السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بحيرة الرغاية بالجزائر توفر متنفساً أخضر لسكان الغابة الإسمنتية

بحيرة الرغاية بالجزائر توفر متنفساً أخضر لسكان الغابة الإسمنتية
25 فبراير 2010 22:27
تعدّ بحيرة الرغاية من أجمل المناطق الطبيعية بالجزائر العاصمة إن لم تكن أجملها على الإطلاق، فهي فضاءٌ طبيعي نادر في عاصمة البلاد التي غزا الإسمنت والبناءات العصرية مساحات واسعة من أراضيها، كما أنها الوحيدة التي نجت من التجفيف في منطقة متيجة بوسط البلاد في العهد الاستعماري، حيث قامت فرنسا بتجفيف كل البحيرات والمستنقعات الموجودة آنذاك بغرض توسيع مساحات الأراضي الزراعية الخصبة التي استفاد منها المعمرون الأوروبيون، وأبقت على بحيرة الرغاية. تقع بحيرة الرغاية على بعد حوالي 30 كيلومتراً شرق الجزائر. وأول ما يلفت انتباه الزائر هو المحيط الأخضر الكثيف المُحيط بالبحيرة، فضلاً عن عددٍ من الأحياء السكنية القديمة والفوضوية. وتنتشر عشرات العائلات على مساحة واسعة أمام مدخل البحيرة حيث تجد في المنطقة العشبية الخضراء والغابية الجميلة المحيطة بها فضاءً مثالياً للراحة وتبادل الحديث وبسط موائد الأكل وأواني القهوة والشاي، بينما يشرع الأطفال في اللهو والمرح والجري بين الأشجار وعلى البساط الأخضر غير بعيدين عن أعين أهاليهم. نظراً لأهميتها البيئية والجمالية، صُنفت بحيرة الرغاية دولياً كمنطقة رطبة ذات أهمية عالمية سنة 2002، وهذا بموجب اتفاقية “رامسار” الدولية، ويعدّ وادي الرغاية أحد أهمِّ مصادر مياه البحيرة فضلاً عن ستة منابع جوفية ومياه الأمطار، ويؤكد بن غانم أن وضعها الآن بات أفضل بكثير مما كان عليه سابقاً حيث دخلت الخدمة محطتان للتصفية الميكانيكية والبيولوجية للمياه المستعمَلة، وأنهتا مشكلة تلوث مياهها بعد أن كانت مياه وادي الرغاية تصب فيها مباشرة دون تصفية وهي مليئة بنفايات المنطقة الصناعية التي لا تبعد عن البحيرة سوى كيلومترات قليلة، وأكدت دراسة جامعية متخصِّصة أن مياه البحيرة لم تعد ملوثة ولكنها لا تزال غير صالحة للشرب، ومع ذلك فهي صالحة للري، وبهذا الصدد تضمن البحيرة سقي 1200 هكتار من الأراضي الزراعية للمنطقة المحيطة بها حيث يملك الفلاحون محطة ضخ كبيرة لمياه البحيرة لسقي أراضيهم، إلا أن ذلك لا يؤثر في توازنها لأن مياهها تتجدد باستمرار ما يؤكد أن بحيرة الرغاية هي عنصر توازن بيئي كبير بالمنطقة وثروة جمالية نادرة في نفس الوقت. والمنطقة الغابية ليست سوى جزء بسيط ظاهر من غابة واسعة كثيفة تمتد مئات الأمتار إلى الداخل وتحتل 27 هكتاراً من المساحة الإجمالية للبحيرة، وتشكل معها منظراً طبيعياً خلاباً ومتفرِّداً؛ إذ يجتمع الماءُ والخضرة في مكان واحد ولا يفصل بينهما سوى أمتار قليلة استغلت لتعبيد الطريق لسيارات عمال البحيرة ومسؤوليها لمتابعة أعمال الصيانة والتنظيف وبناء عدة منشآت إدارية وخدَماتية ومنها مطاعم ومقاهي وتخصيص مساحات خضراء لاستراحة العائلات وألعاب الصغار ومقر الإدارة