سعيد ياسين (القاهرة)
فايزة أحمد واحدة من أهم المطربات العربيات اللواتي امتلكن صوتاً دافئاً له شخصية مميزة، وقدرة على تطوير اللحن وتلوينه، وإضافة لمسات جمالية عليه. وزاد من حلاوة صوتها سلامة مخارج حروفها، ودراستها الموسيقى على أيدي كبار الموسيقيين في مصر ولبنان والعراق وسوريا، وتميزت بالصدق وطيبة القلب، رغم ما عرف عنها من عصبية شديدة، فضلاً عن قدرة على الصبر وتحمل العذاب، بحيث لم تستسلم للمعوقات التي صادفتها وتغلبت عليها.
مقولة شهيرة
منحها الأديب والصحفي كامل الشناوي لقب، «كروان الشرق»، وكان يؤكد للجميع أنها تمتلك صوتاً يغطي على كل صوت سواه، وقال مقولته الشهيرة، «إذا كانت أم كلثوم «كوكب الشرق»، فأنا أرى أن فايزة تليها في الإجادة»، ولها قدرة عجيبة على ترقيق صوتها وتفخيمه وتقصيره ومده، وهو ما جعل موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب يقول عن صوتها، إنه مثل «الكريستال المكسور»، كما قالت أم كلثوم، إن صوت فايزة هو الصوت النسائي الوحيد الذي تطرب له وتسمعه بنشوة، وأكدت أنها الوحيدة التي ستخلفها على عرش الأغنية.
ولدت فايزة أحمد في 5 ديسمبر عام 1930 في مدينة صيدا في لبنان لأب سوري وأم لبنانية، وبدأت حياتها الفنية بتقليد أصوات وأغنيات أسمهان وليلي مراد، وشجعتها والدتها التي انفصلت عن أبيها في سن مبكرة، وأحضرت لها مدرساً لتعليمها الموسيقى، وتقدمت في الثانية عشرة من عمرها للإذاعة اللبنانية لاعتماد صوتها كمطربة، ونجحت، وكلفت الإذاعة الموسيقي عمر النعامي بعمل ألحان لها، ووقع في غرامها وتزوجها، وأنجبت منه ابنتها الكبرى «فريال»، ولم يدم الزواج طويلاً وانفصلت عنه، وسافرت إلى سوريا، وواصلت نجاحها، ثم إلى العراق، والتقت الموسيقار رضا علي الذي كتب كلمات وألحان مجموعة أغنيات قدمتها باللهجة العراقية.
رحلة الموجي
في عام 1954 حضرت للقاهرة، وتبناها فنياً الملحن محمد الموجي الذي شكلت معه خطاً غنائياً مميزاً أثمر العديد من الأغنيات، منها «أنا قلبي إليك ميال»، و«بيت العز» و«يامة القمر ع الباب» و«غلطة واحدة»، و«حبيبي واحشني» و«حيران» و«قلبي عليك يا خيّ» و«تمر حنة».
والتقت مصادفة في منزل فريد الأطرش بالملحن محمد سلطان، وجمعتهما قصة حب وفن كللت بالزواج الذي استمر 17 عاماً، وأنجبا توأمهما «طارق وعمرو»، كما أثمر الزواج عشرات الأغنيات البارزة منها «بالي معاك» و«أخد حبيبي» و«دنيا جديدة» و«علي فين طريقنا» و«تاريخ الهوى» و«احنا النهاردة ايه» و«العيون الكواحل» و«غريب يا زمان» و«نقطة الضعف» و«أيوة تعبني هواك» و«حبيبي يا متغرب» و«رسالة من امرأة» و«خليكوا شاهدين»، وبعد انفصالهما عام 1981، تزوجت من الضابط عادل عبدالرحمن، وانفصلت عنه بعد مرضها، وعادت إلى سلطان بعد معاناتها مع سرطان الثدي قبل رحيلها بفترة وجيزة.
اختيار
اشتهرت بحسن اختياراتها للكلمات، وكانت وراء اكتشاف الشاعرين محمد حمزة وعمر بطيشة، واعتمدت في أغنياتها على كلمات شعراء بارزين، منهم مرسي جميل عزيز، وحسين السيد ومأمون الشناوي ونزار قباني وعبد الوهاب محمد و عبد الرحيم منصور.
وشاركت في ستة أفلام هي «تمر حنة» عام 1957، و«امسك حرامي» 1958، و«المليونير الفقير» و«ليلي بنت الشاطئ» 1959، و«أنا وبناتي» 1962، و«منتهى الفرح» 1963 كما قامت ببطولة أوبريت «مصر بلدنا» 1978، وكان آخر ما غنت على المسرح «مش كتير على قلبي» من ألحان سيد مكاوي قبل رحيلها بشهور قليلة.
وحصلت على الجنسية المصرية، ونالت جوائز وأوسمة عدة، وفي أيامها الأخيرة تدهورت حالتها الصحية، ودخلت في غيبوبة ألزمتها غرفة العناية المركزة، إلى أن توفيت في 24 سبتمبر 1983 عن 53 عاماً.
عدد اليوم
