الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الفتاوى العشوائية عبر الفضائيات تخدم تيارات التطرف

الفتاوى العشوائية عبر الفضائيات تخدم تيارات التطرف
25 فبراير 2010 22:32
أكدت دراسات حديثة أن انتشار فكر التشدد والتطرف في الدول العربية يرجع إلى اعتماد الشباب المتدين على استدعاء إجابات جاهزة من الماضي لأسئلة العصر نظراً لقلة الوعي الديني، وذلك عبر الفضائيات بشكل عشوائي، فضلاً عن ضعف التنظير والحجة العلمية وعدم الثقة بالمرجعيات الدينية الرسمية وضآلة دورها في تفنيد ورد دعاوى الفكر المتشدد والمتطرف. فريسة للأزمات وحذر الدكتور زكي عثمان، أستاذ ورئيس قسم الدعوة والثقافة الإسلامية بجامعة الأزهر، من خطورة استغلال الانفتاح الإعلامي وانتشار الفضائيات وشبكات المعلومات في تصدير الفتاوى والتساهل في إصدار الأحكام الشرعية وبثها إلى دول العالم. وأشار إلى أن المجتمعات الإسلامية تعاني أزمة تسبب فيها تعمد بعض من ينتسبون إلى الدعوة نشر ما يصدرونه من اجتهادات وفتاوى عبر وسائل الإعلام المختلفة دون مراجعة أو تمحيص حتى لو كانت مجرد آراء فقهية شاذة أو تحتمل الجدل والاختلاف وتسبب بلبلة لدى المسلمين. وقال إن تصدير الفتاوى عبر وسائل الإعلام إلى دول العالم يخرجها عن زمانها ومكانها المحددين ويجعل المجتمعات عرضة للوقوع فريسة للأزمات السياسية والمشكلات المجتمعية التي تضر بتماسكها واستقرارها وتهدد كيانها ووحدتها. وأكد أن الفتوى هي بيان الحكم الشرعي لمن سأل عنه، والحكم الشرعي هو خطاب الشارع المتعلق بأفعال المكلفين. وللفتوى ضوابط شرعية ينبغي أن يأخذ بها العلماء دون نظر إلى أمور أو اعتبارات مصلحية أو شخصية تؤثر في صحتها لأن الغرض منها هو بيان حكم الله في أفعال العباد. وأوضح أن للفتوى إطاراً ضيقاً يختلف عن الإطار الذي يحكم الاجتهادات والأحكام الفقهية التي تصدرها المجامع والمراكز الفقهية في القضايا الكبرى التي تهم الأمة الإسلامية ولهذا يجب عند نشر الفتاوى بيان أنها لا تنطبق إلا على من تتشابه حالته وظروف مجتمعه فقط حتى لا يستند إليها البعض في غير موضعها. تسييس الفتاوى ويقول الدكتور صبري عبد الرؤوف، أستاذ أصول الفقه بجامعة الأزهر، إن أخطر الآفات التي أصابت الأمة هي الاجتراء على الافتاء بغير علم والجمود على الآراء الفقهية القديمة وعدم مراعاة منهج الوسطية واتباع الأهواء وتبني فكر التشدد الذي يميل إلى تكفير المجتمعات ومحاولة تسييس الفتاوى لخدمة المواقف السياسية وصبغها بالادعاءات الشرعية وإلباسها عباءة الدين حتى لو كانت تتعارض مع ما تؤكده الشريعة من قيم ومبادئ وأصول. ويضيف أن الفتاوى المتضاربة التي تطلق لخدمة تيارات معينة وتروج لفكر متطرف يترتب عليها تداعيات وأخطار جسيمة تصيب الأمة في أعظم ما لديها وأهم ما يجب أن يسودها وهو الوحدة والتماسك والتآلف حيث تجلب هذه الفتاوى على شعوبنا التمزق والتقاتل والتناحر باسم الدين. والله تعالى حذر من هذا وقال: “ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون”، والرسول -صلى الله عليه وسلم– يقول: “أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار”. فتاوى المجامع وقال إن البعض لا يلتفت عند الإفتاء إلى علم المقاصد الذي بذل الفقهاء والعلماء المسلمون مجهودات كبيرة لتأصيله والذي يعنى بمراعاة أحوال الناس في