اندماج «إيه تي أند تي» و «تي موبايل» في مهب الريح

حين أعلن راندل ستيفنسن رئيس إيه تي أند تي التنفيذي بنبرة الانتصار أنه توصل إلى اتفاق نهائي لشراء شركة تي موبايل التابعة لشركة تليكوم الألمانية مقابل 39 مليار دولار على هيئة نقد وأسهم منذ ثمانية أشهر، اعتقد معظم محللي هذا القطاع الصناعي أنها صفقة مؤكدة. وبلغت ثقة إيه تي أند تي (أكبر مجموعة اتصالات أميركية من حيث الإيرادات) في الحصول على موافقة قانونية على الصفقة أثناء مفاوضتها إلى درجة أنها قبلت أن تدفع رسوم غرامة فسخ اتفاقية ابتدائية أخرى بقيمة 3 مليارات دولار نقداً بالإضافة إلى أنها دفعت ما يتراوح بين 3 مليارات و4 مليارات دولار في شراء أصول أخرى من ضمنها شركة سبيكتروم. غير أن ذلك كله تغير في 30 أغسطس حين أقامت وزارة العدل الأميركية دعوى احتكار لمنع إتمام صفقة كان من شأنها نشوء كيان مهيمن جديد على سوق صناعة أجهزة الاتصالات المحمولة في الولايات المتحدة يكون لديه 130 مليون مشترك، متقدماً على فيريزون وايرلس شركة التآلف بين فيريزون كوميونيكيشنز ومجموعة فودافون البريطانية. أما اليوم يرى معظم المحللين أن احتمال إتمام الصفقة يقل عن 50 في المئة، ما لم يتم تقديم تنازلات كبيرة قبل انعقاد جلسة محكمة قضائية في شهر فبراير 2012. بل إن بعض المحللين أعطى احتمال إتمام الصفقة 20% فقط. وأشار مصرفيون إلى أنه قد يتعين أن تكون تلك التنازلات كبيرة لتشمل بيع شركة سبيكتروم لشركة ميترو بي سي اس للاتصالات أو لمشغل اتصالات محمول آخر من النسق الثاني. وقال روبن بينانستوك المحلل في مؤسسة بيرنستاين للبحوث إنه لو أحيلت الدعوى إلى المحكمة فإنه سيكاد يكون من المؤكد إيقاف الصفقة بالنظر إلى أنها قضية واضحة تمس التنافسية الوطنية. وقالت إيه تي أند تي وتي موبايل الولايات المتحدة اللتان تعتبران حالياً رابع أكبر مشغل شبكات محمول في الولايات المتحدة، إنه رغم التحديات ستظلان متمسكتين بالصفقة وأنهما تعتزمان السعي إلى نقض دعوى وكالة التجارة الفيدرالية المقرر عقد جلستها في المحكمة الفيدرالية في شهر فبراير المقبل. كما أكدت الشركتان - على الأقل علنياً - أنه لا توجد خطة طارئة في حال عدم إتمام الصفقة. وقال جلين لوري رئيس قطاع الأجهزة وإعادة البيع في إيه تي أند تي خلال مؤتمر عقده بنك مورجان ستانلي في برشلونة مؤخراً إنه لايزال واثقاً من نجاح الصفقة. وأخبر صحيفة فايننشيال تايمز في أحد المقابلات: “نحن واثقون من إتمام تلك الصفقة لأنها تهمنا جداً سواء من حيث الشبكات أو نطاق موجات الإرسال”. غير أنه منذ أن أعلنت دعوى الاحتكار عمدت إيه تي أند تي إلى إظهار أن شراء تي موبايل الولايات المتحدة وقاعدة عملائها القوية البالغة 33 مليون مشترك كما لو كان هو المنقذ لشركة في سبيلها إلى التدهور تخلت عنها شركتها الألمانية الأم. في ذلك قالت إيه تي أند تي في بيان أصدرته مؤخراً: “خلال السنتين الماضيتين تخسر تي موبايل الولايات المتحدة عملاء رغم الطلب الضخم على خدمة انترنت محمول عالي السرعة”. وأضافت: “انه ليس أمام تي موبايل الولايات المتحدة مسار واضح نحو شبكة الجيل التالي (4GLTE) كما أن شركتها الأم الألمانية دويتش تليكوم قالت إنها لن تستمر في الإقدام على استثمارات مهمة في الولايات المتحدة”. ولغاية هذه اللحظة لا تقول دويتش تليكوم سوى: “نحن لا نزال نتوقع المصادقة على الصفقة لأننا نعتقد أن أسبابها وجيهة. فهذه الصفقة لمصلحة العملاء والسوق في الولايات المتحدة على السواء”. غير أنه وفق ما يشير إليه محللون أنه ما دامت دويتش تليكوم وإيه تي أند تي متورطتين في معركة قانونية ضد الحكومة الأميركية فإن دويتش تليكوم ستتمسك بأحكام بذل أقصى المساعي الواردة في الاتفاقية التي تنص على عدم مناقشة إمكانية اللجوء “لخطة ب” وعدم الإقدام على مفاوضات بديلة مع أي طرف ثالث. غير أن بعض المحللين يعتقدون أن ما قامت به تي موبايل الولايات المتحدة مؤخراً كان دافعه جزئياً اعتراف ضمني بأن الصفقة واقعة في مشكلة. وذكروا على وجه الخصوص أن تي موبايل الولايات المتحدة زادت من إعلاناتها وطرحت نظام دفع مسبق 30 دولارا في الشهر مثيراً للارتباك. هذا فضلاً على أنهم أشاروا إلى أنه متى تتحرر دويتش تليكوم من القيود القانونية ربما تنشأ صفقة بديلة. ويعتقد البعض أنه في مقدور تي موبايل الولايات المتحدة إدماج نطاقها مع نطاق شركة ديش نتوورك أكبر مشغل إرسال تلفزيوني بالأقمار الاصطناعية في أميركا من أجل تكوين مشغل محمول جيل رابع جديد. نقلاً عن: «فايننشيال تايمز»