الأحد 5 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«علم ابنك كيف يفكر» يحيط الآباء بطرق التعليم الصحيحة لصغارهم

«علم ابنك كيف يفكر» يحيط الآباء بطرق التعليم الصحيحة لصغارهم
18 نوفمبر 2012
كيف يمكن أن تسلك سبل تعليم التفكير الصحية؟ هذا ما حاولت سوسن عطية، الحاصلة على دكتوراه في التربية وعلم النفس التعليمي في مؤلفها «علم ابنك كيف يفكر» إيجاد إجابة له، إلى جانب إثارة أسئلة أخرى ومحاولة الرد عليها من خلال نتائج ما توصل إليه الباحثون في مجال التفكير الذي يتمتع بعدد من التعريفات، مستعينة بقصص من التراث توضح أهمية التفكير وأهمية الخروج عن أنماط التفكير التقليدية، مؤكدة أن التفكير قابل للتنمية والتطوير من خلال التدريب. لكبيرة التونسي (أبوظبي) - يطرح كتاب «علم ابنك كيف يفكر»، لسوسن عطية، الحاصلة على دكتوراه في التربية وعلم النفس التعليمي، عدة عناوين تحيط الآباء بطرق تعليم الصحيحة منها ما هو التفكير؟ وهل يمكن تنمية التفكير؟ ولماذا يجب أن ننمي التفكير؟ وكيف نجعل من أسرنا بيئة ثرية تنشط التفكير؟ وكيف ننمي تفكير أبنائنا؟ محور حياة اختارت مؤلفة الكتيب، الذي يدخل ضمن مجموعة من الكتيبات التي صدرت في سلسة واحدة بعناوين مختلفة الحديث عن التفكير في البداية، وقالت عطية «التفكير هو محور حياة الإنسان فهو يدخل في كل مجالات حياة الفرد اليومية». وتضيف «يهتم هذا الكتيب بنوع من التفكير الذي له أهمية وهو التفكير الجيد الذي له شروطه والذي يدور حول المشاكل اليومية الواقعية التي تنشأ كل يوم نتيجة للاحتكاك بالآخرين والتعامل معهم، وهي مشاكل غير محددة لا يوجد لها حل واحد وقد ينقصنا كثير من المعلومات عند محاولة حلها وعلينا السعي للحصول على المعلومات التي نحتاجها وهو ما يقوم به الأفراد دائماً، ولكن في الحقيقة قد يكون الحصول على كل المعلومات المطلوبة أمراً صعباً وقد يكون مستحيلاً وبالرغم من ذلك يكون علينا القيام بأفعال واتخاذ قرارات بالرغم من نقص هذه المعلومات ولذلك علينا التفكير الجيد لتعويض هذا النقص». وتستدل الكاتبة بوقائع من الحكايات القديمة لتقريب الفكرة، وتقول «طُلب من ثلاثة عميان لم يسبق لهم أن رأوا فيلاً أو سمعوا وصفه أن يصفوا الفيل بعد السماح لهم بلمس جزء منه فسمح للأول بلمس خرطوم الفيل وسمح للثاني بلمس ناب الفيل وسمح للثالث بلمس رجل الفيل، وكان وصف كل واحد منهم للفيل مطابق لوصف العضو الذي لمسه، ولكن وصف الفيل شيء مختلف، وهكذا التفكير كل من يعرفه يُعرفه من خلال الاتجاه الذي يتبناه، خاصة أن أنشطة التفكير غير مرئية وغير ملموسة، ويستدل عليها من السلوك الظاهري للفرد الذي قد يتمثل في الكلام والكتابة والإشارة والانفعالات والحركات». وتضيف «من تعريفات التفكير أنه المهارة التي تدفع بالذكاء إلى العمل. ولتوضيح العلاقة بين الذكاء والتفكير شبه العالم دي بونو الذكاء والتفكير بالسيارة