الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كلمة رئيس الدولة بمناسبة اليوم الوطني الاربعين

كلمة رئيس الدولة بمناسبة اليوم الوطني الاربعين
4 ديسمبر 2011 12:14
أكد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله ان إتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة الذي نحتفل بذكراه الأربعين هو مسؤولية إجتماعية وجماعية ومشروع نهضة وبرنامج عمل مستمر. وقال صاحب السمو رئيس الدولة في كلمته بمناسبة الذكرى الاربعين لليوم الوطني ان أختيار روح الإتحاد شعارا لإحتفالات هذا العام تعبير صادق عن اصالة التجربة التي جسدت بصدق واقع إبن الإمارات في اصالته وقيمه وخصوصيته مؤكدا ان إتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة الذي نعيشه اليوم إنجازا سياسيا وواقعا إجتماعيا وإقتصاديا جاء ثمرة غرس طيب لآباء حملوا الفكرة أملا وتولوها رعاية متفانين في إعلاء راية الإتحاد وتقويته. واوضح سموه ان الاباء المؤسسين هم روح الإتحاد ومن سيرتهم تستخلص الأجيال العبر وتواصل تحمل المسؤولية في وطن زاه بماضيه ويفخر بحاضره المعطاء وغده الواعد مشيرا الى ان دولة الإمارات العربية المتحدة تبوأت مكانة مرموقة في المجتمع الدولي بفضل ما تحقق خلال أربعة عقود من الإنجازات في كافة الميادين أصبحت بفضلها من أفضل الدول من حيث كفاءات الخدمات والسياسات العامة ومصداقية الحكومة تجاه المجتمع وقوة الإقتصاد الذي يعد ثاني أكبر إقتصاد عربي لتصبح دولة الإمارات مركز لاستقطاب رجال الأعمال من كافة أرجاء العالم. وقال سموه ان مظاهر التقدم انعكست على جميع الجوانب التنموية في الدولة بما فيها التعليم والصحة والأسكان مشيرا الى دور اللجنة الوطنية المعنية بتنفيذ مبادرات صاحب السمو رئيس الدولة الخاصة بتطوير مشاريع البنية الأساسية في مختلف إمارات الدولة. وأضاف سموه ان دولة الإمارات أولت البنية التحتية إهتماما من أجل خدمة أهداف التنمية في جميع المجالات وأطلقت المبادرات والمشاريع الثقافية والإعلامية لتكون مركزا إقليميا للإعلام والثقافة والفنون وجسرا للتواصل الحضاري بالإضافة إلى ان دولة الإمارات أصبحت مركزا مهما للأنشطة الرياضية الإقليمية والدولية. وقال سموه ان مظاهر التقدم انعكست على جميع الجوانب التنموية بما فيها مساهمة المرأة في قوة العمل وتوفير الرعاية الإجتماعية الكاملة لجميع فئات المجتمع وإعطاء إهتمام خاص للشباب. واضاف صاحب السمو رئيس الدولة ان الحفاظ على روح الإتحاد يتمثل في تمكين المواطن الذي يعد الأولوية الوطنية القصوى والرؤية المستقبلية الموجهة لجميع الإستراتيجيات والسياسات التي ستعتمدها الدولة في قطاعاتها كافة. ووجه سموه كافة القيادات في الدولة الى الإصغاء إلى اصوات الناس والأخذ بها في الإعتبار عند التخطيط ووضع الأهداف وإتخاذ القرارات مؤكدا ضرورة إهتمام الحكومات بما يحقق التواصل الفعال مع المواطن في كل مكان والإستماع إلى صوته والتعرف على توجهاته والإستجابة لتطلعاته التي تتطلب منا الإنتباه وتستحق الإستماع. وأكد سموه ان توسيع المشاركة الشعبية توجه وطني ثابت وخيار لا رجوع عنه اتخذ بكامل الإرادة تلبية لطموحات أبناء شعبنا في وطن يتشاركون في خدمته وتطوير مجتمعه. وأشار سموه الى المرحلة الثانية في المسار المتدرج لتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية