الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

القرارات الضريبية الجديدة في مصر تثير قلق مجتمع الأعمال

القرارات الضريبية الجديدة في مصر تثير قلق مجتمع الأعمال
19 نوفمبر 2012
(القاهرة) ـ أثارت حزمة القرارات الضريبية الأخيرة التي أعلنتها وزارة المالية المصرية، موجة من المخاوف لدى المستثمرين ودوائر الأعمال، بما يضيف المزيد من التعقيد للموقف الاقتصادي بالبلاد. ورغم أن هذه القرارات تأتي في إطار المفاوضات الجارية بين مصر وبعثة صندوق النقد الدولي فإن الأنباء التي تسربت من الاجتماعات بين الجانبين تشير إلى أن الصندوق يرغب في خفض الإنفاق الحكومي لمواجهة عجز الموازنة بديلا عن سياسات ضريبية موسعة قد تؤدي إلى مزيد من الانكماش والركود الاقتصادي. ورغم عدم حسم الخلاف نهائيا بين الحكومة المصرية وبعثة الصندوق إلا أن ردود أفعال السوق على الضرائب الجديدة جاءت سلبية للغاية حيث أعلنت العديد من منظمات الأعمال رفضها لهذه الأنواع الجديدة من الضرائب والطريقة التي تم عبرها اتخاذ هذه القرارات واتهمت وزارة المالية بالعشوائية وعدم امتلاك رؤية شاملة لخفض عجز الموازنة من 11? حاليا إلى 7? من إجمالي الناتج القومي حسب الشرط الأول لصندوق النقد الدولي. وزاد من حدة ردود الأفعال الرافضة أن هذه الضرائب طالت العديد من الأنشطة الاقتصادية الحيوية بالبلاد بدءاً من السوق العقارية وانتهاءً ببورصة الأوراق المالية ومروراً بقطاع الاتصالات المسؤول عن تحقيق 5? على الأقل سنويا من الناتج القومي. في القطاع العقاري تضمنت الحزمة الضريبية عدة أنواع تشمل رفع نسبة الضرائب على حديد التسليح من 8 إلى 11? مما سينعكس على تكلفة الإنشاءات لأن الحديد هو المكون الأكبر في عملية البناء، كما تم فرض ضريبة 2,5? على كافة التصرفات العقارية أي على الأرباح الرأسمالية نتيجة عقد صفقات عقارية بين الأفراد أو الشركات سواء كانت التصرفات مسجلة قانونا في الشهر العقاري أو عبر عقود بيع ابتدائية. وجاءت الضرائب في مقابل تأجيل تطبيق الضريبة العقارية إلى عام 2014 لحين انعقاد البرلمان وإدخال تعديلات جوهرية على القانون تعفي المسكن الخاص من الخضوع للضريبة. أما في مجال بورصة الأوراق المالية فقد حظيت سوق التداول بنوعين من الضرائب الأول ضريبة 10? على الأرباح الناتجة عن عمليات الطرح الأولى لأسهم الشركات المسجلة بالبورصة والثاني ضريبة 10? أخرى على التوزيعات النقدية على حملة الأسهم التي تقرها الجمعيات العمومية للشركات من صافي الأرباح المحققة رغم أن صافي هذه الأرباح سبق خضوعها لضريبة الشركات المعروفة باسم ضريبة الأرباح التجارية والصناعية وهو ما يعرض الضريبة للطعن القانوني باعتبار ذلك نوعا من الازدواج الضريبي. وفي مجال الاتصالات تقرر فرض ضريبة قدرها قرش على كل دقيقة اتصال أو رسالة نصية مما يوفر نحو ملياري جنيه اضافية للخزانة العامة. كما شملت الضرائب رفع ضريبة المبيعات من 10 إلى 11? مما يرفع أسعار كافة انواع السلع المتداولة بالأسواق إلى جانب فرض ضريبة تصاعدية على دخول الأفراد وهي ضريبة متدرجة تبدأ من 10? لذوي الدخول التي تتراوح بين 5 و20 ألف جنيه سنويا ثم 15? لذوي الدخول التي تتراوح بين 20 و40 ألف جنيه ثم 20? للدخول التي تتراوح بين 40 ألف جنيه ومليون جنيه ثم 22? للفئة بين مليون وعشرة ملايين جنيه سنويـا ثم 25? لمن يزيد دخلهم السنوي على عشرة ملايين جنيه. ورغم أن الحكومة تسعى من فرض هذه الضرائب الجديدة إلى زيادة الحصيلة الضريبية وتحقيق العدالة الاجتماعية ضمن اجراءات أخرى تشمل إلغاء الدعم عن بنزين 95 وترشيد بقية مخصصات السلع المدعومة بدءاً من غاز الطهو الذي تقرر توزيعه عبر نظام الكوبونات فإن خبراء اقتصاديين يرون أن هذه الإجراءات ربما تأتي بنتائج عكسية على الحالة العامة للاقتصاد. وقال الخبراء إن