الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ألاعيب زوجة مخطوفة

ألاعيب زوجة مخطوفة
16 نوفمبر 2012
(القاهرة) - اقتربت الشمس من المغيب ولم تعد “هناء” من المستشفى بعد ان توجهت إليه للعلاج حيث كانت تشعر ببعض الآلام ليلة الأمس، واليوم استأذنت زوجها وطلبت منه ان يرعى أبناءهما الثلاثة بعد ان أعدت لهم طعام الافطار واستقلت سيارة الى المدينة حيث يقع المستشفى ورفضت ان يصحبها ليكون بجانبها معللة ذلك بأنها تعرف الطريق وانه آمن وهناك كثيرون من أهل القرية سيكونون في الطريق والافضل ان يبقى مع الصغار الذين هم في حاجة لمن يكون معهم. اتشحت الملابس السوداء المحتشمة التي اعتادتها النسوة هنا فلا فرق بين ملابس الأفراح وملابس الأحزان كلها عندهم سوداء من قبيل العادات والتقاليد استقلت سيارة من تلك التي ينقلون فيها الحيوانات وانطلقت بها وهي تبدي الألم وتتوجع وهذا ما قاله بعض الذين شاهدوها وزوجها الذي ودعها وهو يوصيها بأن تهتم بنفسها وتشتري العلاج الذي سيقرره الطبيب وكانت آخر كلماته لها الدعاء بالعودة سالمة غانمة معافاة من المرض. المسافة بين القرية والمدينة بضعة كيلومترات لا تستغرق أكثر من ربع الساعة بالسيارة وهناك في المشفى قد تستغرق حوالي الساعة ومع انه مر أكثر من ست ساعات فإن هناء لم تعد فاضطر زوجها للتوجه الى هناك لمعرفة ما حدث لكن الصدمة كانت في انتظاره فقد أكد له موظف الاستقبال بعدما قام بمراجعة أسماء المترددين اليوم ان زوجته لم تكن من بينهم وكاد الرجل يفقد الوعي وهو لا يدري أين ذهبت زوجته ولا ماذا حدث لها. اختفاء أنثى أو أي فتاة أو امرأة مهما كان عمرها خبر ينتشر بسرعة البرق خاصة في القرى فلم تمض عدة دقائق حتى علم الداني والقاصي بالخبر ووجدوا فيه مادة خصبة للنميمة والقيل والقال وتباروا في التكهنات والتوقعات ووضع كل واحد مجموعة سيناريوهات واحتمالات من بنات أفكاره وكلها من الخيال لا أساس لها وذهبوا كل مذهب واتجاه وأحسنهم حالا وأفضلهم نية قالوا إنها ربما تكون تعرضت لحادث بينما أصحاب النوايا السيئة جزموا بأنها هربت مع عشيق أو توجهت لقضاء يوم أو أيام مع حبيب آخر رغم انها متزوجة لكن من يكون هذا الذي يستحق ان تغامر بسمعتها وتضحي بزوجها وأبنائها من أجله؟ قطعا لا توجد لديهم إجابة ولم يستبعد آخرون ان يكون زوجها نفسه وراء اختفائها وقد يكون قتلها في مكان بعيد بعد ان غادرت القرية ومن المتوقع ايضا ان تكون قضت غرقا في الترعة القريبة. تحولت البلدة التي تضم أكثر من عشرة آلاف نسمة الى حلقات وجلسات كلها لا حديث لها إلا اختفاء تلك المرأة التي مازالت صغيرة في العمر فرغم انها متزوجة وأنجبت ثلاثة أطفال فإنها لم تتعد الخامسة والعشرين من عمرها بعد وقريناتها اللاتي تعلمن وتنقلن بين المراحل الدراسية لم يتزوجن حتى الآن وتلك الظروف هي التي تتيح لهم الكلام عنها بسوء. هنا كل حركات وسكنات أي امرأة أو فتاة محسوبة عليها وبلا مبالغة فإنهم يعدون على النسوة أنفاسهن ولا يجوز لأي واحدة ان تخرج أو تذهب الى أي مكان وحدها بلا أخ أو أب أو زوج أو أحد المحارم ولم يكن زوج هناء قد سمح لها إلا من باب الخروج على المألوف وغير المعتاد بل هو أمر مرفوض وتصرف يحاسب هو عليه قبل ان يلومها أحد لكن بعض التفريط يأتي أحيانا من أبناء الأسر الصغيرة الذين لا ينتسبون الى عائلات معروفة. انتقل الخبر بسرعة أيضا الى البلدات المجاورة وتحولت القرية الى خلية نحل الجميع يتنقلون بين الشوارع والدروب والاغلبية الساحقة منهم تتناقل الأخبار وتبحث عن الجديد حول هذا النبأ العاجل الذي لم يستطع أحد الحصول على تفاصيل له وكلهم يحاولون تبادل المعلومات التي اختلقوها ويبنون عليها الأكاذيب ويضيفون اليها الافتراءات في الوقت الذي قام فيه آخرون بتشكيل مجموعات للبحث عن المرأة التي لا يعرفون أين ذهبت حتى أنهم لا يعرفون اين يبحثون عنها لكنها محاولات لابد منها بينما نصح الحكماء زوجها بأن يتوجه الى قسم الشرطة للابلاغ عن اختفاء زوجته لكي يخلي مسؤوليته وتقوم الشرطة بالبحث عنها بما لديها من إمكانات ورجال ووسائل وعدة وعتاد. ولى النهار وحل الظلام ودخل الليل ومضت الساعات والحال هي نفس الحال ولم يحدث جديد ولم يجد أحد أي معلومة يمكن ان تهدي الى ما حدث للمرأة والبلدة