إعداد - عدنان عضيمة:
بعد أن ضاقت المجالات الاستثمارية بسبب النمو الضخم لرؤوس الأموال وكثرة الشركات المتخصصة باقتناص الفرص عبر العالم أجمع، أصبح يتعيّن على الأغنياء الباحثين عن المزيد من الثروة أن يبتدعوا لأنفسهم المجالات التي لم يفكر فيها أحد قبلهم· ويروي تقرير نشرته صحيفة ''ذي وول ستريت جورنال'' قصة حقيقية حدثت عام 2001 في ولاية كنتاكي الأميركية عندما عمد رجل طموح يدعى براد كيلي إلى بيع شركة لصنع السجائر كان يمتلكها بمبلغ مليار دولار؛ إلا أنه لم يستثمر أمواله في عقارات (الشارع الخامس) 5h Avenue في نيويورك ولا في بورصة (وول ستريت)، بل اتجه شطر الأراضي المهجورة المترامية الأطراف تحت سفوح الجبال·
وعمد كيلي الى شراء مئات ألوف الهكتارات من هذه الأراضي الرخيصة في كنتاكي؛ ثم قرر بعد ذلك مدّ حدود مستعمراته إلى ولاية فلوريدا حيث اشترى هناك 24 ألف هكتار بنى فوقها مزرعة واسعة لتربية الحيوانات مثل الظباء والخيول وجواميس الماء وبعض المواشي الأخرى· وأصبح الآن سابع أكبر مالك أراض في الولايات المتحدة وفقاً لتصنيف (تقرير الأرض) Land Report الذي يصدر سنوياً· ويشير التقرير أيضاً إلى أن الأغنياء الأميركيين أصبحوا يقبلون على شراء الأراضي المنعزلة بنفس الحماسة التي كانوا يشترون بها في الماضي الأسهم أو العقارات أو السيارات الفاخرة· ومع التوسع السريع للمناطق العمرانية، أصبحت أسعار الأراضي المنعزلة التي كانت قبل بضع سنوات برخص التراب، ذات أسعار عالية· ووصلت ظاهرة التسابق على الشراء حتى إلى المناطق التي تبعد مئات الكيلو مترات عن أقرب المدن·
ويقدم التقرير مثلاً آخر عن هذه الظاهرة الاستثمارية الجديدة عندما يشير إلى أن جيف بيزوس صاحب ومؤسس موقع (أمازون دوت كوم) على الإنترنت، عمد الى شراء مجموعة متباعدة من قطع الأرض تبلغ مساحتها الكلية 12 ألف هكتار في غرب تكساس ليحتل بذلك المرتبة 23 في قائمة كبار ملاّك الأراضي في الولايات المتحدة·
ولا يمثل شراء الأراضي المنعزلة إلا جزءاً من توجه عام ينمو بسرعة لدى الأثرياء والمستثمرين الأميركيين ويقضي بضخ الكثير من الأموال في شراء الأراضي ذاتها بدلاً من العقارات أو الأسهم أو بقية مناحي الاستثمارات المالية· ولقد كان من الطبيعي أن يؤدي هذا التوجّه إلى ارتفاع الأسعار· فلقد ارتفعت أسعار الأراضي الزراعية المنعزلة في عام 2006 بنسبة 11% إلى 1510 دولارات للأكر الواحد (4000 متر مربع) أو ما يعادل 0,38 دولار للمتر المربع وفقاً لإحصائيات وزارة الزراعة الأميركية التي أرجعت سبب هذه الطفرة لهجوم الكثير من المشترين على السوق·
ومعظم الملاك الجدد للأراضي المنعزلة يشترونها حباً في الحياة البرية وممارسة الرياضات الجبلية، إلا أن للمستثمرين الجدد بشكل عام توجهات تجارية تتعلق بالدرجة الأولى بإنتاج المحاصيل الزراعية والمنتجات الحيوانية بكميات كبيرة· وفي بعض الأحيان تستخدم الأراضي لأغراض غريبة أو خاصة جداً مثلما حدث عندما تبين أن جيف بيزوس اشترى بعض قطع الأراضي المنعزلة لمجرد استعمالها كقاعدة بحوث لتطوير أسطول من السيارات الجديدة الصديقة للبيئة من أجل استخدامها في شركة الخطوط الجوية الجديدة التي أسسها تحت اسم (بلو أوريجين)·
وتحتل المرتبة 100 في تصنيف (تقرير الأرض) لكبار ملاّك الأراضي في الولايات المتحدة السيدة كيمبي التي تمتلك 10 آلاف هكتار سمحت للصيادين وهواة قيادة السيارات بدخولها والتمتع بممارسة هواياتهم فوقها· وبشكل عام، يعدّ هذا السلوك غريباً لأنه يخالف توجهات كل المالكين الآخرين· وعندما سئلت كيمبي عن أهدافها من امتلاك هذه المساحات الشاسعة من الأرض قالت: (إنني أمتلكها فحسب ولست أدري لماذا)·
عدد اليوم
