الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الهجرة النبوية.. نقطة انطلاق للدولة الإسلامية الكبرى

الهجرة النبوية.. نقطة انطلاق للدولة الإسلامية الكبرى
16 نوفمبر 2012
الهجرة النبوية الشريفة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة انطلاقة جديدة لبناء دولة الإسلام، وإعزاز لدين الله تعالى، وفاتحة خير ونصر وبركة على الإسلام والمسلمين، ومعلم باهر ظاهر في مسيرة الدعوة إلى الله تعالى في بناء مجتمع لحقوق الإنسان وإسعاده، لذا فإن دروس الهجرة الشريفة لا تنتهي ولا تنقطع، ومنها أن التوكل على الله تعالى، والصبر واليقين طريق للنصر والتمكين، ولذلك ظلت الهجرة النبوية معيناً ومرشداً واضحاً لفقه الدعوة. (القاهرة) – يقول الدكتور أحمد محمود كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية، بجامعة الأزهر: من المقرر شرعا أن قداسة الدين الحق فوق كل شيء، فلا قيمة لما سواه إذا كان معطلا أو مهمشا أو مهددا، والمحافظة على الدين من أعلى المصالح الضرورية التي بها تستقيم الحياة الإنسانية، ومن سبل المحافظة على الدين التضحية بالنفس والنفيس والمال والأرض، ومن ذلك الهجرة النبوية، والتي تنطوي على حكم وأسرار ودقائق ولطائف وعبر وعظات. دروس مستفادة وأضاف كريمة: من الحكم والأسرار واللطائف والدروس المستفادة من الهجرة النبوية المشرفة، أن الهجرة حسب الظاهر مفارقة للوطن وهجر للأرض، ولكنها في الحقيقة حفاظ وصيانة له، فالمفارقة المؤقتة بآلامها تهون بعد سنوات العودة المظفرة ليكون الوطن منارة الهدى، كما قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-:” إنك أحب البلاد – أي مكة – إلي ولولا أن قومك أخرجوني ما خرجت”، وقال الله تعالى فى كتابه العزيز: “وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم القرى ومن حولها” سورة الشورى الآية 4. ومن دروس الهجرة النبوية أنها أخذ عملي بالأساليب والوسائل المادية من الاستعانة بأحد الأدلاء وهو غير مسلم لكنه عارف بدروب الصحراء، وتكليف علي بن أبي طالب –رضي الله عنه– بالمبيت في فراش الرسول –صلى الله عليه وسلم– والتغطي ببرده تمويهاً على القوم المحاصرين لداره ليلة الهجرة، وإخفاء موعد هجرته عدا إعلامه لأبي بكر –رضي الله عنه– وخروجه في وقت الفجر والاختفاء في غار ثور، والسير في طرق فرعية غير معتادة. وأوضح الدكتور كريمة، أن من دروس الهجرة النبوية الجمع بين يقين وأسباب التوكل، ومن صور اليقين في هذه الهجرة العظيمة قوله –صلى الله عليه وسلم– لأبي بكر –رضي الله عنه– في الغار: “لا تحزن إن الله معنا” وقوله :”يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما” عندما قال له سيدنا أبوبكر: يا رسول الله لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا. وعدم الخوف ممن يلاحقه ويريد قتله –صلى الله عليه وسلم– مثل سراقة بل كان مستغرقا في قراءته ومناجاته لربه –سبحانه وتعالى– ليقينه بأن الله تبارك وتعالى ناصره. تحمل المشاق والصعاب وأكد الدكتور شعبان محمد إسماعيل، أستاذ أصول الفقه بجامعة أم القرى بمكة المكرمة، أن الدعوة إلى الله - عز وجل - يجب فيها تحمل الأذى، وبذل المجهود لنيل المقصود، وتحمل المشاق والصعاب والمتاعب، والهجرة وسيلة دعوية كبرى، فبذل رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وصاحبه، جهودا مضنية من السير والاختفاء وركوب الناقة أياما، ولم يخرج –صلى الله عليه وسلم– علانية لأنه مشرع وتصرفاته تشريع وقدوة وأسوة، ولم يرسل الله تعالى معه براقا ولا