الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا - إسرائيل .. ماذا تغير؟

7 ديسمبر 2014 23:02
مع اكتفاء الولايات المتحدة بموقف المتفرج من الأحداث الجارية على الجبهة الفلسطينية الإسرائيلية، بدأت البلدان العربية والأوروبية، وبضغط من التوتر المتصاعد، في الدفع بمحاولات جديدة لإعادة الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي إلى طاولة المفاوضات في أفق الوصول إلى تسوية للنزاع طويل الأمد، لكن أي شعور بالتفاؤل في نجاح مبادرة سلام جديدة فيما فشلت جهود إدارة أوباما طيلة السنوات الماضية تقارب الصفر تقريباً، فالولايات المتحدة منشغلة هذه الأيام بحربها على «داعش» وأيضاً بمباحثاتها المستمرة مع إيران علَّها تفضي إلى التوقيع على اتفاق نووي شامل، فيما تنتظر إسرائيل خلال الفترة المقبلة استحقاقات الانتخابات المبكرة المقرر عقدها خلال شهر مارس المقبل. لكن وبرغم هذا الانشغال الأميركي تستشعر القوى الرئيسية الأخرى سواء الأوروبية، أو الإقليمية، خطورة عدم التحرك لوضع حد لحالة التوتر المتزايدة في المنطقة واحتوائها قبل فوات الأوان، لذا تجري حالياً جهود في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة لدفع الفلسطينيين والإسرائيليين إلى طاولة المفاوضات ليس فقط بسبب الوضع المتردي الناشئ عن غياب جهد دبلوماسي فاعل، بل أيضاً لما تعكسه هذه المحاولات من قناعة راسخة بأن الطرفين يكونان أقل لجوءاً لخطوات تصعيدية عندما ينخرطان في المفاوضات. يضاف إلى ذلك أن الجهد الدبلوماسي الجاري لحلحلة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، يفند الفكرة الرائجة في بعض الأوساط الأميركية من أن القضية الفلسطينية ما عادت قوة الدفع الأولى لدى العرب والمحرك الأساسي لمطالبهم، فقد أيدت الجامعة العربية في الأسبوع الماضي مشروع القرار الفلسطيني الذي يقضي بالاعتراف بدولة فلسطينية كعضو بالأمم المتحدة وتحديد مهلة زمنية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس الشرقية بحلول نوفمبر 2016. وقد شرع الأردن باعتباره العضو الحالي غير الدائم بمجلس الأمن في توزيع مشروع القانون على باقي الأعضاء، بحيث أكد الدبلوماسيون الأردنيون أنهم يودون طرح المشروع للتصويت نهاية السنة الجارية. وللتخفيف من حدة القرار الفلسطيني تقدمت ثلاث دول أوروبية هي بريطانيا وفرنسا وألمانيا بمشروع بديل يحدد فترة زمنية للمفاوضات تمتد على سنتين على أن تنتهي بقيام الدولة الفلسطينية، ليبقى السؤال الأساسي متمثلا في موقف الولايات المتحدة من القرارات قيد البحث والدراسة، إذ من المؤكد أن تلجأ واشنطن مرة أخرى إلى حق النقض، «الفيتو»، لإسقاط مشروع القرار العربي إذا وصل إلى مرحلة التصويت، وذلك على غرار محاولة سابقة للفلسطينيين باستصدار قرار من مجلس الأمن يعترف بدولة فلسطين أجهضته الولايات المتحدة في 2011، ومن المتوقع أن تحدد الصياغة اللغوية للمشروع القرار موقف الولايات المتحدة منه. وبرغم اللقاء الذي جمع خلال الأسبوع الماضي العاهل الأردني، الملك عبد الله، بالرئيس أوباما لا يبدو أن التسوية الفلسطينية كانت على أجندة البحث، بحيث نقل عن المباحثات تركيزها على خطر «داعش» والصراع في سوريا، وإن كان ملك الأردن قد أكد في لقاء صحفي أن الحرب على «داعش» هي «مسألة تخص الإسلام ذاته باعتبارها صراعاً يتم داخله، في حين يعد حل القضية الفلسطينية مطلباً دولياً لأنه يهم المجتمع الدولي برمته». والحقيقة أن الموقف الأميركي من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لم يتغير منذ أن فشلت جهود وزير الخارجية، جون كيري، في اجتراح حل للصراع، وهو الموقف القائم على أن الوصول لحل الدولتين لا يتم إلا عبر المفاوضات الثنائية بين الطرفين، لكن وحتى يجلس الفلسطينيون والإسرائيليون إلى طاولة المفاوضات عليهم أولا الكف عن الإجراءات الاستفزازية والأحادية التي ترفع من حدة التوتر وتجعل من المفاوضات أمراً بالغ الصعوبة، سواء تجسدت تلك الإجراءات في لجوء الفلسطينيين إلى الهيئات الدولية مثل مجلس الأمن، أو توسيع إسرائيل لنشاطها الاستيطاني. وكانت الإدارة الأميركية، قد تعرضت لانتقادات فلسطينية بأنها تنتقل مباشرة لوقف أي تحرك فلسطيني في الأمم المتحدة وإبطاله مباشرة، في حين تكتفي بالتنديد والإدانة عندما يتعلق الأمر بالخطوات الإسرائيلية التي تصفها بأنها «غير مساعدة» لعملية السلام، غير أن البعض يرى أن الإحباط بلغ بواشنطن مبلغه من التجاوزات الإسرائيلية لدرجة قد تتخذ خطوات ملموسة لإظهار استيائها، ومع أنه لا أحد يعرف على وجه التحديد طبيعة الإجراءات التي قد تتخذها أميركا لمواجهة النشاط الاستيطاني لإسرائيل في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وما إذا كان الأمر قد نوقش فعلا في الأوساط الأميركية، إلا أن بعض الدبلوماسيين في الأمم المتحدة تكهنوا بأن الولايات المتحدة قد تمتنع هذه المرة عن استخدام حق النقض في حال تم التصويت على قرار أممي يدين النشاط الاستيطاني لإسرائيل، بل وقد تنضم واشنطن إلى باقي العواصم الأوروبية لمضاعفة الضغط على تل أبيب وإجبارها على العودة إلى المفاوضات. هوارد لافرانشي * * كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©