الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

مواد «غير نبيلة» تلامس مناطق الطفولة

مواد «غير نبيلة» تلامس مناطق الطفولة
11 ديسمبر 2014 00:36
محمد نجيم (الرباط) يقدم الفنان التشكيلي عبد الكريم الوزاني أحدث أعماله الصباغية والنحتية في رواق المؤسسة المغربية للأعمال والتحف الفنية في الدار البيضاء. وتحاول أعمال هذا الفنان الذي يعد من الأسماء التي تصنع الحراك التشكيلي في المغرب، منذ سنوات طويلة، الوقوف عند المظاهر التي يعيشها الإنسان في وقتنا الحالي، والتي تُفقده إنسانيته وعفويته، هذا الإنسان المُقيد باليومي والمُبتذل، والذي يطمس في قلبه أثار الطفل المُبدع الذي يسكنه، لذلك نجد الوزاني في منجزه الفني يحاول الإبقاء على هذا الطفل في ذواتنا، عبر مجموعة من أعماله التي تبوح بجمالية فائقة، تعلن عن تناغمها وموسيقاها اللونية، التي تبدو للمشاهد كأنها قصص وحكايات يحكيها لنا هذا الفنان بوعيه وحسه الجمالي المرهف محاولاً الانفلات من هذا الراهن السوداوي إلى أفق الخيال الرحب. عبد الكريم الوزاني الذي يراوغ ويداعب الألوان المفتوحة والهادئة، يعد أحد أغزر الفنانين المغاربة إنتاجاً، يمارس مع عمله نوعا من المراوغة الدائمة، إنه يتنقل، من الرسم إلى النحت إلى التركيب بخفة متناهية، كأنه لا ينتقل بتاتاً، مكرراً إلى حد بعيد منظومة الأشكال التي ابتدعها لتعبيره الخاص، لكنه يحرص في مستوى آخر على نوع من الصرامة تحفظ لكل أسلوب استقلاله الكامل. يشتغل الوزاني بمواد «غير نبيلة»: قضبان معدنية، أسلاك، أخشاب منتقاة أو ملتصقة من سديم الصدفة، وينغمر في «تنبيلها» بإيقاظ الأرواح الكامنة في انطفائها الأبدي، يختلق لها أجنحة غير مرئية، وهو يشحنها بملامح، أو بخطوات، أو بمجرد التماعة مازجة.. وكأنه يريد أن يجعل من ديناميكية الأشكال الإمكانية الوحيدة للقيمة الفنية ليس فقط بما هي دلالة، بل أيضا بما هي قيمة جمالية.. ويدرك الوزاني أيضاً أن التأرجح بين الأكثر صغراً أو الأكثر ضخامة هو نوع من السفر الداخلي، تأرجح بين الخواء والامتلاء، بين الامتداد والانحسار، مثلما يدرك أن التمديد والتقليص وجهان لصورة واحدة، صورة الكثافة المثلى التي تجعل الشكل نفسه مادة مكتملة، حسبما كتبه محمد الأشعري في كتيب المعرض، مضيفاً أن هذا الفنان يراوغ عمله المُنْبني على نوع من البراءة البدنية، فيستدرجه إلى مدارات الارتباك والسخرية والوحدة واليأس.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©