السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قوة ليبية مدعومة أميركياً... التحديات والضمانات!

قوة ليبية مدعومة أميركياً... التحديات والضمانات!
14 نوفمبر 2012
بعد تعهدها بثمانية ملايين دولار للمساعدة على تشكيل قوة لمحاربة الإرهاب في ليبيا، تواجه الولايات المتحدة اليوم اختياراً صعباً: العمل من خلال حكومة ضعيفة أثبتت أنها عاجزة حتى الآن عن تشكيل جيش وطني وقوة شرطة من آلاف الثوار السابقين الذي عملوا كميليشيات منذ سقوط القذافي، أو العمل مع الميليشيات نفسها. ويُظهر الهجوم المميت الذي استهدف، في يوم الحادي عشر من سبتمبر الماضي، البعثةَ الأميركية في بنغازي، ما يقول كثيرون هنا إنها مشكلة تطرف متنامية وسط أجواء الانفلات الأمني. والواقع أن معظم المشرعين الليبيين يرحبون بقرار إدارة أوباما، والذي اتُّخذ بعد وقت قصير من هجوم بنغازي، والقاضي بمساعدة ليبيا على تأسيس قوة خاصة لمكافحة الإرهاب. غير أنه وخلافاً لباكستان واليمن، حيث ساعدت القوات الخاصة الأميركية على تدريب وحدات نخبة لمكافحة الإرهاب، فإن ليبيا ليست شريكاً أمنياً بديهياً. ذلك أن الحكومة الليبية مازالت غير فعالة بشكل عام، حيث مازال جيشها وقوتها الشرطية في المرحلة الجنينية من التطور. والواقع أن العديد من أعضاء الميليشيات مسلحون ومنضبطون وجاهزون للعمل؛ غير أن عدداً من المسؤولين والمحللين الليبيين يقولون إن مشاركتهم في مثل هذه القوة يمكن أن تُضعف الهدف المتمثل في بناء ليبيا قوية وموحدة في مرحلة ما بعد الحرب. وفي الأسبوع الماضي، سافر وفد من السفارة الأميركية يقوده عملاء من وكالة الاستخبارات المركزية “سي آي إيه” إلى بنغازي من أجل لقاء وتجنيد مقاتلين بشكل مباشر من “درع ليبيا”، وهو عبارة عن منظمة قوية تنضوي تحت لوائها عدد من الميليشيات، وفق فتحي عبيدي، وهو أحد قادة المجموعة. وكان “درع ليبيا” قد وفّر قوة الإنقاذ التي ساعدت البعثة الأميركية في بنغازي ليلة الهجوم، ويقول عبيدي إن مقاتليه يمثلون الخيار المحلي الأكثر عملية من أجل تشكيل وحدة خاصة. غير أنه لم يتسن الاتصال بالسفارة الليبية في طرابلس من أجل التعليق على هذا الموضوع. ومن جانبه، قال المقدم جيمس جريجوي، المتحدث باسم البنتاجون، إن المسؤولين الأميركيين مازالوا بصدد المراحل التحضيرية للبرنامج ولم يتخذوا قراراً بعد بشأن حجم القوة أو تشكيلتها. كما أنه من غير الواضح ما إن كانت الزيارة التي تحدث عنها عبيدي جزءاً من مبادرة وزارة الدفاع التي تبلغ قيمتها المالية 8 ملايين دولار أم أن الأمر يتعلق بمشروع منفصل. غير أن مقابلات مع عبيدي وقادة ميليشيات أخرى، إضافة إلى مسؤولين منتخبين وقائد القوات المسلحة الليبية، وكل واحد منهم قدم تأويلاً مختلفاً لأين تكمن السلطة في البلاد، أظهر الواقع المعقد الذي سيتعين على المسؤولين الأميركيين التعاطي معه حتى يتقدم البرنامج إلى الأمام. ويرى عدد من المحللين أن مهمة اختيار شريك أمني من بين فصائل مختلفة ومتنافسة في ظل الفراغ الأمني الحالي في ليبيا، أمر حافل بالمخاطر. وفي هذا الإطار، يقول جف بورتر، محلل الشؤون الأمنية والأخطار المتخصص في شمال أفريقيا: “إن هناك أخطاراً كبيرة”. وأحد أخطار العمل مع لاعبين من أشباه الدول مثل الميليشيات الليبية، هو أنه من الصعب محاسبة أعضائها في حال ارتكابهم جرائم عنيفة أو قيامهم بانتهاكات لحقوق الإنسان، يقول بورتر. في بيئة سياسية أكثر استقراراً، يضيف بورتر، يمكن متابعة وحدة أمنية قضائياً في حال ما إذا زاغت عن جادة القانون. أما ليبيا، فلم تعرف بعد تنصيب حكومة ولم تعرف بعد نظاماً قضائياً وتشكيل جيش نظامي. كما أنه إذا أنشأ التمويل الأميركي وحدةً خاصة تتجاوز قدراتها قدرات لاعبين آخرين من الدول أو أشباه الدول، فإنه لن تكون لدى أعضائها حوافز للانضمام إلى قوة وطنية لاحقاً، يقول بورتر. ويرى مسؤولون أن الميليشيات الليبية الأقوى، مثل تلك المنضوية