الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لغز الذيل المقصوص

لغز الذيل المقصوص
25 نوفمبر 2011 22:06
قبل أكثر من ألف عام على نجاح تجربة الأخوين رايت في مجال الطيران الشراعي، كان هناك عربي أصيل قدم نفسه ذبيحاً على محراب المحاولات الإنسانية للطيران، ليس على طريقة «ديكالوس» الأسطورية، بل على سبيل الممارسة الحقيقية على أرض الواقع والحقيقة. كان الرجل يدعى عباس بن فرناس، فقد صنع لنفسه ريشا يشبه ريش طائر عملاق، ثم ارتقى بكل شجاعة وسؤدد مرتفعا شاهقا، وفرد أجنحته الاصطناعية.. وقفز... حلّق الرجل سابحا في الفضاء مثل النسر لدقائق معدودة، بعدها فقد السيطرة.. وهوى... ثم مات!! وهكذا من أجل حفنة من الدقائق، يقضيها محلقا في الفضاء مطلا على الأرض، حيث تبدو له الكائنات والأشياء أصغر... من أجل هذه اللحظة التاريخية، لم ينتظر القدر هذا الرجل ليهرم، لأنه، ومن أجل العلم والطموح البشري مات الرجل! بعد الفحص التدقيق والاستقراء اكتشف العلماء أن المرحوم عباس بن فرناس نسي – أو تناسى- أن يصنع لنفسه ذيلا حتى يستطيع الحفاظ على التوازن، ويهبط على الأرض بسلام.. تخيلوا لو وضع جدنا ابن فرناس لنفسه ذيلا لكنا نحن العربان العاربة والمستعربة أول من حقق فكرة الطائر البشري، ولكنا منذ ذلك الوقت سادة العالم، ولكانت حاملات الطائرات التي تحتل بحور العالم ومحيطاته – حتى الآن- عربية وليست أميركية من نسل الأخوين رايت. الغريب في الأمر هو نسيان عباس بن فرناس- العربي الأصيل- موضوع الذيل، لكن يبدو أن أخواله ليسوا عربا؛ لأنه لو كان عربيا من جهة الأعمام والأخوال – معمّ ومخول- لعرف أن الذيل هو الأهم... أو أن هذا الرجل كان ينتمي الى حضارة أكثر رقيا وتقدما منا في الشرق، فلم يشعر اطلاقا بأهمية الذيل «وهذه احدى الآثار الجانبية لعمليات التقدم والتحرر والديمقراطية». نحن العربان سادة هز الذنب: الموظف الصغير يهز الذنب للأكبر منه حتى يحصل على ما يريد أو حتى لا يؤذيه على الأقل، والموظف الأكبر يهز الذنب لمسؤول القسم حتى يترقى، ومسؤول القسم يهز الذنب لمدير الدائرة ومدير الدائرة يهز الذنب للمدير العام، والمدير العام لرئيس مجلس افدار ورئيس مجلس افدار ل..... ووووو.. بينما يهز الفراش والمراسل الذنب للجميع، فيما يهز له المراجعون أذنابهم حتى يقوم بتمشية معاملاتهم. الغريب أن الإنسان الذي انبثق من جد مشترك مع القرود – على ذمة المرحوم تشارلز داروين- في كتابه «سلالة الإنسان» الذي أصدره بعد كتابه الشهير «أصل الأنواع» الذي غيّر وجه العالم... أقول الغريب أن هذا الإنسان، وحسب نظريات التطور والبقاء للأصلح والانتقاء الطبيعي كان قد فقد الذيل مقابل دماغ أكبر، وراس أكثر تناسقا وقامة منتصبة تماما، بينما لا تزال القرود بحاجة الى الذيل من أجل التوازن والنطنطة من غصن لآخر. الأغرب، أن جميع نظريات التطور الداروينية، فشلت في تفسير كيف أن الإنسان الذي خسر الذيل استجابة لعمليات الانتخاب والتطور الطبيعي، لا يزال بحاجة الى الذيل ليقوم بممارسة التذيّل لشخص أعلى منه، حتى يعيش ويرتقي ويحصل على رابته التقاعدي الى أن يفرنقع من هذه الفانية. لكن ومن أجل الحقيقة والواقع، فإن الحاجة للذيل لغايات هز الذنب، اذا استثنينا قصة الطيران واعتبرناها مجرد مدخل للموضوع، تقل وتخف حتى تتلاشى تقريبا عند الشعوب الأكثر رقيا وتقدما، بينما تزداد وتتكشف عند الشعوب الأقل رقيا، بمعنى أن هذه الحاجة الذيللية والتذللية تتناسب عكسيا مع مستوى الرقي والتقدم في المجال الإنساني. يوسف غيشان ghishan@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©