الذي عُقد مؤخراً في واشنطن دي سي. مشكلات إدراكية وأشرك الباحثون منجزو هذه الدراسة 22 امرأةً يبلغ معدل أعمارهن 57 سنةً ويتمتعن جميعهن بصحة جيدة بعد وُصُولهن إلى مرحلة انقطاع الطمث. وأظهرت سلسلة الاختبارات التي أُخضعت لها هؤلاء النساء أن 12 منهن يشتكين من مشكلات إدراكية ويشعرن بأن أداء ذاكراتهن بدأ في الانحسار والتراجع في السنوات الأخيرة. وخضعت جميع المشاركات إلى فحوص مسح الدماغ بواسطة جهاز التصوير الوظيفي بالرنين المغناطيسي الذي يسمح بتقفي نشاط الدماغ وقياس مدى استجابته لكل مهمة. ثم طُلب من هؤلاء النساء جميعهن القيام بمهام تختبر وظائف ما يُسمى أحياناً بالذاكرة قصيرة المدى، أي القدرة على تذكر بعض أشياء على الأقل لمدة تقل عن دقيقة واحدة ثم استرجاعها بعد التعرض لأحد أشكال وأنواع الإلهاء. ولم يظهر على النساء الـ 12 اللاتي عانين من مشكلات إدراكية في الذاكرة أي اختلاف عن النساء العشر الأخريات اللائي لم يكن يشتكين من شيء. غير أن تجاربهن الذاتية لتراجع أداء ذاكراتهن قصيرة المدى كانت لا تستند إلى أي أساس، إذ أظهرت المسوح أن أدمغتهن تبذل جهداً كبيراً بعد توقف الدورة الشهرية، خصوصاً على مستوى المناطق التي تدعم وتُدير وظيفة الذاكرة قصيرة المدى. فالقشرة ما قبل الجبهية الظهرية والقشرة الحزامية في دماغ المرأة التي تشتكي من مشكلات إدراكية تعمل لأوقات إضافية بنفس القدر الذي تعمل فيه هذه المناطق لدى النساء اللاتي لا يشتكين من أي مشكلات في الذاكرة. وتقول جولي دوماس من جامعة فيرمونت والعالمة التي عرضت هذه الدراسة، إن معاناة بعض النساء من بعض المشكلات الإدراكية لا يُمهد بالمرة لإصابتهن في وقت لاحق بقصور في النشاط الفكري أو الذهني، كما أنه ليس مؤشراً على القابلية المسبقة للإصابة بأحد أمراض العجز الإدراكي التي تصيب المسنين مثل الخرف، بما فيها الزهايمر. وفي الدراسات التي أُجريت في المجتمعات التي ترتفع فيها نسب الشيخوخة والتي تكثر فيها الأمراض والاضطرابات ذات الصلة بوظائف الإدراك، تصل نسبة الأشخاص الذين سبق لهم أن اشتكوا من تراجع معارفهم الفكرية الذاتية ممن يبلغ معدل أعمارهم 67 سنةً إلى 50? ممن ظهر لديهم أحد أمراض الخرف، في حين لا تتعدى نسبة قابلية من لا يشتكين من أي مشكلات معرفية فكرية ذاتية 15?. تراجع أداء الدماغ ومع ازدياد عدد الدراسات التي تتناول مراحل تراجع أداء الدماغ الذي يبدأ سنوات قبل ظهور أعراض فقدان الذاكرة وفقدان البوصلة لدى الشخص، يعتقد الباحثون أن بإمكانهم أن يتعرفوا على علامات “التعويض الإدراكي” المبكرة، حيث تبدأ أدمغة الأشخاص الذين يبدأ أداء ذاكراتهم في التباطؤ في استخدام استراتيجيات ذكية بما فيها بذل جهود مضاعفة، وذلك للتعويض عن كل تباطؤ أو تراجع أو فقدان. وتقول جولي داماس من وحدة بحوث علم الأعصاب السريري في جامعة فيرمونت، إن اختبارات التصوير الوظيفي بالرنين المغناطيسي خلال تنفيذ الذاكرة لمهامها يمكن استعمالها لرصد مثل هذه الجهود التعويضية والمساعدة في التعرف على بعض العلامات المبكرة التي تنبئ باحتمال الإصابة بالخرف. ويتساءل الباحثون في هذا الصدد عن دور انقطاع الطمث، وعن مدى وجود رابط ما بين تغيير هرمونات منتصف العمر وبعض الاضطرابات الإدراكية. وترى جولي أن ذلك احتمال وارد، ولكنه ليس مؤكداً. وقد سبق لدراسات سابقة أن حاولت إيجاد علاقة واضحة بين انخفاض مستوى إفراز الهرمونات خلال مرحلة انقطاع الطمث والتغيرات التي تحدث على مستوى الوظائف الإدراكية لدى المرأة، لكنها لم تجد رابطاً واضحاً. وعلى الرغم من ذلك، فإن التغيرات المزاجية التي تصيب النساء بعد انقطاع الطمث، والتي قد تؤدي إلى تغيير أدائهن الفكري لها علاقة بالتقلبات الهرمونية التي تحدث في هذه المرحلة. بيد أن العلاج الهرموني الاستبدالي والذي يُعد مثار جدل وخلاف منذ صدور دراسة سنة 2003 ربطت بين العلاج الهرموني وارتفاع معدلات الإصابة بسرطان الثدي والمبيض، يؤشر إلى أن النساء اللاتي تلقين العلاج الهرموني الاستبدالي خلال السنوات الأخيرة الماضية ظهر أن أدمغتهن تحوي أحجاماً أكبر من المادة الرمادية. ومن المعلوم أن مادةً رماديةً أكبر يعني أداءً ذهنياً أفضل. هرمون الاستروجين وتطرق اجتماع علماء الأعصاب الأسبوع الماضي إلى دراسة ثانية سلطت الضوء على استبدال هرمون الاستروجين وعرضت نتائج تجربة سريرية صُممت لرصد التغيرات في كثافة المادة الرمادية كاستجابة لحصول الجسم على إستروجين إضافي. ووجدت هذه الدراسة نفسها أن تزويد النساء في مرحلة انقطاع الطمث بهرمون الإستروجين يجعل المادة الرمادية في أدمغتهن أكثر كثافةً. وكانت هذه الدراسة التي قدمها الدكتور بول نيوهاوس من جامعة فاندربيلت قد وزعت مجموعةً متكونةً من 24 امرأةً يصل معدل أعمارهن إلى 59 سنةً إلى مجموعتين. حصلت الأولى منهما على ميليجرام واحد من نسخة مركبة من الإستروجين تسمى الإسترادول كل يوم لمدة ثلاثة أشهر، بينما حصلت الثانية على جرعة يومية من غفل لا يحوي أي عناصر هرمونية فعالة. وبعد مرور فترة الأشهر الثلاثة، استخدم الباحثون جهاز مسح بالتصوير المغناطيسي لتسجيل قياسات دقيقة للغاية لبنيات أدمغة جميع النساء المشاركات في الدراسة لرصد أي تغيرات على أدمغتهن، فوجدوا أنه بالمقارنة مع النساء اللاتي تناولن الغُفل لثلاثة أشهر، فإن كثافة المادة الرمادية للنساء اللاتي حصلن على الإسترادول كانت عاليةً بشكل ملحوظ في ثلاث مناطق هامة من الدماغ هي قشرة الفص الجبهي وقشرة الفص الصدغي وقشرة الفص الجانبي، وعلى كلا طرفي الدماغ. وعلى الرغم من أن هذه المناطق تُعد مسرحاً لتشكيلة واسعة من الوظائف، فإنها تُعتبر بمثابة عُقد أساسية في الشبكات التي تتحكم في الانتباه والذاكرة العرضية التي تُخزن الأحداث والتجارب الذاتية التي يمر بها الشخص، أو ما يصطلح عليه البعض “الذاكرة قصيرة المدى”. محط جدال ويقول الدكتور نيوهاوس الذي يرى أن العلاج الهرموني بالإستروجين سيظل على الأرجح محط جدال وخلاف رغم فوائده الإدراكية الهامة “إن التغيرات التي تحدث في الدماغ نتيجة تغير إفراز هرمون الإستروجين قد تكون مهمةً لمعرفة الطرق الأنسب للحفاظ على حسن أداء الوظائف الإدراكية واستدامتها لوقت أطول، خصوصاً في المرحلة الأولى من انقطاع الطمث”. وفي الوقت ذاته، يقول نيوهاوس إنه ليس واضحاً ما إذا كانت هناك فترة زمنية مثالية في حياة المرأة يمكن فيها للإستروجين أن يُساعد على حماية الذاكرة من المشكلات الإدراكية أو الخرف دون تزايُد المخاطر أو القابلية للإصابة بأمراض أخرى. وتجدر الإشارة إلى أن أوساط البحث العلمي أصبحت تغص بالدراسات التي تُحاول سبر جانب من جوانب التغيرات التي تحدث للمرأة في هذه السن أو كلها، فالاستبدال الهرموني وحده (مقابل العلاج الهرموني الاستبدالي الذي يستخدم مزيجاً من الإستروجين والبروجستين) لا يزيد مخاطر الإصابة بسرطان الثدي إذا تم تلقيه لمدة تقل عن عشر سنوات. ويعكف علماء الأعصاب ومتخصصو علم الإدراك في جامعتي فيرمونت وفانديربيلت على العمل سويةً على مواصلة دراساتهم حول مرحلة انقطاع الطمث والوظائف الإدراكية لاكتشاف المزيد. وتقول دوماس إن الخطوة التالية التي تنوي اتباعها مع النساء الخمسينيات والستينيات المشتكيات من مشكلات واضطرابات إدراكية ستكون متمثلةً فيما إذا كان حصولهن على الإستروجين يُساعدهن ويفيدهن في اتقاء الإصابة بمختلف جوانب القصور والخلل في الوظائف الإدراكية والتمتع بصحة أفضل في مرحلة ما بعد انقطاع الطمث. هشام أحناش عن “لوس أنجلوس تايمز”
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©