الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

روسيا.. أزمة في الأفق

12 ديسمبر 2014 23:06
يقول المنتقدون الغربيون، إن مواجهة فلاديمير بوتين مع الولايات المتحدة وأوروبا تبشر بتعامل جديد مع مواطنيه البالغ عددهم 144 مليون نسمة. فبدلاً من رفع مستويات المعيشة كما كان يفعل خلال الـ15 عاماً الماضية، يعكف الرئيس الروسي حالياً على خفض الأجور، وتقديم أنماط أكثر تقشفاً للحياة ثمناً للكبرياء الوطني المتضخم. وقد بدأت تظهر أولى علامات السخط، حيث احتج الأطباء في 30 نوفمبر بسبب خفض الوظائف، وأمر بوتين أيضاً بتجميد زيادات الأجور المرتبطة بالتضخم لبعض موظفي الحكومة. من ناحية أخرى، فإن الإبقاء على هذه الحالة من عدم الرضا تحت السيطرة سيكون مكلفاً أيضاً: فقد يستنفد بوتين أكثر من نصف احتياطي الأمة وقيمته 420 مليار دولار -مقابل 600 مليار دولار في 2008- خلال عامين. وفي هذا السياق ذكر«جون لوف»، وهو زميل في مركز «تشاثام هاوس» وبرنامج أوراسيا في لندن: «كان هناك عقد اجتماعي في روسيا، أدرك الشعب من خلاله أن مستويات المعيشة ستواصل التحسن حتى وإن كانت الحريات السياسية مقيدة، ولكن مستويات المعيشة الآن تعاني تراجعاً. وهذا من شأنه التأثير على المواقف العامة وقد يضيف ضغوطاً على النظام وعلى بوتين شخصياً»، إنها لحظة فاصلة لبوتين الذي كان قدومه بداية لعهد من الاستقرار والازدهار بعد تفكك الاتحاد السوفييتي السابق، عندما كانت الحكومة عاجزة عن دفع الرواتب، وكان التضخم متفاقماً بشكل مستمر.وقد تراجعت نسبة التأييد للحكومة، بواقع 2% خلال الشهرين الماضيين لتبلغ 59%، وفقاً لاستطلاع للرأي أجراه مركز «ليفادا». كما تراجع التأييد لبوتين بنحو 3% من أكتوبر حيث بلغ 85%. ويرى أربعة أخماس الشعب أن مستويات المعيشة «تسوء بشكل واضح»، وذكر مدير المركز «أليكسي جرازدانكين» أن «هذا تطور سيئ بالنسبة لبوتين، ولكنه حتى الآن لا يؤثر على شعبية الرئيس، وإن كان من الممكن أن يتغير ذلك»، إن تقييم شعبية بويتن يفسر أسباب تمسكه بموقفه في النزاع حول أوكرانيا.وعلى رغم ذلك تتراجع شعبيته في الوطن، حيث قام بخفض الإنفاق، بينما يغرق الاقتصاد في الركود، وتهوي أسعار النفط والغاز التي تساهم بنحو نصف إيرادات الحكومة. وقد أدى تراجع أسعار النفط الخام بنحو 40%، إلى جانب العقوبات المفروضة على روسيا، إلى انخفاض الروبل إلى أدنى مستوياته.ويرى مراقبون أن مستشاري بوتين فوجئوا بحجم وسرعة انخفاض أسعار النفط. وقال وزير المالية «أنطون سيلوانوف»، إن أسعار خام برنت تبلغ حوالي 70 دولاراً، بينما يجب أن ترتفع إلى 90 دولاراً لإحداث توازن في موازنة 2015. وحتى قبل أن تبدأ أسعار الخام في الهبوط في يونيو، كانت روسيا تعاني وطأة العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها بسبب سياستها في أوكرانيا، وضم شبه جزيرة القرم في شهر مارس الماضي. وفي الوقت نفسه، يتعرض المستهلكون لضغوط جراء ارتفاع نسبة التضخم بسبب تراجع قيمة الروبل بنسبة 39% هذا العام، كما أشار وزير الاقتصاد «أليكسي أوليوكاييف»، وذكرت «أولجا ستيرينا»، وهي محللة بشركة «أورال سيب كابيتال» بموسكو، أنه في المرة السابقة التي اضطر فيها بوتين للتعامل مع انخفاض أسعار النفط خلال الأزمة العالمية 2008- 2009، أبقى على تدفق الأموال، وذلك بفضل الاحتياطيات التي نتجت عن سنوات من فائض الموازنة، وقد أتاح ذلك زيادة الإنفاق الاجتماعي والمعاشات والرواتب، وأضافت أنه لا توجد إمكانية الآن لزيادة الإنفاق، بل يجب خفضه. بدوره ذكر «فاليري ميرونوف»، وهو خبير اقتصادي، أن بوتين قد يستنفد أكثر من نصف احتياطي البلاد خلال عامين للإنفاق على الموازنة والشركات المدينة والبنوك وللحفاظ على الروبل، ومنعه من الانهيار التام. كما يرى محلل سياسي آخر هو «دمتري أوريشكين»، أن «الاحتياطات سيتم استهلاكها، ولكن حتى هذا لن يكون كافياً، حيث يتعين الحد من الإعانات الاجتماعية ولن ترتفع الرواتب تماشياً مع التضخم»، وبدوره قال «نيل شيرينج»، كبير الاقتصاديين في «كابيتال إيكوموميكس» بلندن، إنه حتى بدون المزيد من انهيار الروبل وأسعار النفط، ومع ضغط الإنفاق، فإن العجز سيبلغ حوالي 2,2% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أعلى معدل منذ 2010. وكذلك يؤكد «أوريشكين» أن خفض إنفاق الجيش والشرطة مستحيل سياسياً، لأن بوتين يحتاج إلى دعم المؤسسة الأمنية حتى يتسنى له الاعتماد عليها حال نشوب اضطرابات اجتماعية. هنري ماير وأجنيس لوفاز وإيفجينيا بيسمينايا * كُتاب متخصصون في الشؤون الروسية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©