الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

غبي ··· فاشل ··· كذاب ··· ألفاظ تدمر طفلك

غبي ··· فاشل ··· كذاب ··· ألفاظ تدمر طفلك
30 ابريل 2007 01:27
غبي و كلب و فاشل و حرامي و كذاب أنفك طويل رأسك كبير نحيل مثل الهيكل العظمي ، سمين مثل الدب كل هذه النعوت والصفات والجمل يستخدمها الأهل يومياً في تواصلهم مع أطفالهم··· وكل يوم يدمي الجرح ويعمق ويشوه براءة الطفولة وفطرتها· في هذا التحقيق كانت لنا وقفة مع بعض أولياء الأمور لمعرفة تأثير تلك الجمل والعبارات على الأبناء ومدى خطورتها ومتى تقال· تحقيق ـ هناء الحمادى: تصويرـ شوكت علي ـ صفية إبراهيم: كلمات وعبارات قد لا ينتبه إليها الوالدان أو أحد أفراد الأسرة، يتلفظ بها أثناء حالة غضب، كلمات قد تكون في بعض الأحيان أحد أسباب انحراف الإبن أو اضطرابه النفسي أو إنزوائه او عصبيته ولجوئه الى العنف وفشله في الحياة الاجتماعية· هذه الكلمات ما هي إلا اختراق لشبكة مفردات الطفل وهو يمر بتكوينه الأول، فالطفل يدرك تماما لما يقال له ولما يقال من حوله· مدرك لما يقوم به البعض من تصرفات تنعكس عليه، ويتخذها عادة فيقوم باستخدام الكلمات اياً تكن وأينما كان··· ويرددها· أو يشعر بالفعل إن هذه الصفة او تلك تنطبق عليه فتؤثر به حتى بعد أن يصبح كبيرا· يوضح بعض الأهالي في هذا التحقيق أن ما يقولونه من عبارات الاستهزاء و القدح والذم لأولادهم تخرج من أفواههم في حالة الغضب لا غير، وهم لا يقصدون ما تحمله هذه الكلمة من معنى دقيق، بل يقصدون بها التخفيف من غضبهم وتوترهم وقد تكون أحيانا من باب الدعابة والضحك· دراسة تربوية أثبتت إحدى الدراسات التربوية أن اعتماد الكلمات النابية كوسيلة لدفع الطفل إلى تغير سلوك غير مرغوب به لا يؤدى إلا إلى نتائج عكسية، فاللغة ذات تأثير ساحر على عقول الأطفال، وجرح مشاعر الطفل بكلمة لا يحبها يدفعه إلى التمرد أو إلى كبت هذا التمرد والإفصاح عنه برد فعل من نوع آخر· وأشد الكلمات وقعا في نفس الطفل هي تلك التي تعبر عن تحول حب الوالدين عنه إلى كره· فالطفل يفسر الأشياء بسهولة ولا يدرك أن الحب ليس كلمات تقال، بل هو يحسب الكلمات تعبيرا حقيقيا عن المشاعر· ابني فاشل وغبي إحدى الأمهات تؤكد بالفعل مدى تأثير تلك الكلمات على ابنها وهي كانت تناديه ب '' يا فاشل و ياغبى ''· تقول سهير جابر: في حاله الغضب وفي وقت انشغالي بعملي، كثيرا ما يأتيني ابني لينغص عليّ حياتي· فهو يطلب هذا ويريد ذاك، وهو يعلم انني مشغولة ولا أستطيع أن ألبي طلباته، ولكن يصر عليها···وبإصراره هذا، يغلي الدم في عروقي· أحاول كثيرا أن أداري هذا الغليان و أقول له ياحبيبى ''بعدين سأحضر لك كذا''، ولكنه يصر على أن اترك ما بيدي و أحضر له ما يريده، لذلك عندما أشعر انه لا يبالي بكلامي أصرخ فيه وأنعته بهذه الكلمات ''فاشل وغبي''· وتتابع سهير: لم أدرك مدى خطورة هذه الكلمات إلا بعد أن التحق بالمدرسة، وتحديداً عندما شعرت أن مستواه التحصيلى بدأ يتدنى شيئاً فشيئاً وهو في مرحلة '' الثاني ابتدائي'' حين أكدت لي المدرسة أن أبني لا يرد على أي سؤال يوجه له· وعندما سألته المدرسة عن سبب عدم تجاوبه معها أكد لها أنني أقول له هذه الكلـــــمات غبي وفاشل فأعتقد بالفعل أنه غبي وفاشل· وبحرقة شديدة تقول سهير: لم أشعر أن هذه الألفاظ قد تهدم ثقة ابني بنفسه، ويصبح في متاهة تقييم الذات وانتقاصها · لم أكن اتوقع انها ستترك آثارا نفسية يؤدى تراكمها إلى زعزعة الاستقرار النفسي لديه، لذلك فور علمي بمدى تأثيرها أخذت على نفسي عهداً ألا أتفوه بها مهما كان السبب···وبدأت أستخدم معه الكلمات التي لهل أثر أيجابي على نفسيته، كأن أمتدحه امام رفاقه او الأهل، وأتحدث عن شطارته وكم هو محبوب من الجميع، فيفتخر بنفسه ولا يشعر بعقدة النقص· طاقة تهديدية أما عبدالله التلاوي فيقول كأب ومرب: أن الكلمات الجارحة التي توجه للطفل تعتبر طاقة تهديدية خطيرة· فبمجرد انطلاق تلك الصفات من أحد أفراد الأسرة هذا يعني ان هناك فعلا مؤذيا سيتبع عملية التلفظ وان الأذية ستصيب الطفل، مما يثير لديه حالة الإنذار العصبي بكل مالها من تأثيرات سلبية وجسدية ونفسية· ويؤكد عبدالله: أن الكثير من الآباء والأمهات مع الأسف لا يدركون مدى خطورة هذه الألفاظ والكلمات التي قد تصبح مع التكرار صفة لازمة للطفل، حيث من الصعب أقناع الطفل أن الذي مر به ما هو إلا كبوة يمكن تجاوزها، وقد تخلف هذه الألفاظ الكثير من المشكلات النفسية مثل عدم الثقة بالنفس أو الحقد والكراهية· تبادل الألفاظ أمام الأبناء الكلمات النابية لا تؤذي الأطفال حين ننعتهم بها فقط، بل هي تنغرس في عقولهم ونفوسهم غرس السكين عندما يسمعون أهاليهم ينعتون بعضهم البعض بالسباب والشتائم والكلمات النابية التي تخدش الحياء وتجرح طفولة الأبناء· و هذا ينعكس على سلوكيات الأطفال في المستقبل وهذا ما حدث لعلي الدوسري ـ أب ـ الذي كثيرا ما يتشاجر مع زوجته أمام أبنائه· يقول الدوسري: قد تصل الخناقات بيني وبين زوجتي إلى حد أتلفظ فيه بألفاظ وقحة وجارحة، ولم أكن لأدرك مدى خطورة هذه العبارات والكلمات التي تترسخ في ذهن ابنائي على صحتهم النفسية، حتى سمعت من زوجتي في أحد الأيام أنها بمجرد أن تغضب من أحد أطفالي يقول لها ''يا·····'' وهو يقول لها نفس الكلام الذي أنعتها به، ويكرر نفس الصفات التي تنعته بها· ويضيف الدوسري: هذه الحادثة أشعرتني بمدى حماقتي ووقاحتي وانه يجب أن أضبط انفعالاتي وتصرفاتي وامتنع عن التفوهه بكلمات نابية أمام الأطفال لأنهم أكثر من يتأثر بما يسمعونه ويلمسونه، ولأنهم يرون ان الأب والأم هم القدوة الأولى لهم· ثوابت تربوية وتؤكد شهيناز عبدالله ـ ربة بيت- أن كل الأمهات يؤكدن اقترافهن لمثل هذا الخطأ، والجميع يستخدم هذه العبارات التي تؤثر بالطفل، غير أن بعض الأمهات يرددن هذه الصفات وهن لا يدركن مدى تأثير ها، بل ان بعض الأمهات يتلفظن بهذه الألفاظ لتخلص من حالة الغضب الآنية التي تعيشها أو للتخلص من إلحاح الطفل أو تشويشه عليها· وتتابع عبدالله: أعلم إن هذه العبارات كثيرا ما تسيء