الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حرب نتنياهو «الانتخابية» في غزة!

حرب نتنياهو «الانتخابية» في غزة!
18 نوفمبر 2012
بدت المواجهات بين إسرائيل و”حماس” مشرعة على احتمالات التصعيد يوم الجمعة الماضي، وذلك علي رغم زيارة الوفد المصري إلى قطاع غزة بقيادة رئيس الحكومة، هشام قنديل، حيث إنها فشلت على ما يبدو في التوصل إلى تفاهم لإرساء تهدئة بين الطرفين ووقف إطلاق النار الذي يهدد بإدخال المنطقة في مزيد من الاضطراب. ولأول مرة منذ فترة طويلة سُمعت في مدينة تل أبيب ومحيطها صفارات الإنذار محذرة من سقوط الصواريخ التي تطلقها فصائل المقاومة الفلسطينية. كما نقلت مصادر إسرائيلية تأكيد سقوط صاروخ بالقرب من القدس واستدعاء الحكومة لآلاف من جنود الاحتياط استعداداً لاجتياح بري محتمل لقطاع غزة، وهو الاحتمال الذي ما زالت إسرائيل مترددة في الإقدام عليه لما يمثله من أخطار ومسؤوليات يتعين على إسرائيل التعامل معها، فأي دخول للقطاع سيعني القضاء على حكم “حماس” وإزالتها من السلطة، وهو أيضاً يعني تحمل إسرائيل لمسؤولية القطاع وسكانه وتأجيج الصراع مع مصر التي لا تريد دخول إسرائيل القطاع وتجهد لإرساء هدنة بين الطرفين. ولكن مشهد الإسرائيليين المذعورين في تل أبيت وهم يهرولون بحثاً عن الحماية ويختبئون في الملاجئ يمثل نقلة نوعية في رمزية الصراع، وخطوة مهمة تخطتها الفصائل الفلسطينية المسلحة في معركتها مع إسرائيل باعتبارها المرة الأولى التي تصل فيها الصواريخ الفلسطينية إلى عمق إسرائيل وتثير الرعب في نفوس الإسرائيليين. وهذه الجرأة الفلسطينية التي أظهرتها الفصائل المسلحة، والتي يبدو أنها قد تمكنت من بناء ترسانتها الصاروخية منذ الهجوم الإسرائيلي على القطاع في 2008، قد تدفع الساسة الإسرائيليين إلى تصعيد الموقف وتوسيع الرد العسكري إلى درجة قد تهدد حكم “حماس” في قطاع غزة. وعن هذا الموضوع يقول “مير إيلرام”، وهو زميل في معهد الدراسات الأمنية والقومية بجامعة تل أبيب: “يمثل ضرب العاصمة نقلة كبيرة من جماعة متطرفة إلى آلة شبه عسكرية، لقد تجاوزوا الخط”، مضيفاً “لكن التسبب في خسائر بتل أبيب قد يدفعنا لتغيير سياستنا تماماً، وإذا دُفعت إسرائيل خارج نطاق الرد العقلاني، فإن حماس ستخسر كثيراً”. ويزعم “إيلرام” أن إسرائيل من خلال المواجهة الحالية حققت بعض الإنجازات المهمة بحيث ألحقت دماراً كبيراً بمخابئ الأسلحة التابعة لحماس، وقتلت أحد قادتها العسكريين البارزين”. فيما تمكنت “حماس” هذه المرة من تقليص عدد القتلى المدنيين والمس بصورة إسرائيل على الساحة الدولية.وفي نفس السياق أكد الجيش الإسرائيلي أن نظام القبة الحديدية لاعتراض الصواريخ تمكن من إسقاط مئة صاروخ فلسطيني، محققاً نجاحاً بنسبة 80 في المئة. غير أن إسرائيل وعلى رغم وصول الصواريخ إلى مدنها الكبرى وضعت أهدافاً محدودة لعمليتها العسكرية، بحيث ركزت على معاقبة “حماس” وتعزيز قوة الردع في المستقبل دون أن تعلن هدف إسقاط “حماس”. فعلى غرار ما حدث في حرب 2006 مع “حزب الله” والهجوم على غزة في 2008-2009 امتنعت إسرائيل عن تحديد هدف الإطاحة بخصمها لما يعنيه ذلك من ضرورة البقاء على الأرض واحتلال المناطق التي دخلتها. وأكثر من ذلك يخشى الساسة الإسرائيليون من أن اجتياحاً لغزة قد يضع ضغوطاً هائلة على الحكومة الإسلامية في القاهرة ويضطرها إلى مراجعة اتفاقية السلام الموقعة مع إسرائيل، ولاسيما في ظل التعاطف الواضح والمؤازرة الجلية اللتين عبر عنهما رئيس الوزراء المصري، هشام قنديل، تجاه قطاع غزة خلال زيارته له يوم الجمعة الماضي، وهذا التخوف من غزو غزة وتداعياته اللاحقة