الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

يترامى كظلّ وراء الجسد

11 ديسمبر 2014 02:09
شعر: زهير أبو شايب بانتظارِ يدِيْنبانتظارِ يدَيْنِ مدرّبتَينِ على الخَلْقِ من عدَمٍ، وفمٍ يتغاوى كجوريّةٍ ويُفتّحُ حين يُشَمُّ، وأزرارِ وردٍ على وشَكِ الذَوَبانْ. بانتظارِ روائحَ سرّيّةٍ تَجعَلُ الأرضَ عاريةً ومبلّلةً بالندى ومُطهَّمةً مثلَ ظَهرِ حصانْ. بانتظارِكِ أنتِ يَصيرُ المكانُ بحَجمِ الزمانْ. تُريدينَ أن تُولَدي؟تُريدينَ أن تولَدي؟ أنا أيضًا أريدُكِ أنتِ لأولَدَ يَكفي قليلٌ من الضَوْءِ والنمَشِ العسَليِّ الشَهيِّ ويَكفي الوقوفُ قليلاً على حافَةِ الكَونِ والطيَرانُ بلا جهةٍ داخلَ النارِ حيثُ الأبَدْ يتَرامى كظِلٍّ وراءَ الجسَدْ. لا شيْءَ يَبدأُ من بدايتِهِ لا شيْءَ يَبدأُ من بدايتِهِ التقَيْنا في النهارِ هُناكَ في أعلى النهارِ كأيِّ مفقودَيْنِ لم أعرِفْ لماذا أنتِ لم تتوقّعي أن تَترُكي نارًا وراءَكِ أو أمامَكِ أو هُنا فيكِ التقَيْنا في نهارِ الآخَرينَ ولم يَشُكَّ بنا سوى أجسادِنا. لا شيْءَ يبدأُ من نهايتِهِ أنا في الليلِ لكنّي أراكِ ـ وأنتِ فيَّ، وأنتِ حوْلي ـ نصفَ قاتلةٍ ونصفَ قتيلةٍ وأراكِ نصفَ محاربٍ أعمى ونصفَ ضحيّةٍ وأرى كلاميَ وهْوَ يَخرُجُ منكِ هل جئنا ببُطءٍ مثلَ أيِّ اثنيْنِ مفقودَيْنِ ثمّ تَشابكَت أحلامُنا في الليلِ وامّحَت الأماكنُ وانتبَهنا ؟؟ هل أنا مطَرٌ، وأنتِ حبيبتي؟؟ هكَذا؟؟هكذا؟؟ تَمضينَ حتّى قبلَ أن أقطَعَ هذا الشارعَ المُمتدَّ بينَ الليلِ والليلِ، وعيناكِ تَنامانِ كأنّ الليلَ لم يُعطِ لنا حُلْمًا ولم يَترُكْ على أجسادِنا تلكَ العلاماتِ، كأنّ الليلَ لم يَأْتِ ولم تَنتظري نفسَكِ في عتمتِهِ؟! هكذا يا امرأةً من وبَرِ الدُرّاقِ يا مَن حفّفَتكِ الشمسُ حتّى صِرتِ أشهى وتَرامى الموجُ في صَدرِكِ والْتَمَّ وعَلاّ؟! لم أعُدْ أبحثُ في العتمةِ إلاّ عنكِ عن نارِ مَجوسٍ سرَقوها كلَّها منكِ لكي يَحترقوا فيها عن العِطرِ الّذي تُشبهُهُ رائحةُ الأرضِ عن الجَنّةِ عن تفّاحِها عن شفتَيْكِ المُشتَهاتَيْنِ عن التوتِ الّذي يَنضَجُ في الحُلْمِ لكي أقطِفَهُ عن ورَقِ التوتِ وعن آدمَ مصلوبٍ على حَوّائِهِ سيمُرُّ الليلُ منّا كلُّهُ وستأتينَ كحُلْمٍ تائِهِ وسيأتي مطَرٌ مُختلفٌ نحنُ مَحضُ اثنينِ من أبنائِهِ وسنرمي تحتَه أجسادَنا لنراها حيّةً في مائهِ ما الليلُ؟ما الليلُ؟ ما قيمتُهُ إن لم تَكوني فيهِ؟! ما الأحلامُ إن لم أتسلّلْ دائمًا منها إلى مَنزلِكِ المَبنيِّ قُربَ الفَجرِ؟! ما الوقتُ إذا لم يَجلسِ اثنانِ على حافَتِهِ لا يَرَيانِ الموتَ لكنّهُما يَرتَجلانِ البَرقَ في الأعيُنِ والخَمرةَ في الشِفاهْ؟! من نحنُ إن لم نَحترقْ في الضَوْءِ حتّى نَعبُرَ العَتمةَ نَحوَ اللهْ؟!
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©