الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إسرائيل... سيناريو التصعيد على جبهتين

إسرائيل... سيناريو التصعيد على جبهتين
17 نوفمبر 2012
لم تعمر الهدنة المؤقتة بين إسرائيل وغزة طويلاً على هامش الزيارة التي قام بها يوم أمس الجمعة رئيس الوزراء المصري، هشام قنديل، إلى القطاع، بل سرعان ما انهارت مع استمرار تبادل القصف بين الجانبين واستهداف الطيران الإسرائيلي لمواقع عدة داخل القطاع، هذا في الوقت الذي وصلت فيه الصواريخ الفلسطينية إلى عمق غير مسبوق بعدما سقطت بالقرب من تل أبيب. وأثناء تواجده بقطاع غزة قام هشام قنديل بصحبة رئيس الحكومة، إسماعيل هنية، بزيارة أحد المستشفيات حيث يرقد عدد من الجرحى الفلسطينيين الذين أصيبوا جراء القصف الإسرائيلي ليعقد بعدها مؤتمراً صحفياً بدا فيه رئيس الحكومة المصري متأثراً وهو يرفع كُم القميص الملطخ بدماء الجرحى، قائلاً “لا يمكن تجاهل هذه المأساة وعلى العالم بأسره أن يتحمل مسؤولياته لوقف هذا الاعتداء، ونحن نقف معكم”؛ وجاءت زيارة قنديل بعد ليلة من القصف الجوي المتواصل على القطاع من قبل الطيران الإسرائيلي الذي توعدت به إسرائيل عقب استهداف منطقة تل أبيب في الليلة السابقة، وأفادت المصادر الإسرائيلية أن الجيش ضرب 150 موقعاً لإطلاق الصواريخ داخل القطاع، مؤكدة تراجع قدرة المسلحين على إطلاق المزيد منها، والأكثر من ذلك أعلن الجيش الإسرائيلي صبيحة أمس الجمعة عن استدعائه لحوالي 16 ألفاً من جنود الاحتياط استعداداً على ما يبدو لاحتمال القيام بعملية برية واسعة داخل القطاع، وكان التصعيد العسكري قد وصل ذروته يوم الخميس الماضي عندما وصلت الصواريخ الفلسطينية لأول مرة إلى داخل العمق الإسرائيلي لتسقط بالقرب من تل أبيب، بحيث سُمعت صفارات الإنذار بعد الغروب في العاصمة الساحلية للدولة العبرية فيما كان الطيران الإسرائيلي يمطر قطاع غزة بالصواريخ. ويأتي التصعيد الأخير في سياق المناخ الجديد الذي تعيش على وقعه المنطقة العربية وسعي كل من حماس وإسرائيل لاستغلاله لصالحهما، فالخلفية التي يجري فيها الصراع تختلف عن تلك التي كانت سائدة في المنطقة خلال الهجوم السابق لإسرائيل على قطاع غزة في 2008 عندما كان مبارك على رأس مصر، وهو الوضع الذي يختلف تماماً مع الحكومة الإسلامية التي تحكم اليوم في القاهرة بعد الربيع العربي، كما أن إسرائيل التي كان يمكنها في السابق التعويل على الرئيس المخلوع حسني مبارك للضغط على حماس وعزلها تحاول التعامل مع حكومة إسلامية تجد نفسها تحت ضغوط شعبية تطالبها بمراجعة العلاقة مع إسرائيل، هذا في الوقت الذي تشعر فيه حماس بعد سنوات من العزلة بقوة جديدة بفضل علاقاتها المستجدة مع القاهرة ودعم قوى إقليمية أخرى مثل قطر. ويُذكر أن العملية الإسرائيلية الأخيرة في قطاع غزة والتي تقول الرواية الإسرائيلية إنها جاءت رداً على صواريخ المسلحين في القطاع، بدأت يوم الأربعاء الماضي مع اغتيال القائد العسكري البارز في حركة حماس، أحمد الجعبري، حينها خرج