أشار إليه “عاموس يالدين”، مدير الاستخبارات العسكرية السابق في إسرائيل بقوله “إن الرجوع إلى الوضع الذي كانت فيه إسرائيل تسيطر على مليون ونصف مليون فلسطيني في قطاع غزة يمثل خطأ استراتيجياً كبيراً”. ولكن حتى الاقتصار على تحقيق قوة الردع التي تطمح إليها الدولة العبرية يظل هدفاً ضبابياً في ظل غياب مؤشرات واضحة لقياس النجاح، فعلى رغم أن الحرب السابقة في غزة ضد “حماس” انتهت بتوقيع هدنة طويلة مع احتفاظ إسرائيل باليد العسكرية الطولى، إلا أن هذه المكاسب تعرضت للتقويض بسبب الانتقادات الدولية لإسرائيل نتيجة سقوط ضحايا مدنيين. وفي غضون عام أيضاً بدأت قوة الردع الإسرائيلية في التلاشي مع استئناف العمليات التي تغاضت عنها الحكومة الإسرائيلية. أما في الحرب ضد “حزب الله” في جنوب لبنان خلال 2006 فهي على رغم انتهائها بانتصار رمزي للميليشيا الشيعية وانسحاب إسرائيل من الجنوب، إلا أنها أيضاً أفضت إلى اتفاق لوقف إطلاق النار استمر لست سنوات حتى في ظل بناء “حزب الله” لترسانته الصاروخية. ولكن على رغم الحسابات المحلية التي قد تكون دفعت إسرائيل إلى تصعيد العملية العسكرية والتهديد بتوسيع رقعتها من خلال اجتياح بري لأراضي غزة، يشير العديد من الفلسطينيين إلى أن ما يحرك نتنياهو والساسة الإسرائيليين هو اعتبارات السياسة الداخلية، حيث يبدو، حسب بعض التحليلات في الصحافة الإسرائيلية، أن نتنياهو يسعى إلى تعزيز حظوظه الانتخابية وتكريس شعبيته لدى الرأي العام قبيل الانتخابات العامة المقبلة في إسرائيل، وهو ما أكده روفين حازان، رئيس قسم العلوم السياسية بالجامعة العبرية قائلًا إنه على رغم تفضيل نتنياهو التركيز على الملف النووي الإيراني، إلا أن الصواريخ الأخيرة التي تطلق من غزة جعلته يتحرك بقوة حتى لا يظهر أنه ضعيف أمام الرأي العام، مضيفاً أن رئيس الحكومة في إسرائيل “يضع حملته السياسية برمتها في يدي كل طيار يحلق فوق غزة، ذلك أن الطيارين الإسرائيليين ينتمون للنخبة العسكرية وهم مدربون تدريباً عالياً، ولذا فإن التعويل عليهم يفوق التعويل على القوات البرية، والحال أنه ما لم ندخل غزة فلن نحقق انتصاراً واضحاً”! وعلى رغم المحاذير التي تحيط بعملية برية واسعة تدفع بالقوات الإسرائيلية إلى داخل قطاع غزة، إلا أن المسرح الداخلي في الدولة العبرية يبدو مهيأ لتقبل الفكرة في ظل المزايدات السياسية التي تسبق عادة الانتخابات العامة، ولاسيما مع غياب معارضة قوية لفكرة الاجتياح البري، حيث كان لافتاً تعليق زعيمة حزب العمل، شيلي ياسيموفتش، على عملية اغتيال أحمد الجعبري، قائد كتائب عز الدين القسام التابعة لـ”حماس”، بأنها عملية “مذهلة”. بل إن شمعون بيريز الذي يحسب عادة على الحمائم في الدولة العبرية قال يوم الجمعة تعليقاً على ما يجري “هذه ليست حرباً تطلقها إسرائيل وإنما عملية مشروعة للدفاع عن المدنيين”. وفي العموم يبقى الوضع بالنسبة لغزة معقداً ومتشعباً إلى حد بعيد ما يفرض على إسرائيل التريث والتفكير ملياً قبل الزج بجنودها داخل قطاع غزة، فقد استفادت “حماس” من الظروف الجديدة بالشرق الأوسط التي شهدت انتفاضات “الربيع العربي” والإطاحة بأنظمة كانت إسرائيل تعول عليها في كبح جماح الفصائل الفلسطينية المسلحة، كما أن وصول الإسلاميين إلى الحكم في مصر والضغوط الشعبية الممارسة هناك يجعل إسرائيل في موقف لا تريد من خلاله تهديد اتفاقية السلام مع جيرانها، أو إحراج مصر، وبالتالي تعميق الهوة بين النظام الجديد في القاهرة والمصالح الإسرائيلية بالمنطقة. جوشوا ميتنيك، وكارين بويارد القدس المحتلة ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©