المهاجرون.. قوة دفع سكانية

أشارت توقعات إحصائية إلى أن عدد سكان الولايات المتحدة سيبلغ 400 مليون في حلول العام 2051 وأن المهاجرين سيكون لهم الفضل في ثلثي هذه الزيادة. وعلى رغم أن الإحصاءات السابقة جاءت بتوقعات مشابهة بشأن عدد سكان الولايات المتحدة في منتصف القرن الجاري إلا أن تركيبة النمو المتوقعة تغيرت بشكل ملحوظ. والنمو المتوقع الناتج عن «الزيادة الطبيعية» من خلال المواليد سيكون أقل مما توقعه إحصاء صدرت نتائجه في العام 2012. ويشير إحصاء العام 2014 الذي نشر يوم الأربعاء الماضي إلى أن الزيادة الأكبر في عدد المواليد تعود للمهاجرين. ولكن الإحصاء الجديد قلص أيضاً توقعاته لنمو سكان الولايات المتحدة من القادمين من أميركا الجنوبية «الهسبانيك». وربما يرجع هذا في جانب منه إلى أن الهجرة من المكسيك قد انخفضت منذ الكساد الاقتصادي بين العامين 2007 و2009. ويرى «مارك لوبيز» مدير أبحاث «الهسبانيك» في مركز «بيو» البحثي في واشنطن، أن تقلص معدلات المواليد في المكسيك، مصحوباً بتحسن الاقتصاد هناك، أدى إلى تقلص عدد الأشخاص المتوقع هجرتهم إلى الولايات المتحدة. ولكن بصفة عامة ما زالت «الهجرة الصافية» قوية، وهي تعني الفرق بين المهاجرين القادمين للبلاد والمغادرين لها. ويذهب «لوبيز» إلى أن «لدينا الآن مهاجرين جدداً يصلون من آسيا أكثر من القادمين من أميركا اللاتينية». وعدد سكان أميركا ما زال ينمو بسرعة كبيرة جداً، وكل ما تغير هو أن الإيقاع أصبح أسرع قليلاً مما توقعه إحصاء العام 2012. وجاء في تقرير الإحصاء الجديد أيضاً أن إجمالي السكان سيرتفع من 319,4 مليون حالياً إلى 398,3 مليون في العام 2050 ثم 400,1 مليون في 2051 وسيبلغ عدد السكان 417 مليوناً بحلول العام 2060 وهو آخر الأعوام التي شملتها توقعات الإحصاء. وتوقع الإحصاء السكاني أيضاً أن إيقاع النمو السكاني السنوي سيبطئ الخطى بصفة عامة خلال هذه الفترة من 0,8 في المئة في العام حالياً إلى 0,45 في المئة العام 2045 وفي السنوات التالية حتى العام 2060. ويبيّن تحليل الإحصاء أن عدد المواليد في الولايات المتحدة سيبلغ من الآن إلى العام 2050 ما يقرب من 152 مليوناً. وهذا العدد أقل مما توقعه إحصاء العام 2012 لنفس الفترة التي تمتد 35 عاماً. ومن المتوقع بصفة عامة أن يصبح عدد سكان الولايات المتحدة أكبر بنحو 49 مليوناً بحلول العام 2050 بسبب تدفق المهاجرين من حول العالم. وهذا العدد أكبر مما توقعه إحصاء العام 2012 بنحو عشرة ملايين. أما فيما يتعلق بنصيب «الهسبانيك» في هذه الزيادة، فيبدو أن نمو عددهم سيظل ملمحاً ديمغرافياً مهيمناً تعززه الهجرة ومعدلات الخصوبة المرتفعة. وتوقعات الإحصاء السكاني الجديدة تستشرف نمواً في السكان «الهسبانيك» بنحو 49 مليوناً من الآن إلى العام 2050 مقارنة بنمو يبلغ 28 مليوناً فحسب للسكان من غير «الهسبانيك». وبحلول منتصف القرن سيصبح عدد السكان «الهسبانيك» ما يقرب من 106 ملايين أي نحو 26,5 في المئة من إجمالي عدد السكان. ولكن إحصاء العام 2012 توقع أن يكون عدد السكان «الهسبانيك» أعلى من توقعات الإحصاء الجديد وذلك بنحو خمسة ملايين بحلول منتصف القرن. ويأتي الإحصاء الجديد في ظل تصدر قضية الهجرة الجدل السياسي في الولايات المتحدة. فعلى سبيل المثال، هناك مشروع قانون للميزانية عرض على الكونجرس هذا الاسبوع يتم الاعتراض فيه على الأموال المتعلقة بالهجرة في الخطة الإجمالية لتمويل برامج الحكومة حتى سبتمبر 2015. ويأمل الجمهوريون أن تتم إعادة النظر في قضية سياسة الهجرة في وقت مبكر العام المقبل. وتشير استطلاعات الرأي إلى اهتمام كثير من الأميركيين بأمن الحدود ومنع المهاجرين غير الشرعيين من دخول البلاد، وهي نقطة يناصرها الجمهوريون في الكونجرس. ولكن ميل المهاجرين للحزب الديمقراطي يجبر الجمهوريين على المدى البعيد على توسيع قاعدتهم الشعبية خارج الناخبين البيض. ومستقبل التركيبة السكانية يحمل دلالات اقتصادية وسياسية وثقافية أيضاً. فالولايات المتحدة سيضم نسبة من الشباب أكبر من أي دولة متقدمة أخرى مثل اليابان وألمانيا. مارك ترامبل * * محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور