الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

متحف «أحمد بن ماجد» شاهد على تاريخ الإمارات العريق

متحف «أحمد بن ماجد» شاهد على تاريخ الإمارات العريق
6 ديسمبر 2014 23:45
أحمد السعداوي (أبوظبي) متاحف تاريخية ومبان آثرية، ونماذج من أساليب حياة الأقدمين، كانت ضمن أبرز الشواهد التي عرضها مهرجان الشيخ زايد التراثي، وأكدت امتداد الوجود الإماراتي على هذه الأرض إلى قرون عدة خلت، ومنها متحف الملّاح الإماراتي أحمد بن ماجد، مسجد البدية بطرازه المعماري المستند إلى بيئة إماراتية خالصة تعود إلى نحو 500 عام، ومتحف الشاعر الماجدي بن ظاهر بإسهاماته المهمة في تأسيس قواعد الشعر النبطي، جناح ذاكرة الوطن، بما يحويه من تأريخ موثق لدولة الإمارات. عالم الملاحة البحرية احتل متحف الملّاح الإماراتي أحمد بن ماجد، مكانة مميزة ضمن فعاليات المهرجان التراثي الضخم الذي تستضيفه منطقة الوثبة وتستمر فعالياته حتى الثاني عشر من ديسمبر الجاري، ومثّل المتحف، دُرّة مكونات البيئة البحرية التي اشتملت ساحة صناعة السفن بما لها من تاريخ أصيل لدى شعب الإمارات الذي أبدع أسلافه في صناعة أشكال من السفن تحملت قساوة الأمواج وشكلت أساساً لكسب العيش، ووسيلة استطاع أبناء الإمارات من خلالها مد جسور التجارة والتواصل مع دول الجوار، كما اشتملت البيئة البحرية ركن الشراع الذي يعرض لمختلف نشاطات رياضات القوارب التراثية والتجديف، ودورها كجزء مهم من التاريخ الإماراتي. قامت «الاتحاد» بجولة داخل متحف أحمد بن ماجد، باعتباره المعلم الرئيس في البيئة البحرية، ويستعرض مسيرة رائد علم الملاحة العربية أحمد بن ماجد، الذي كان أول من اكتشف طريق رأس الرجاء الصالح، مؤكداً أنه كان ملاحاً متميزا في ميدانه وأضاف الكثير إلى علم البحار والفلك وكانت مؤلفاته وخرائطه ورسائله وقياساته في ارتياد البحار والمحيطات عاملاً اساسياً في ازدهار عالم الملاحة البحرية. إنجازات ومؤلفات بالدخول إلى المتحف يطالع الزائر نموذجا ضخما لسفينة عريقة يعلوها مجسم على هيئة بحار يقف شامخاً في مقدمة السفينة، وعلى جدران المتحف يجد الزائر سرداً لأهم المراحل في مسيرة أحمد بن ماجد، بالإضافة إلى إنجازاته الفاعلة في علم الملاحة البحرية، وكانت له مؤلفاته التي تدل على علم بالغ باللغة العربية وتفاصيلها، وكان ضليعاً بعلم الفلك وتطبيقه في علم الملاحة. ويعرف أسماء الكواكب العربية واليونانية. ويستخدم الاسطرلاب بمهارة. وكانت آلة الاسطرلاب من أهم لوازم رواد البحار في العصور القديمة، وتجاوزت استخداماتها المائة استخدام، منها قياس مواقع وارتفاع النجوم والاتجاهات والأبراج، وحركة الكواكب، وغيرها من العلوم التي كانت من أساسيات الأشياء الضرورية لرواد البحار البعيدة في الأزمنة القديمة، حيث علقت على أحد الجدران نموذج لهذا الاسطرلاب بشكله الدائري المصنوع من المعدن ومقسم إلى درجات. أما القسم الأبرز في المتحف، فيتمثل في نموذج لملاح يرتدي الملابس الإماراتية، ومتقمصاً لشيخه أحمد بن ماجد، حيث يقوم بسرد تاريخ الملاح الإماراتي، من خلال تقنيات متقدمة وتأثيرات صوتية عالية الدقة نجحت إدارة المهرجان في توظيفها بشكل يجعل من زيارة المتحف والتجول في أرجائه متعة للعين ونزهة للأذن عبر ما تسمعه من فوائد ومعلومات، ربما يعرفها الكثيرون لأول مرة عن دور الملاح الإماراتي في علوم الملاحة العالمية، وهو ما حدا إلى وصفه في كثير من الكتب والمراجع بأمير البحار أو أسد البحار، وفي المتحف يطالع الزوار أيضاً نماذج من الكائنات البحرية التي تعيش في البيئة المائية الإماراتية، وارتبطت بخصوصية مع حياة أهل الإمارات الذين عاشوا على السواحل منذ مئات السنين. شخصية نابغة من بين زوار المتحف سعيد آل علي، (موظف حكومي)، الذي قال إنه جاء إلى المهرجان للمرة الثانية، مستغلاً قضاء عطلة نهاية