في الإنتخابات وتفعيل دور المجلس الوطني الإتحادي وإنتخاب مجلس وطني جديد بدأ أعماله وهو أكثر تعبيرا عن الإرادة الوطنية. وقال صاحب السمو رئيس الدولة ان دولة الإمارات العربية المتحدة تمضي قدما في مسيرة النمو حيث تجاوز إقتصادها بفضل قوته وتنوعه وسلامة البيئة التشريعية آثار الأزمة الإقتصادية العالمية ويواصل الإزدهار والنمو. وأشار سموه الى الدور الإيجابي لقطاع الأعمال والإسهامات المشهودة له خلال الأربعين عاما الماضية مطالبا سموه هذا القطاع بممارسات أكثر التزاما بمسؤولياته المجتمعية بما يعزز مشاركته في بناء الوطن والحفاظ على المجتمع وتوجيه الإستثمار نحو الموارد البشرية المواطنة تدريبا وإستقطابا. وقال صاحب السمو رئيس الدولة ان دولة الإمارات تتبنى على المستوى الأمني والدفاعي إستراتيجية أمنية وطنية تقوم على تعزيز إجراءات دعم وحفظ الأمن العام وتطبيق القانون لمواجهة الإرهاب وكافة أشكال الجريمة المنظمة الدخيلة على مجتمعنا من خلال تطوير القدرات ورفع كفاءات العنصر البشري والتعامل بحسم وحزم مع كل ما من شأنه التأثير على الأمن والإستقرار الداخلي. واكد صاحب السمو رئيس الدولة ان السياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة قائمة في مبادئها وممارستها على الوسطية والإعتدال وصيانة الأمن والإستقرار وإعتماد الوسائل السلمية لحل الخلافات الداخلية والخارجية والإحتكام للشرعية الدولية وإحترام سيادة الدول وتطلعات الشعوب وإقامة علاقات تعاون مع كل دول العالم. وأشار سموه إلى حرص دولة الإمارات على هذه المبادئ في النهج الذي إتخذته الدولة لدعم العمل الخليجي المشترك وحرص سموه على مواصلة العمل مع دول مجلس التعاون الخليجي لإستكمال التكامل السياسي والإقتصادي والأمني والإجتماعي مؤكدا سموه في هذا الصدد دعم دولة الإمارات العربية المتحدة للجهود التي تبذلها القيادة في مملكة البحرين الشقيقة لتعزيز الحوار الوطني بما يحفظ أمنها ويعزز وحدتها. وفيما يتعلق بالتحولات التي تشهدها عدد من الدول العربية الشقيقة أكد سموه إحترام دولة الإمارات العربية المتحدة لخيارات شعوب هذه الدول ودعمها للجهود المبذولة لتجاوز هذه المرحلة بما يضمن لهذه الدول الوحدة والتماسك ويحقق للشعوب تطلعاتها مشيرا سموه إلى مواصلة دولة الإمارات لمساندتها الكاملة للأشقاء الفلسطينيين ودعمها لمساعيهم لإستعادة حقوقهم الشرعية وإعلان دولتهم المستقلة. وأكد سموه التزام دولة الإمارات بمسؤولياتها الدولية حيث تسعى بشكل دؤوب لتعزيز وتنسيق برامج الإغاثة والمساعدات الإنسانية والإغاثية للدول النامية فضلا عن مساهماتها في الجهود الدولية لحفظ السلام وإعادة الإعمار ومواجهة الأزمات والكوارث وتلبية نداءات الاستغاثة وهو ما يؤكد شراكتها المتميزة في ضمان صيانة السلم والأمن الدوليين وإسهامها الفاعل في مختلف أنشطة الأمم المتحدة وبرامج وكالاتها المتخصصة مقدمة مساعدات بلغت قيمتها مليارات الدولارات مؤكدا مضي دولة الامارات في سياستها بالالتزام بمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل والعمل مع المجتمع الدولي لتجنيب العالم مخاطر الانتشار النووي. وقال سموه لقد قطعنا معاً أشواطاً مهمة وسنوات حافلة بالإنجاز والنجاح ونحن بعون الله ماضون في المسيرة المظفرة بثقة وثبات لبلوغ ما نصبو إليه من غدٍ مشرق حافل بالخير والازدهار داعين الله أن يحفظ بلدنا قويةً آمنةً وأن يمدنا بالعزم والقوة لحمايتها والحفاظ عليها واحةً للأمن والاستقرار والرخاء. وفيما يلي نص الكلمة .. صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله بمناسبة اليوم الوطني الاربعين أبنائي وبناتي أخواني وأخواتي المواطنون والمواطنات.