الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

موزة المراشدة: فخورة باكتشاف تاريخ بلادي

موزة المراشدة: فخورة باكتشاف تاريخ بلادي
5 يناير 2014 00:52
ترجمت موزة المراشدة عشقها للتاريخ الذي برعت فيه في المدرسة إلى عمل في ميدان التنقيب عن الآثار في إمارة الفجيرة، متخطية كل العقبات والصعوبات التي واجهتها، والطريف أنها في بداية مشوارها المهني اعتمدت المثل القائل «أطعم الفم تستحي العين»، لتكسب ود المسؤولين عن حملات الاستكشاف والتنقيب الذين كانت تعمل برفقتهم. واليوم هي تعمل في الميدان، وكلها فخر باكتشاف المزيد من آثار الحضارات التي عاشت على هذه الأرض الطيبة. موزة المراشدة من فتيات كلباء، وتحمل درجة الماجستير في تاريخ الخليج الحديث والمعاصر، وكان عنوان أطروحتها «خدمات البريد في الساحل المتصالح ما بين 1902 -1971»،. وقد حصلت على الماجستير من جامعة الشارقة، والمراشدة حين كانت تخطو أولى خطواتها نحو الحصول على الماجستير، كانت بعيدا جدا عن هذا التخصص، حسبما يبدو للوهلة الأولى، ولكنها من عاشقات التاريخ، إذ إنها من خريجات دفعة 1999-2000 في جامعة الإمارات، حيث نالت البكالوريوس في التاريخ والآثار. ارتباط قوي ارتباط المراشدة قويا بمادة التاريخ منذ كانت في المدرسة، وكانت تحصل دائما على الدرجة النهائية في المادة، ولذلك ما إن أنهت الثانوية حتى التحقت بجامعة الإمارات، وهي تحلم بالميدان، رغم إنها تعلم أن العادات والتقاليد ستقف عقبة في طريق مواقع التنقيب، في هذا الإطار، تقول المراشدة «أول عقبة كانت عندما أراد أستاذ التاريخ أن نذهب في عمل ميداني في مواقع الهيلي الأثرية، وقد عارض والدي ذلك رغم إن ذلك من متطلبات التخرج، ولكن أختي أعطتني الضوء الأخضر، قائلة: «اذهبي واتركي أمر الوالد علي»، ولا يستطيع أحد أن يشعر بما أحسست به، عندما وطأت قدماي تلك الأرض، التي ضمت تاريخ حضارات قديمة وعظيمة، وكانت تلك المرة الأولى التي أشاهد في موقعا أثريا». وتتابع: «بعد التخرج عملت معلمة تاريخ وبعد شهرين من الانتظار، تحولت حياتي بشكل كلي، حين أخبرتني صديقة إن في إمارة الفجيرة متحف، ولم أكن أعلم بذلك لأني كنت قبل ذلك طالبة تكرس حياتها للتعلم، ومن ثم غادرت إلى العين، ومن تلك المعلومة حصلت على أول تشجيع، فذهبت مباشرة إلى مدير المتحف في السنة ذاتها التي تخرجت فيها، وقدمت أرواقي للعمل معهم، وبعد أسبوع كنت أجرى مقابلة في الموارد البشرية، وكنت ثاني موظفة تعمل تحت مسمى باحثة آثار». وتوضح المراشدة: «خلال سنوات عملي الأولى كنت ألتقي البعثات الأجنبية التي تأتي للتنقيب عن الآثار، ضمن متطلبات دراساتهم العليا. وقد قدمت عدة مرات طلب للمشاركة في الخروج مع البعثات خلال التنقيبات، ولكن كنت أجد نفسي دوما مستغرقة في أعمال أخرى توكل لي، وبعد فترة وجدنا أننا أصبحنا أربع موظفات من خريجات التاريخ والآثار، ولأنني لم أحصل إلا على دورة وحيدة في الإرشاد، فقد أخذت على نفسي أن أتعلم وأدخل دورات على حسابي، وعندما تم تشكيل المجلس الوطني للآثار في دبي عام 2008، تقرر أيضا تشكيل أول فريق وطني من جميع الإمارات، بحيث يمثل كل إمارة عضو أو اثنين، وخلال اجتماع لهم كلفت بأن أحضر اجتماعهم لأسجل المحضر، ومن هناك وجدت الفرصة لأخبرهم أني أطلب العمل في الميدان منذ عام 2005، ولم أحصل على تلك الفرصة، وهكذا قدمت رسالة رسمية لأنضم إلى الفريق كعضو عن إمارة الفجيرة للعمل في الميدان، ضمن الفريق الوطني للمسح والتنقيب الأثري لعام 2011». صعوبات العمل عن الصعوبات التي واجهتها خلال عملها، تقول المراشدة «اكتشفت خلال عملي مع البعثات أنهم يركزون فقط على البحث عن آثار من العصر الحجري والحديدي، ولم يكونوا يهتمون بالعصر الإسلامي، كما إني عانيت في البداية من عدم تجاوب أعضاء البعثات، حيث كانوا يخصصون لي عاملين لنقل الأتربة التي تنتج عن الحفر، ويمنحونني