الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

شهادات في السرد والصوت والصورة

شهادات في السرد والصوت والصورة
26 نوفمبر 2015 14:11

عصام أبو القاسم (الشارقة) تواصلت صباح أمس بالشارقة فعاليات الدورة السادسة من ملتقى الإمارات للإبداع الخليجي، الذي ينظمه اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، ويختتم اليوم. وتابع جمهور الملتقى في الجلسة الأولى لفعاليات الأمس محاورة تحت عنوان «المسرح: أسئلة النص» أدارتها الكاتبة الإماراتية أسماء الزرعوني واستهل الحديث بها المخرج والكاتب المسرحي العراقي محمود عباس بورقة تحت عنوان «النص المسرحي العراقي بين سلطة الكلمة وآفاق الصورة» استعاد خلالها مشاهد مختلفة من بدايات المسرح في بغداد، مبرزاً أسئلته وشواغله تبعاً لكل مرحلة اجتماعية وسياسية وفي هذا الإطار قال أبو العباس إن نهاية القرن التاسع عشر شهدت الخطوة الأولى في الطريق إلى كتابة نص مسرحي عراقي، ولكن « ذاكرة المسرح العربي لم تحفظ لنا الكثير من تلك النصوص إلا تلك التي استلهمت التاريخ بسبب أثر المسرح الإغريقي ومن ثم المسرح الأوروبي فظهرت مسرحيات استمدت مادتها من التاريخ وذلك بانتقاء شخصيات منه مثل نبوخذ نصر» كتبها هرمز نورسو الكلداني 1888». وتميزت نصوص تلك المرحلة سعت إلى تعزيز علاقة الإنسان «بالقيم الدينية والاجتماعية وبقيت النصوص ترزح تحت ثقل التسجيل التاريخي». وفي رأي أبو العباس فأن ظهور الكاتب يوسف العاني في خمسينيات القرن الماضي كان بدايةً لازدهار الكتابة المسرحية في بلاد الرافدين، فلقد شهدت تلك المرحلة انتقالا نصياً إلى استلهام اليومي والحياتي والمباشر. وأضاف العباس أن العاني أضفى ملمحاً شعبياً على مضمون نصه متناغماً مع «الفكري اليساري الذي يعتنقه العاني وعدد كبير من كتاب تلك الحقبة»، واستعرض المتكلم جملة من الأسماء المسرحية التي ساهمت في إغناء ذاكرة الكتابة في تلك الفترة، ومن ثم انتقل ليتحدث عن تجربة قاسم محمد الذي توجه للكتابة بخلفيته كمخرج، وهو ما حمله إلى التركيز على القيم البصرية وإلى اعتماد «التوليف» وكتابة «سيناريو العرض» مغلباً البعد المنظور في العملية المسرحية. التجربة الثالثة التي توقف فيها أبو المحاضر هي تجربة المخرج العراقي صلاح القصب الذي كرس ما يعرف بـ «المسرح البصري» أو «مسرح الصورة»، وهو اصدر بيانات نظرية في هذا الباب متشاركاً في ذلك مع رفيقه قاسم محمد. وفي ختام ورقته تطرق أبو العباس إلى التحولات التي لحقت ببنية المجتمع على أثر الحرب ومن ثم الاحتلال الأمريكي، مشيرا إلى أن الكتابة المسرحية العراقية كتبت الحرب بوصفه حالة عداء مع الخارج كما كتبتها بوصفها معاشاً يومياً. وكذلك تحدث أبو العباس عن الكتابة المسرحية العراقية في المهاجر وشواغلها المضمونية والفنية. من جانبه قدم الكاتب الإماراتي مرعي الحليان شهادة حول تجربته جاءت تحت عنوان «رحلتي مع النصوص المسرحية ـ مسودة مختصرة» وبدأها بلفت النظر إلى ما يطبع مشهد الكتابة المسرحية الراهنة من تحول، متوقفا بصفة خاصة عن التأثير الذي ادخله اعتماد مسارح العالم على شخصية «الدراماتورج» الذي يقف في مسافة وسطى بين المخرج والمؤلف. وقال الحليان في هذا الاتجاه « بناء على تطور التكنولوجيا صار المسرح صورة، ولم يعد مقبولاً أن يقف ممثل ما أمام المتلقين لكي يسرد مونولوجاً طويلاً يمارس فيه استعراضاً في فنون الخطابة». وانتقل الكاتب والمخرج الإماراتي للحديث عن تجربته، مستهلاً بالكلام عن نصه «باب البراحة» الذي كتبه 2002، فهذا النص الذي يتناول تداعيات سايكولوجية وعاطفية لأربعة مسنين في دار للرعاية، أراده مؤلفه مغايراً في أسلوبيته عن النصوص التي كانت سائدة وقتئذ، ولذلك عمد إلى انتقاء لحظة درامية شديدة الكثافة وراح يتتبع امتداداتها إلى نهاية النص، وأوضح المتكلم قائلاً «أنت هنا تجازف ضد تيار السرد التقليدي، وتكتب جملة لا بد لها أن تنتج دلالات متعددة قابلة لأن يقرأها مئات المتلقيين، وأن تبقى هذه الدلالات قادرة على تحريك مخيلة المتلقي». المسرحي البحريني خليفة العريفي، من جانبه، قدم عرضاً تاريخياً في ورقته الموسومة «النص المسرحي بين الصوت والصورة»، وهو بدأ بالعصر الاغريقي الذي شهد حضوراً أكبر للكتّاب، وعناية فائقة بوقع الكلمة والصوت، وقال العريفي إن العصر الوسيط لم يشهد أي تغيير في المكانة التي احتلها النص وخصوصاً مع ما تعرض له المسرح من حملات تحريمية من قبل الكنيسة، ولكن في القرن السادس عشر ظهر فن الباليه الذي اعتبره العريفي مسرحا موسيقيا، فهو لم يعتمد على الكتابة النصية التقليدية إذ ان المخرج في هذا الضرب الأدائي قد يحوّل نصاً شعرياً أو رواية إلى صورة أو رقصة جماعية. من ثم، انتقل العريفي للكلام عما يعرف بـ «عصر المخرجين» حيث «صار المخرج دور أكبر» فهو الذي يمسك بخيوط اللعبة المسرحية ويديرها كيفما شاء وفي هذا الوقت باتت المكانة الأبرز في الخشبة مشغولة بالمناظر والمرئيات والالوان فيما مع ظهور مدارس التدريب التمثيلي، وخصوصاً مع ستانسلافسكي بدأ التركيز على «أداء الممثل» كوحدة مركزية في العرض المسرحي، لدرجة صار التعبير بالجسد بديلاً عن الحوار والكلمة. وفي ختام ورقته دعا المسرحي البحريني إلى توسيع المجال أمام الخيارات البصرية في تجربة المسرح العربي المعاصر، وقال إن ذلك يعني التحاقاً بما راكمه المسرح في العالم ومواكبة. وشهدت الجلسة أيضا مداخلات لسعيد السيابي من سلطنة عمان وشهادة للفنان القطري صالح الغريب كما تداخل الحضور بالتعليقات والأسئلة مع المشاركين.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©