الأسبوع في أجواء تراث الأجداد والتعرف إلى تاريخهم، خاصة أن فعاليات المهرجان ومناشطه لا تكفيها زيارة واحدة، خاصة مع تسليط الضوء على شخصيات إماراتية كان لها تأثيرها الواسع ليس داخل الإمارات فقط، بل على مستوى العالم، ومنها الملاح الإماراتي أحمد بن ماجد، الذي كانت معلوماته عنه قبل زيارة المتحف قليلة جدا، لكن الآن عرف أنه كان شخصية نابغة وعلى علم بكثير من المعارف وله نحو 40 مؤلفاً، منها «الفوائد في علم البحر والقواعد» و«حاوية الاختصار في علوم البحار»، كما كان عارفاً بالشعر، مثل أغلبية سكان العرب القدامى الذي كان الشعر شيئا رئيسا في ثقافتهم، ويتبارون في نظمه، سواء شعر فصحى أو شعراً نبطياً. صديقه حامد الشامسي، أبدى شعوره بالفخر بأن يرى مثل هذا البحار العملاق وإنجازاته مصدر اهتمام من قبل الجمهور من الإمارات وخارجها، خاصة أن أعماله لم تقتصر فقط على علوم البحار، بل امتدت إلى علوم الفلك والرياضيات والفراسة وعلوم النفس والاجتماع، ولذلك يعتبر أحمد بن ماجد نموذجاً لابن الإمارات الذي لم يبخل بعطائه على أحد، وكانت حياته كلها خيرا للبشرية جمعاء. وتمنى الشامسي إقامة متحف خاص بأحمد بن ماجد بصفة مستمرة على مدار العام، أو على الأقل عمل جناح يحمل تاريخ وإنجازات أحمد بن ماجد داخل أحد المتاحف الكثيرة المنتشرة في الإمارات، كونه فخرا لكل مواطن إماراتي، وينبغي تقديره، وتكريم تاريخه بالشكل اللائق به، مثل ما فعلت إدارة مهرجان الشيخ زايد التراثي، التي لم تقصر في حق الملاح الإماراتي، وكان متحفه من أبرز ما تضمنته فعاليات المهرجان لهذا العام. تاريخ المنطقة أما سكينة محمود، من الجنسية السورية وتعمل مدرسة لغة عربية، فقد جاءت إلى المهرجان بصحبة أطفالها الثلاثة، وأبدت إعجابها بجميع فعاليات المهرجان، خاصة أنه اهتم بالشخصيات الإماراتية التي يفخر أي عربي بها، مثل الملاح أحمد بن ماجد، الذي قرأت عنه من قبل، ولكن معايشة مسيرة حياته في هذا الإطار الجذاب داخل المتحف الذي يحمل اسمه، لها مذاق آخر، خاصة وأن المتحف كشف جوانب عن أحمد بن ماجد ربما لا يعرفها كثيرون ممن لم يقرأوا عنه، خاصة من الأجيال الجديدة سواء من الإماراتيين، أو غيرهم من أبناء الشعوب العربية وحتى الأجانب المهتمين بمعرفة تاريخ هذه المنطقة المهمة في العالم. صناعة «السفن» تقابل متحف أحمد بن ماجد ساحة كبيرة لصناعة السفن يقدم فيها أهل البحر الإماراتيون إبداعاتهم في صناعة أنواع وأحجام السفن للجمهور في ورشة عمل كبيرة يتعرف خلالها زائرو المهرجان على كيفية صنع السفن بالطرق نفسها التي كانت تصنع بها في الماضي، حيث يقول الخبير التراثي شعيب الياسي: اختلفت أنواع وأسماء السفن حسب الغرض منها، هناك منها للإبحار في المياه العميقة بهدف الغوص عن اللؤلؤ وصيد الأسماك، ومنها ما يستخدم للإبحار في المياه القريبة، ومن أبرز أنواع تلك السفن «البوم»، واستخدمت في نقل البضائع عبر موانئ الخليج والسواحل التي كانت تتبادل أنواع التجارة مع بلدان الخليج، وهي نوعان «بوم سفار» يخصص للأسفار البعيدة، و«بوم قطاع» ويستخدم للأسفار القريبة، وطول سفينة البوم من 100 إلى 150 قدما، ويمكن لحمولتها أن تصل إلى 600 طن. كرنفال الفنون الشعبية الفنون الشعبية كانت حاضرة دائمة في كل أيام المهرجان، ومنحته أجواء فلكلورية بديعة، وفي الصورة نرى أحد العازفين ممسكاً بإحدى آلات النفخ المصنوعة من الخامات البسيطة، ما منحها شكلاً متميزاً، فضلاً عن الأنغام العذبة الصادرة منها التي جذبت أعداداً كبيرة من جمهور المهرجان، حيث تجمع الكثيرون حول العازفين للاستمتاع بجميل الفنون الشعبية الإماراتية والخليجية التي زينت المهرجان وجعلت منه كرنفالاً بديعاً يجمع فنوناً تحت مظلة إماراتية تحمل اسم «مهرجان الشيخ زايد التراثي».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©