هذه الضرائب تعمق الأزمة عبر إحداث الانكماش والركود مما سيؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي إلى جانب تحميل المستهلك النهائي عبء معظم هذه الضرائب سواء في مجال اتصالات المحمول او ضريبة مبيعات السلع الرئيسية أو في العقارات وفتح المجال أمام عمليات تلاعب في بورصة الأوراق المالية بهدف الالتفاف حول الضرائب الجديدة، وبالتالي فإن الحصيلة المتوقعة لن تكون كبيرة بالقدر الذي تخطط له الحكومة. وشدد الخبراء على أن معظم الضرائب الجديدة صدرت من دون دراسات كافية حيث إن بعضها ينطوي على الازدواجية مثل ضريبة المحمول وضريبة التوزيعات النقدية على الأسهم بالبورصة، بينما سيكون التغيير في الحصيلة محدوداً في انواع أخرى مثل ضريبة الدخل التي افتقدت العدالة الاجتماعية حيث يتساوى في الشرائح الجديدة التي أعلنتها وزارة المالية من يحصلون على دخل سنوي في حدود 40 ألف جنيه - بأكثر من 3 آلاف جنيه شهريا- ومن يحصل على مليون جنيه بواقع 85 ألف جنيه شهريا حيث يدفع كل منهما 20?. ويؤكد عيسى فتحي ـ رئيس إحدى شركات تداول الأوراق المالية ـ أن الضرائب التي جرى فرضها على التعاملات في البورصة ربما تفتح أبواب التلاعب في عمليات التقييم الخاصة باسهم الشركات التي سيتم طرحها للمرة الأولى إما بهدف التهرب كلية من سداد الضريبة أو خفض المبالغ المسددة كما أن ضريبة التوزيعات النقدية سوف تدفع الكثيرين - خاصة من المستثمرين المحليين - إلى الهروب بعيدا عن البورصة لأن أعداداً لا بأس بها من هؤلاء المستثمرين تعتمد على هذه التوزيعات الدورية في تدبير الاحتياجات المعيشية، حيث تعد مثل عوائد دفاتر التوفير بالبنوك. وقال انه كان بإمكان الحكومة فرض ضريبة على الأموال الساخنة التي تأتي من الخارج للمضاربة في البورصة المصرية وتحقيق أرباح رأسمالية كبيرة ثم الخروج سريعا من السوق وكذلك كان يمكن فرض ضريبة على تحويلات أرباح الصناديق الأجنبية وغيرها وهذه الضرائب -خاصة ضريبة الأموال الساخنة- معمول بها في العديد من بورصات العالم شرقا وغربا والكل سوف يتفهمها في حالة فرضها في البورصة المصرية. وأوضح أن التعجل والارتباك كان سمة الضرائب الأخيرة وكان لابد من دراسة تأثيرها على الأنشطة الاقتصادية الموجهة اليها، خاصة أن الحصيلة المتوقعة ليست كبيرة وان هذه القرارات بعثت برسالة سلبية إلى الأسواق ودوائر الاستثمار الأجنبية في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى استعادة ثقة الاستثمار الأجنبي، خاصة الاستثمارات العربية. يقول محمد جنيدي ـ رئيس جمعية اتحاد المستثمرين ـ إن رفع معدلات الضريبة يضع مصر في مأزق مقارنة ببقية بلدان منطقة الشرق الأوسط التي تنافسنا في جذب الاستثمارات الأجنبية ويكفي أن العديد من البلدان العربية تتمتع بضريبة صفر أي لا تسدد الشركات ولا الأفراد ضرائب وبالتالي ستكون أمامنا عقبات كبيرة في إقناع هؤلاء المستثمرين بالمجيء إلى مصر. وقال إن الضرائب الجديدة تسببت منذ لحظة إعلانها في الارتباك الشديد بين دوائر الاستثمار، خاصة في مجالي الصناعات التحويلية والتشييد لان زيادة ضريبة المبيعات سوف يترتب عليه دورة متكاملة من ارتفاع أسعار العديد من السلع والخدمات الداخلة في العملية الإنتاجية وسوف ينعكس ذلك على تكلفة المنتجات وأسعار بيعها للمستهلكين، مما يدفع بمؤشرات التضخم بالبلاد إلى أرقام غير مسبوقة يترتب عليها اتساع الفقر وانخفاض مستوى المعيشة. وأضاف ان البديل هو تطبيق ضريبة القيمة المضافة سواء على مرحلتين أو أكثر لأن مخاطر زيادة ضريبة المبيعات أكبر بكثير من عبء ضريبة القيمة المضافة، نظرا للأبعاد الاجتماعية والاقتصادية المرتبطة بضريبة المبيعات واستغلال البعض ذلك لرفع أسعار منتجاتهم بصورة غير مبررة مما يغذي التضخم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©