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. تحلُ علينا اليوم الذكرى الأربعين لتأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة، وقد تحقق لنا من الانجازات ما ارتقى بمكانة دولتنا إلى مصاف الدول المتقدمة، وذلك بجهود مخلصة قادها الوالد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ـ طيب الله ثراه ـ وإخوانه الآباء المؤسسين ـ رحمهم الله ـ الذين عملوا في صمت، مؤسسين لمسيرة تتوافق في أهدافها مع قيمنا الوطنية وثوابتنا الأصلية، وعلى نهجهم سنواصل المسيرة، تحملاً للمسؤولية، وعملاً جاداً وصولاً بالوطن والمواطن إلى التقدم والازدهار. وفي هذا اليوم المبارك، نتقدم بصادق التهنئة وعظيم التقدير لأخي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي وإلى إخواني أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للإتحاد حكام الإمارات، لما يحيطون به المسيرة الاتحادية من رعاية وما يبذلون من جهدٍ حمايةً للوطن، ودفاعاً عن مكتسباته، وتلبيةً لتطلعات أبنائه. إن هذا الاتحاد الذي نعيشه اليوم انجازاً سياسياً وواقعاً اجتماعياً واقتصادياً لم يكن هبةً أو منحةً، كما لم يكن مناله سهلاً يسيراً، لقد جاء ثمرةُ غرسٌ طيبٌ لآباء حملوا الفكرةَ أملاً، وتولوها رعايةً، متفانين في إعلاء راية الاتحاد، وتقويته. إنهم روح الاتحاد، ومن سيرتهم تستخلص الأجيالُ العبر، وتواصل تحمل المسؤولية، في وطن زاه بماضيه، ويفخر بحاضره المعطاء، وغده الواعد. أربعون عاماً مضت، وجهت الدولة خلالها كافة جهودها ومقدراتها لخدمة الوطن والمواطن، واستثمرت كل مواردها وطاقاتها لبناء دولة اتحادية عصرية رائدة، رسخت قيم التلاحم والترابط والوحدة، وعززت مفاهيم العمل والعطاء والمشاركة، وعمقت مشاعر الاعتزاز بالوطن، والفخر بانجازات المسيرة الاتحادية المباركة. أيها المواطنون والمواطنات لقد صار لدولتكم مكانةً مرموقةً في المجتمع الدولي، بفضل ما تحقق خلال أربعة عقود، من انجازات عمت كافة الميادين، نجحنا في بناء حكومة اتحادية فعالة، وحكومات محلية نشطة، وتُصنف دولتنا اليوم كواحدةٍ من أفضل الدول من حيث كفاءة الخدمات والسياسات العامة، ومن حيث مصداقية الحكومة تجاه المجتمع؛ وتُحسب ضمن الدول الأكثر أمناً واستقراراً، والأكثر استثماراً في الإنسان تعليماً وتأهيلاً، كما نال نظامنا القضائي العدلي الإشادة لما يتصف به من نزاهة، وما يتمتع به من ثقة. وبفضل قوة الاقتصاد، وسلامة نهجه، والسياسات الرشيدة القائمة على الانفتاح وتنويع مصادر الدخل، تمتلك الدولة اليوم ثاني أكبر اقتصاد عربي، إذ ارتفع ناتجها المحلي الإجمالي من 5ر6 مليار درهم عام 1971 إلى 1248 مليار درهم مع نهاية عام 2011، ليرتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2011، إلى نحو 174 ألف درهم سنوياً، وازداد حجم التجارة الخارجية من (13) مليار درهم في عام 1971 إلى 1737 مليار درهم عام 2011، وارتفع إسهام القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي من 30 بالمائة إلى 71 بالمائة خلال الفترة نفسها، فضلا عن امتلاك الدولة لقطاع مشاريع صغيرة ومتوسطة حيوي نشط، كما حقق القطاع الصناعي انجازات مشهودة، تمثلت في زيادة عدد المنشآت، وإقامة مناطق صناعية كبرى، جذبت استثمارات ضخمة، أسهمت في تحقيق إستراتيجية الدولة الرامية إلى تطوير القاعدة الاقتصادية، والإنتاجية، وتنويع مصادر الدخل. لقد أصبحت الدولة مركز استقطاب لرجال الأعمال من كافة أرجاء العالم، ونقطة جذب للاستثمارات الأجنبية، وتصدرت على المستوى العربي مؤشرات بيئة الاقتصاد الكلي، وسوق السندات، والبيئة المؤسسية، والتمويل الدولي، وذلك لجودة المناخ الاستثماري، وتعدد وتنوع الفرص المتاحة. وبرغم تركيزنا على تطوير قطاع النفط والغاز وصناعاته، باعتباره العمود الفقري لاقتصادنا وصناعة الطاقة في بلادنا، إلا أن الدولة تنويعاً لمصادر الاقتصاد، وتلبيةً للاحتياجات المتنامية للطاقة، تتجه بقوة إلى الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة والنووية، بما يخفض من استهلاك البلاد من الطاقة التقليدية، ويزيد من كمية النفط والغاز المتاحة للتصدير، وقد تمثل هذا التوجه في مبادرة مدينة «مصدر»، واستضافة بلادنا للوكالة الدولية للطاقة المتجددة «إيرينا». إن إيماننا بالعلم والمعرفة أساساً للنمو والتقدم، كان محرك الاهتمام بالتعليم العام والعالي، إذ ارتفع عدد المدارس من (74) عام 1971 تضم (32 ألفاً و800) طالب وطالبة، إلى 1186 مدرسة حكومية، وخاصة في عام 2011 تضم نحو 800 ألف طالب وطالبة، ووصل عدد مؤسسات التعليم العالي إلى 76 مؤسسة اتحادية ومحلية وخاصة، تغطي كافة إمارات الدولة، وتعمل في تنسيق وتعاون لتوفر لأبنائنا فرص تعليم عالٍ متنوع ومتميز في شتى حقول المعرفة. وفي المجال الصحي أولت الدولة هذا القطاع اهتماما خاصاً، وعملت على توفير خدمات نوعية عالية المستوى، شملت الخدمات العلاجية والوقائية والتعزيزية، ورعاية الطفولة والأمومة، ، وقد وصل عدد المستشفيات الحكومية إلى أكثر من 92 مستشفى، و246 مركزا للرعاية الصحية الأولية ورعاية الأمومة والطفولة، إضافة إلى عشرات المستشفيات الخاصة وآلاف العيادات المتخصصة، مقارنة بعدد 7 مستشفيات فقط و12 مركزا صحيا في عام 1971، وتسعى الدولة للارتقاء بهذا القطاع الحيوي ليكون واحداً ضمن الأفضل على مستوى العالم، من حيث جودة الممارسات، والخدمات، ومستوى الكوادر الطبية، ومعدلات التوطين وزيادة مساهمة القطاع الخاص. وفي مجال الإسكان شيدت الدولة ووزعت آلاف المساكن الشعبية، وأنشأت مدناً عصرية متكاملة الخدمات، انتشرت في جميع المناطق، وتنفذ وزارة الأشغال منذ عام 2007 خطة وطنية للإسكان، تغطي احتياجات المواطنين خلال السنوات العشرين المقبلة، إضافة إلى المشاريع التي ينفذها برنامج الشيخ زايد للإسكان، والأخرى المثيلة التي ترعاها مختلف إمارات الدولة، كما عملنا على صياغة إستراتيجية وطنية للإسكان، يجري تنفيذها في تنسيق كامل مع برامج الإسكان المحلية. وفي هذا المقام لا بد من الإشارة إلى الدور الذي تقوم به اللجنة الوطنية المعنية بتنفيذ مبادرات رئيس الدولة الخاصة بتطوير مشاريع البنية الأساسية في مختلف امارات الدولة بما يرتقي بمستوى الخدمات المقدمة، وقد تجاوز الإنفاق على هذه المشاريع 7 مليارات درهم، وسيتواصل الدعم