رأفت الشيخ:
في كأس العالم 1982 قدم المدرب سانتانا كرة قدم رائعة لن ينساها التاريخ بمجموعة من النجوم ضمت زيكو وفالكاو وجونيور وشيريزو وايدر، لكن أصحاب الكرة الجميلة غادروا المونديال دون ألقاب، وبعد 18 سنة استوعب البرازيليون الدرس، وقدموا مع مدربهم كارلوس البرتو كرة أقل إمتاعا، لكنهم حملوا الكأس إلى ريو دى جانيرو، واليوم يأتي برازيلي جديد هو زي ماريو ليقدم كرة واقعية، ويتصدر الدوري، والحقيقة أن كثيراً من المدربين يؤمنون بأنه حتى تهاجم جيدا، لابد أن تدافع جيدا، وأنه لكي تفوز بأي مباراة فإنه لابد أن تدافع جيدا وأن تهاجم جيدا، أما فلسفة زي ماريو مدرب الوصل الذي جدد عقده تعتمد على الدفاع القوي، والهجمات السريعة، وهو بهذا الأسلوب تصدر الدوري·
وقد سألنا زي ماريو مدرب الوصل عن فلسفته في التدريب سواء في النواحي الفنية أو النواحي النفسية فقال: في كرة القدم لابد أن تملك دفاعا جيداً، فالهجوم في الكرة يبدأ من الدفاع، ولا يمكن أن ينسى أي فريق أن يدافع جيداً، وإلا خسر المباراة، كما أنه حتى تهاجم جيداً لا بد أن تدافع جيداً، لأن الهجوم يبدأ بالحصول على الكرة عن طريق الدفاع سواء في وسط الملعب أو في المنطقة الخلفية·
وعن منتخب البرازيل عام 82 الذي يراه البعض الأفضل في تاريخ البرازيل، ومنتخب 1970 وعن الفارق بينه وبين منتخب 1994 الذي فاز بكأس العالم، فقال بالنسبة لي فإن منتخب 82 هو أفضل منتخب شاهدته، فقد كان يقدم كرة حافلة بالمتعة، وكان يضم العديد من الموهوبين أصحاب القدرات العالية مثل زيكو وجونيو وباولو ايزادور وسقراط، ولكن مشكلة هذا الفريق أنه تجاهل الدفاع عن مرماه، ولم يهتم بالدفاع على الإطلاق، لأن أغلب اللاعبين كانوا من أصحاب القدرات الهجومية، بمن فيهم المدافعين، مثل أوسكار وجونيور، ولذلك خرج الفريق من الدور الثاني من كأس العالم، ويضيف المدرب البرازيلي أن منتخب 1994 كان يهتم كثيراً بالدفاع، وكان يعرف كيف يتصدى لهجمات المنافسين، وقائده دونجا يلعب دوراً دفاعياً كبيراً في وسط الملعب، واعتمد على الهجمات السريعة، وحقق اللقب·
ويبدو أن زي ماريو رغم إعجابه بالكرة الجميلة، إلا أنه يدرك أن ذلك وحده لا يحقق البطولات، لذلك اعتمد أسلوباً واقعياً لتحقيق الانتصارات في الملعب، ويقول زي ماريو إنه بعيداً عن النواحي الفنية فإن حديثه دائما مع اللاعبين هو أن يلعبوا من قلوبهم، أن يقاتلوا على كرة، أن يتعلموا الصبر ولا يندفع الفريق إذا استقبل هدفا في مرماه، وقد نجحت فلسفة المدير الفني البرازيلي مع الفهود رغم أنه لا يملك العديد من الخيارات، وهو يلعب أغلب مبارياته بطريقة واحدة هي طريقة 3-5-،2 ولم يتم تغييرها إلى 4-4-،2 إلا في مباريات قليلة، وعندما تأخر فريقه مثلما حدث أمام الأهلي في الدور قبل النهائي في الكأس دفع بالعتزي على حساب أحد المدافعين، ليلعب إلى جوار أندرسون، بينما يكون أوليفيرا يتحرك على الأطراف·
ممنوع التقدم
وعادة فإن تعليمات زي ماريو للاعبيه هي بقاء ثلاثي الدفاع، عبد الله عيسى وعلي محمود وخلف إسماعيل في مراكزهم الخلفية، وعدم التقدم إلى الهجوم أبداً، مهما كانت الظروف، ومهما كانت نتيجة المباراة، وقدرات الفريق المنافس، أما لاعبو الارتكاز صلاح عباس وعيسى على، فإن تعليمات زي ماريو لهما تتوقف على ملعب المباراة، وعلى قوة الفريق المنافس، فعندما يلعب الفهود على ملعبهم يمنح المدرب لاعبه صلاح عباس بعض الحرية في التقدم نحو نصف ملعب الفريق المنافس، بينما يتوقف عيسى على ليكون حائط صد دفاعي أمام ثلاثي الدفاع، أما الظهيران طارق حسن وطارق درويش فيمنع عليهم التقدم معا، وعندما يتقدم طارق درويش فإن على طارق حسن التوقف تماما في مكانه، والعكس صحيح بالطبع، كما أن خالد درويش يدافع هو الآخر من اليسار عند فقدان الكرة، فيما يدافع أوليفيرا من اليمين·
كلمة السر
عادة يقول أي مدرب للاعبيه عليكم بإرسال أكبر عدد من الكرات إلى منطقة جزاء الفريق المنافس، أما زي ماريو فيقول للاعبيه عليكم بإرسال الكرة إلى خالد درويش، باعتباره بادئ أغلب هجمات الوصل، حيث يندفع أوليفيرا بسرعته على الأطراف، سواء في اليمين أو اليسار لصناعة الهجمات والأهداف، سواء لنفسه أو لأندرسون، حيث سجل أوليفيرا خمسة أهداف، وأندرس أحد عشر هدفاً في مسابقة الدوري فقط، وبهذا الاسلوب نجح الوصل في الفوز على أغلب الفرق، فقد هزم الوحدة في المباراة الأخيرة بالكرات المرتدة السريعة، ومن قبله هزم العين في نهائي كأس صاحب السمو رئيس الدولة، والملاحظ في المباراتين أن الوصل سجل هدفين في كل مباراة من انفرادين كاملين، وبنفس الأسلوب هزم الجزيرة في ملعبه بهدف وهزم الشباب في ملعبه أيضا بهدف، والملاحظ أن الوصل عانى كثيرا أمام الفرق التي لجأت إلى ''اقتباس'' نفس الأسلوب، فقد عانى الوصل على ملعبه أمام الشباب، الذي اعتمد على الهجمات المرتدة، كما خسر نقطتين على ملعبه أمام دبي أيضا لأنه لعب بنفس الأسلوب·
أوراق مكشوفة
والحقيقة المؤكدة في الدوري، أن كل الأوراق مكشوفة وكل فريق يعرف قدرات الفرق المنافسة، ونقاط قوتها وضعفها، وكل الفرق أصبحت تعرف كيف يلعب الوصل وكيف يهاجم وكيف يدافع، ولكن الوصل يتفوق على الجميع لأن لاعبيه يعيشون حالة بدنية وفنية جيدة، تجعلهم أكثر تفوقا في الملعب على المنافسين·
عدد اليوم
