الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأزمة السورية... منع ممنهج للمساعدات عن المحتاجين

الأزمة السورية... منع ممنهج للمساعدات عن المحتاجين
22 نوفمبر 2013 23:06
دأبت وكالة الإغاثة الرئيسة التابعة للأمم المتحدة العام الماضي على إخفاء تفاصيل حيوية بشأن الحملة المنهجية التي يديرها النظام السوري لمنع المساعدات الإنسانية من الوصول إلى المدنيين السوريين. وأغضب هذا الصمت المدافعين عن حقوق الإنسان، الذين يعتقدون أن كشف أفعال النظام السوري للجمهور بوضوح وشفافية سيزيد الضغط السياسي على الحكومة السورية من أجل السماح للمجتمع الدولي بمساعدة مئات الآلاف من السوريين المدنيين المحتجزين في خط النار. وبدلاً من ذلك، اعتمد «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية»، الذي يشرف على جهود الإغاثة الدولية في سوريا، على دبلوماسية محدودة من وراء الكواليس لإقناع النظام في دمشق بهدوء بفتح الطريق أمام المساعدات. وإلى الآن يشير المنتقدون إلى أن هذه الاستراتيجية ثبت عدم فعاليتها، والأسوأ من ذلك أنها تمنح غطاءً سياسياً لنظام الأسد، بينما ينفذ تجويع ومذابح جماعية في حق الشعب السوري. وأفاد رئيس هيئة الدفاع لدى «منظمة هيومان رايتس ووتش» بيجي هيكس، بأنه ينبغي أن تكون هناك رغبة أكبر لدى الولايات المتحدة في اتهام الحكومة السورية، عندما تكون مسؤولة عن إعاقة كبيرة للمساعدات. وأضاف «إنهم لم يقولوا شيئاً كافياً عن المسؤول عن هذه الانتهاكات وطبيعتها». وتابع «هيكس»: «دائماً ما يكون هناك إجراء للتوازن، لكن يساورنا القلق بشأن ما إذا كانت الأمم المتحدة مترددة في إدراك حدود العمل وراء الكواليس». وفي أحدث جهودها لتفادي المواجهة الدبلوماسية، حثت رئيسة الوكالة «فاليري أموس» أعضاء مجلس الأمن الدولي على وقف خطط لدفع قرار يهدف إلى الضغط على سوريا للوفاء بالتزاماتها الإنسانية. واقترحت «آموس» بدلاً من ذلك تأسيس مجموعة رفيعة المستوى- تشمل ممثلين من أستراليا والولايات المتحدة وإيران ولوكسمبورج وروسيا والسعودية- للضغط بهدوء على الفرقاء في سوريا بغية إزالة العقبات البيروقراطية وأية موانع أخرى تعيق العمل الإنساني، حسب كشفت نسخة سرية من الخطة. ووافقت كل من الولايات المتحدة وإيران على المشاركة، بعد تردد، حسبما ذكرت «فورين بولسي» يوم الجمعة الماضي. وأثناء الشهر الماضي، شاركت «آموس» في نوبة نادرة من التوبيخ والانتقاد العلني لفرض الحكومة السورية عمليات تأجيل بيروقراطية وحصارها المضروب على مدن المدنيين. وفي حين رحب «هيكس» ومنتقدون آخرون بهذا التغيير، غير أنهم أوضحوا أن «آموس» لم تذهب إلى حد الانتقاد الكافي، لكنها تدافع عن نفسها قائلة «إن وكالتها تتحدث في السر والعلن بشأن العقبات التي تضعها الحكومة السورية، وتنشر نشرات اعتيادية عن الوضع الإنساني داخل سوريا من بينها موانع الدخول». وأكدت «لسنا منظمة للدفاع عن الحقوق فقط»، موضحة «إن عملنا يتطلب رداً عملياً على الأرض، وإدارة للمعلومات ومفاوضات حساسة، ودفاع عن الحقوق». وتابعت أموس «تقع على عاتقنا مسؤولية مساعدة المحتاجين، وقد حققنا ذلك من