آلاف الغزيين إلى الشوارع للمشاركة في تشييع الجثمان، حيث تعهدت حماس برد قاس على الهجوم الإسرائيلي وطالبت بدعم الدول العربية، وعلى إثر ذلك أبدت مصر مساندتها الواضحة لقطاع غزة من خلال سحب سفيرها لدى إسرائيل وفتح المعبر الحدودي مع غزة، بالإضافة إلى إرسال وفد رفيع المستوى إلى القطاع يوم أمس الجمعة يقوده رئيس الحكومة، هشام قنديل. ويشار إلى أنه في يوم الاثنين الماضي، واجهت إسرائيل احتمال تكثيف العمل العسكري على جبهتين في وقت ضربت فيه قذائف أُطلقت من غزة مناطقَها الجنوبية لليوم الثالث على التوالي. وقال الجيش الإسرائيلي إنه قصف بطارية مدفعية سورية بعد سقوط قذيفة طائشة بالقرب من أحد مراكزه في مرتفعات الجولان. وقد شكَّل الهجوم على بطارية المدفعية المتحركة المرةَ الأولى التي تشتبك فيها القوات الإسرائيلية مع جنود سوريين في حدود الجولان منذ حرب 1973، كما رفع التوتر عبر خط لوقف إطلاق النار ظل هادئاً لعقود. وأعلن الجيش الإسرائيلي يوم الأحد أنه أطلق صاروخاً موجهاً مضاداً للدبابات في سوريا كتحذير للجيش السوري، وذلك بعد سقوط قذيفة أخرى طائشة أُطلقت في القتال بين جنود سوريين وثوار. وقد أعقبت الردود الإسرائيلية عدداً من الحوادث الأخيرة التي سقطت فيها ذخيرة طائشة من الاشتباكات في سوريا في أراض تقع تحت السيطرة الإسرائيلية. تجدد القتال يوم الاثنين الماضي، زاد من التخوفات بشأن إمكانية أن يجر النزاع السوري القوات الإسرائيلية إليه على مرتفعات الجولان. والجدير بالذكر هنا أن القتال الدائر في سوريا سبق أن أدى إلى اشتباكات متفرقة على حدود البلد مع لبنان وتركيا والأردن، مما أثار المخاوف من إمكانية أن يؤدي إلى نزاع إقليمي أوسع. ويوم الاثنين، قصفت طائرات سورية بلدة يسيطر عليها الثوار على الحدود التركية، ما أسفر عن مقتل أكثر من اثني عشر شخصاً. ويوم الاثنين أيضاً تم الاعتراف بمنظمة جديدة تنضوي تحت لوائها مجموعاتُ المعارضة السورية من قبل مجلس التعاون الخليجي، في ما يمثل أول دعم رسمي تتلقاه المنظمة. وقال بيان للجيش الإسرائيلي حول الحادث الذي شهدته الجولان يوم الاثنين الماضي إن قذيفة أُطلقت “في إطار النزاع الداخلي الدائر في سوريا، سقطت من دون التسبب في أذى في منطقة مفتوحة بالقرب من مركز للجيش وسط مرتفعات الجولان -وهو المركز نفسه الذي سقطت فيه قذيفة هاون طائشة يوم الأحد الماضي. وأضاف البيان أن الجنود الإسرائيليين ردواً على ذلك بإطلاق “قذائف مدفعية تجاه مصدر إطلاق النار”. كما قال مسؤولون عسكريون إن نيران المدفعية ضربت وحدة مدفعية سورية متحركة وإنه لم يكن ثمة رد من القوات السورية. ولم تعلق سوريا على الحادث، كما أن الخبر لم يذع على وسائل الإعلام التابعة للدولة. “إيال زيسر”، الخبير في الشؤون السورية بجامعة تل أبيب، قال إنه رغم هذه الحوادث فإنه لا إسرائيل ولا الحكومة السورية المطوقة بالمشاكل لديها مصلحة في توسيع الأعمال الحربية. وقال في هذا الصدد: “إنه شيء لا يرغب أي من الجانبين الدخول