الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القرآن قدم لنا نماذج أخيار تضرعوا إلى خالقهم بالدعاء

القرآن قدم لنا نماذج أخيار تضرعوا إلى خالقهم بالدعاء
21 نوفمبر 2013 21:17
يقول الله تعالى في كتابه الكريم: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ) (سورة الفلق الآية (1-5). جاء في كتاب صفوة التفاسير للصابوني: (سورة الفلق مكية، وفيها تعليم للعباد أن يلجأوا إلى حمى الرحمن، ويستعيذوا بجلاله وسلطانه من شر مخلوقاته، ومن شر الليل إذا أظلم، لما يصيب النفوس فيه من الوحشة، ولانتشار الأشرار والفجار فيه، ومن شر كل حاسد وساحر، وهي إحدى المُعَوّذتين اللتين كان –صلى الله عليه وسلم- يعوِّذ نفسه بهما) (صفوة التفاسير للصابوني 3/623). وأخرج الإمام مسلم في صحيحه في كتاب صلاة المسافرين وقصرها – باب فضل قراءة المُعَوّذتين، عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- : (أَلَمْ تَرَ آياتٍ أُنْزِلَت اللَّيْلَةَ لمْ يُرَ مِثلُهُنَّ قَطُّ؟) (قُلْ أَعُوذُ برَبِّ الْفَلَقِ ) و (قُلْ أَعُوذُ برَبِّ النَّاسِ ). أذهَبَ الله هَمَّك من المعلوم أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كان يُرشد أصحابه إلى كل خير، كما كان يعلمهم ضرورة الاستعانة بالله سبحانه وتعالى في جميع الأمور، كما جاء في الحديث عن أبي سعيد الخدري –رضي الله عنه- قال: دخل رسول الله– صلى الله عليه وسلم – ذات يوم المسجد، فإذا هو برجل من الأنصار يقال له أبو أمامة: فقال: (يا أبا أمامة، مالي أراك جالساً في المسجد في غير وقت صلاة؟ قال: هموم لزمتني وديون يا رسول الله! قال: أفلا أعلمك كلاماً إذا أنتَ قُلْتَه أذهَبَ الله عز وجل همَّك، وقضى عنك دينك؟ قال: قلت: بلى يا رسول الله، قال: قل إذا أصبحتَ وإذا أمسيتَ: اللهم إني أعوذ بك من الهمِّ والحَزَن، وأعوذ بك من العَجْز والكَسل، وأعوذ بك من الجُبْن والبخل، وأعوذ بك من غَلَبَة الدَّيْن وقهر الرجال) (أخرجه أبو داود)، قال: ففعلت ذلك، فأذهَبَ الله هَمِّي وقضى عني دَيْني. إن هذه الكلمات النبوية التي علمها رسولنا –صلى الله عليه وسلم- لأبي أمامة –رضي الله عنه-، تشكل درساً لنا جميعاً بضرورة العمل بها، وأن نكون على يقين بأن الله عز وجل لا يُخَيّب من قصده،? ما دام الإنسان صادقاً مخلصاً طائعاً لربه سبحانه وتعالى. يا ودود من المعلوم أن المسلم حريص على طاعة الله سبحانه وتعالى في جميع الأحوال، فإذا ما تعرض لنازلة من النوازل، فإنه يتوجه إلي الله سبحانه وتعالى بالدعاء طالباً منه العون والمساعدة، كما روي عن أنس بن مالك: (أن رجلاً كان يكنَّى أبا مِعْلَق الأنصاري خرج في سَفَر من أسفاره، ومعه مال كثير يضرب به في الآفاق، وكان تاجراً، وكان يُزَنُّ بنسك وَوَرع، فخرج بأموال كثيرة ، فلقي لصاً مُقَنَّعاً في السلاح، فقال له: ضعْ ما معك، فإني قاتلك، قال: خُذْ مالي، قال: المال لي، ولا أُريد إلا قتلك، قال: أمَا إذْ أبيتَ فذرني أُصلي أربع ركعات. قال: صَلِّ ما بدا لك. فصلى أربع ركعات، فكان من دعائه في آخر سجدة أن قال: “يا ودود، يا ذا العرش المجيد، يا فعال لما يريد، أسألك بعزك الذي لا يُرَام، ومُلْكك الذي لا يُضَام، وبنورك الذي ملأ أركان عَرْشك أن تكفيني شرَّ هذا اللص، يا مغيث أغثني، يا مغيث أغثني”.. دعا بهذا ثلاث مرات، وإذا بفارس قد أقبل وبيده حَربة، فطعن اللص فقتله)(أسد الغابة في معرفة الصحابة 6/276-277). إن الجزاء من جنس العمل، فهذا التاجر كان رجلاً صالحاً تعرف على الله في الرخاء، فتعرف الله سبحانه وتعالى عليه في الشدة، واستجاب