خلال مزيج من الضغط العام والدبلوماسية الهادئة مع الأطراف النشطة في الصراع داخل سوريا». وبزغ استغلال توزيع المساعدات الإنسانية كجبهة مركزية في الحملة العسكرية التي تديرها الحكومة السورية لتجويع جيوب الدعم المحتمل للمقاومة المسلحة. وحصلت الحكومة السورية على ميزة سياسية بتقييد تسليم المساعدات إلى المناطق المؤيدة للحكومة، عن طريق ضمان تقديم الغذاء والمساعدات بصورة غير متناسبة لمن يساندها. وذكر الخبير في الشأن السوري بجامعة أوكلاهوما جوشوا لانديز»إن كلا الطرفين يرغبان في أن يكونا مقدمي الغذاء، لكن الأسد أعلن بوضوح أنه لن يدع أحداً غيره يطعم السوريين». وأضاف «إن الأسد يأمل في أن يتوجه الشعب نحوه مرة أخرى طلباً للخبز والرواتب والمساعدات الأخرى»، مشيراً إلى أن هذا ما يحدث الآن. وتقدر الأمم المتحدة أن ما يزيد على 9.5 مليون سوري يحتاجون إلى مساعدات، من بينهم نحو مليونين ونصف المليون نسمة يقيمون في مناطق لا يصلها عمال الإغاثة الدولية، وبعضهم لم يحصل على مساعدات منذ أكثر من عام. وعلى الرغم من ارتكاب كل من حكومة الأسد والمعارضة المسلحة في سوريا لانتهاكات واسعة النطاق بحق المدنيين، فإن استغلال الحكومة لمنع المساعدات كان أكثر تأثيراً وانتشاراً، حسبما أفاد خبراء في شؤون المنطقة. وعلى مدار العام الماضي، تجنب «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الجهود الإنسانية» فرصاً لإلقاء اللوم مباشرة على الحكومة السورية في شل جهود إغاثة الأمم المتحدة في المناطق التي يسيطر عليها الثوار. وأشارت مستندات داخلية سرية إلى أن قائمة تشمل ثماني قرى ومناطق في دمشق وحمص، تعرضت للحصار من قبل قوات الأمن السورية، ومن بينها المعظمية، اضطر آلاف من سكانها إلى أكل أوراق الشجر من أجل البقاء. وأخفقت سوريا في تلبية مطالب الأمم المتحدة بإنشاء مكاتب مساعدات إنسانية في عدد من المدن منها حلب ودرعا وقامشلي. ويعكس حذر المنظمة الأممية المأزق القائم منذ أمد بعيد بالنسبة لعمال الإغاثة الإنسانية التابعين لها. فهل من الأفضل استغلال المنابر القوية لزيادة الضغط على الحكومة من أجل معاملة شعبها بإنسانية، أو أن الأفضل دفع الحكومة بهدوء من خلف الكواليس؟ وعلى مر عقود، فضل عمال الإغاثة الأممية إبعاد مخاوفهم عن عناوين الصحف وكشف القليل بشأن مرتكبي العنف ضد المدنيين، بهدف الحفاظ على دورهم كمساعدين ومعالجين محايدين. لكن سيلاً من مراجعات ردود الأمم المتحدة على عمليات القتل الجماعي من البوسنة إلى رواندا وسريلانكا تتحدى هذه الرؤية، مؤكدة أن المنظمة العالمية لا يمكن أن تظل عاجزة وصامتة في وجه انتهاكات جماعية ضد المدنيين. وأجرى «تشارلز بيتري»، المسؤول الأممي المتقاعد والذي عمل في مناطق مضطربة من رواندا إلى ميانمار، مراجعة شاملة لاستجابة الأمم المتحدة أثناء الشهور الأخيرة من الحرب الأهلية السريلانكية، عندما قتل نحو سبعين ألف مدني، معظمهم بسبب القصف الحكومي. وألقت المراجعة باللوم على الأمم المتحدة بسبب إخفاقها في مواجهة الحكومة بصورة أكثر مباشرة. ‎كولوم لينش محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©