تحقيقاً لأهداف المبادرات. لقد كان همنا منذ البداية، توفير بنية تحتية أساسية، تخدم أهداف التنمية في جميع المجالات، فأنشئت الدولة الطرق والمنافذ البحرية والجوية، وتوسعت فيها بما يخدم طموحات البلاد الاقتصادية والتجارية والمالية والسياحية، وأطلقت العديد من المبادرات والمشاريع الثقافية والإعلامية، بما يدعم توجهها الإستراتيجي لتكون مركزاً إقليمياً للإعلام والثقافة والفنون، وجسراً للتواصل الحضاري، وبفضل المنشآت والتسهيلات الرياضية، أصبحت الدولة مركزاً هاماً للأنشطة الرياضية الإقليمية والدولية. وعملت الدولة على حماية البيئة وتحسين إدارة الموارد الطبيعية والمائية والزراعية، والحفاظ على التنوع البيولوجي، والأنواع الحيوانية، والنباتية البرية والبحرية المهددة بالانقراض، إلى جانب حماية وتنمية الثروة السمكية، والتوسع في إنشاء المحميات الطبيعية. وكان ما تحقق في هذا المجال تحت رعاية القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، انجازاً فائقاً أكسب بلادنا مكانة مرموقة إقليميا ودولياً في مجال العمل البيئي. لقد انعكست مظاهر التقدم على جميع الجوانب التنموية في الدولة، بما فيها زيادة مساهمة المرأة في قوة العمل، وتوفير الرعاية الاجتماعية الكاملة لجميع فئات المجتمع، مع إعطاء اهتمام خاص للشباب والفئات الضعيفة وخاصة المعوقين والمسنين، مما جعل الكثير من المنظمات الدولية تصنف دولتنا بين الدول الأكثر رخاءً ورفاهاً على مستوى العالم، وسنستمر في العمل لتطوير مواردنا البشرية والارتقاء بمهاراتها وقدراتها، إيماناً منّا بأن الإنسان هو هدف التنمية وغايتها وأداتها ووسيلتها، وسنستمر كذلك في تشجيع الكفاءات الوطنية، لتأخذ مكانها الطبيعي في مسيرة النهضة الحاضرة، انطلاقاً نحو مستقبل أكثر إشراقاً. أيها الأخوة والأخوات.. إن الاتحاد الذي نحتفل بذكراه الأربعين اليوم هو مسؤولية اجتماعية وجماعية، إنه مشروع نهضةٍ، وبرنامج عمل مستمر، واختيار «روح الاتحاد» شعاراً لاحتفالات هذا العام، تعبير صادق عن أصالة التجربة، التي جسدت بصدق الواقع الإماراتي في أصالته وقيّمه وخصوصيته. إن الحفاظ على روح الاتحاد يتمثل في تمكين المواطن، وهو الأولوية الوطنية القصوى، والرؤية المستقبلية المُوجِهة لجميع الإستراتيجيات والسياسات، التي ستعتمدها الدولة في قطاعاتها كافة، خلال السنوات العشر القادمة. فتمكين المواطن هو مشروعنا للعشرية الاتحادية الخامسة. مشروعٌ نؤسس به لانطلاقةٍ وطنية أكبر قوةً وثقةً. مشروعٌ مرتكزاته إنسانٌ فاعلٌ معتزٌ بهويته، وأسرةٌ متماسكةٌ مستقرة، ومجتمعً حيويٌ متلاحم، يسوده الأمنُ والعدلُ، يُعلي قيم التطوع والمبادرة، ونظامٌ تعليمي حديثٌ متقدم، وخدماتٌ صحيةٌ متطورة، واقتصادٌ مستدامٌ متنوع قائمٌ على المعرفةِ، وبنيةٌ تحتيةٌ متكاملة، وبيئةٌ مستدامة، ومواردٌ طبيعيةٌ مُصانة، ومكانةٌ عالميةٌ متميزة. إن هذه المرتكزات، هي ذاتها التي على هديها، أرسى آباؤنا دعائم هذه الدولة، فاستجابةً لرغباتِ النّاسِ وآمالهم، توافقوا على إطارٍ دستوريٍ لحكمٍ اتحاديٍ رشيد، يساوي بين الناس، ويضمن حرياتهم، ويطلق طاقاتهم، ويعبئ مواردهم، ويوسع الخيارات أمامهم، عبر مؤسسات اتحادية قوية، تؤدي عملها في تكامل مع الحكومات المحلية، وبتنسيق تام مع قطاعات المجتمع قاطبة. وسيكون همُّنا الأول تحقيق هذه