إليه”، مضيفاً “إنه حادث محلي ومحدود جغرافياً”. وقال وزير الدفاع إيهود باراك يوم الأحد الماضي إن الجيش تلقى أوامر بالعمل على تجنب امتداد القتال في سوريا إلى حدود الجولان. بيد أن كبار المسؤولين الحكوميين والعسكريين بدوا منشغلين أكثر يوم الاثنين الماضي بهجمات القذائف في الجنوب، حيث اجتمع رئيس الوزراء نتنياهو مع باراك وقائد أركان الجيش لمناقشة الردود الممكنة التي يمكن أن تستجيب لمطالب متزايدة من قبل الجمهور بالتحرك، ولكن من دون أن يؤدي ذلك إلى تنديد دولي وقطع للعلاقات مع مصر، التي توسطت بين إسرائيل و”حماس”. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي لجمع من السفراء الأجانب الذين استدعاهم إلى مدينة عسقلان الواقعة في الجنوب، وهي واحدة من المناطق التي كانت هدفاً لضربات القذائف: “إننا سنتخذ كل ما هو ضروري من أجل وضع حد لهذا”، مضيفاً “إن لدينا الحق في الدفاع عن شعبنا، وهذا ما نعتزم القيام به”. وأعلن الجيش الإسرائيلي أن عدد الهجمات بواسطة القذائف والهاون من غزة تراجع إلى 12 يوم الاثنين، مقارنة مع 75 في اليوم الذي قبله. ومع ذلك، فإن تواصل ضربات القذائف أثار قلق الإسرائيليين عبر قطاع واسع من البلدات والمناطق الزراعية، التي أدى فيها انطلاق صفارات الإنذار بين الحين والآخر إلى لجوء الناس إلى الملاجئ كما تعرض عدد من المنازل للأضرار. وكان مقاتلون في غزة بدأوا بإطلاق القذائف يوم السبت الماضي بعد مقتل أربعة فلسطينيين وإصابة نحو أربعة وعشرين آخرين جراء القصف الإسرائيلي الذي جاء رداً على هجوم حدودي أصاب أربعة جنود إسرائيليين. وأطلق استمرار إطلاق النار من غزة جولةً من النقاش والتكهنات في إسرائيل حول العمل العسكري الذي يمكن القيام به من أجل وقف هجمات القذائف. وفي هذا الإطار، أشار معلقون إلى إمكانية استهداف قادة “حماس” في غزة، أو قطع الإمدادات عن القطاع، أو حتى شن هجوم بري. غير أن بعض المحللين يقولون إنه على الرغم من الحديث الصارم عن رد حاسم، فإن خيارات إسرائيل في غزة محدودة. وفي هذا السياق، كتب “عاموس هارل”، المراسل العسكري لصحيفة هآرتس، في مقال مشترك مع “آفي إيساكروف”، مراسل الصحيفة للشؤون الفلسطينية: “إن إسرائيل تخشى مواجهة مباشرة مع النظام الجديد في مصر وتدرك أن لا الولايات المتحدة ولا أوروبا ستطيقان عملية عسكرية كبيرة النطاق هذه المرة”. ويذكر أن إسرائيل شنت هجوماً مدمراً على “حماس” في غزة قبل قرابة أربع سنوات في محاولة لوقف إطلاق القذائف. ومنذ ذلك الوقت توقفت “حماس” إلى حد كبير عن إطلاق النار على إسرائيل، وإن استمرت مجموعات مقاتلة صغيرة في هجماتها، وخاصة بعد ضربات إسرائيلية بواسطة طائرات من دون طيار تستهدف أعضاءها. وبعد اجتماع بين قادة “حماس” وممثلي فصائل مقاتلة أخرى في غزة ليلة الاثنين، أشارت الفصائل إلى أنها ستكون مستعدة لوقف إطلاق النار إذا أوقفت إسرائيل هجماتها على غزة. جويل جرينبرج وكارين برويارد القدس ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©