الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سليمان المعمري: بداخلي رقيب يختبئ في دمي.. وإبداعي يستدعي تحييده

24 مارس 2009 02:21
واحد من الجيل الجديد في كتابة القصة القصيرة في عمان، لكنه أظهر موهبة متميزة ولافتة، قاص قدم أكثر من مجموعة قصصية، ومذيع له عدد كبير من البرامج الثقافية خاصة خلال استضافة مسقط فعاليات عاصمة العرب الثقافية عام 2006، وإداري تولى رئاسة أسرة القصة القصيرة في السلطنة وكان نشاطها الأبرز قبل أن يتركها قبل شهرين ليتفرغ لإدارة جمعية الكتاب والأدباء في عمان حيث تولى رئاستها. فاز بعدد من الجوائز الأدبية في عمان، في مجالات القصة والمسرح والشعر أيضاً، وفاز بجائزة يوسف إدريس للقصة القصيرة، لنبدأ السؤال عنها بداية.. ? فوزك بجائزة يوسف إدريس للقصة القصيرة هل مثل لك انطلاقة أخرى في عالم القصة؟ ?? بالتأكيد .. ليس فقط لأن هذه الجائزة عرَّفتْ بي كقاص خارج عُمان، وتلقيتُ عدة دعوات في أكثر من دولة بسببها، بل أيضاً لأنها جاءتني في وقت كنتُ أشعر فيه بالحيرة والارتياب الشديد من لغتي في القصة .. كنت في مرحلة ردة شديدة على ما نسميه في عُمان اللغة الشعرية التي بات ينظر إليها باعتبارها من أهم عيوب القص: أن ينصب اهتمام القاص على اللغة الجميلة ذات الصور المدهشة ولا حكاية .. كنتُ أحاول أن أهرب من هذه اللغة لكثرة ما سمعتُ من الهجوم عليها، ولكن تقرير لجنة تحكيم الجائزة رفع معنوياتي وقال لي ضمنياً: لا تهرب من لغتك لأنها السبب الأول في فوزك بالجائزة .. وبالفعل كان أول مسببات الفوز كما جاء في بيان اللجنة: ´اكتشاف ما هو شعري فيما هو عادي مطروق .. وتتحدث الموجودات جميعاً في أغلب قصص المجموعة، البشر والكائنات والأشياء، بلغة الشعر? .. النقطة الأخرى: أن تلك المجموعة كانت تحاول أن تجرّب كتابة القصة بأكثر من تكنيك كتابي ، وفوزها كان رسالة واضحة لاستمر في التجريب في أساليب الكتابة القصصية ولا أركن إلى أسلوب واحد . ? هل تشعر بأنك مخلص للكتابة القصصية أم أن انشغالاتك تأخذك بعيداً عنها؟ ?? منذ بدايتي كتابة القصة عام 1995 وأنا مقل في الكتابة.. إذ لا أكتب إلا بمعدل قصتين سنوياً فقط .. وبما أنني مازلتُ محافظاً على هذا المعدل سأقول إن انشغالاتي لم تأخذني بعيداً عن القصة .. أما الإخلاص للقصة ´وهو أمر آخر لا علاقة له بغزارة الانتاج أو شحه? فأظن أنه تناقص، ربما بسبب تغير بعض القناعات لدي .. قبل عشر سنوات كنتُ سأحاجج بأنني لن أبدل بالقصة بديلا .. لأنها أتاحت لي أن أعيد ترميم حياتي بالحكاية .. الحكاية كما أريدها أن تحدث لا كما تريدها الحياة أن تحدث .. لهذا أحببتُ القصة ومازلتُ أحبها.. الفرق الآن أنني لم أعد أقول، لن أبدل بالقصة بديلا .. بل إنني اذا عثرتُ على شكل كتابي آخر يمكن أن يعطيني ما أعطته القصة لي فلن أتردد في الذهاب إليه . بمعنى أن إخلاصي بات للكتابة وليس للشكل الكتابي. ? بعد أكثر من مجموعة قصصية هل تشعر بأنك تسير في خط قصصي ناضج؟ ?? على الرغم من أن الناقد يمكن أن يجيب عن هذا السؤال بطريقة أفضل مني، ولكن سأجازف بالإجابة عنه حسب ذائقتي التي تحتمل الخطأ قبل الصواب : نعم ، بعد ثلاث مجموعات قصصية بت أشعر أنني أسير في خط ناضج ، وخاصة في مجموعتي الثالثة ´عبدالفتاح المنغلق لا يحب التفاصيل? التي جاءت مختلفة تماماً عن مجموعتيَّ السابقتين، لغةً وتقنيةً كتابية .. هذا الاختلاف هو ما يمثل بالنسبة لي - نضجاً في التعامل مع هذا الفن الأدبي. ? من صاحب التأثير على تجربتك؟ ?? أشياء كثيرة .. لأن الأسد كما تعلم - هو بضعة خراف مهضومة.. أدين لأشخاص وأشياء كثر : أمي وجدي وحكاياتهما، القصص الجميلة التي قرأتُها لكتّاب عالميين وعرب .. التجارب الحياتية المفرحة والمحزنة التي مررتُ بها .. الأمسيات النقدية التي حضرتُها، وجلسات النقاش مع الأصدقاء .. كل هذا وغيره أثّر فيَّ كانسان وككاتب. ? عبر رئاستك لأسرة القصة في عمان قدمتم جهدا كبيرا دعم الحضور القصصي في الحياة الثقافية بالسلطنة.. هل أنت راض عما تحقق خلال تلك الفترة؟ إلى أي مدى تشعر أن القصة العمانية تسير على أفضل ما يكون في مشوار القصة العربية؟ ?? أنا راضٍ عما تحقق خلال العامين اللذين رأستُ خلالهما أسرة القصة، .. وأكثر ما يسعدني هو تكريس أمسيات الاحتفاء بالإصدارات القصصية والروائية الجديدة ، وهذا أمر مهم .. لأن الكاتب لا يتوقع حين يصدر كتاباً أن يوضع في رف ولا يُلتفَت إليه ، بل هو بحاجة لمن يُشعره بأن كتابه قرئ ونوقش وبينت إيجابياته ومثالبه، وهذا بدوره سيحفزه على كتابة جديدة أكثر نضجاً وتطورا .. تكريس هذه الاحتفاءات بالكتب مرتين كل شهر هو أكثر ما أفخـــر به خلال هذين السنتين ، ولكن هــذا لا يعني أن أزعــــم أنني قدمـتُ الكــــثيرلـــلأسرة ، بل قـدمتُ وصديقي مازن حـــبيب نائب رئــيس الأسرة ما نستطيعه حسب الظروف والامكانات المتاحة .. وأثق أن الادارة الجديدة للأسرة ستسعى أيضا لتقديم كل ما تستطيعه لخدمة القصة في عمان. أما بالنسبة للشق الثاني من سؤالك فاني أرى أن القصة العمانية شهدت في السنوات الأخيرة تطوراً فنياً مذهلاً جعلها لا تقل البتة عن مثيلاتها في الدول العربية التي توصف بأنه مراكز الثقافة العربية .. وباتت لدينا تجارب ناضجة في القصة مثل محمد اليحيائي وسالم آل تويه ومحمود الرحبي وبشرى خلفان وعبدالعزيز الفارسي وأنت .. وهذا على سبيل المثال لا الحصر ? هل استطاعت القصة أن تقف في مجتمع لا يعترف في منبريته سوى بالشعر؟ ?? للأسف لم تستطع، ولا أظنها ستستطيع .. لسببين: أولاً لأن للشعر مكانته المنبرية لدينا كما تفضلتَ - والتي لا يمكن أن يزحزحها شيء، مهما كان هذا الشعر رديئاً.. والسبب الثاني أن القصة إلا في استثناءات بسيطة فن مقروء أكثر منه مسموعاً .. أي أنها ضد المنبرية أصلاً .. ? ألم تغرك الرواية بدخول أبوابها المشرعة؟ ?? يبدو أنها أغرتني أخيراً .. أنا الآن بصدد كتابة رواية مشتركة مع الصديق عبدالعزيز الفارسي ? ما هي استراتيجيتك كرئيس للجمعية العمانية للكتاب والأدباء ؟ ?? أن تصبح الجمعية الخيمة التي تؤوي جميع الكتاب والأدباء مهما اختلفتْ أساليبهم وتوجهاتهم ومذاهبهم الكتابية .. وأن يصبح الأدب العماني معروفاً ومنتشراً خارج عمان .. وأن تسجل الجمعية حضوراً فاعلاً في الداخل والخارج . ? هل هناك حافز معنوي من الكتّاب أنفسهم؟ ?? الكتاب ليسوا كتلة واحدة .. وأظن أن هذا الامر ينسحب على جميع جمعيات وأسر وروابط واتحادات الكتاب العربية .. هناك من يحفزك فعلاً ، ويبث فيك الحماس للعمل أكثر ، عندما تراه يعمل في صمت وبمثابرة .. وهناك من يكتفي بالتفرج عليك من بعيد وأنت تعمل ويصفق لك دون أن يساعدك .. وهناك من يتفرج عليك من بعيد وينتقدك ويلعن ظلام العمل الثقافي من دون أن يفكر في اشعال ولو شمعة واحدة . ? إلى أي مدى تشعر أن الرقابة تقيدك؟ وتقيد المسار الإبداعي في السلطنة؟ ?? بشكل شخصي لم يضايقني الرقيب حتى الآن، إلا في بعض المقالات التي كنتُ أنشرها في الصحف .. وعلى الرغم من أن مثل هذا الرقيب موجود فعلاً ولكن أتصور أن للكاتب أو المبدع طرقه للتملص منه .. الأخطر من وجهة نظري ليس الرقيب الخارجي الذي يمكن مراوغته وترويضه، بل الرقيب الداخلي الرابض داخل الكاتب .. فهذا أصعب، لأنه يختبئ في دمك، وإذا لم تحيده فسيؤثر على إبداعك أو كتاباتك .. لقد تربينا ككتّاب في مجتمعات محافظة على كثير من التابو المحرم تجاوزه من قبل المجتمع ، وباتت يتحكم في طريقتنا في الحياة ناهيك عن طريقتنا في الكتابة . واذا لم نحيّدها أثناء الكتابة فعلى كتابتنا السلام.
المصدر: مسقط
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©