للطفل، ولكن عندما أقولها أحاول أن أرقعها بتصحيح الموقف··· وأحاول بطريقتي حين أغضب أن أبعده وأشغله عنى حتى لايحاول أغاظتي· تهميش الطفل ويعلق محمد سعد عبدالله على هذا الموضوع الحساس والذي يسمعه كثيرا من بعض أولياء الأمور بالقول: هذا سلوك معظم الناس والكثير من أولياء الأمور، وحينما نسدي النصيحة للأهل يقولون إن الطفل ما زال صغيراً وانه سينسى عندما يكبر! وهنا يدور كلامنا على تصغير الطفل وتهميشه واعتقادنا بأنه غبي لا يفهم مغزى وعمق الكلام أو الجمل التي توجه له· إن أول خطأ يقترفه الآباء في التربية هو عدم معرفة إمكانيات الطفل ···ومعرفة انه ذكي جداً - رغم كونه طفلا- و انه قد يكون أذكى من والده· ويضيف: أن هذه الكلمات النابية مع التكرار تصبح عند الطفل لازمة ويعتقد انه بالفعل يتصف بها، ويكبر على هذا الأساس ، وتترسخ التهمة الكاذبة في سلوكياته··· وعندما يصل الأبن او الأبنة الى مرحلة السلوكيات المريضة لا يدرك الأهل إنهم السبب في ذلك· ويؤكد محمد سعد: أن هذه النعوت البشعة لها تأثير كبير من الناحية النفسية على الطفل، فهي تشعره بالدونية وبالنقص، لذلك أجد انه من الأفضل أن نستبدل هذه الكلمات الجارحة والنابية بكلمات تساعد على تهذيب سلوك الطفل وضبطه دون تحقير او تقليل من شأنه· وعي وإدراك تقول الأخصائية النفسية ثرية جاسم عن تصرفات الأهل امام الأطفال وأثرها على الصغار: على الآباء احترام شخصية الطفل وتقديرها والتعامل معها بشكل انساني باعتبار أن الطفل الصغير هو شاب المستقبل وباني المجتمع، وان نحن قللنا من شأنه ومن ذاته أصبح شخصاً يكره نفسه ومجتمعه· على الآباء هنا التوقف عن جرح الأبناء بألفاظ غير لائقة، مثل نعته ب الفاشل لمجرد فشله في حل مسألة حسابية، أو أداء واجب،·إن من شأن هذه الكلمة أن تنقص من قدرات الطفل أمام نفسه وأمام أقرانه فيشعر انه لا يملك القدرة على الإنجاز والنجاح وبالتالي يتحول مع مرور الأيام وتكرار هذا النعت إلى شخص فاشل فعلاً، وقد تنشأ عنده عقدة نفسية من هذه الكلمة، كما يجب التوقف عن سب الطفل أو لعنه أو شتم اي أحد أمامه، لأن ذلك يجعل منه شخصية مهزوزة وغير محترمة وبالتالي سيتعود التعامل···وتبادل تلك الألفاظ البذيئة مع الآخرين· وتضيف الأخصائية: أيضا من الأشياء التي تكون مدمرة لنفسية الطفل تمني الموت له من قبل الأهل، أو تمني الأهل امامه لو انه لم يولد· إن مثل تلك الأمنيات تجعل الطفل يشعر بالحسرة والألم على نفسه ومن الممكن أن يفكر في الانتحار، لذلك فليحذر الآباء من ذكر هذه الكلمات وليتوقفوا عنها تماما، والأفضل اســـــــتبدالها بكلمات تبعث الثقة في نفس الطفل وتســـــــاعده على تنمية عقله وعاطفـــــته· كذلك يتمنى الأهل وتحديداً الأمهات الموت لأنفسهم في حالات الغضب والتعب من شقاوة الأولاد· حاذري من تلك الأمنية، فمثل تلك الكلمات تجعل الطفل يشعر بحالة خوف وعدم آمان مستديمة من فقدانك ومن الصعب التخلص من هذا الشعور فيما بعد· ·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©