تحت لواء “درع ليبيا” و”اللجنة الأمنية العليا” التي يوجد مقرها في طرابلس، ساهمت بنصيبها في متاعب البلاد الأمنية. ويشار في هذا السياق إلى أن وزير الدفاع بالنيابة أسامة الجوالي قال الشهر الماضي إن وزارته لا تسيطر على قوات “درع ليبيا” من مصراتة -وكانت هذه القوات قد استولت على بني وليد (وهي مدينة كانت موالية للقذافي سابقاً) وأصبحت تمنع السكان النازحين من العودة إلى بيوتهم. والواقع أن الاشتباكات العنيفة بين الميليشيات المتنافسة، مثل تلك المنتمية إلى مجموعات أكبر مثل “درع ليبيا” و”اللجنة الأمنية العليا”، باتت تحدث بشكل يومي تقريباً. فنهاية عطلة الأسبوع الماضي، أدت معارك بالأسلحة إلى إغلاق حي في العاصمة بعد أن استعملت “اللجنة الأمنية العليا” نيران رشاش ثقيل وقذائف “آر بي جي” من أجل تطويع واحدة من المجموعات المحسوبة عليها والتي كانت قد بدأت في توقيف وتعذيب أفراد من المجتمع. وقال عبيدي إنه قدم إلى العاصمة في وقت مبكر من هذا الأسبوع، إلى جانب قادة ميليشيا آخرين جزئياً من أجل تقديم بعض المطالب حول رئيس وزراء ليبيا الجديد. وقال عبيدي في هذا الإطار: “إننا نريد أن يكون لرئيس وزراء نائب، وهذا النائب ينبغي أن يكون من الثوار”. وعندما رفض رئيس الوزراء علي زيدان في البداية الالتقاء مع المجموعة، هددت “درع ليبيا” بمنعه وحكومته التي تمت الموافقة عليها حديثاً من دخول شرق البلاد. ولاحقاً وافق زيدان على الالتقاء بهم. وتعليقاً على هذا الموضوع، يرى دُرك فاندفال، الخبير في الشؤون الليبية وأستاذ الإدارة الحكومية بكلية “دارتمث كوليدج”، أن الغياب التام للمهنية بين القوات المسلحة الليبية -بالأمس واليوم- ينبغي أن يمثل تحذيراً لكل من يعمل لبناء قوة هنا. ويقول فاندفال في هذا الصدد: “إن كل من يعمل مع “درع ليبيا”، أو “اللجنة الأمنية العليا”، أو مجموعات أخرى، عليه أن يأمل في أن تبقى هذه المجموعات مهنية وتلتزم بالمهمة التي يُطلب منها تنفيذها، وأنها لن تتمرد ولن تنحرف عن جادة القانون”. والحال أن الخطوط بين تلك التي توجد تحت سلطة طرابلس وتلك التي خارجها أضحت رمادية على نحو متزايد، إذ يزعم أعضاء ميليشيات أنهم يعملون تحت سلطة وزارتي الدفاع والداخلية عندما يخدم ذلك أهدافهم. فقوات “درع ليبيا” مثلاً، ترتدي الزي العسكري وتقود مركبات “الجيش الوطني”، لكنها تنتقد قائد الأركان سراً باعتباره ضعيفاً. ومن جانبها، ترتدي ميليشيات “اللجنة الأمنية العليا” زي الشرطة في أحيان كثيرة، رغم أن القادة يقولون إنها تتصرف بشكل أحادي في كثير من الأحيان. ويقول سعيد غرس الله، أحد قادة اللجنة الأمنية العليا: “إننا في ساحة الشهداء. لدينا نقاط تفتيش ولدينا نحو 13 ألف رجل في طرابلس”. بل إن “اللجنة الأمنية العليا” تشغِّل عملاء سريين كسائقي سيارات أجرة، يضيف غرس الله، وعندما اقتحم محتجون من ميليشيات أخرى المؤتمر الوطني العام الأسبوع الماضي، فإن “اللجنة الأمنية العليا” هي التي تدخلت. ويقول غرس الله معلقاً: “لقد فعلنا ذلك ليس من أجل إضعاف الشرطة، وإنما لأننا نحن الثوار ولدينا الأسلحة، وبالتالي فمن السهل بالنسبة لنا أن نكون هناك في القتال وفي الميدان”. والواقع أنه حتى أعضاء المؤتمر الوطني الذين قالوا إن الميليشيات تتحمل مسؤولية الكثير من التحديات الحالية التي تواجه ليبيا، قالوا أيضاً إنها في كثير من الأحيان القوات الوحيدة التي تكون حاضرة للحفاظ على أمن الليبيين. كما أن المشرعين مازالوا منقسمين بشأن الحل الأنسب. وتقول ابتسام ستيتة، عضو المؤتمر الوطني العام من مدينة درنة المحافظة الواقعة شرق البلاد، وحيث يقول الكثيرون إن تهديد التطرف كبير: “إننا في حاجة إلى القوة، ولكنها ليست الحل”، وأضافت تقول: “عندما يكون فكر القاعدة موجوداً، فإنهم سيلجأون إليه. ولذلك فلابد من جهود لتغيير فلسفتهم”. أبجيل هوسلونر طرابلس ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©