الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ليلة من ليالي الكرة المصرية

8 ديسمبر 2014 21:55
قليلة جداً دموع الفرح، أكثر منها الدموع الأخرى، نعرف الأولى نادراً ونعرف الثانية كثيراً، وكنت أتعجب من بكاء إنسان بسبب لحظة فرح أو لحظة انتصار، لكن عندما أحرز عماد متعب هدف الأهلي في الدقيقة الأخيرة أو «الدقيقة بعد مابعد الأخيرة»، من مباراة سيوي سبور الإيفوراي ، نظرت حولي ووجدت الناس تجري بلا هدف، سوى احتفاء بالهدف. قفزت وصرخت، وفرحت، ووجدت الشباب يبكون فرحاً، والكبار يبكون فرحاً والفتيات والسيدات يبكين فرحاً.. ماهذا الفرح الذي يبكي فيه الجميع ؟ أعرف الأسباب، فقد بدأنا اليوم بخبر زرع القلق، وكان عن اقتحام الالتراس لبوابات ستاد القاهرة، ولم يكن الخبر دقيقاً، فقد دخلوا الاستاد لأنهم ذهبوا مبكراً لوضع لافتاتهم التي تتحدث عن فكرة: «الكرة للجمهور» وقد صاغوها بخمس لغات، ومن بطن القلق ولدت فرحة التزام هؤلاء الشباب بالتشجيع المثالي حتى الدقيقة الأخيرة، وإلى مابعد انتهاء المباراة، لم يخرجوا عن النص، فكان ذلك سبباً لمشاعر الفرحة، إلا أن الأسباب أعمق وأكثر من ذلك. كانت المباراة مثل عملية ولادة قيصرية، إن فرحة الأم بمولودها تكون كبيرة على الرغم من آلام المخاض والمعاناة، وهذا أصاب جماهير الأهلي والكرة المصرية، فقد كانت مباراة صعبة أمام منافس صعب، اقترب من الفوز أكثر مما اقترب الأهلي، وفي لحظة اقتنص ممثل الكرة المصرية انتصاراً مذهلاً في توقيته، ومستحقاً على الإرادة والتصميم. مباراة الأهلي وحدت المصريين، وعطلت السياسة، وأوقفت الخلافات، وهذا من سحر كرة القدم، وهو سحر موجود في كل مكان تمارس فيه تلك اللعبة الساحرة، ولاشك أن هتافات ونداءات جماهير ألتراس الأهلي صنعت تعاطفاً عاماً مع هؤلاء الشباب، الذي أثار القلق طوال سنوات مضت، إلا أن التزامهم بالغناء والتشجيع وبث الروح في نفوس لاعبي فريقهم جعلت مصر كلها تهتف معهم، وتدعو كما كانوا يدعون في الدقائق الأخيرة من المباراة بحناجر ملتهبة: يارب. لقد كانت ليلة من ليالي كرة القدم المصرية الجميلة، والمثيرة للبهجة والانفعالات الطيبة، ليلة لم يعشها المصريون منذ أربع سنوات، امتزجت فيها مشاعر الحكومة بمشاعر الشعب، واختلطت هتافات الألتراس بهتافات الأمن، من كان يصدق أن مباراة لكرة القدم سوف تفعل كل ذلك. أنا شخصياً أصدق كرة القدم، أصدق كل مشاهدها ونتائجها وأحوالها وصورها، وأعلم أنه نشاط رائع وشفاف كل مافيه هو الحقيقة بلا كذب، وبلا زيف، وبلا مواءمة وبلا واسطة.. تحيا كرة القدم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©