الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الممثل البليغ مع ديغول

15 نوفمبر 2012
يروي المؤلف الهادي المبروك أنّ بورقيبة أجرى في عام 1961 لقاء مع الجنرال ديغول الذي أقام على شرفه مأدبة عشاء تمّ في نهايتها تبادل كلمات مجاملة، ولأن المحادثات الرسميّة يومها كانت حادّة بسبب خلافات في وجهات النظر، فإنّ بورقيبة بدهائه ولغاية في نفسه أخذ في كلمته يسرد فصولاً من حياته عندما كان طالباً في باريس، مشيراً إلى أنه كان يحرم نفسه من الطعام أو من السجائر ليتمكّن من شراء تذكرة للدخول إلى المسارح الباريسيّة الشهيرة، وأخذ يتحدّث عن غرامه بالمسرح والتمثيل فكان ردّ ديغول ردّاً ساخراً قائلاً: “نعم، سيدي الرئيس هذا أمر واضح”، إشارة منه تلميحا إلى أنّ الرئيس بورقيبة ممثل بارع، وكان من بين الحضور الحبيب بورقيبة الابن الذي كان وقتها سفيراً لتونس بباريس فالتفت ـ دفاعاً عن أبيه ـ للجنرال ديغول قائلاً: “إنّ هذه الملاحظة عندما تأتي من رجل مثلكم سيدي الجنرال، لا يمكن فهمها إلاّ كمديح لأبي!”. ولا شكّ في أنّ بورقيبة الابن مرر بذكاء وبلغة فرنسية بليغة ردّاً مضادّاً مفاده: إن كان أبي ممثلاً فأنت أيها الجنرال سيّد الممثلين وكبيرهم”. وأبرز صاحب المذكرات من خلال أمثلة دقيقة ـ بوصفه شاهد عيان ـ براعة الرئيس بورقيبة في مفاوضاته مع ديغول وخليفته جورج بوميدو وقدرته على التحاور والإقناع مستعملاً كلّ أساليب البلاغة الفرنسية كالتورية، ومعتمدا الإيحاء عند اللزوم عندما يريد إيصال فكرة لمحدثه. كما أورد نماذج من “تلاعب” بورقيبة باللغة الفرنسية في أحد لقاءاته مع الرئيس الفرنسي جورج بوميدو باستعماله عمداً معنى ظاهر ليس هو المقصود ومعنى باطن هو المقصود بأسلوب فيه الكثير من الدهاء السياسي المقترن بالبلاغة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©