الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

ديون القارة الأوروبية تواصل الارتفاع رغم إجراءات التقشف

ديون القارة الأوروبية تواصل الارتفاع رغم إجراءات التقشف
19 نوفمبر 2012
بينما استمرت اليونان وشركاؤها من الدائنين العالميين في مفاوضات جادة بخصوص خفض عجز ميزانيتها، تؤكد بيانات جديدة صادرة عن الاتحاد الأوروبي مدى الصعوبة التي تتسم بها طبيعة مثل هذه الجهود. ورغم التقدم الذي أحرزته بعض الدول في جسر فجوة الميزانية خاصة اليونان، إلا أن حجم ديونها كنسبة من الاقتصاد مستمر في الارتفاع. وفي تقريره الذي أصدره مؤخراً، توصل “صندوق النقد الدولي” أحد الدائنين الدوليين لليونان، لنتيجة مشابهة. ويفسر ذلك، السبب الذي دعا الصندوق لاتخاذ موقف أقل تقشفاً تجاه الدول المدينة، حتى وأن دول مثل ألمانيا استمرت في انتهاج خط مالي أكثر صرامة في إصرار على التزام أثينا ببرنامج إنفاق أقل وفرض ضرائب أكثر. ويرى منتقدو سياسة التقشف في منطقة اليورو، أنها غير بناءة، بيد أن البيانات الجديدة ترسم صورة أكثر ايجابية للأعباء المتزايدة الواقعة على عاتق الدول التي وافقت على برامج الإنقاذ مثل اليونان وأيرلندا والبرتغال، بالإضافة إلى إسبانيا التي ربما تكون قريباً في حاجة لقبول القيود المرتبطة بالمساعدات الأوروبية. وعانت اقتصادات الدول الأربع من الانكماش الكبير نتيجة لتدابير التقشف، حيث تراجع اقتصاد اليونان بنحو 25% منذ 2009. لكن ارتفع حجم الديون كنسبة من الناتج الاقتصادي، ما يثير أسئلة ملحة تتعلق بمقدرة هذه الدول على تسديد التزاماتها مع مرور الوقت. ويقول جورج كرامر، كبير الخبراء الاقتصاديين في “البنك المركزي الألماني” متحدثاً عن اليونان، :”في حالة جعل عبء الديون اليونانية مستدام، ينبغي أن يتوفر نوعاً من إعفاء الديون أو إعادة هيكلتها”. ويبدو من الواضح في الوقت الحالي، أنه لا يتوفر لدى الحكومة اليونانية الكثير من الخيارات غير الاستمرار في السعي للحصول على حزمة تقشف قدرها 13,5 مليار يورو (17,6 مليار دولار) والقيام بتغييرات في قوانين العمل طالب بها دائنوها الدوليون قبل طرح القسط التالي من قروض المساعدات. ويرى وزير المالية اليوناني يانيس ستورناراس، أن حزمة التقشف الجديدة ينبغي المصادقة عليها بسرعة حتى تكون البلاد قادرة على تأمين برنامج التمويل المطلوب. ويعتقد العديد من المحللين والاقتصاديين، أنه ليس بإمكان أكثر برامج خفض الميزانية فعالية، فعل الكثير لخفض مستويات الديون، طالما أن الاقتصادات لا تحقق النمو وأن أسعار الفائدة التي تدفعها هذه البلدان على ديونها مستمرة في ارتفاعها. ويقول لي بوشيت، أحد كبار محامي الديون السيادية لدى مؤسسة “كليري جوتليب آند هاميلتون” في نيويورك :”تتميز نظرية تخلص هذه البلدان من مشاكل ديونها بعنصر قوي من الطموح. وليس هناك أدنى شك في أن هذه المشكلة تتطلب علاج أكثر صرامة”. وتتباين أسباب ارتفاع هذه الديون، حيث بلغت نسبة ديون اليونان من الناتج المحلي الإجمالي أرقاما قياسية جديدة إلى 170%، في حين ارتفعت في البرتغال إلى 120%. وتلقي كل منهما باللوم على ارتفاع أسعار الفائدة وشدة الركود. أما في ما يتعلق بايرلندا، فبلغ عبء ديونها نحو 117% وإسبانيا 90%، اللذان يعزيان أسباب ذلك إلى ارتفاع معدل الاقتراض لإنقاذ بنوكهما المتعثرة. وساعد الوعد الذي قطعه “البنك المركزي الأوروبي” بشراء سندات الدول المتعثرة، في خفض تكاليف الاقتراض قصير