والسائق، فقوة السيارة تمثل القدرات أما قيادة السيارة فتمثل المهارة، فالسائق الماهر يستطيع قيادة أي سيارة مهما كانت إمكاناتها بفعالية عالية». تعريفات كثيرة وللتفكير تعريفات كثيرة، إلى ذلك، تقول عطية «التفكير هو عبارة عن سلسلة من النشاطات العقلية التي يقوم بها الدماغ عندما يتعرض لمثير يتم استقباله عن طريق واحدة أو أكثر من الحواس الخمس البصر، السمع، الشم، اللمس، التذوق، ومن النشاطات التي يقوم بها الدماغ لمعالجة المثيرات أو المعلومات التي تصل إلى الذاكرة البحث عن معنى لهذه المعلومات، إذ يحدث ربط بين المعلومات الجديدة والمعلومات السابقة حتى تصبح جزءا من البناء المعرفي للفرد، ومن الأنشطة أيضاً مجرد تخزين هذه المعلومات أو عمل تصنيف لها أو مقارنتها بمعلومات أخرى أو استخدام هذه المعلومات في حل المشكلات واتخاذ القرارات وأحياناً يتم تحليلها ونقدها إلى غير ذلك من الأنشطة». ولتوضيح معنى التفكير، تقول «لتوضيح معنى التفكير نعرض المثال التالي: ذهب طفل مع أمه إلى حديقة الحيوان فرأى كائنا يطير فسأل أمه ما هذا الطائر؟ فقالت له الأم: هذه حمامة وأثناء سيره في الحديقة رأى طائراً آخر، وقال حمامة ثانية فقالت الأم: هذه ليست حمامة هذا طائر النورس. وسأل الطفل أمه وما الفرق ين الاثنين؟ قالت الأم سوف أوضح لك، وعندما رجعت الأم إلى المنزل أحضرت له صورة للحمامة وصورة لطائر النورس ووضحت له أوجه الشبه وأوجه الاختلاف، وقام الطفل بعد رؤيته للطائر بعدة أنشطة عقلية منها التساؤل والمقارنة». وتضيف عطية «من تعريفات التفكير أيضاً أنه ما يحدث عندما يواجه شخص مشكلة ما؛ فلو عرضت مشكلة أمام شخص مثل كيف يمكنني زيادة دخلي؟ يبدأ الدماغ في العمل من خلال عدة عمليات منها إيجاد عدد من البدائل التي يمكن من خلالها زيادة الدخل، ثم يبدأ في ممارسة عملية أخرى لعرض مزايا، وعيوب كل بديل تم التفكير فيه وعمليات أخرى كثيرة». بلاستيكية المخ كانت هناك مدرسة ترى أن الذكاء الذي هو أساس التفكير هو نتاج الوراثة فقط، ولا يمكن تنميته وفي المقابل ظهر توجه آخر يرى أن الذكاء هو نتاج لتفاعل الفرد مع بيئته ولا يعطى أهمية لعنصر الوراثة، ثم ظهر توجه تفاعلي يرى أن لكل فرد ميراث وراثي في الذكاء، ولكن هذا لا يعني أن يبقى إلى نهاية العمر في حدوده، ولكن يمكن استثمار هذا الميراث والوصول به إلى أقصى حدود ممكنة، إلى ذلك، تقول عطية «تأكدت مصداقية التوجه التفاعلي بعد التقدم التكنولوجي الذي سهل دراسة المخ دراسة أكثر شمولية وأظهرت نتائج هذه الدراسات أن المخ قابل للتعديل والنمو، وهو ما يسمى ببلاستيكية المخ، أي قابليته لإنشاء وصلات جديدة بين الخلايا العصبية و إعادة تشكيل المخ من الناحية الوظيفية كلما تعرض المرء لمثيرات جديدة. ويحدث هذا في أي عمر، فكلما تعلم الإنسان أشياء جديدة، تطور مخه واتسعت المناطق المسؤولة عن هذه الأنشطة في المخ». وتضيف «كان نتيجة لاكتشاف بلاستيكية المخ ظهور مفهوم جديد وهو الإثراء، وهو يعني خلق بيئة تنشط المخ وتتيح للطفل الفرص لتنمية طاقاته وإمكاناته الكامنة إلى حدها الأقصى، وكان لهذا المفهوم أثر كبير جداً في إعادة النظر إلى معادلة الوراثة والبيئة بما يثبت تقدم البيئة وأثرها وهو ما أكد على إمكانية تنمية التفكير». وتتابع «يقدم فيجوتسكي مفهوما يوضح أثر البيئة على التفكير «حيز النمو الممكن» وهو الفرق بين ما لدى أبنائنا من إمكانات وما يحققونه فعلاً وهو يعني أن الإنسان لديه إمكانات قابلة للنمو إذا توافرت له بيئة ثرية ووسيط جيد». وتشير إلى أن المهارات لا تتطور بشكل تلقائي، ولكن من خلال التدريب. وتضيف في السياق ذاته «يذكر دي بونو أن مهارة التفكير يمكن تعلمها مثل أي مهارة السباحة قيادة السيارة، لعبة التنس وزيادة التدريب على هذه المهارة يساعد على إتقانها، فمهارات التفكير لا تنمو بالنضج والتطور الطبيعي وحده، ولا تكتسب من خلال تراكم المعلومات والمعرفة فقط، بل لابد من أن يكون هناك تعلم منتظم وتمرين عملي متتابع لها، ومهارة التفكير تتضمن معرفة ماذا سنفعل، ومتى نفعله، وكيف، وما الأدوات اللازمة، والنتائج وما ينبغي أخذه بعين الاعتبار، فهو مهارة يمكن تنميتها وهذا ما أظهرته الدراسات الحديثة فالتفكير ليس مثل لون العين أو الطول لا يمكن تعديله، وإنما هو المهارة الفعالة التي تدفع بالذكاء الفطري إلى العمل». التنمية والتطوير فصلت عطية الكتيب إلى عدة عناوين ومن هذه العناوين طرحت سؤالا عن كيفية تنمية التفكير وتقول في هذا السياق» إن نوعية الحياة التي نعيشها تتوقف على نوعية تفكيرنا، وتعليم التفكير يزيد من إنسانية أبنائنا ويساعدهم على الإحساس بقيمتهم، إذ أظهرت الدراسات أن تنمية التفكير تعمل على تنمية شخصية الإنسان ككل سواء في الجانب العقلي أو الجانب الوجداني أو الجانب الاجتماعي؛ فتنمية التفكير تجعل أبنائنا أكثر قدرة على حد المشكلات وأكثر ثقة بالنفس وأكثر إصغاء للآخرين وأقل أنانية وأقل عدوان وأكثر قدرة على تقبل الاختلاف في الرأي، فأساس مشاكل كثيرة من عدوان وإرهاب يكمن في عدم القدرة على تقبل الاختلاف، وتنمية التفكير تجعل أبناءنا أكثر قدرة على التحصيل وأكثر قدرة على التعلم الذاتي، ما أشد حاجة أبنائنا إلى تنمية تفكيرهم فهم يعيشون في عالم متغير ويزداد تعقيداً، لذلك لابد أن يكون لديهم القدرة على التكيف مع هذا المجتمع بشكل إيجابي ويكونوا قادرين على حل المشكلات التي تقابلهم في الحياة بطريقة فعالة وهذا ما يتحقق لهم عند تنمية تفكيرهم، وتنمية تفكير أبنائنا يساعدهم على توسيع مجال إدراكهم، فعادة الإنسان يفكر وفق قيود ترتبط بأسلوبه في التفكير ومعارفه، ويجد نفسه محصور في أنماط تقليدية للتفكير واستمرار بقائه داخل هذه الدائرة يحرمه من فرص الاكتشاف والبحث خارجها».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©