الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الثقافة.. الإمام الغائب

25 مارس 2009 02:31
إذا كنا نسلم بأن الإسلام في جوهره نظام للتنوير وإنارة للعقول ومنهج واضح للتعليم الروحي، من أجل تصحيح السلوك ونشر الفضيلة، فمن أين يستقي القتلة والإرهابيون أفكارهم إذن؟! أريد أن أقول بوضوح إن غياب المشروع الثقافي هو الذي أوجد هذا الفراغ الذي بدأ بملئه الفكر المتطرف. وربما يكون مفيداً أن نتوقف عند تعريف التنمية الذي يعرفها بأنها العلم حين يصبح ثقافة، وعلى هذا الأساس يكون التخلف ليس غياب العلم، وإنما انفصال العلم عن الثقافة، فالعلم لا يرتبط بالمعرفة وحدها وإنما يرتبط بالروح العلمية النقدية. وإذا نظرنا إلى جامعاتنا فإننا سنجدها تعطي طلابها العلم بدون الثقافة ويأتي التطرف ليملأ الفراغ ويقدم نفسه كثقافة. فأساتذة الجامعة يقدمون آراءً أحادية مغلقة تجعل الطلاب على أتم الاستعداد للتعصب والتطرف ورفض الرأي المخالف وخاصة إذا أضفنا إلى ذلك ما يحمله الطلاب معهم من ثقافة تلقوها في المدرسة والمسجد مبنية على التلقين والحفظ، ولذلك ليس غريباً أن تكون المعاهد والجامعات أهم الساحات التي يستقطب فيها التطرف الأنصار والأتباع فالذين قاموا بالعمليات الأخيرة في حضرموت ينتمون إلى الجامعة. نحتاج إلى مشروع ثقافي تقوم به وزارة الثقافة التي ما زالت غائبة وكأنها لا علاقة لها بالثقافة، هذا المشروع لا بد أن يعمل على إيقاف استخدام الإسلام شعاراً للاحتجاج والتعبئة السياسية، ولا نتجاوز الحقيقة إذا قلنا إن هناك أسباباً لهذا التطرف من أهمها اختراق الجماعات المتطرفة نظام التعليم بكل مؤسساته، فهناك جهات تنشئ أتباعها على التطرف الايديولوجي بحيث تجعل الطلبة أدوات طيعة يسهل تجنيدهم في شبكات التطرف وخاصة كتاب الثقافة الإسلامية الذي ينضح بكراهية الآخر وتكفيره، إضافة إلى أن التعليم في هذه المؤسسة يقوم على التلقين وتقوية الذاكرة ولا يقوم على النقد ولا على الحوار بين الأفكار، بعبارة موجزة النظام التعليمي يبذل جهده كله لصوغ العقل الاتباعي ويتجنب صياغة العقل النقدي، والعقل الاتباعي يسهل السيطرة عليه في حين أن العقل النقدي متمرد بطبيعته، ولعل أخطر ما يجري داخل التعليم هو وجود بعض هذه المؤسسات التعليمية التي تقوم على التعليم الديني وتجافي التعليم المدني، هذه المؤسسات تساعد على بلورة رؤى للحياة تتسم بالانغلاق ويغلب على مناهجها النقل وليس العقل، إضافة إلى التأويل المنحرف للنصوص الدينية التي تطبقها الجماعات المتطرفة والتي تستغل غياب الوعي الثقافي القادر على مواجهة التطرف. إننا نجني اليوم نتائج الفصل بين الثقافة والتعليم حيث أصبحت مخرجات التعليم في مختلف التخصصات بعيدة كل البعد عن الفهم الواعي لمجمل مجريات الحياة والمجتمع. وخلاصة القول إن المؤسسات الثقافية في بلادنا يبدو أنها لا علاقة لها بالثقافة أو بمعنى أصح لا تدري ما أهمية الثقافة مما ساهمت بشكل كبير في إعاقة إحداث تقدم ثقافي. د. عادل الشجاع
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©