الجمعة 10 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

العرب الطيبون في فلسطين والعراق والبليساريو

22 ابريل 2007 01:01
أحمد خضر: ربما كان العرب محظوظين جداً لأن بلادهم مهد الحضارات القديمة من بابليين وآشوريين وكنعانيين وفنيقيين وغيرهم، والأرض التي نزلت على شعوبها الرسالات السماوية، إضافة إلى كونها الموقع الجغرافي الهام الذي جعل من الأرض العربية حلقة الوصل بين بقاع شتى من العالم، ومسرحاً لنشر الثقافة والحضارة، وفي العصر الحديث فإن العرب محظوظون بلا شك في تدفق الثروة البترولية، وامتلاكهم أكبر مخزون للطاقة في العالم، لكن هذه الميزات الفريدة جعلهم ومنذ اضمحلال العباسيين وسقوط بغداد على يد هولاكو وحتى اللحظة يقعون في مصب نيران القوى الخارجية الطامعة، إضافة إلى العوامل الداخلية التي لا تقل خطورة، والتي تجعل من الارتقاء والتطور صوب المستقبل المنشود في حالة ضبابية· الفردوس المفقود كيف ذلك ؟ إن العرب عاشوا في السراب، منذ 700 عام وهم يقولون (الأندلس هي الفردوس المفقود)، بل إن أحد أساتذة التاريخ في جامعة عربية يصر على القول (الأندلس هي الفردوس الموعود) بقينا نتغنى بهذه الشعارات عن الماضي التليد حتى ضاعت فلسطين، وبقينا نعتقد أننا سوف نربح الحرب على إسرائيل، ونرمي اليهود في البحر طالبين من السمك أن يتجوع، وغير ذلك من الشحن العاطفي في فترة المد القومي من تاريخنا إلى أن حدثت هزيمة ·1967 وقبل هزيمة 1948 حين كان الفلسطينيون يشكلون أغلبية السكان في بلادهم، وكان لا يوجد بحوزة اليهود أكثر من 3 بالمائة من مساحة فلسطين، فإن زعماء الجهاد الفلسطيني، وعلى رأسهم المفتي الحاج أمين الحسيني لم يستطع أن يقود الحركة الوطنية الفلسطينية بكفأة واقتدار، ودهاء بن جوريون زعيم الحركة الصهيونية في ذلك الوقت· كان الحاج أمين الحسيني رغم وطنيته العظيمة وتضحياته عدواً مثالياً لليهود، لأنهم كانوا يستغلون رفضه المطلق لإيجاد صيغة سياسية برجماتية ممثلة ببعض مشاريع الأمم المتحدة لإيجاد حل في فلسطين، ومن ضمنها قرار التقسيم عام 1947 للتوسع وفرض الأمر الواقع، وإقامة إسرائيل بمساعدة الانتداب البريطاني بقوة السلاح، هذه الدولة المغتصبة التي اعترف بها الاتحاد السوفياتي في حينه بعد خمس دقائق من إعلانها· الاعتماد على الخارج لقد اعتمد الحاج أمين الحسيني على الخارج، من أجل حل المشكلة الفلسطينية، وكان بلا شك شخصية إسلامية عالمية لامعة، وأبلى القادة الفلسطينيون بلاء حسناً في ساحات المعارك أمثال عبدالقادر الحسيني، وعبدالرحيم محمود، وعلي حسن سلامة وغيرهم الكثير، لكن هذا الاعتماد على الخارج سواء من حيث إمدادات السلاح، أو الرجال الذين هبوا لنجدة الفلسطينيين من أمثال الشيخ عزالدين القسام لم يؤد إلى نتيجة تذكر، فبعد أشهر من تشكيل القسام للخلايا العسكرية استشهد في أحراش يعبد بمنطقة جنين، أما الجيوش العربية التي دخلت الحرب عام 48 فلم تكن قادرة على مواجهة العصابات الصهيونية التي تفوقها عدداً وعدة، ورغم التضحيات الغالية التي قدمها العرب في فلسطين، لكن النتيجة كانت الهزيمة والسيطرة اليهودية على 78 بالمائة من أرض فلسطين· والأكثر من ذلك كانت تجري اتصالات سرية مع الحركة الصهيونية لمساعدتها في إنشاء وطن قومي منذ فيصل الأول في العراق مروراً بقادة الحركات الاستقلالية في أكثر من بلد، حيث تعهد هؤلاء القادة الذين نصبت لهم التماثيل فيما بعد أن يدعموا المخطط الصهيوني في فلسطين مقابل أن تساعدهم الحركة الصهيونية لدى فرنسا وبريطانياعلى نيل الاستقلال التعايش مع اليهود فهل كان واجباً على الفلسطينيين التعايش مع اليهود في تلك الفترة قبل أن يصبحوا أقوياء؟ لقد غاب الدهاء العربي عن العرب، ولم يستخدموا الحيلة والذكاء السياسي، فيما كان الصهاينة يخططون، ويعتمدون على العقل من أجل الوصول إلى الهدف وهو احتلال فلسطين· وما أشبه اليوم بالبارحة، ما زال التزمت العربي لا يتعدى حدود الشعارات والكلام المتطاير في الهواء، فيما الإسرائيليون يبنون الجدار، وينشئون المستوطنات، ويسيطرون على القدس، وما زال البعض منا يقول بإنه رغم اعتراف ياسر عرفات بإسرائيل إلا أنها لم تعطه شيئاً· حسناً وماذا يفعل الفلسطينيون؟ هل عدم الاعتراف بإسرائيل من قبل حركة حماس على سبيل المثال جعل من إسرائيل تتنازل عن ذرة تراب واحدة ؟ لقد انقسم الشارع الفلسطيني والعربي كذلك بين مؤيد لهذا الطرف أو ذاك، واشتعلت غزة بيد أبنائها، ورغم حكومة الوحدة الوطنية، فإن العالم ما زال يطالب حركة حماس بالاعتراف بإسرائيل التي استطاعت بمهارة أن تنقل الكرة إلى ملعب الرباعية الدولية· العقيدة الدينية في فلسطين ما هو المخطط الاستراتيجي لكل من يتبنى العقيدة الدينية كحل للمشكلة الفلسطينية ؟ إن العرب أناس طيبون، لكن البعض منهم يؤمنون بالمعجزة التي تقلب إسرائيل أسفلهاعلى أعلاها، ويعود بعد ذلك الفلسطينيون إلى ديارهم التي شردوا منها، الذكاء في مثل هذه الحالة مخزون، لأن أمثال هؤلاء لا يدركون أن المشكلة الفلسطينية هي مشكلة جيوسياسية معقدة، وأن الفلسطينيين تمزقوا في هذه المرحلة من تاريخهم، ومنوا بهزائم قاطعة في العام ،1948 وفي أيلول الأسود ،1971 وفي لبنان ،1982 وحين تشرذمت الحركة الوطنية الفلسطينية على يد بعض الأنظمة العربية، وعندما خرجوا من الكويت (هذه الدولة الفلسطينية المخفية) التي كانت تحتضن 250 ألفاً منهم بعد النكبة مباشرة حيث تزايد هذا العدد إلى قرابة النصف مليون عام ،1990 وما تلا ذلك من أوسلو حتى اليوم· إن الشعارات لا تكفي، وهي تعمل على تخدير أعصاب الجماهير التي جعلت من أحدهم يهتف للسفاحين في شوارع رام الله، حين كان أبومازن يلقي خطابه في ذكرى انطلاقة (حركة فتح) بل وحتى التضحيات والشهداء العظام الذين افتدوا الوطن بأرواحهم لا تنقذ فلسطين من براثن الصهاينة إذا لم تحارب إسرائيل بالدبلوماسية والذكاء· من هنا فإن الهجوم الدبلوماسي العربي من خلال المبادرة العربية يعتبر خطوة كبيرة في الاتجاه الصحيح لقطع الطريق على المراوغات الإسرائيلية التي تستغل عدم اعتراف حماس بها من أجل التهرب من استحقاقات السلام، واستكمال مخططها الرامي إلى رسم حدودها، ووضع الفلسطينيين في غيتوات وسجون مغلقة· لا بد من التعايش الإسرائيلي ـ الفلسطيني في هذه المرحلة سواء عبر دولة ثنائية القومية، أو دولتين متجاورتين، وهذا يعني أن يترك العرب والفلسطينيون لعبة اليانصيب في الحل السياسي للمشكلة· لا أحد يستطيع أن يحل المشكلة الفلسطينية بالدرجة الأولى سوى الفلسطينيين أنفسهم ضمن بعد عربي، أما أن نتطلع إلى طرف آخر، أو إلى حدوث معجزة، أو إلى صلاح دين جديد فمعنى هذا أننا نمشي في هذا السراب الكبير· إسقاط الحضارة في العراق ولماذا تسير بعض الأحزاب والقوى في العراق نحو التفتيت والانقسام الطائفي؟ ألم يدرك الأكراد أن دولتهم التي ينشدونها في شمال العراق هي قشة في مهب الريح بعد التهديدات التركية الأخيرة، وأن قوتهم ووجودهم الطبيعي ضمن العراق الديمقراطي الموحد؟ ألم يدرك العرب في العراق سنة كانوا أم شيعة أن هذا الاقتتال الضاري لا يوجد فيه غالب ولا مغلوب، بل المزيد من الحقد وسفك الدماء وهدم العراق وتقسيمه وإضعافه؟ لقد سقط صدام حسين، ولكن حين نهبت الوزارات، والمتاحف، ونسفت الجسور، وتم حل الجيش، واغتيال أساتذة الجامعات، فإن المقصود تجاوز إسقاط النظام إلى تدمير الحضارة، فهل يخرج الذكاء المخزون، أم يبقى العرب طيبين إلى درجة السذاجة· البوليساريو صورة أخرى من أقصى العالم العربي حيث مشكلة الصحراء المغربية التي تتنازع عليها المغرب مع البوليساريو، وكما هو معروف فإن الجزائر تدعم الجمهورية الصحراوية وتعترف بها وهو ما أدى إلى توتير في العلاقات بين البلدين العربيين، هذه المشكلة قد تبدو مزمنة وكل طرف يتمسك بوجهة نظره من زاويته، أما الذكاء الإسرائيلي في هذه القضية، والسطحية في التفكير العربي فكانت حين أرسل الحسن الثاني عام 1981 يهوداً مغاربة كي يقنعوا اليهود في الكونجرس الأمريكي للضغط على كارتر من أجل أن يرسل قطع غيار لطائرات الفانتوم التي يمتلكها المغرب، وهو السلاح الفعال في المعركة ضد البوليساريو، لكن اليهود في الكونجرس رفضوا بحجة أن الجنود المغاربة قاتلوا إلى جانب المصريين في سيناء والسوريين في الجولان عام ،1973 وإن الجزائر لم تقاتل إسرائيل، لكن إنصافاً للجزائر فإن الرئيس الراحل هواري بومدين أرسل أربعين طائرة مقاتلة للمصريين في قلب المعركة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©