الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«دُختر..» كم ولادة للحب أمام الخوف؟

«دُختر..» كم ولادة للحب أمام الخوف؟
13 ديسمبر 2014 23:30
نوف الموسى (دبي) أمام الخوف.. كم ولادة للحب؟ سؤال يعتلي عتبة المشهدية السينمائية في تفاصيل فيلم «دُختر» للمخرجة الباكستانية عافية ناثانيل، متجاوزاً مفهوم الرؤية الواقعية لبيئة باكستان إعلامياً، إلى الموضوعية الإنسانية، ويمثل الفيلم الذي عرض في مهرجان دبي السينمائي، الدخول الرسمي لباكستان ضمن ترشيحات الأوسكار في دورته الـ87. ولا يمكن الاستشفاف بمدى ساحرية التضاريس البيئية لمواقع التصوير التي شملت المناطق الشمالية من باكستان، إلا بقراءة مكونات الموسيقى التصويرية المشبعة بإيقاعات المناجاة. ورغم عالمية قصة التنازع القبلي وزواج القاصرات، إلا أن «دُختر» تميز بتضمينه المحلية وهوية المكان، وهامش فضاء الإنسان في المنطقة النائية، وبيان قوة الفطرة في المكون الحيّ للبشرية، وتجاوز الروح لتحديات العقل، مهما تعددت أشكالها وأنواعها، كالذي حصل مع الطفلة زينب، وقرار والدتها بالهروب معها نحو ولادة جديدة، وقدر آخر، يوازيه الموت في كل لحظة، بعيداً عن تزويجها لرجل يكبرها بعشرات السنين. هل أدى عمل المخرجة عافية ناثانيل، مع النساء في أكثر من 100 دولة في مجالات السلام والعدل والصحة وحقوق الإنسان، دوراً نوعياً في صياغة المفهوم الجمالي للفيلم، أم يظل ذلك تراكماً معرفياً يتيح مساحات أكبر لصناعة المخيلة وتطورها، كمشهد الاستعداد للزواج، حيث تصطحب والدة زينب ابنتها إلـى القبو، برمزية الماضي والقبر، وربما فكرة الشرف، في المعتقد القبلي، وتريها شيئاً من حاجيات عُرسها القديمة، محاولةً شرح فكرة الزواج، لينتقل المشاهد مع الشخصيتين إلى تصورات الاستعداد لما سيحدث بعد الزواج، ولكن التلاشي والهروب الذي أعدته الأم يستدعي التأمل، حيث وضعت تسجيلاً مسبقاً لصوتها، في حوارٍ مع ابنتها. وفي انسيابية تتجلى لقطات الحليّ وفستان العرس، وبراءة زينب، وهي تصف لأمها رغبتها في مشاهدة ألوان الطيف، وقتها يُسمع طرق باب الغرفة، ليستعجل الوالد الفتاة، ويستمر في قرع الباب، إلى أن يكسره، فجأة يستوعب المشاهد ألا أحد في الغرفة، بينما تنهي الأم في تفسيرها لـ (وهم) الطيف وألوانه، وصدمة الأب بصوت المسجل المتموضع في وسط الغرفة. قدم الفيلم فنتازيا المقاربة في تتبعات صناعة الإنسان لقدره، وصولاً إلى أُطر الفرج وانبلاج النور، ففي المشهد الذي يقُتل فيه الرجل، من طلب يد زينب للزواج، لتهدئة النزاع القبلي، تُقدم المخرجة عافية مشهد الأم، وهي تصنع اللبن المحلي بالطريقة التقليدية، في بيت تختبئ فيه مع ابنتها، والجمالية تكمن في مشهدية الطبيعة بين الشجر والجبل، وتطور حس شخصية الأم فيهما، استكمالاً لمفهوم الحياة. يُعد حضور شخصية المُحب والمنقذ والمعين، ذا شعبية كبرى في كتابة النصوص التي تحتمل دلائل التمرد، وتجسدت في شخصية سهيل سائق الشاحنة، الذي وجد نفسه، ودون سابق إنذار، في غمار رحلة الهروب، عاشقاً لأم زينب، شارحاً لها من أين يستمد النهر الذي يعيشون بقربه، تخفياً من قبيلة أهل زوجها، لونه الغريب العائد لأسطورة حبيبين، هما كابل وسندو اللذان لم يتسن لهما الالتقاء، إلا عبر النهر! واللافت في حبكة الفيلم، براءة الطفلة زينب التي تطلب في النهاية العودة إلى المنزل، معاتبةً أمها، حول مشاق رحلة الهروب، ووقتها تقرر الأم الذهاب إلى منطقة لاهور، حيث تقطن أمها، التي لم تزرها منذ زواجها، وهي بعمر الـ 15 سنة، وفيها يستمتع المشاهد بالاطلاع على حساسية التكوين في المشهد بين الأم والجدة والابنة، والتمثيل الوجودي لفطرة الحب، ومنطقة ما أسميناه في البداية بكم مرة ولادة الحب في الكون.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©