دعاءه. فضل الدعاء واللجوء إلى الله سبحانه وتعالى لقد ساق لنا القرآن الكريم نماذج متعددة لعدد من الأنبياء –عليهم الصلاة والسلام-، والأخيار من الناس، الذين تضرعوا إلى خالقهم بالدعاء، فاستجاب الله سبحانه وتعالى لهم، وفرج كروبهم، ونضرب هنا بعض الأمثلة على ذلك: * إذا كنت في خوفٍ فقل:{حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}(سورة آل عمران الآية (173)، فالله سبحانه وتعالى يقول عَمَّن قالوا ذلك {فَانقَلَبُواْ بنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} (سورة آل عمران الآية (174) . * وإن كان مرضك في جسمك فقل ما قاله نبي الله أيوب- عليه الصلاة والسلام-:{أَنّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ?}? (سورة الأنبياء الآية (83)، فالله سبحانه وتعالى يجيب عمن قال ذلك: ?{?فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بهِ مِن ضُرٍّ} (سورة الأنبياء الآية (84). * وإذا كان الأعداء يمكرون لك ليؤذوك ويدبروا لك المكايد، فقل ما قاله مؤمن من آل فرعون {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بالْعِبَادِ} (سورة غافر الآية (44)، قلها وأنت واثق من نتائجها وفوائدها المرجوة، وستأتي لك النتيجة إن شاء الله تعالى، كما عَقَّب ربنا سبحانه وتعالى على من قال ذلك {فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا} (سورة غافر الآية (45). * وإن كنتَ تعاني من همٍّ أو غمٍّ أو حزنٍّ فقل ما قاله نبي الله يونس- عليه الصلاة والسلام -: عندما أُلقى في البحر، والتقمه الحوت وأصبح في بطن الحوت، وفي الظلمة الشديدة، نادى ربه {فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لا إِلَهَ إِلا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} (سورة الأنبياء) الآية (87) . في قصة يونس – عليه الصلاة والسلام – درس للمؤمن بضرورة اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى والتضرع إليه في حال الضيق والكرب، ليكشف الله عنه ذلك ، فسيدنا يونس – عليه الصلاة والسلام – تضرع إلى ربه سبحانه وتعالى وهو في بطن الحوت بقوله: {وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لا إِلَهَ إِلا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ} (سورة الأنبياء (87-88) . جاء في مختصر تفسير القرآن العظيم للصابوني: (وقوله: “فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لا إِلَهَ إِلا أَنتَ” قال ابن مسعود: ظلمة بطن الحوت، وظلمة البحر، وظلمة الليل، وذلك أنه ذهب به الحوت في البحار يشقها حتى انتهى به إلى قرار البحر، فسمع يونس تسبيح الحصى في قراره، فعند ذلك قال: “لا إِلَهَ إِلا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ “، وقيل: مكث في بطن الحوت أربعين يوماً، وقوله: “فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ” أخرجناه من بطن الحوت وتلك الظلمات “وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ” أي إذا كانوا في الشدائد ودعونا منيبين إلينا ، قال – صلى الله عليه وسلم -: “دعوة ذي النون إذ هو في بطن الحوت: “لا إِلَهَ إِلا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ “، فإنه لم يدع بها مسلم ربه في شيء إلا استجاب له”، وفي الحديث:”من دعا بدعاء يونس استجيب له”، قال أبو سعيد يريد به “وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ”، ‎الدكتور يوسف جمعة سلامة ‎خطيـب المسـجد الأقصـى المبـارك www.yousefsalama.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©