الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«اليوم الدولي لمكافحة الفساد» يعكس اهتمـاماً عالمياً بمخاطره

«اليوم الدولي لمكافحة الفساد» يعكس اهتمـاماً عالمياً بمخاطره
24 نوفمبر 2013 21:12
أبوظبي (الاتحاد) - يحتفل العالم في التاسع من شهر ديسمبر من كل عام باليوم الدولي لمكافحة الفساد، الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل إزكاء الوعي عن مشكلة الفساد، وكذلك من أجل زياة الوعي باتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي اعتمدتها الأمم المتحدة في 31 أكتوبر 2003، والتي دخلت حيّز التنفيذ في ديسمبر 2005. مع الاهتمام العالمي المتزايد بآفة الفساد، يبرز هذا اليوم كمناسبة لتسليط الضوء على ما حققته الدول من تقدم أو تراجع في مكافحة الفساد من عام لعام، وفي موازاة ذلك تتركز اهتمامات عدد متزايد من الخبراء والمختصين على محاولة حصر مدى تأثير الفساد على كيان كل دولة ومجتمع، ولاسيما على الاقتصاد والأخلاق. ولكن كل هذه الجهود لا يمكن أن يكون لها التأثير المطلوب إلا باشتراك حثيث من وسائل الإعلام. إعاقة التنمية الاقتصادية وفي رسالته التي وجهها العام الماضي بهذا اليوم، قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون: إن التصدي لمشكلة الفساد أصبح أكثر إلحاحاً من ذي قبل، ولاسيما في ظل الجهود الحثيثة التي يبذلها المجتمع الدولي من أجل إحراز التقدم الاقتصادي والاجتماعي في السنوات اللاحقة. وتعرف الأمم المتحدة الفساد بأنه «ظاهرة اجتماعية وسياسية واقتصادية معقدة تؤثر على جميع البلدان»، ويقوض المؤسسات الديمقراطية ويبطئ التنمية الاقتصادية ويسهم في الاضطراب الحكومي، وينحرف الفساد بسيادة القانون عن مقاصدها ويؤدي إلى ظهور مستنقعات بيروقراطية لا بقاء لها إلا من خلال الرشوة». وبينما باتت ميزة دول العالم الانفتاح في التجارة والاستثمارات، غالباً ما يؤدي الفساد إلى توقف التنمية الاقتصادية وبسبب خيبة وخشية الاستثمار الأجنبي المباشر. وبسبب الفساد يصبح من المستحيل للشركات الصغيرة داخل البلد التغلب على «تكاليف بدء العمل»، كما تقول الأمم المتحدة، وذلك في إشارة إلى التكلفة الباهظة التي يدفعها أصحاب المشاريع في الدول التي تنتشر فيها الرشوة في المعاملات الحكومية لتأسيس أعمال جديدة، مما يؤدي إلى هروب رؤوس الأموال، بما فيها تلك التي تعود لرجال الأعمال النزيهين من مواطني البلد نفسه. هروب الاستثمارات وانطلاقاً من ذلك يمكن فهم ما تشير له بعض التقارير والخبراء، بأن أحد أسباب اختلاف معدلات التنمية الاقتصادية بين أفريقيا وآسيا مثلا، يعود إلى أن الفساد في بعض دول أفريقيا قد دفع إلى إخراج وتكديس الثروات في الخارج بدلاً من استثمارها في الداخل. وتذكر بعض التقديرات التي تُنسب لباحثين في جامعة ماساشوسيتس في الولايات المتحدة الأميركية أن رؤوس الأموال التي هُربت من 30 دولة أفريقية في الفترة من 1970 إلى 1996 قد بلغت نحو 187 مليار دولار، «وهو ما يفوق مديونيات هذه الدول مجتمعة وينجم عنه تخلف أو تنمية منقوصة». وما ينطبق على مثل هذه الدول ينطبق على غيرها في كل مرة تطرح فيها التحديات التي تواجه مجتمعات العالم الثالث وتعوق التنمية وتحسين الأداء الاقتصادي. بل أكثر من ذلك، فإن ازدياد انتباه الرأي العام في الدول المانحة للمساعدات أخذ في السنوات القليلة الماضية يتأثر أكثر فأكثر بمدى التزام الدول المحتاجة أو قادتها على الأقل بمكافحة الفساد. وهكذا، وبعد أيام من انتهاء القمة العربية الأفريقية الثالثة التي انعقدت في الكويت في 19 و20 نوفمبر الجاري تحت عنوان «شركاء في التنمية والاستثمار»، أخذت الأنظار تتجه حول أي الدول سوف تستحق الاستفادة أكثر من مئات ملايين الدولارات من القروض الميسرة التي أعلنت خلال القمة لتمويل مشاريعها الاستراتجية. جبهة واحدة وعندما يتم الحديث عن ضرورة زيادة الوعي بأهمية مكافحة الفساد، يقفز مباشرة إلى المشهد دور وسائل الإعلام بهذا الصدد، فبدون الانخراط الحثيث من هذه الوسائل لا يمكن لهذا الوعي أن يحقق تقدما ملموساً، وهو دور يتطلب حتماً أن تكون هذه الوسائل، ولاسيما الصحافة منها، متحررة من نفوذ الفاسدين والرشاة من جهة، وضالعة أو مهتمة من جهة ثانية، في معرفة أفضل الممارسات والمناهج الإعلامية الكفيلة بالحد من الفساد والتوعية بمخاطر الرشاوي. ومن هنا يصبح مثلث الصحافة وتقدم الاقتصاد ومكافحة الفساد في جبهة واحدة، سواء على الصعيد المحلي الوطني، أو على المستوى العالمي. وفي دراسة له بهذا الشأن يقول الكاتب علي نجيب عواد إن على المجتمع الدولي أن يركز اتجاه تعاونه على العامل الإعلامي من خلال تنسيق السياسات الإعلامية الحكومية لمكافحة الفساد، وتنسيق الجهد الإعلامي لتوعية المجتمعات المختلفة وفق قواسمه المشتركة وتوعية الموظفين بمن فيهم المسؤولين والقضاة وكبار الأمنيين حول أساليب التعاون الدولي بهدف الكشف عن الجريمة وقمعها والمحاكمة وتنظيم حملات توعية للرأي العام وتنسيقها لتحفيز عناصر دعم مكافحة الفساد. فضح أشكال الفساد يجب تنسيق المساعدات التقنية الإعلامية التي تستثمر جهد وحدات الاستخبارات المالية بما لا يتعارض مع حسن سير العمل وسريته، وتعميم مدوّنة دولية لقواعد سلوك الموظفين العاميّن وضمان حرية الإعلام والحق في الحصول على المعلومات، الذي يعتبر من الأمور الضرورية لمكافحة الفساد، مما يفتح المجال واسعاً أمام الإعلام ممارسة دوره عن طريق الالتزام بالموضوعية في تقديم المعلومات. ويبقى أن من أبرز المؤشرات الحضارية على انخراط الدول في مكافحة الفساد إعلامياً يتمثل بنشر التقارير الحكومية في الوسائل الإعلامية المناسبة بشكل دوري لفضح أشكال الفساد وممارساته والتحقيقات والتدابير القانونية المتخذة ضد الجناة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©