الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

جلسة القهوة ممارسة عملية لتراث لا يتأثر بالزمن

جلسة القهوة ممارسة عملية لتراث لا يتأثر بالزمن
8 ديسمبر 2014 00:29
أحمد السعداوي (أبوظبي) لا يزال مهرجان الشيخ زايد التراثي المقام في منطقة الوثبة في أبوظبي، يقدم للزائرين كنوزاً من تراث الدولة من عادات بدوية ومشغولات يدوية ومشاهد متنوعة تعكس صوراً حيّة من حياة أهل الإمارات الأقدمين. وحفل الكرنفال التراثي المستمر حتى الثاني عشر من ديسمبر الجاري، بمشاركات واسعة من أطياف المجتمع الإماراتي، ما أكسبه زخماً كبيراً من الفعاليات، ولعل أبرزها جلسات القهوة التي تزين المهرجان بكل ما تحمله من معان وقيم. المجتمع البدوي تصدرت جلسات القهوة العربية المشهد في المهرجان باعتبارها من العادات العربية المهمة، كونها تتيح فرصة التعارف وتبادل الأخبار بين أبناء الحي الواحد، وضيوفهم من سكان المناطق الأخرى قريبها وبعيدها، وشكلت ملتقى كثير من رواد المهرجان الذين استمتعوا بتذوق القهوة العربية الأصيلة في أجواء تراثية مماثلة تماماً للطقوس التي كانت تشرب بها القهوة في الصحاري العربية قديماً. ويقول الوالد مسعود الحميدي: إن للقهوة العربية، التي يتم تناولها خلال الجلوس في الحظيرة، التي كانت غالبا تنصب إلى جوار بيوت الشعر، مذاق خاص، كونها تحمص وتحضر بشكل يدوي خلال جلوس الرجال وتبادلهم أحاديث السمر في الفترة التي تبدأ بعد غروب الشمس، مشيراً إلى أنه يتم تقديم القهوة مع التمر باعتبار ذلك من علامات الكرم وأصول «السنع والمواجيب» (أصول وآداب إكرام الضيف). ويوضح أن إعداد القهوة بتلك الطريقة التقليدية يتطلب عددا من الأدوات، وهي «المحماس»، الذي يوضع فيه البن لتقليبه فوق النار حتى ينضج، فضلاً عن شبه النار والتي تصنع من الحطب المتوافر في البيئة البرية. ويتابع الحميدي: «بعد إنضاج البن بالدرجة المطلوبة، يتم تبريده ثم طحنه حتى يصبح بالشكل المعروف عن القهوة وضعه في دلة بها ماء مغلي، وهي إحدى الدلال الثلاث التي تستخدم في طقوس صنع وتقديم القهوة للضيوف، والأولى تسمى «اللقمة» وتوضع باستمرار على النار، ويتم وضع القهوة فيها، والثانية تسمى «الخمرة» وبها ماء ساخن يغلي باستمرار على شبه النار، وأخيراً «المزلة» وهي الدلة التي تصب فيها القهوة بعد أن تطيب وتصبح صالحة للشرب تمهيدا لصبها في الفناجين. مذاق مختلف من ضيوف جلسة القهوة في الحظيرة المقامة ضمن فعاليات المهرجان، مجموعة من الشباب الإماراتي، الذين تحدثوا إلى «الاتحاد» معبرين عن اعتزازهم بماضي الآباء والأجداد. في هذا الإطار، يقول سيف الحمادي، الطالب بالمرحلة الثانوية، إنه شرب القهوة من قبل في رحلات البر مع الأهل والأصدقاء، ويعرف تماماً أن شربها في هذه الأجواء له مذاق مختلف، ولذلك حين رأى حظيرة صنع القهوة العربية ذهب إليها مع أصدقائه وجلسوا إلى «الشوّاب»، واستأنسوا بأحاديثهم. وبدا زميله عارف العامري سعيداً، فيما هو جالس إلى من هم في سن أجداده، يستمع منهم عن طريقة عمل القهوة العربية وكيفية صنعها وتقديمها. ويذكر أنها من المرات القليلة التي يستمتع فيها بهذه الطريقة المميزة لشرب القهوة، التي يرى أنها أفضل كثيراً من شرب القهوة وغيرها من المشروبات داخل المقاهي العادية، كونه يجلس بين شوّاب لديهم خبرات كثيرة يستطيع أن يستفيد منهم ويبني شخصيته. ويذكر مسعود الحميدي إضافة الهيل أو الزعفران أو القرنفل إلى البن داخل الدلة، بحسب الرغبة، موضحاً أن من آداب تقديم القهوة عدم صبها في الفنجان حتى نهايته، كون ذلك يعني أنه يريد أن ينتهي من عملية صب القهوة وأصول الضيافة بسرعة، ولكن الآداب أن يكون صبها إلى منتصف الفنجان، وحين يشعر الضيف بالاكتفاء، يقوم فقط بهز الفنجان، وهذه دلالة على أنه لا يريد مزيداً منها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©