السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

علي حرب في تواطؤ الأضداد

علي حرب في تواطؤ الأضداد
7 مارس 2008 22:41
في كتابه الجديد تواطؤ الأضداد ، يتابع الفيلسوف اللبناني علي حرب البحث في موضوعات النهضة وإشكالاتها، وفي معاني التنوير والعلمانية والتنمية والحداثة والعولمة· ويقف في كتابه الصادر عن منشورات الاختلاف في الجزائر والدار العربية للعلوم في بيروت، ملياً عند خطاب الأصوليات بتجلياتها المحلية والعالمية كافة، وتنوّعها بين أصولية إسلامية، وأخرى تلمودية وإنجيلية· وينخرط حرب بقراءته التداولية في نقد الإيديولوجيات والعقائد الشمولية بوصفها ثمرة عقل أحادي اصطفائي لاهوتي· وعليه ينحو إلى مراجعة الأدوات المفهومية والتعامل معها، لا على أنها أقانيم مقدسة أو جواهر محضة أو حقائق متعالية عن التجارب وعن الأهواء والمصالح، بقدر ما هي مفاهيم مخترقة بالصراعات والتوترات والالتباسات، وتتنازعها الميول والرغبات · وأخطر ما في مجتمعات اليوم، كما ينقل ذلك الأستاذ أحمد زين الدين عن علي حرب في كتابه هذا، أنها تسيء استخدام هذه القيم فتنحو باسمها إلى العنف والتناحر، واستبعاد الآخر، أو استئصاله· يقدم حرب، إذا جازت العبارة، مانفيستو فكرياً، يقف ضد كل المنظومات والإيديولوجيات المغلقة والنهائية والثابتة، وضد منطق الاصطفاء والتمييز والتقوقع· ويحثّ على كسر منطق الثنائيات الصِدامية، والهويات المنغلقة والمحضة، والفرديات المنعزلة· ومن ناحية أخرى، يقر باستراتيجية فكرية تقوم على الاعتراف المتبادل ولغة التسوية، والندّية، والعقلانية المركبة· والعمل في ضوئها، على تحسين شروط الوجود المادي والمعنوي للبشر، عبر منطق علائقي يجعل الصلات بين نظراء متماثلين وأقران متساوين لا بين متصارعين متنابذين· وتنحو إلى فكرة تأمين تكافؤ الفرص وتبادل المنافع والخبرات، والمساهمة في إرساء ثقافة جديدة منفتحة ومدنية وسلمية· وإذ توحي كتابات علي حرب بمنهجيته الصارمة مع النصوص تحليلاً وتفسيراً وتأويلاً، أو في رصده الوقائع الحية، بأنه يؤثر البرودة الحيادية، أو الموقف الطوباوي الذي يترفع فيه عن الانحياز إلى هذا الطرف أو ذاك· فإن المراجعة المتأنية والقراءة العميقة تنأيان بنا عن هذا الانطباع السلبي الأولي· فالمؤلف ليس من دعاة الجمهوريات المثالية، والمدن الفاضلة والخيالية البعيدة عن الصراعات والاختلافات في داخلها، أو بين داخلها وخارجها· إنما هو على خلاف ذلك، يأمل أن تُدار النزاعات والتناقضات والانقسامات بين المجتمعات وبين الأفراد إدارةً عقلانية سلمية، فيسود التفاعل الخلاق، وتبادل الخبرات وابتكار الحلول الناجعة لمعضلات الكون ومآسي البشرية· والتوازن بين القيمة والمنفعة، والثقافة والسوق، والحرية والمسؤولية·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©