الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حلب .. «تجميد» القتال!

7 ديسمبر 2014 22:57
عندما تولى «ستافان دي ميستورا» منصب المبعوث الخاص للأمم المتحدة في الأزمة السورية، حاملاً على عاتقه مهمة إنهاء أعمال العنف، كان يقوم بمهمة مستحيلة. وفتتت ثلاثة أعوام من العنف الدولة السورية، وحولت مدنها إلى ركام، ولقي نحو مائتي ألف سوري حتفهم، ونزح زهاء ثمانية ملايين في الداخل من الشعب البالغ تعداده 22 مليون نسمة، إضافة إلى ثلاثة ملايين لاجئ في دول الجوار، وأفضت الفوضى إلى ظهور تنظيم «داعش» الإرهابي. واستقال سلَفا «دي ميستورا» من هذا المنصب، «عنان» و«الإبراهيمي»، وكلاهما دبلوماسيان مميزان، بعد الفشل في دفع حوار جنيف، لأن نظام الأسد المدعوم من روسيا وإيران لم يتزحزح، والمتمردون المدعومون بفتور من الولايات المتحدة، كانوا منقسمين على أنفسهم. وأدرك هذا الدبلوماسي السويدي الإيطالي المتحضر أن عليه معالجة المشكلة من زاوية مختلفة. فبعد عقود من الخبرة في مناطق الصراع، من كوسوفو إلى العراق وأفغانستان، لم تخفت جذوة نظرته الإيجابية، لكن تلاشت أوهام. وأخبرني «دي ميستورا» في حوار هاتفي: «توصلت إلى نتيجة مفادها أنه يتعين علينا العمل بطريقة مختلفة»، وبدلا من محاولة الترويج لخطة سلام شاملة في جنيف، قرر «دي ميستورا» بدء خطة محدودة. وتهدف خطته، التي يؤكد على أنها خطة عمل وليست خطة سلام، إلى محاولة تجميد العنف في مواقع محددة، بغرض إقناع النظام والجماعات المتمردة بوقف العنف والسماح بتقديم مساعدات إنسانية، ومحاولة بدء حوار محلي. وإذا تحقق تجميد العنف في مدينة واحدة، فقد تمثل قوة دافعة لمدينة أخرى، مما يفضي أخيراً إلى حوار سياسي موسع. لكن المشككين يقللون من شأن الفكرة، بيد أني أراها تستحق الاهتمام. والمكان الأول الذي يريد «دي ميستورا» أن يختبر فيه فكرته هو مدينة حلب التاريخية، فبعد أن كانت أكبر المدن السورية وأغناها، باتت الآن واقعة في براثن معركة ثلاثية بين قوات النظام والجماعات المتمردة وتنظيم «داعش». وقتلت البراميل المتفجرة التي يلقيها النظام آلاف المدنيين، ودمر القصف مركز المدينة القديمة. وأوضح «دي ميستورا» أنه يريد البدء من هناك «لأنها مدينة رمزية، تجمع كافة الطوائف، وآخر مدينة كبيرة يتم التنافس عليها. ويسعى تنظيم داعش إلى الاستفادة منها، فإذا نجحنا هناك، فيمكننا استخدامها كباعث على الأمل». ولا يقصد «دي ميستورا» بـ«التجميد» وقف إطلاق النار المحلي الذي قبله المتمردون اليائسون في المدن الأخرى، كما في حمص، حيث تخلوا عن أسلحتهم (باستثناء الخفيفة) وتقبلوا الهزيمة. وإنما تقوم فكرته على بقاء الكل في مكانه، مع احتفاظ المتمردين بأسلحتهم. لكن ماذا لو رفض «داعش» تجميد القتال بعد قبول الطرفين الآخرين؟ لفت مبعوث الأمم المتحدة إلى أن الأمر سيصبح بيد التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة للتعامل مع تهديد التنظيم، معرباً عن أمله في أن يظهر التحالف لـ«داعش» أنها ستكون فكرة سيئة. ويقول المتشككون إن الأسد يوشك على هزيمة الجماعات المتمردة غير الجهادية في حلب، ممن وقعوا بين فكي رحى النظام و«داعش»، فلماذا يوقف القتال الآن؟ لكن «دي ميستورا» ينوّه بحذر إلى أن بشار أشار علانية إلى أنه سيدرس ذلك، لكن الشرور تكمن في التفاصيل، لافتاً إلى أن وزير الخارجية الروسي أوضح بأن الأسد سيعطي الاقتراح فرصة. بيد أن هناك أسباباً أخرى تجعل الأسد يدرس فكرة تجميد القتال. ويقول «جوشوا لانديز»، من جامعة أوكلاهوما، «إن النظام لا يريد السيطرة على حلب، لكنه لا يرغب أن تقع بأيدي المتمردين، لكي يستطيع التركيز على مهاجمة أماكن أخرى متمردة». وفي نهاية المطاف، ربما يقبل المتمردون تجميد القتال للحيلولة دون سقوط حلب، آخر المدن الكبرى التي يمتلكون موطئ قدم فيها، وسيمنحهم ذلك متنفساً بينما ينتظرون قرار واشنطن بشأن ما إذا كانت ستقيم منطقة عازلة على طول الحدود التركية. والسؤال هو ما إذا كان تجميد القتال في حلب يمكن أن يفضي إلى عمليات تجميد فعلية في أماكن أخرى، وبالتالي تشكيل عملية سلام أكبر، لكن ذلك الأمر يصعب تخيله. غير أن «دي ميستورا» يمضي قدماً يحدوه الأمل بإيمانه أن جميع من في سوريا سئموا القتال، ومتفقون على أنه ما من حل عسكري، وأنهم جميعاً خاسرون. ترودي روبن * * كاتبة ومحللة سياسية أميركية يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©