حمد سيف الريامي:
كثيرة هي قصص الحب المتناولة أحداثها عبر السينما الأميركية، وكم تكون جميلة إذا حاكت تلك القصص فترة مهمة من العصر الذهبي المعروف بعصر الرومانسية· تتمحور أحداث قصة فيلم ''ذي بينتيد فييل'' في فترة العشرينيات من القرن الفائت، وما كانت الرومانسية تحمله من قيمة ومعنى في تكوين المجتمع الاوروبي في ذلك الوقت·
من لندن الى الصين
يتعرف شاب بريطاني ''والتر'' على شابة بريطانية ''كيتي'' في حفلة ما في لندن ويُعجب بها كثيرا ويتقدم لأهلها طالبا يدها للزواج· يعمل ''والتر'' في الصين ويتوجب على ''كيتي'' مرافقته الى هناك حيثُ الأجواء والحياة مغايرة للأجواء والحياة اللندنية·فهناك يسود الحر في حين ويهطل المطر الغزير في حينٍ آخر، الناس مختلفون في تعاملهم مع بعضهم البعض والمنزل بعيد عن المدينة في منطقة ريفية معزولة، و''كيتي'' تحب السهرات والحفلات والحياة المليئة بالرفاهية وتعيش حياة مختلفة جداً عن حياتها في لندن·
كل هذه الأمور تُشعر ''كيتي'' بأنها تعيشُ مللاً قاتلاً وذلك لعدة أسباب أهمها المعاملة الخاصة المفرطة بالاحترام التي يعاملها بها زوجها مما يدفعها الى التعرف على شخص آخر وتبدأ رحلة الخيانة الزوجية لفترة من الوقت لتنتهي بعد اكتشاف زوجها لفعلها الفاضح· تتدارك الزوجة الخائنة الأمر وتحاول إقناع زوجها بأن ينفصل عنها من دون فضيحة، لكن ''والتر'' يشترط عليها أن تقنع عشيقها بأن ينفصل عن زوجته ويبدأ حياة جديدة معها··· وبعد ذلك يتركها·تحاول ''كيتي'' لتكتشف حقيقة عشيقها، وترجع خائبة الى ''والتر'' الذي اشترط عليها أن تذهب معه الى قرية صينية زاد فيها وباء الكوليرا بعد ان تفشى المرض في أنحاء كثيرة من الصين·
تقبل ''كيتي'' بهذا الشرط وتسعى في تلك الرحلة مجاراة زوجها اللامبالي بالرغم من حبه الشديد لها· وبعد فترة من مكوثهما في هذه القرية والمعاناة التي يعيشانها في مساعدة أهل القرية من النساء والأطفال يدرك الاثنان مدى حبهما الشديد الواحد للآخر·
العفو عند المقدرة
العفو عند المقدرة، هذه ميزة تخص القليل من البشر· فإذا كان العفو بسبب خيانة زوجية فهو عمل جريء، يقابله فيما بعد حياة زوجية سعيدة يملؤها الحب· هذه هي الرسالة التي يريد الفيلم إرسالها للمشاهد·
القصة مقتبسة من كتاب للكاتب ''سوميريست موهجام'' لفترة العشرينات من القرن الماضي حيثُ تفشى مرض الكوليرا في الصين· في تلك الأجواء الدرامية حبكت قصة ''والتر'' و''كيتي'' الرومانسية· وتذكرنا هذه الحبكة بنفس طريقة اقتباس المخرج ''جيمس كاميرون'' أحداث غرق سفينة التايتانيك، وإدخال قصة حب اشتهرت بها السينما العالمية في فيلم ''تايتانيك''·
المخرج ''جون كوراين'' تعايش مع الأحداث وأدخل جو العشرينات بتفوقٍ·
نشاهد في بداية الفيلم لقطات متفرقة واحداثا مهمة من عشرينيات القرن الماضي، كذلك نرى أن تعامل المخرج مع مشاهد مرض الكوليرا جاء منطقيا وواقعيا في كثير من الأحيان لدرجة أننا ننسى القصة الرئيسية التي ارتكز عليها الفيلم الا وهي قصة ''والتر'' و''كيتي''·
لقد تعامل المخرج مع ''ناومي واتس'' و ''إدوارد نورتن'' بأمانة عالية لا سيما أنهما أنتجا هذا الفيلم· ''إدوارد نورتن'' المعروف عنه تميزه في أدوار مختلفة ومغايرة وآخرها دوره للساحر في فيلم ''ايلوشينز'' يفاجئنا بدور ''والتر'' البريطاني المثقف والمحب لزوجته بشكل كبير· وقد جاء أداؤه للدور طبيعيا جداً وقد تفوق عن باقي طاقم التمثيل في الفيلم بما فيهم ''ناومي واتس'' التي أدت دورها بكل فعالية وأقنعتنا بالفعل بدور الزوجة الخائبة التي تسعى لاسترجاع زوجها بعد خيانته· أما بالنسبة لـ''وليف إسكريبور'' الذي أدى دور عشيق ''كيتي'' ، فقد جاء دوره مقتصراً على بعض المشاهد ولم يكن دوره مؤثراً·
اختلاط الثقافات
تميز الفيلم بعدة مشاهد جميلة من الصين واختلطت فيه عدة ثقافات وثلاث لغات ألا وهي الإنجليزية ولغة ''الماندرين'' الصينية والفرنسية، وكانت أجمل اللقطات في الفيلم لحظة معرفة ''والتر'' لخيانة زوجته والحوار الذي دار بينهما وانتهى على أساس موافقة ''كيتي'' مصاحبة زوجها الى مدينة الكوليرا!
كذلك تميز الفيلم بمشهد دخول ''والتر'' الى مصح يعالج أمراض الكوليرا كعالم بيولوجي يجري أبحاثا· يشاهد ''والتر'' حالة تجعله يفقد السيطرة على نفسه إذ كان يشاهد ولأول مرةٍ مريضا بالكوليرا· كذلك كانت مشاهد تجاهل ''والتر'' لزوجته ''كيتي'' في البيت ذات أهمية لتصاعد أحداث الفيلم ومن أهمها مشهد تناول كيتي السلطة من دون غسل أوراق الخس مع أن ''والتر'' حذرها من مغبة فعل ذلك بسبب تفشي مرض الكوليرا· وبعد هذا السلوك المريض يبدأ والتر نفسه بأكل السلطة من غير غسل نكاية بـ''كيتي''· ويبرز المشهد مدى حب والتر لزوجته بالرغم من خيانتها له!
فيلم ''ذي بينتيد فييل'' هو حكاية رومانسية جميلة جاءت في غضون أحداث مهمة في التاريخ وقليلة هي الأفلام الدرامية التي تجعلك تنسجم مع أحداثها وموسيقاها الراقية· هذا الفيلم لمن يريد أن يعيش فترة جميلة وينعم بالموسيقى الكلاسيكية والرومانسية·
عدد اليوم