الرؤية، وتفعيلها واقعاً معاشاً، بما يحقق طموحات القيادة والمواطنين في مستقبل أكثر أماناً وأكثر ازدهاراً، وسيكون مجلس الوزراء مسؤولاً عن تحويلها إلى برامج ومشاريع ذات أهداف محددة، ومعايير واضحة،. وقد أنجز مجلس الوزراء الإطار الإستراتيجي للعشرية الخامسة، المتمثل في وثيقة / رؤية الإمارات 2021 /. أيها المواطنون الكرام. إننا نتقدم بثقةٍ نحو عقد يقوده أبناء وبنات الوطن، وكلمتي للقيادات كافة هي: أصغوا إلى أصوات الناس، خذوها في الاعتبار وأنتم تخططون، وتضعون الأهداف، وتتخذون القرارات، ففي عالم تتنوع فيه وسائل الاتصال الجماهيري، وأدوات التواصل الاجتماعي، أصبح من الضرورة أن تهتم الحكومات بما يحقق التواصل الفعال مع المواطن في كل مكان، والاستماع لصوته، والتعرف على توجهاته، والإستجابة لتطلعاته، التي تتطلب منا الانتباه وتستحق الاستماع. وتأسيساً على ذلك، نؤكد أن توسيعَ المشاركة الشعبية، توجّهٌ وطني ثابت، وخيارٌ لا رجوع عنه، اتخذناه بكامل الإرادة، وسنمضي في تطويره تدرجاً بعزم وثبات، تلبيةً لطموحات أبناء شعبنا في وطن، يتشاركون في خدمته وتطوير مجتمعه. ولقد انجزنا بنجاح المرحلة الثانية في المسار المتدرج الذي اتخذناه منهجاً، لتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية في الانتخابات، وتفعيل دور المجلس الوطني الاتحادي وتوسيع صلاحياته وتعزيز دوره، وتوجّت المرحلة بانتخاب مجلس وطني جديد، بدأ أعماله وهو أكثر تعبيراً عن الإرادة الوطنية، نأمل أن يؤدي دوره في تعاون تام مع الجهاز التنفيذي؛ تداولاً مسؤولاً لقضايا الوطن، وتأثيراً إيجابياً في عملية صنع القرار. أبناء الوطن الأعزاء لا فرق بين مواطن ومواطن في دولتنا، والجميع سواسية في الحقوق والواجبات، والغاية الرئيسة للنشاط الحكومي في كافة أوجهه هي تحسين نوعية الحياة، وضمان استدامة التقارب المعيشي بين مواطني الدولة، وتمتع الجميع بفرص متكافئة، ومزايا منصفة، تجري في محيط اجتماعي وأُسري سليم، يشعر فيه الجميع بالعدل والاستقرار، وهذا ما نحن ماضون فيه عبر العديد من المبادرات التي تغطي بمشاريعها التطويرية والإسكانية والخدمية إمارات الدولة ومناطقها كافة. وضمن هذه الجهود، فإن التعليمَ أولويةٌ قصوى، وسيحصل ابتداءً من العام المالي 2012، على حصة أكبر من مجمل الميزانية العامة للدولة، بما يوفر الإمكانيات المطلوبة لتطوير منظومته، والارتقاء بمخرجاته، وربطه بمتطلبات التنمية وسوق العمل، وسيكون على رأس هذا الاهتمام، النهوض بأوضاع العاملين في القطاع، واعتماد مناهج متطورة، تُعمق الانتماء، وترسخ الهوية، وقيم الوسطية والاعتدال، وتأخذ بعين الاعتبار التطورات العالمية في مجالات النظم والعلوم والتكنولوجيا واللغات. وفي إطار حرصنا على إنشاء جيل قادر على تحمل المسؤوليات ومواصلة النهضة، أطلقت الدولة مجموعة متكاملة من السياسات، التي تستهدف تعظيم قدرات النشء والشباب، وتوفير الظروف التي تمكنهم اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وسياسياً ورياضياً، وتحفزهم على الانخراط الفاعل في العمل التطوعي وتنمية المجتمع، فأنشأنا وزارة تعنى بشؤونهم، وأسسنا الهيئة العامة لرعاية الشباب والرياضة، وشهدت رعاية الطفولة تقدماً ملحوظاً، فتأسس المجلس الأعلى للأمومة والطفولة. وعلى القدر نفسه من الأهمية، جعلنا تمكين المرأة