أدوات بسيطة أبحث بها مثل فرشاة الرسم بأحجام، ويطلبون مني البحث من دون مراعاة أني قد بدأت العمل للتو، وليست لديّ أية خبرة سابقة، ولكني كنت مصرة على أن أتعلم، وألا أجعل أي شيء يقف عائقاً ليحبط عزيمتي، لأني لي هدفي هو رد الجميل لوطني». وتضيف: «عندنا مثل يقول «أطعم الفم تستحي العين»، وبه بدأت مسرتي لتحدي تلك المعاملة الجافة من خبراء البعثات، فبدأت أجلب كل يوم أكون فيه في مهمة معهم، المأكولات الشعبية، وكنت وقت الاستراحة أقدمها لهم، وأحاول شرح ماهيتها، وتبدلت الأحوال وأصبحت أقسى واحدة من أعضاء البعثة، لينة وصبورة وطلبت مني أن أحضر كراسة لأسجل فيها كل شيء، حتى لو وقعت على الأرض علي أن أسجل أني وقعت على الأرض والسبب وراء ما حدث، ليكون ذلك توثيقاً لكل ما يحدث لي، ولأتعلم كيف أوثق جهدي». وتتابع: «بعد ثلاثة أسابيع من المسح والتنقيب بدأت تعلمني بشكل أفضل، حيث أخذت أتعلم المسح بأخذ القياسات أولاً، وليس بالفرشاة، حتى أصبحت أفرق بين أنواع الجرار من اللقى التي نجدها، من حيث الخشونة والنعومة وماذا يعني الفرق، وأتذكر أننا أثناء العمل في موقع مسافي عملنا على مسافة كبيرة، والتقيت في إحدى المرات مع مدير متحف رأس الخيمة وهو إنجليزي، ولا أزال أتذكر تلك النظرة والمفاجأة التي أصابته بصدمة عندما قدموني له كباحثة آثار، وكان أول سؤال لهم أن قال: وهل لديهم باحثات آثار؟» تدريب ومثابرة أخذت المراشدة تتدرب لمدة شهرين، إلى ذلك، تقول: «كنت كل أسبوعين أعمل معهم على موقع، حتى وصلنا إلى موقع مسافي خمسة، وهو يعد بالنسبة لي من أهم المواقع، حيث وجدنا سوقاً أثرياً وجداول للمياه وأفلاج، وكانت هناك قبور وجرار ومعبد من العصر الحديدي، وبعد ذلك تسنى لي المشاركة في بعثات أخرى مثل المسوحات الأثرية في كل من مصفوت ومزيرع بعجمان لعام 2012، وضمن فريق البعثة الأسترالية من إحدى الجامعات هناك، وفي مشروع قاعدة بيانات جغرافية بصيغة ثلاثية الأبعاد، على المباني التاريخية باستخدام تقنية حديثة عن طريق توظيف التصوير بالليزر». وتضيف: «ما أزال أذكر أن تلك البعثات كانت تخطط للمسوحات في الشهور الباردة، ولم يكن أحد يعمل في الفصول الحارة أو الفترة الحارة، ولذلك أتذكر أننا كنا نتقوى على العمل والتنقل والجلوس بوضعيات صعبة، ما تطلب منا شرب الكثير من المياه، ولذا أجد أن أفضل وقت للتنقيبات هو من ديسمبر وحتى مارس، هذا بالنسبة لي بعد خبرتي من خلال العمل الميداني». وتؤكد المراشدة «تعد الفجيرة القديمة شاهداً على تاريخها العريق، إلى جانب القلاع الشامخة التي تحكي قصص البطولات، وتهتم الحكومة اهتماماً كبيراً بكل ما يتعلق بالتاريخ والآثار والمتاحف، وحتى اليوم توجد بقايا القلاع القديمة، وحولها بقايا المنازل وما يحيط بها من آثار تدل على تلك الفترة من التاريخ، وهي تضم أهم الحصون والقلاع في الفجيرة، وقد كانت القلعة والحصن الذي تحول لمتحف مقر للأسرة الحاكمة، التي كانت تسكن تلك الحصون أو القلاع، مثل بقية الأسر الحاكمة في مختلف الإمارات، وعلى نمط الأسرة الممتدة، حيث يتم توارث المكان من الأبناء والأحفاد الذين يسكنون مع بعضهم، لافتة إلى أن «كل منطقة من مناطق الإمارة تحكي تاريخها العريق وتشهد على حضارات مرت عليها». الموازنة بين العمل والأسرة حول حياتها الخاصة، تقول موزة المراشدة: «تزوجت مباشرة بعد التخرج في الثانوية، وكنت أدرس في جامعة الإمارات حين أصبح لديّ أطفال، ووجدت نفسي ذات يوم مسؤولة عن كل شيء يخصهم، فكنت الأب والأم والأخت، ولم أبخل عليهم، ولا على حياتي معهم بشيء، وأني فخورة بكوني لا أترك العمل يأخذ كل وقتي، فرغم الجهد والمشقة، فإني أحاول أن أجد الوقت للتواصل الاجتماعي، حتى تكون لنا حياة مع الأهل والجيران، فنحن جزء من المجتمع، ولا يجب الانشغال بالعمل وحسب».
المصدر: كلباء
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©