ومركز تربية المصيدات ومركزان للتوعية البيئية للكبار والصغار حيث تُقدم دروس للطلبة والزوار حول كيفية الحفاظ على البيئة ومكافحة التلوث وأهمية البحيرة كمنطقة رطبة في الحفاظ على التوازن البيئي والإسهام في التطور الاقتصادي والاجتماعي للمنطقة. طيور نادرة بحسب بيانات إدارة البحيرة، فإن مساحتها تمتد على مساحة 1500 هكتار، منها 75 هكتاراً من المياه العذبة و900 هكتار مياه بحرية آتية من البحر المتوسط الذي لا يبعد عنها سوى كيلومترات قليلة وتربطها به قناة صغيرة، ومع ذلك لا تختلط المياه العذبة بالمالحة لأن مستوى العذبة أعلى بكثير من مستوى المياه المالحة كما أن هناك حاجزاً طبيعياً بينهما؛ يجعل البحيرتين تلتقيان بينهما برزخ لا تبغيان. وتعدُّ بحيرة الرغاية محطة لاستراحة الطيور المهاجرة من أوروبا إلى أفريقيا في كل موسم وبخاصة في الشتاء بحثاً عن الدفء والغذاء خلال موسم تكاثرها. ويعيش فيها 206 أصناف من الطيور من بينها 55 صنفاً محمياً قانوناً و82 طيرا مائيا، و12 صنفا من الأسماك في المياه المالحة و3 في المياه العذبة، وزواحف وبرمائيات عديدة ومنها السلاحف والثعابين المائية، كما يعيش فيها أو في محيطها 233 صنف نباتي متنوع ومن بينه 25 نباتاً بحرياً طحلبياً ووعائياً والباقي نباتات برِّية تعيش في منطقة البحر المتوسط. وكشف هلال بن غالم، مدير مركز تربية المصيدات بالبحيرة، أن هناك أربعة طيور نادرة يتمُّ تربيتُها وتوفير أقصى الحماية لها بالبحيرة لأنها مهددة بالانقراض ومصنفة ضمن “القائمة الحمراء الدولية” وهي”الفرخة السلطانية” و”عفاس أبلق” و”حذف جميل” و”رسمتور تذروجي”، وهي طيور رائعة الجمال وزاهية الألوان. ويعيش بغابتها الفسيحة مجموعة من الحيوانات البرية ومنها ابن آوى والثعلب والقنفذ والثعابين، إلا أنها لا تشكل أي خطر على الزوار والسكان المجاورين للبحيرة لأن أعدادها قليلة وسلسلتها الغذائية مضمونة نظراً دون أن تكون بحاجة إلى الاقتراب من الإنسان. مساحة لعب واستمتاع تحظى البحيرة بزيارة العائلات في أيام العطل لقضاء أوقات هادئة بجوارها حيث ينتشر عدد محدود من ألعاب الأطفال وهي الأراجيح وألعاب التزحلق التي تستقطب أكثر الأطفال دون سنِّ السادسة، وتشهد هذه الألعاب تزاحماً من الصغار لقلتها، بينما تفترش السيدات العشب الأخضر لمتابعة أطفالهن وهم يلعبون، كما يستهويهم مركز تربية الطيور والمصائد التي يتوفر فيها طيور نادرة منها 1500 إوزة ذات رقبة خضراء والإوز الرمادي والإوز المصري. وتم إنشاء هذا المركز عام 1983 بهدف تربية الطيور النادرة وتفريخها وتحسين سلالتها وتكاثرها، وتم تسييجه لتفادي اقتراب الأطفال والزوار منه. وأبدى سكان الرغاية والمناطق المجاورة لها ممن تعودوا زيارة البحيرة منذ سنوات طويلة ارتياحهم الكبير لعودة الروح إليها في السنوات الأخيرة حيث عادت العائلات إلى زيارتها بانتظام وبخاصة في العطل الأسبوعية والدراسية لإدخال البهجة إلى قلوب أطفالها.
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©