الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«كفاءة النسب» شرط أساسي للزواج في موريتانيا

«كفاءة النسب» شرط أساسي للزواج في موريتانيا
25 نوفمبر 2013 20:49
سكينة اصنيب (نواكشوط) - بعد ارتفاع نسبة العنوسة في المجتمع الموريتاني بسبب البطالة وارتفاع تكاليف الحياة وتغير نظرة الشباب عن الارتباط، أصبح الحصول على عريس مناسب أمرا في غاية الصعوبة، لاسيما في المجتمع الموريتاني حيث القبلية والعشارية لازالت تتحكم إلى حد كبير في العلاقات الاجتماعية، وتفرض سلطانها على علاقات النسب والارتباط. ويشكل اختيار العريس المناسب لفتيات العائلات، التي تضع عدة معايير أهمها كفاءة النسب التي تتمثل في الانتماء للقبيلة نفسها، والتمتع بالجاه العائلي، معضلة كبيرة خاصة في حياة الفتيات وأمهاتهن، لأن البحث عن العريس والهروب من العنوسة يقع على عاتقهن، بينما رجال العائلة ينتظرون ما ستقترحه النساء من عرسان لاختيار المناسب منهم لمكانة العائلة ونسبها القبلي. مواصفات مميزة تتسبب هذه المعايير والشروط في زيادة نسبة العنوسة في صفوف الفتيات حيث إنها تضيّق الخناق على طالبي الزواج، وتقلص دائرة الاختيارات أمام الفتيات، خاصة إذا أخذنا في عين الاعتبار شروطا إضافية يفرضها الوسط العائلي، وتتمسك بها الفتيات مثل المستويين المادي والعلمي للعريس. وأمام هذا الوضع تجد الأسر نفسها مرغمة على البحث عن عريس بمواصفات مميزة يناسب الفتاة والعائلة، وتتبع في سبيل تحقيق هذا الهدف طرقا مختلفة أكثرها شيوعا هو انتداب شخص للبحث عن العريس المناسب والتوسط بينه وبين العروس وأهلها. ويقبل الكثير من الأشخاص لاسيما الرجال أداء هذا الدور، الذي يشبه دور «الخاطبة»، لكنه يحظى باحترام في أوساط المجتمع الموريتاني، على اعتبار أن الدافع إليه هو الحرص على الأجر والثواب، وينجح الوسائط أكثر من الخاطبات في مساعدة أزواج المستقبل على التعارف والسعي إلى التوفيق بينهم لتجاوز عقبات الزواج والارتباط، خاصة أن المجتمع لا يسمح للشباب بالالتقاء والتعارف علنا، والجلسات الخاصة التي تنظمها بعض الخاطبات تلوك سمعة الفتيات ولا تسمح لهن بالتفريق بين من يرغب في الزواج ومن يسعى للتسلية، كما إن المحاذير الاجتماعية وضيق الوقت يجعل الفتيات أسيرات محيطهن الضيق ما يهدد بتحولهن إلى عانسات. وتدفع كل هذه الأسباب الرجال المتزوجين الذين يحظون بمكانة واحترام كبيرين في وسطهم الاجتماعي إلى البحث بطرق سرية عن عريس مناسب. العنوسة في ارتفاع حذرت عدة دراسات من ارتفاع نسبة العنوسة في المجتمع الموريتاني، وربطت هذه الدراسات حل هذه المشكلة بتخفيف القيود المادية والاجتماعية والعرفية على طالبي الزواج وخاصة «كفاءة النسب»، وهو شرط رئيس يقف غالبا عائقا أمام زواج الفتيات. ويقول الباحث الاجتماعي أحمدو ولد محمد سالم إن «الأعراف الاجتماعية تسببت في رفع نسبة العنوسة، وقلصت فرص الزواج خاصة في صفوف الفتيات لأنهن أصبحن محاصرات بجملة من الشروط فضاقت دائرة الاختيارات أمامهن على عكس الرجال الذين يمكنهم الزواج ممن يختارون من دون قيد أو شرط». ويشير إلى أن رفض العوائل لعرسان لا تتوافر فيهم شروط معينة كعدم كفاءة النسب، واختلاف الوسط الاجتماعي أدى إلى ارتفاع نسبة العنوسة في المجتمع الموريتاني بصفة عامة وفي أوساط العائلات الكبيرة بصفة خاصة. ويعتبر الباحث أن تأثير هذا «الفيتو الاجتماعي»، ونتائجه الكارثية على الأسر، هو الذي دفع بعض الرجال إلى لعب دور الوسيط للتوفيق بين العريس وأهل العروس. دور وسطاء الزواج بينما ترفض بعض العائلات أسلوب الوسطاء وترضى بالقسمة والنصيب فلا تبحث عن عريس حرصا على سمعة العائلة، تسعى الكثير من الأسر إلى الحصول على نصائح وجهود هؤلاء الرجال وتطلب الأمهات أو الخالات منهم التدخل والبحث عن عريس «نسيب»، يناسب وزن العائلة القبلي والاجتماعي، والبعض الآخر يجد حرجا في الموضوع فيلجأ إلى الأقارب ليطلبوا منه التوسط للبحث عن عريس. ويدفع نجاح هؤلاء الرجال في إسعاد الكثير من العوائل، التي كانت تشعر بالتعاسة بسبب وضع ابنتها العانس، الأسر المترددة إلى القبول بوساطة هؤلاء الرجال الذين لا يتوقف دورهم في البحث عن عريس بل أيضا في تقريب وجهات النظر بين العريس وأهل العروس، حيث تصاب كثير من الأسر بحيرة حين يتقدم شاب طالبا يد ابنتهم، وتزداد حيرتهم حين يجدون أن هذا الشاب بعيد عن وسطهم العائلي، ولا تربطهم به أية قرابة، لكن هذا الشاب تتوافر فيه جميع مواصفات العريس المميز، وكل ما تحتاج إليه عائلة العروس هو بعض التشجيع لتتخذ قرارها وتوافق على العريس قبل ضياع الفرصة التي قد لا تتكرر مرة أخرى.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©