ملكا يوصله إلى المدينة، فالإسراء والمعراج معجزة ورحلة تكريم، والهجرة رحلة دعوية، فالأولى ليست فيها أسباب حسية ووسائل مادية، والثانية تحقق فيها ذلك تعليما للأجيال ما يجب عليه الدعوة من تحمل إبلاغها. وأضاف: من الدروس المستفادة من الهجرة النبوية المشرفة الوفاء بالأمانات ومراعاة حقوق غير المسلمين، فالمشركون في مكة أودعوا ودائع تخصهم أمانات لدى الأمين –صلى الله عليه وسلم– لم يجحدها ولم يستحلها بل كلف عليا -رضي الله عنه– بالمبيت إلى الصباح لردها لمخالفيه ومخرجيه، فحقوق غير المسلمين جزء أصيل من مهمات النبوة ومكونات التشريع الإسلامي. ومن الدروس المستفادة التي رسختها الهجرة وضع النظم الإسلامية لمجتمع المدينة من خلال المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، وبناء المسجد الجامع، ووضع الدساتير والوثائق الدستورية بين أفراد المجتمع مسلميه وغير مسلميه، من خلال المعاهدات التي عقدت مع اليهود، والتي تعرف بوثيقة أو صحيفة المدينة التي أكدت حقوق المواطنة والتعايش السلمي، وقبول الآخر، وحرية التملك، والتنقل، والعيش الكريم من دون تمييز طائفي، والحرية الدينية التي كفلها الإسلام لأهل الكتاب، واقرارهم على معتقداتهم. صداقة ومحبة ويقول الشيخ عادل عبدالمنعم أبوالعباس، عضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف: من الدروس المستفادة من الهجرة النبوية التضحيات التي بذلت من أجل رفع شأن الدين الإسلامي، والدعوة إلى الله تعالى، فالمكانة الفريدة لسيدنا أبي بكر الصديق –رضي الله عنه– واستبقاؤه من دون غيره من الصحابة – رضي الله عنهم– كي يكون رفيقه في رحلة الهجرة، خير دليل على الأخوة والصداقة والمحبة التي حث عليها الإسلام، فلقد ضرب الصديق -رضي الله عنه- مثلا رائعا في أن الصداقة مبادئ ومواقف وليست شعارات وأقوال، والتصرفات الفدائية لأبي بكر –رضي الله عنه– شاهد قوي على هذه التضحيات، ومنها حمايته رضي الله عنه لرسول الله –صلى الله عليه وسلم– عند دخوله غار ثور، ومعرفة أحوال الغار، والتأكد من عدم وجود مؤذيات، وكذلك تجنيده لأمواله وأولاده الذكور والإناث، وراعي أغنامه، وشراء ناقتين يتنقلان عليهما، وإجارة رجل لكي يكون دليلا في الصحراء، وسبق معظم أسرته في الخروج للهجرة، كل هذا حبا في رسول الله –صلى الله عليه وسلم– وتصديقا لرسالته وخدمة للدعوة الإسلامية، حيث قال الصديق: تركت لهم الله ورسوله” وقول الرسول –صلى الله عليه وسلم-:”لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين”. الدور البطولي لأسماء بنت أبي بكر يقول الشيخ عادل عبدالمنعم أبوالعباس: من التضحيات التي بذلت الدور البطولي لأسماء بنت أبي بكر –رضي الله عنها– من عدم إفشاء سر الهجرة، وتحملها الإيذاء البدني والقول، وتحملها المشقة، وتأمينها للزاد والطعام لرسول الله –صلى الله عليه وسلم– ولأبيها، وربط الزاد بنطاقها، وهذا دليل على دور المرأة المؤمنة في تحمل أعباء الدعوة، وهو دور كبير تجلى واضحاً في الهجرة الشريفة، من خلال الدور الذي قامت به السيدة عائشة وأختها أسماء -رضي الله عنهما- حيث كانتا نعم الناصر والمعين في أمر الهجرة، فلم يخذلا أباهما أبا بكر، مع علمهما بخطر المغامرة، ولم يفشيا سر الرحلة لأحد، ولم يتوانيا في تجهيز الراحلة تجهيزا كاملا، إلى غير ذلك مما قامتا به، وهناك نساء أخريات كان لهن دور بارز في التمهيد لهذه الهجرة المباركة، منهن نسيبة بنت كعب المازنية، وأم منيع أسماء بنت عمرو السلمية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©