الواقع الذي يعيشونه لأن الأحكام تدور مع مصالح الناس. مضيفا أن الفارق كبير بين الفتوى التي يصدرها مجلس معتمد للفتوى في دولة إسلامية، والرأي الفردي لعالم أيا كان علمه ومكانته فكثير من الفتاوى المستوردة التي يصدرها بعض العلماء تؤدي إلى تعطيل حياة الناس وإحداث كوارث اجتماعية خطيرة خاصة لدى الشباب الذين يمتلئون بالحماسة الدينية. وأضاف أنه من الضروري في مجال الإفتاء التحري في أمور الفتوى وبشدة حيث يجب أن يتحلى الفقيه بالقدرة على فهم النص والواقع وأن تكون لديه قدرة على معرفة التنزيل وتخريج المناط وتحقيقه وتبصر بفقه الأولويات والموازنات ومآل الفتوى بحيث يراعى عند إصدارها بناء على حكم شرعي معرفة نتيجتها فقد تكون نتيجتها في ظروف معينة بالذات مخالفة لما قصده الشرع منها وهنا عليه ألا يفتي بها. مؤكدا أن الفتاوى المستوردة التي تأتي من خارج المجتمع قد تكون صحيحة في بيئتها لكنها قد تكون غير صحيحة في مجتمعات أخرى. وأشار إلى خطورة التصريحات التي تصدر من بعض المرجعيات الدينية في العالم الاسلامي وتأخذ شكل الفتوى حيث تتلقفها وسائل الإعلام وتبثها دون تدقيق. وقال إن ما يصدر عن هذه المرجعيات الدعوية إزاء قضايا ومشكلات سياسية هو مجرد إعلان لمواقف وآراء تخص هذه القضايا وليست أحكاما شرعية ملزمة ويتضح هذا عندما يتعرض بعض العلماء للقضايا التي تخص المسلمين في مجتمعات الأقليات دون زيارة لهذه المجتمعات ولا معرفة بحجم المشكلات التي تعانيها ولا إحاطة بأبعاد تلك المشكلات فيحدث خلط بين الأمور الدينية والسياسية الأمر الذي يؤثر بالسلب على صورة الإسلام والمسلمين في العالم. ويرى الدكتور عبدالرحمن عميرة- عميد كلية أصول الدين الأسبق- أن بعض الفتاوى مسيسة وغالبا ما تكون خارجة عن الإجماع وتؤثر بشكل سلبي في وعي الناس وتزرع الريبة والغموض في المجتمعات لأنها تعتمد على منهج منحرف وتستبيح بعض الأمور تحت غطاء الدين. الفتاوى الهدامة وأوضح د. عميره أن التيارات المتشددة تتبنى الفتاوى الهدامة التي يصدرها غالبا أمراء التطرف وتحاول فرضها على الناس بالقوة، بل وتستخدمها لتبرير شن حرب دينية على المخالفين باسم الإسلام وارتكاب أبشع الجرائم بحجة الدفاع عن العقيدة وتنفيذ أحكام الشرع والأحداث الإرهـابية والتخريبية التي تقع في كثير من مجتمعاتنا يقف خلفها ويدعمها هذا النوع من الفتاوى. وأكد د. عميرة ضرورة التصدي للفتاوى المستوردة عبر الفضائيات وشبكة المعلومات، مضيفا أن هذه المشكلة تحتاج إلى تحرك عاجل وجدي وتضافر جميع جهود أفراد المجتمع ومؤسساته وهيئاته لتحصينه من أخطار هذا الفكر المنحرف من خلال العمل على زيادة الوعي واستثمار الوسائل الدعوية المختلفة خاصة الإعلامية في نشر وسطية الإسلام وحقائقه واجتهادات العلماء الثقات وأيضا بذل الجهد لإيجاد مرجعيات فقهية ذات صدقية يعود إليها الناس في الإفتاء. وقال إن التحديات التي تعترض الأمة تستوجب مقاومة الفتاوى الهدامة بكافة السبل ومن المهم أن يكون هناك في مجال الفتوى مرجعيات جماعية من خلال المجامع الفقهية أو المؤتمرات الفقهية الموسعة التي تضم النخب الدينية بحيث يلتزم المفتون بالقرارات والفتاوى الصادرة منها أو على الأقل في نطاق الفتاوى المباشرة وأيضا فرز وتمحيص الفتاوى المختلفة التي تهم الناس
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©