الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

احتفاء بالشعر والسرد وغياب للنقاد

احتفاء بالشعر والسرد وغياب للنقاد
15 نوفمبر 2012
شهدت خمس قاعات في فضاء معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الـ31 أنشطة فكرية وثقافية وتربوية متصلة طيلة أيام التظاهرة التي ستختتم غدا (17 نوفمبر 2012)، اما القاعات فهي: الإحتفالات، وملتقى الكتاب، وملتقى الأدب، وقاعة الثقافة، وقاعة الفكر. (التسميات ذات صلة بالطبيعة النوعية للندوة) فيما تشاركت جهات عدة في اقتراح وتفعيل هذه الأنشطة ومنها دائرة الثقافة والإعلام والملتقى العربي لناشري كتب الأطفال، وجمعية الناشرين الإماراتيين، وجائزة الشيخ زايد للكتاب، ودائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري إلخ.. نقرأ في المساحة التالية أبرز ما قدمه البرنامج الفكري. بدايةً، من المعلوم ان أي معرض للكتاب هو بالدرجة الأولى سوق للبيع والشراء أكثر من أي شيء آخر؛ هو سوق بالنسبة لدور النشر ولمن يتولى مهمة التوزيع فيها وللناس العاديين الذين يسعون إلى كتب الأطفال دائما والطبخ والطب البديل والعاب الذكاء والالكترونيات إلخ.. لذلك تجد ان أغلب الجمهور يتوجه إلى تلك الأرفف المعبأة بالكتب على كل اشكالها، يعاين ما يمكن ان يقتنيه أو يسأل عن الأسعار ولا يشغله الذهاب إلى قاعة الأدب أو الثقافة لمتابعة ندوة ما أو لكي يحظى برؤية كاتب أو يتلقط صورة تذكارية إلى جواره؛ مع العلم إن مواقيت الندوات هي ذاتها مواعيد البيع والشراء؛ فما ان يفتح المعرض أبوابه حتى ترتفع مكبرات الصوت في قاعات المفاكرة والمثاقفة أيضا ولا تسكت حتى ساعة الإغلاق! من هنا، بدت نسبة الحضور في الندوات أقلّ وهي تقل أكثر حين تغيب عن قائمة المتكلمين الأسماء المشهورة سواء في الرواية أو الشعر أو الصحافة. هذا، على الرغم من أن إدارة المعرض كثفت الترويج لهذه البرامج الثقافية الموازية بصور مختلفة؛ إلا ان ذلك لم يجد في الغالب. إذن، شهد الملتقى الفكري 123 نشاطاً، بواقع 13 فعالية في اليوم وشارك في مجمل الندوات نحو 256 من الكتّاب والشعراء والموسيقيين في معظمهم من مصر التي قدمت نفسها بقوة هذه السنة لكونها ضيف الشرف، إلى جانب باكستان التي كانت تستقطب يوميا المئات إلى جناحها العامر بالأنشطة. طغى الشعر على ما عداه من أجناس إبداعية في فعاليات البرنامج “الفكري”، إذ أعدت إدارة المعرض نحو 17 أمسية شعرية عربية وآسيوية، ونحو 14 ندوة حول السرد “قصة ورواية”، وندوتين حول المسرح ومثلهما حول السينما فيما جاءت من بعد الأنشطة الأخرى مثل الموسيقا والترجمة والصحافة. وفي هذا الإطار، كان ملفتاً حضور الأسماء الأسيوية في أغلب أنشطة المجال الفكري، فثمة الناشطة والكاتبة الهندية صاحبة رواية “أله الأشياء الصغيرة” سوزانا أرونداتي روي التي حازت جائزة البوكر 1997 إضافة إلى المبدعين أكبر كاكاتيل، ناميتا جوكالي، وعطا أول هاج كازمي، وفديا شاه، وواسي شاه، وسواهم. نصوص شعرية أما الشعراء فقدموا نصوصهم دائما ولم يشهد الجمهور أي مقاربات حول الاشكاليات والقضايا المتصلة بالشعر، عربيا أو آسيويا. كما غلب حضور الأسماء الراسخة أو المكرسة على التجارب الجديدة؛ بخاصة في ما يتصل بأولئك القادمين من مصر فهناك فاروق شوشة، فريد أبوسعدة، ومحمد أبو سنة، وإلى جانبهم شاعر العامية هشام الجخ، بينما اختارت الإمارات ان تقدم أسماء حديثة مثل ابراهيم محمد ابراهيم، وطلال سالم، وعلي الشعالي، وجميلة الرويحي وغيرهم. رواية الجوائز ولم تغب الاسماء الروائية المكرسة أيضا فلقد انفتح البرنامج الفكري على روائيين مثل جمال الغيطاني، ويوسف القعيد، وبهاء طاهر، ورشيد الضعيف، وأحلام مستغانمي، وابراهيم الكوني، وعبده خال، وناصر عراق؛ وسواهم. لكن، ثمة ما يسترعي الانتباه في ما يتعلق بالحضور الروائي في البرنامج الفكري للمعرض، إذ بدا كأن اختيارات الاسماء كانت محكومة بنصيبها من الجوائز الأدبية وليس بما أحدثته أعمالها من أصداء نقدية بالضرورة؛ فثمة يوسف زيدان، وبهاء طاهر، وعبده خال.. وثلاثتهم حازوا جائزة (البوكر العربية). يشار إلى أن الحائز على جائزة (البوكر العربية) لعام 2012 اللبناني ربيع جابر لم يحضر. الواقع، ان ما بين الموضوعات التي ناقشها الملتقى الفكري، في السياق ذاته، موضوعاً يتعلق بأثر جائزة (البوكر) في شهرة الروائيين وقد كانت بعنوان “البوكر: طريق المشاهير”. وهذا الأمر بدوره يثير سؤالاً حول دور الناقد مع وجود هذه الجوائز التي باتت ذات سطوة على اختيارات وتوجهات إدارات المعارض والمهرجانات والمؤتمرات الادبية؟ صحيح، ان اغلب الجهات التي تنظم المسابقات والجوائز تستعين بنقاد في فرز الأعمال المتنافسة، لكن لمؤسسات الجوائز نقادها الخاصّين أيضا، وهناك نسبة عالية من النقاد تقدم اسهامها في إضاءة الاعمال المتميزة سواء عبر الصحف أو الدوريات الادبية!، وهي تستحق ان يتم قبول ما تقترحه من رؤى وأفكار وأعلام. بعضهم ينظر إلى حضور الاسماء المشهورة في مثل هذه المناسبات باعتباره من العوامل الجاذبة للجمهور وهو أمر صحيح نسبياً؛ لكن أليس صحيحاً أيضا ان الشهرة ليست مقياساً دقيقاً للابتكار والجدة والعمق وسواها من قيم فنية وفكرية؟ لنذكر هنا الروائية الجزائرية أحلام مستغانمي التي رجح البعض ان يكون كتابها الذي وقعته في المعرض والموسوم “الأسود يليق بك” الأعلى سعراً وبيعاً في قائمة الاصدارات الجديدة، كما ان أمسيتها التي أدارها الشاعر الإماراتي علي الشعالي جاءت محتشدة بالحضور؛ فهذه الكاتبة اشتهرت قبل وقت ليس بالقصير عن موعد منحها جائزة نجيب محفوظ 1997 في الجامعة الإميركية بالقاهرة.. غياب نقدي على ان أكثر ما بدا ملفتاً في الندوات التي خصصت للسرد والشعر هو غياب النقاد؛ إذ لم نر هنا سوى المغربية زهور كرام، والفلسطيني فيصل دراج، والعراقي صالح هويدي، والمصري حمدي السكوت، فيما لم نلحظ أي وجود لنقاد الرواية والشعر المعروفين في مصر؛ على كثرتهم. وعندما ننظر إلى ما قدمه كتّاب الرواية والقصة في الندوات نجد انه تمحور حول “الشهادات” في الغالب، ومن ثم جاءت في الترتيب موضوعات مثل :”الرواية العربية في أفق التغيير”، و”الرواية بين الكاتب والمتلقي”، و”الرواية العربية.. تاريخ وابداع”، و”المرأة تكتب للمرأة”، و”السرد: صورة الإنسان”، و”صورة الرجل في كتابات الانثى”، و”السرد العربي.. الهوية الجديدة”، ويمكن ان نلحظ هنا غلبة الأسئلة المضمونية والتاريخية على الاسئلة الجمالية أو التقنية. مفاجأة صينية؟ وفي سياق الكلام عن الرواية وجوائزها يلزم ان نشير إلى ان أعمال الكاتب الصيني مو يان الذي حاز أخيرا جائزة نوبل للاداب لم تكن في قوائم دور النشر العربية من لبنان إلى المغرب مرورا بسوريا وانتهاء بمصر، ويبدو ان فوز هذا الكاتب الصيني كان بمثابة مفاجأة بالنسبة لمترجمي وناشري الرواية في البلاد العربية، فيما انتشرت بكثافة رواية اللبنانية هالة كواثرني الفائزة بجائزة معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته لهذا العام وهي بعنوان “علي الأمريكاني” وكذلك اعمال المصري يوسف زيدان الذي حاز جائزة (البوكر العربية) عن روايته “عزازيل” 2009! حضور إماراتي انفتح البرنامج الفكري على العديد من الأسماء الإبداعية الإماراتية فثمة محمد المر، وعلى بن تميم، وسيف المري، وعلي الهمالي، وأربعتهم شاركوا في ندوة بعنوان “قراءة خليجية لنجيب محفوظ”، وهناك مرعي الحليان الذي ادار ندوة حول الدور المفقود للصحافة الثقافية، كما شارك باخراج عرض مسرحي موجه للاطفال، وثمة احمد الجسمي الذي شارك يحيى الفخراني ندوةً حول السينما في ما بعد الربيع العربي. ومن المبدعين والمثقفين الإماراتيين الذين شاركوا في الندوات محسن سليمان، ومحمد المزروعي، وجمال الشحي، وسارة الجروان، وابراهيم مبارك، وابراهيم محمد ابراهيم، وعلي المطروشي، وميساء ماجد، وعبد العزيز المسلم، وعلي الشعالي، وطلال سالم، ومحمد البريكي، وسواهم. على ان مشاركة الاسماء الإبداعية الاماراتية بدت أكثر وضوحاً في الأمسيات الشعرية ومن ثم القصة القصيرة، فالرواية. أخيرا، لا بد من الإشارة إلى أهمية ان يتم توثيق ما طرح من أفكار على مستوى الندوات الفكرية في كتب واسطوانات وفي غير ذلك من وسائط الحفظ والقراءة، فتغطيات النشرة اليومية على اهميتها تظل محكومة بشروط تقنية قاسية لا تمكنها من رصد كل ما قيل على نحو دقيق وكامل.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©