الأجل لهذه الدول، لكنها لا تزال أعلى من أسعار الفائدة التي دفعتها أكثر دول منطقة اليورو الجديرة بالائتمان مثل ألمانيا. ويعتقد لي بوشيت، أن تخلُص هذه الدول من ديونها على المدى البعيد، أمر لابد منه في حالة رغبتها في العودة الى النمو الحقيقي. وذكر حتى “صندوق النقد الدولي”، الذي يتجنب عادة شطب الديون، أنه في ما يتعلق باليونان التي تملك ديونها دول أخرى بجانب البنك المركزي، من الضروري الوضع في الاعتبار الإجراءات التي تهدف إلى القيام بشكل من أشكال تسوية الديون. لكن رفضت الدول الأوروبية الغنية هذه الفكرة، خوفاً من أن يفجر اللجوء مرة أخرى لدافعي الضرائب لإعفاء شئ من ديون اليونان، أزمات سياسية في بلدانها. ووفقاً لمراقبين قضوا فترة طويلة في الصندوق، فإن التحول الذي قام به يستحق الوقوف عنده، حيث يشير إلى تعلمه من الخبرة التي اكتسبها في نهاية تسعينات القرن الماضي عندما أتت مطالبه لتقشف الميزانية بنتائج عكسية في إندونيسيا وكوريا الجنوبية وتايلاند وتسببت في ركود عميق في البلدان الثلاثة. ومضت على اليونان 5 سنوات وهي تعاني ويلات الركود، في حين اقتصاد البرتغال ومنذ 2007 في دائرة تراجع سنوي باستثناء 2010، مع توقعات تشير إلى أن تضيف 2013 سنة أخرى من سنوات الركود. كما دخلت إسبانيا الآن في دورة من ضعف النمو. وفي ظل هذا المناخ من التراجع، لا يتوقع العديد من الخبراء استقرار نسب الديون في هذه البلدان حتى بلوغ الفترة بين 2014 إلى 2016. وقدمت دراسة تحذيرية مرادفة لتقرير “صندوق النقد الدولي”، ما حدث في بريطانيا في الفترة بين 1918 إلى 1933، عندما طبقت البلاد خفض في الإنفاق وزيادة في الضرائب، في وقت عانت فيه من الديون التي اقترضتها إبان الحرب العالمية الأولى. وكانت النتيجة تراجع الاقتصاد بوتيرة سنوية قدرها 0,2% لمدة 15 عام وارتفاع معدل البطالة والديون من 140% من الناتج المحلي الإجمالي في 1918، إلى 190% بعد مرور عقد ونصف. ولم تحقق هذه السياسة نجاحاً إلا عند تطبيقها في خفض العجز، وبلغ فائض الميزانية البريطانية خلال تلك الفترة باستثناء ديون الفوائد، متوسط 8,2% من الناتج المحلي الإجمالي. وأكد ديفيد جورج، رئيس الوزراء البريطاني بين 1916 إلى 1922، أن ذلك كله لم يكن دون مقابل، حيث ضحى الاقتصاد البريطاني بشكل كبير في سبيل الحفاظ على حسن نيته ونزاهته لكافة دائنيه في الداخل والخارج، ذات الشعور الذي ربما يساور اليوم أفراد الشعب في بلدان مثل البرتغال وإسبانيا واليونان وأيرلندا. وشهد الأسبوع الماضي مظاهرات شارك فيها ملايين العمال في العديد من الدول الأوروبية التي تعاني أزمات مالية طاحنة وذلك في يوم من الاحتجاجات ضد سياسات التقشف. وشهدت هذه المظاهرات أعمال عنف في إسبانيا وإيطاليا، وحمل المتظاهرون في سلوفينيا لافتات كتب عليها “التقشف لا يؤدي إلى نمو الاقتصاد”. وشهدت مظاهرات الأسبوع الماضي اقتحام عمال يونانيين اجتماعا لمسؤولين يونانيين والمان في مدينة سالانيك بشمال البلاد، وحاولوا مهاجمة دبلوماسي ألماني في احتجاج على إجراءات التقشف. وحذر رئيس الاتحاد الالماني للنقابات مايكل سومر من سياسات التقشف في بلدان جنوب أوروبا. وقال “في اليونان واسبانيا والبرتغال تنتهج سياسة تقشف على حساب الناس، انهم يدمرون هذه البلدان بالاقتطاعات، لذلك هذه المقاومة وهذه الثورة”. نقلاً عن: إنترناشونال هيرالد تريبيون ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©