الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«إيبولا» ضربت الدار.. والجار !

12 ديسمبر 2014 23:07
كما يعرف الجميع فإن جنوب أفريقيا وكينيا وتنزانيا وبوتسوانا وناميبيا كلها دول لم تظهر فيها حالة إصابة واحدة بمرض «إيبولا» هذا العام على خلاف ما حدث في الولايات المتحدة التي انتقل إليها الفيروس. وإذا كان هذا يثير الدهشة فيجب الإشارة إلى أن لا دولة من هذه الدول أيضاً قريبة من مركز الوباء في غرب أفريقيا. والواقع أن «فريتاون» عاصمة سيراليون وهي أكثر المدن تضرراً من الوباء أقرب جغرافياً إلى باريس منها إلى مدينة جوهانسبرج الجنوب أفريقية.لماذا إذن يلغي كثير من الناس خططهم للقيام برحلات في منطقة حزام السفاري في أفريقيا؟ صحيح أن «إيبولا» مرض مرعب وخطير، وهو ما دفع المراكز الأميركية للوقاية من الأمراض والسيطرة عليها لأن تصدر تحذيرات للأميركيين بأن يتجنبوا الرحلات غير الضرورية إلى عدد من دول غرب أفريقيا. ولكن على رغم أن مثل هذه التحذيرات لا تشمل دولاً أخرى في القارة، فإن الاقتصادات الهشة هناك المعتمدة على السياحة تتعرض للخطر بإلغاء السياح خطط سفرهم إلى المناطق الخالية أيضاً من المرض في القارة السمراء.وقد توصل مسح في الآونة الأخيرة أجراه موقع «سفاري بوكينجز دوت كوم» على 500 شركة لتنظيم الرحلات إلى أن هذه الشركات عانت من انخفاض تراوح بين 20 و70 في المئة في عمليات الحجز المستقبلية بسبب الخوف من مرض «إيبولا». كما نقل موقع «بلومبيرج نيوز» عن مسؤول من شركة لتنظيم الرحلات إن زبوناً أبلغه أنه «يشعر بأنه إذا كان إيبولا قد استطاع الوصول إلى الولايات المتحدة فليس هناك مكان آمن الآن في أفريقيا». وهذا الشعور مبني على عدم الفهم. ففرص الإصابة بإيبولا في أي من الدول التي ذكرتُها آنفاً تعادل فرص الإصابة بالمرض في ولايات أوريجون أو «مين» أو كاليفورنيا الأميركية. واحتمالات أن تدهس سيارة أجرة سائحاً في إسطنبول أو نيويورك أو باريس أكبر من احتمالات إصابته بـ«إيبولا» في محمية «كروجر» الوطنية في جنوب أفريقيا.وأربع من الدول المذكورة، وهي بوتسوانا ونامبيا وكينيا وجنوب أفريقيا، تعتبر عادة من المقاصد السياحية الرئيسية في أفريقيا. وهذه الدول الأربع فرضت حظراً صارماً على المسافرين القادمين من الدول المتضررة من «إيبولا». والمواطنون العائدون من المناطق المتضررة يخضعون لعملية فحص دقيقة عند وصولهم، تماماً مثلما يحدث في الولايات المتحدة. كما أصدرت هذه الدول أيضاً تحذيرات من السفر إلى المناطق المتضررة. ولكن السائحين الغربيين ظلوا يلغون رحلاتهم. وتحلياً بروح مقولة «أغفر لهم استناداً لما يعرفونه وليس استناداً لما يفعلونه»، أعفى الكثير من الشركات في شرق وجنوب أفريقيا هؤلاء السياح من رسوم الخصم المعتادة عند إلغاء الرحلات. ولكن سياسة سعة الصدر هذه قد تغذي الجهل أيضاً مما قد يشجع على اتخاذ قرارات بناء على الخوف وليس على أساس التفكير العقلاني. وهناك الكثير من الأسباب التي تغري السياح بالسفر إلى أفريقيا ليشاهدوا مجموعة رائعة من الثدييات الضخمة والطيور والزواحف والبرمائيات والحشرات التي لا يوجد لها مثيل في أي مكان آخر من العالم. والكثير من الأنواع يتعرض لخطر الانقراض وأضرار التدهور البيئي والصيد الجائر. ويجب على الأشخاص الذين يدفعهم اهتمامهم إلى التخطيط لرحلات لرؤية هذه الأنواع في أفريقيا أن يفهموا تأثير تراجع الرحلات على الحياة البرية. فحجم السياحة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى يقدر بنحو 36 مليار دولار في العام ويعمل في هذه الصناعة 12,8 مليون شخص بشكل مباشر أو غير مباشر. وإلغاء رحلات السفر ينتزع لقمة الطعام من أفواه بعض الأفارقة.والأشخاص الجائعون يشعرون باليأس، وعندما تنقطع أرزاقهم من السياحة ولا يجدون حيلة أخرى في الرزق فمن المرجح أن يلجأ بعضهم إلى الصيد الجائر. ومذابح الحياة البرية في أفريقيا قائمة بالفعل بمعدل مزعج وقد يخلُّ دخول المزيد من الصيادين إلى حلبة المذبحة بالتوازن البيئي. وإلغاء الرحلات السياحية هو آخر شيء تحتاجه أفريقيا وشعوبها وحيواناتها الشهيرة. وفي مقابلة مع صحفي من «بلومبيرج نيوز» صرح «جواه أوليفيرا» وهو مؤسس شركة سياحة مقرها تنزانيا قائلاً: «الناس لا يلغون عطلاتهم في لندن أو باريس بسبب الصراع في أوكرانيا» ولكنهم يلغون رحلاتهم إلى جنوب أفريقيا بسبب وباء يبعد آلاف الأميال. أهذا معقول؟ كلاريسا هوجز * * كاتبة مقيمة في كيبتاون ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©