كلها لم تنم ليلتها تلك إلا الصغار وكبار السن الذين لا يقدرون على السهر بينما كان الحدث كبيرا يستحق ان يقضوا الليل والنهار في الكلام عنه والجميع مازالوا يبحثون عن حل للغز المحير ويتوقون لمعرفة الحقيقة ويكاد يقتلهم الفضول ويسعى كل منهم لإثبات أن وجهة نظره كانت صحيحة وان الآخرين كانوا على خطأ فيما ذهبوا اليه. في الصباح تلقى الزوج اتصالا هاتفيا من مجهول ومن رقم غير معروف له يطالبه المتحدث بخمسين ألف جنيه فدية مقابل اطلاق سراح زوجته وأخبره انه اختطفها وعليه ان يسارع بتدبير المبلغ وإلا فإنه سيتسلم أم أولاده جثة هامدة وأمام ضيق ذات اليد لم يكن لديه اختيارات إلا ان يبلغ الشرطة ايضا بتلك المكالمة لتقوم بدورها في البحث عن الزوجة المختفية وقامت عناصرها بتتبع رقم المتصل واتخاذ الاجراءات في البحث عنه وعن الضحية والمهم ألا تتعرض لخطر والهدف الاكبر ان تتم إعادتها بسلام. قبل ان تمر أربع وعشرون ساعة فوجئ الجميع بمشهد عجيب غير متوقع ولا يطابق اي احتمال من كل ما أثير البارحة فها هي الزوجة بشحمها ولحمها تعود في خطى واثقة الى منزلها مستنكرة التفاف الجميع حولها والذين هرعوا لمعرفة الحقيقة وتفاصيل ما حدث لكنها لم تتحدث على الملأ وتوجهت الى داخل منزلها واحتضنت أبناءها ثم تحدثت عما حدث لمن التفوا حولها من النساء والرجال وهم يصرون على معرفة الحقيقة كاملة. ابتسمت الزوجة العائدة بشكل تهكمي وقالت إن الأمر ببساطة انها تشاجرت مع زوجها أمس الاول ولم يكن ذلك الخلاف هو الاول بينهما وإنما الخلافات كثيرة ومتعددة رغم وجود ثلاثة أطفال بينهم وانها فكرت في ترك المنزل غاضبة واختلقت واقعة المرض لتخرج من البيت وانها توجهت الى المدينة الكبيرة حيث تقيم ابنة عمها وانها أرادت ان تقضي عندها عدة أسابيع الى ان تجد حلا مع زوجها “النكدي” لكنها لم تستطع الوصول اليها لانها لم تعرف العنوان الصحيح لمسكنها وأخيرا التقت بسيدة في الخمسينيات من عمرها تبدو عليها الحكمة عرفت قصتها كاملة ونصحتها بضرورة العودة من أجل زوجها وصغارها ويمكنها ان تحل اي مشاكل بالحوار وها هي قد عادت وكأن شيئا لم يكن. اصطحب الزوج زوجته الى قسم الشرطة لإبلاغهم بعودتها وإغلاق المحضر وإنهاء الامر واستمع الضابط لأقوالها وقارن بين ما قالته وما وصل اليهم من معلومات وما تلقاه زوجها من اتصال باختطافها وطلب فدية ما يؤكد انها لا تقول الصدق وهناك تناقض واضح، وأما الجديد الذي لا يعرفه زوجها ولم تتوقع هي ان يعرفه رجال البوليس انها لم تكن مختطفة وايضا لم تكن في زيارة لابنة عمها وان القصة التي ذكرتها كاذبة جملة وتفصيلا واختلقتها للهروب من الحقيقة وهي انها كانت مع عشيقها الذي يعمل سائقا وانهما حاولا الضغط على الزوج لإجباره على تطليقها كي يتزوجا وانهارت المرأة وهي تستمع الى تلك الحقيقة التي اعتقدت أنها سر دفين لا يعرفه أحد. لم تستطع “هناء” ان تراوغ أكثر من ذلك فقد انكشف المستور خاصة وان رقم الهاتف الذي تم الاتصال منه يخص عشيقها واعترفت بما حدث تفصيلا، وقالت إنها اتفقت معه على الهروب والزواج لكن ليس لديهما أموال تكفي لاتمام الزواج ولابد ان تحصل على الطلاق أولا حتى لا يقعا في محظور قانوني وشرعي وتم استدعاء العاشق المجهول وأقر هو الآخر بما ذكرته صديقته اللعوب وأضاف أنه كان على علاقة حب بها قبل ان تتزوج واتفقا على الارتباط لكن لضيق ذات اليد لم يستطع التقدم لطلب يدها واستسلما للأمر الواقع لكن ظلا يحتفظان بالمشاعر القديمة ويلتقيان كلما سنحت لهما فرصة لأنهما مازالا مصرين على الارتباط وهذه المرة اختلقا تلك الواقعة وأرادا ان يجعلا الزوج نفسه يتحمل نفقات زواجهما بإدعاء اختطافها وطلب فدية واتصل به من هاتفه لكن بعد ان تدبرا الامر تأكدا انه لا يملك من حطام الدنيا شيئا ولن يتحقق لهما ما يريدان فتراجعا عن خطتهما وقررا تأجيلها الى حين. المفاجأة انه تم تحرير محضر جديد لهما واتهامهما بإزعاج السلطات والبلاغ الكاذب، والبعض نصح الزوج بتطليقها عقابا لها على فعلتها والبعض الآخر رفض حتى لا تتزوج عشيقها بسهولة ويجب ان تدفع ثمن جريمتها وقررت النيابة حبس العاشقين بعد ان فشلت تمثيليتهما الهابطة ودخلا السجن بدلا من عش الزوجية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©