أولويةٌ وطنيةٌ ملحة، وبفضل التخطيط السليم أصبح لدولتنا سجل متميز في مجال حقوق المرأة، فهي تتمتع بكامل الحقوق، وتمارس الأنشطة جميعها دون تمييز، والأبواب جميعاً مفتوحة أمامها، لتحقيق المزيد من التقدم والتطور. الأخوة المواطنون والمواطنات إن بلادنا تمضي قدما في مسيرة النمو، وقد تجاوز اقتصادها الوطني وبفضل جاذبيته وقوته وتنوعه، وسلامة البيئة التشريعية التي يعمل في إطارها، آثار الأزمة الاقتصادية العالمية، ويواصل اليوم الازدهار، مدعوماً بالأداء الجيد للقطاعات الاقتصادية، وتحسن مستويات السيولة، وزيادة الفوائض المالية. غير أن توسيع قاعدة الاقتصاد، وتنويعه، والارتفاع بمعدلات نموه، مؤشرات على أهميتها وأولويتها، ليست غايةً في حد ذاتها، وإنما وسيلة لغاية أكبر هي سعادة الإنسان، وتماسك الأسرة، وتلاحم المجتمع، وسيادة الوطن، ولتحقيق ذلك جاء النموذج التنموي الذي اعتمدته /رؤية الإمارات 2021 / نموذجاً إنسانياً مجتمعياً مُستداماً، غايته تمكين المجتمع، والارتقاء بقدرات أفراده ومعارفهم ومهاراتهم. وبهذا فهو خارطة طريقنا إلى المستقبل، والمدخل الرئيس للتصدي للتحديات التي تواجهها الدولة والمجتمع، وعلى رأسها قضية الهوية الوطنية، والخلل في سوق العمل، وانخفاض الإنتاجية، وضعف معدلات الإحلال والتوطين، وقد شرعنا بالفعل في خطوات جادة في هذا الاتجاه، فأنشأنا المجلس الاتحادي للتركيبة السكانية، وأسسنا الهيئة الوطنية للمؤهلات، وصندوق خليفة لدعم التوطين وغيرها، ونأمل أن تكون مبادرات جميع هذه الجهات مدخلاً واقعياً لمعالجة التحديات، التي تواجه مسار التوطين، وتخفيض الطلب على العمالة الوافدة، وتعظيم فرص التأهيل والتدريب المتاحة أمام العمالة المواطنة، بما يرفع من مهاراتها، ويرتقي بقدراتها، ويعزز الطلب عليها. ومع الإقرار بالدور الإيجابي لقطاع الأعمال وإسهاماته المشهودة خلال الأربعين عاماً الماضية، إلا أن هذا القطاع مطالبٌ اليوم بممارسات أكبر التزاماً بمسؤولياته المجتمعية، بما يعزز من مشاركته في بناء الوطن، والحفاظ على المجتمع، والارتقاء بالإنتاجية، وتوجيه الاستثمار نحو الموارد البشرية المواطنة، تدريباً واستقطاباً، خلقاً للمزيد من فرص العمل الجاذب الكريم. أيها المواطنون والمواطنات إن دولتنا، على المستوى الأمني والدفاعي، تتبنى إستراتيجية أمنية وطنية، تقوم على تعزيز إجراءات دعم وحفظ الأمن العام، وتطبيق القانون، وتطوير القدرات، ورفع كفاءة العنصر البشري، إلى جانب الحرص على مواجهة الإرهاب، وكافة أشكال الجريمة المنظمة الدخيلة على مجتمعنا، والتعامل بحسم وحزم مع كل ما قد يؤثر على الأمن والاستقرار الداخلي. وبحمد الله نمتلك اليوم القدرة على الدفاع عن مكتسباتنا الوطنية، وحماية مصالحنا الحيوية، وقد أولينا قواتنا المسلحة اهتماماً خاصاً، باعتبارها الدرع الواقي الحامي لسيادة واستقلال وأمن الوطن، وحافظت تلك القوات بفعالية في حفظ الأمن والسلام الدوليين، وأثبتت كفاءة في تقديم العون للدول الشقيقة والصديقة، وستظل قواتنا المسلحة مصدر فخرنا ومحط ثقتنا. أيها الإخوة والأخوات الكرام، لقد أكدت التحولات التي تشهدها المنطقة العربية سلامة الأسس والثوابت التي قامت عليها دولتنا منذ تأسيسها، والمرتكزة على الإعلاء من شأن الإنسان، وصون كرامته، وضمان حقوقه، باعتباره أساس استقرار المجتمعات، وجوهر أمن الدول، وتأسيساً على هذا كانت سياستنا الخارجية القائمة في مبادئها وممارساتها على الوسطية والاعتدال، وصيانة الأمن والاستقرار، واعتماد الوسائل السلمية لحل الخلافات الداخلية والخارجية، والاحتكام للشرعية الدولية، واحترام سيادة الدول، وتطلعات الشعوب، وإقامة علاقات التعاون مع كل دول العالم، التي أصبحت تنظر إلى دولة الإمارات بكل تقدير واحترام، وتحرص على مد جسور الصداقة معها بكل أبعادها وصورها. وقد ظهر الحرص على هذه المبادئ في النهج الذي اتخذناه لدعم العمل الخليجي المشترك، ونحن حريصون على مواصلة العمل مع إخواننا في مجلس التعاون الخليجي لاستكمال التكامل السياسي والاقتصادي والأمني والاجتماعي، ومن واقع انتمائنا الخليجي، نتابع باهتمام ما يحدث في مملكة البحرين الشقيقة، مؤكدين دعمنا التام للجهود التي تبذلها قيادتها لتعزيز الحوار الوطني بما يحفظ أمنها، ويعزز وحدتها. كما أننا نتابع باهتمام التحولات التي تشهدها عدد من الدول العربية الشقيقة، مؤكدين احترامنا لخيارات شعوبها، ودعمنا للجهود المبذولة لتجاوز هذه المرحلة، بما يضمن لهذه الدول الوحدة والتماسك؛ ويحقق للشعوب تطلعاتها؛ مواصلين مساندتنا الكاملة لأشقائنا الفلسطينيين، داعمين بقوة مساعيهم لاستعادة حقوقهم الشرعية، وإعلان دولتهم المستقلة، كما نحرص على تقديم كل ما من شأنه دعم الاستقرار والأمن والتنمية في الدول الإسلامية الصديقة. وفي سياق مسؤولياتها الدولية، تسعى دولتنا بشكل دؤوب لتعزيز وتنسيق برامج الإغاثة والمساعدات الإنسانية والإنمائية للدول النامية، فضلا عن مساهماتها في الجهود الدولية لحفظ السلام وإعادة الإعمار، ومواجهة الأزمات، والكوارث، وتلبية نداءات الاستغاثة، وهو ما يؤكد شراكتها المتميزة في ضمان صيانة السلم والأمن الدوليين، وإسهامها الفاعل في مختلف أنشطة الأمم المتحدة وبرامج وكالاتها المتخصصة، مقدمة مساعدات بلغت قيمتها مليارات الدولارات. كما أننا ماضون في سياستنا الملتزمة بمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل، والعمل مع المجتمع الدولي لتجنيب العالم مخاطر الانتشار النووي. الأخوة والأخوات إن أمنَ الدولةِ واستقرارها أمانةٌ، والحفاظ على هذه الأمانة مسؤوليةٌ، لا تردد فيها ولا تهاون، وقد كانت وستظل قواتنا المسلحة الباسلة، وأجهزتنا الشرطية والأمنية، هي الدرع القوي، والسياج المنيع، لصون الأمانة وحماية أمن واستقرار الوطن والمواطن، فلهم منا في هذا اليوم التحية، قادة وضباطا، وجنودا، مقدرين إخلاصهم وتفانيهم في أداء الواجب، وما يبذلون من جهد للرقي بقدرات بلادنا الدفاعية والأمنية، ونتوجه بخالص التقدير لأبناء هذا الشعب الوفي لما أبدوا من تلاحم ووفاء ووحدة صف وعمق وعي، والتحية للمقيمين بيننا من أبناء الدول الشقيقة والصديقة. لقد قطعنا معاً أشواطاً مهمة وسنوات حافلة بالإنجاز والنجاح، ونحن بعون الله ماضون في المسيرة المظفرة بثقة وثبات، لبلوغ ما نصبو إليه من غدٍ مشرق، حافل بالخير والازدهار، داعين الله أن يحفظ بلدنا قويةً آمنةً، وأن يمدنا بالعزم والقوة لحمايتها والحفاظ عليها واحةً للأمن والاستقرار والرخاء. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. خليفة بن زايد آل نهيان. أبوظبي في الثاني من ديسمبر 2011 .
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©